محتويات
زينب رضي الله عنها
هي زينب بنت النبيّ محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- القرشية الهاشمية، ولدت قبل البعثة بنحو عشر سنوات وأسلمت مع أمِّها وأخواتها في أوَّل البعثة، أمُها السيدة خديجة بنت خويلد، وقد كانت أكبر بنات النبي صلى الله عليه وسلم وأول من تزوج منهن رضي الله عنهن، تزوجت قبل البعثة من ابن خالتها أبو العاص بن الربيع العبشمي،[١]
نشأت زينب رضي الله عنها وأخواتها في بيت النبوة، وهو بيت مفعم بحب الوالدين، وحنانهم، وعطفهم والانتصاف لهنّ والترفق بهم، وقد كان لتعامل النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع زينب أو بناته جميعهم أثرًا جذريًا ومهمًا في تغيير سلوك الصحابة رضوان الله عنهم تجاه البنات، وغيّر رؤيتهم للمولود الأنثى.[٢]
صفات زينب رضي الله عنها
تُعدّ زينب رضي الله عنها امرأة مجاهدة من الدرجة الأولى؛ إذ نشأت في بيت النبوة بيت المكرمة والجهاد، ونشأت مع أبيها النبي البشير عليه الصلاة والسلام، ومع أمها خديجة رضي الله عنها سيدة نساء العالمين، ومع أخواتها رضي الله عليهن جميعًا، تربّت على الجهاد منذ بداية الدعوة الإسلامية.
كما حضرت زينب رضي الله عنها حصار المسلمين في شعب أبي طالب، وكانوا قد جاهدوا ولقوا ما لقوه، ممّا فرضته عليهم قريش، لذلك فهي من السابقين إلى الإسلام الذين جاهدوا وعانوا الكثير في مكة قبل الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، كما كانت رضي الله عنها مُستهدفة من قِبل المشركين؛ لأنّها ابنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكانوا يحرضون عليها زوجها أبي العاص بن الربيع ليطلقها، كما صبرت زينب رضي الله عنها على بقاء زوجها على الشرك فترة من الزمن قبل إسلامه.[٣]
لقد كانت السيِّدة زينب بنت النبي رضي الله عنها قد تعلَّمت الإخلاص والمودَّة والوفاء من أبويها، فكانت نِعْم الزوجة والحبيبة لزوجها أبي العاص، وهو أيضًا كان قد بادلها الوفاء والمحبَّةً؛ فبالرغم من أنَّ زوجها أبو العاص ظلَّ على دين قريش، لكنه حين مشت إليه وجوه قريش، ليطلبوا منه أن يُطلقها ويتزوج من يشاء من نسائهم رفض طلبهم، وقد اشتهرت قصة وفاء السيدة زينب مع زوجها أبي العاص، سنذكرها في مقالنا هذا.[٤]
زواج زينب من أبي العاص بن الربيع
تزوجت السيدة زينب رضي الله عنها من ابن خالتها أبي العاص بن الربيع في حياة أمُها خديجة رضي الله عنها، وقد أسلمت زينب قبل زوجها، وظلت تدعوه للإسلام لكنّه لم يستجب في البداية، إلّا أنّه لم يؤثَر عنه إيذاء أو عداء للنبي صلى الله عليه وسلم أو لزينب زوجته رغم كفره، وظلت زينب مع زوجها أبي العاص على هذه الحالة، فلم يكن قد نزل في ذلك الوقت التفريق بين المسلمة وغير المسلم، قال ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}،[٥] هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين، وقد كان جائزاً في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة، ولهذا كان أبو العاص بن الربيع زوج ابنة النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها، وقد كانت مسلمة وهو على دين قومه.[٤]
وفاء زينب رضي الله عنها لزوجها
عندما علمت السيدة زينب رضي الله عنها بانتصار المسلمين في غزوة بدر، وبأنّ زوجها -الذي لا يزال على الشرك- قد أصبح أسيرًا من الأسرى لدى المسلمين، بدأت ببذل ما في وسعها لفك زوجها من الأسْر، وكان ممّا أرسلت لتفتدي به زوجها من الأسر قلادة، وهذه القلادة كانت قد أهدتها إياها أمها خديجة رضي الله عنها عند زواجها منه، وتذكر صلى الله عليه وسلم عهد خديجة رضي الله عنها، فإن القلادة كانت لها، فلما زوجتها من أبي العاص أدخلت القلادة مع زينب عليه، فأطلق رسول الله سراح زوجها أبي العاص من الأسْر، وأخذ منه عهدًا عند رجوعه إلى مكة أن يسمح لزوجته زينب رضى الله عنها بالهجرة إلى المدينة المنورة، فوفَّى أبو العاص بهذا العهد.
فكان صلى الله عليه وسلم يُثني عليه فيقول كما جاء في الحديث: [أنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ، مِن عِندِ يَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، مَقْتَلَ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، لَقِيَهُ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ، فَقالَ له: هلْ لكَ إلَيَّ مِن حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بهَا؟ قالَ: فَقُلتُ له: لَا، قالَ له: هلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ فإنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ القَوْمُ عليه، وَايْمُ اللهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لا يُخْلَصُ إلَيْهِ أَبَدًا، حتَّى تَبْلُغَ نَفْسِي، إنَّ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بنْتَ أَبِي جَهْلٍ علَى فَاطِمَةَ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو يَخْطُبُ النَّاسَ في ذلكَ، علَى مِنْبَرِهِ هذا، وَأَنَا يَومَئذٍ مُحْتَلِمٌ فَقالَ: إنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وإنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ في دِينِهَا. قالَ: ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا له مِن بَنِي عبدِ شَمْسٍ، فأثْنَى عليه في مُصَاهَرَتِهِ إيَّاهُ فأحْسَنَ، قالَ حدَّثَني فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فأوْفَى لِي، وإنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا تَجْتَمِعُ بنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا].[٦][٤]
مَعْلُومَة
لقد كان سبب وفاة السيدة زينب أنَّه لما عاد زوجها أبو العاص إلى مكَّة المكرمة وقد خُلِّي سبيله، بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم زيد بن حارث ورجلًا من الأنصار بدلًا منه، فخرجا مكانهما بعد غزوة بدر بشهر تقريبًا، فلمَّا قَدِمَ أبو العاص إلى مكَّة أمرها باللّحاق بأبيها كما وعده، وقَدَّمَ إليها أخو زوجها كنانة بن الربيع بعيرًا لتركبه، وقوسه وكنانته، ثم خرج بها في النهار يقود بها، وهي في هودجٍ لها، وتحدَّث رجالٌ من قريش بذلك، فخرجوا في طلبها إلى أن أدركوها، وكان أوَّل من سبق إليها الفهري وهبَّار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العُزَّى، فروَّعها هبَّار بن الأسود بالرمح وهي في الهودج وكانت حاملًا فطَرَحَت جنينها.
ثم لازمها المرض من وقت تلك الحادثة حتى تُوفِّيت في سنة ثمانية للهجرة في المدينة المنورة، فغسَّلتها أم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، وأم المؤمنين السيدة أم سلمة، وأم أيمن رضي الله عنهن جميعًا، وصلَّى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل هو وأبو العاص في قبرها، وكان قد جُعِل لها نعشٌ، فكانت أوَّل من اتُّخذ لَهَا نعشًا، وكانت أسماء بنت عميس هي التي أشارت عليهم باتِّخاذه.[١]
المراجع
- ^ أ ب "السيدة زينب بنت رسول الله"، islamstory، 2019-4-8، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-2. بتصرّف.
- ↑ لينا الحمصي (2015-10-8)، "صحابيات - [13 زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم"]، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-2. بتصرّف.
- ↑ د. سامية منيسي (2017-2-4)، "بنات النبي صلى الله عليه وسلم"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-3. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم"، islamweb، 2019-5-15، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-2. بتصرّف.
- ↑ سورة الممتحنة، آية: 10.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن الحسين بن علي، الصفحة أو الرقم: 2449، حديث صحيح.