محتويات
التقرّب إلى الله تعالى
يعد تقرّب المؤمن من الله سبحانه وتعالى من أفضل الوسائل لكسب رضا الله تعالى في الحياة الدنيا ويوم الآخرة، ففي الحديث النبوي الشريف عن أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنا أكْرَهُ مَساءَتَه]ُ[١]، فإن أعظم الوسائل التي يتقرّب بها العبد إلى ربه بعد التوحيد هو الصلاة المفروضة، ثم آداء الفرائض التي فرضها الله عز وجل عليه، ثم الإكثار من النوافل والطاعات التي شرعها الله تعالى على العباد ليتقرّب بها العباد إليه ويرتفعوا بها إلى أعلى الدرجات[٢]، فالتقرّب من الله تعالى وكسب محبته ورضاه هو أكثر ما يطمح إليه العبد ويتمناه، فمن كسب رضا الله تعالى وتقرب منه فقد حفظه الله تعالى ووقاه وكفاه وهداه؛ لأن الله تعالى يحبه وسوف يسدد خطاه ويحفظه من الانحراف والزلل والخطايا، والتقرّب إلى الله تعالى يكون باتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والابتعاد عن كل ما نهى عنه، ويكون التقرّب إلى الله تعالى عن طريق التقوى والإنفاق بالسر والعلن، فالتقوى هو أن تحب الله تعالى كأنك تراه، والتقرّب إلى الله تعالى يكون بالإحسان، فالإسلام منزلة ثم يليه الإيمان ثم يليه الإحسان، فالتقرّب إلى الله تعالى يكون بقراءة القرآن والصلاة والجهاد في سبيله والدعاء والأذكار وغيرها من الطاعات، وكلها قربات تقرّب العبد من الله تعالى.[٣]
كيفيّة التقرب إلى الله تعالى
ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم كيفية التقرب له، وأرسل لكافة العالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليُبين أمور الخير التي يتقرّب منها العبد من ربه والحثّ على فعلها، والتحذير من الشرّ والابتعاد عنه، والتقرب الى الله عز وجل يكون بنوعان؛ أولًا بالمواظبة على آداء فرائضه التي افترضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين مثل؛ الصلوات الخمسة وصوم شهر رمضان وزيارة بيت الله تعالى لمن كان مقتدر مع المحافظة على القيام بفرائضه؛ كصلة الرحم ومنح الزوجة والأبناء حقهم وبرّ الوالدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلى جانب العبادات الأخرى التي تقرب العبد إلى ربه، ولا سيما العبادات الباطنية مثل محبة لله عز وجل والإخلاص له ومحبة رسوله وحب المؤمنين والاستعانة بالله والتوكل عليه واجتناب نواهيه، فكل هذه تعد من الفرائض التي افترضها الله عز وجل على عباده لتقرب له، والنوع الآخر من الفرائض هو ترك المعاصي التي نهى الله تعالى عباده عنها مثل؛ ترك الزنا والابتعاد عن المشروبات المحرمة، وتجنب الغيبة والنميمة والاعتداء على ممتلكات الآخرين واجتناب الظلم، وعلى المسلم أن يزيد من نوافل الأعمال، فإن بها يكسب الدرجة الرفيعة عند الله تعالى ويكسب محبته، فمن أهمها تعلم العلم الشرعي وتعليمه للناس كافة، وتشمل النوافل آداء صلاة الوتر وقيام الليل، والصدقات والمواظبة على ذكر الله عز وجل، ويُستحسن أن يُقسم المسلم أوقات يومه ليجعل للفريضة وقتها وللنافلة وقتها حتى يؤدي أعماله الدنيوية الأخرى.[٤]
أهميّة التقرب من الله عز وجل
يعود التقرب إلى الله عز وجل بالآثار العظيمة على إصلاح المجتمع والفرد والكون أجمع، فهو السبب في تحقيق السعادة للفرد ورفعته في الحياة الدنيا والآخرة، فكلما تقرب العبد إلى الله عز وجل صلح المجتمع، فإن انشغلوا في المعاصي وأهملوا العبادات الواجبة عليهم أدى ذلك إلى دمار المجتمع وزواله، فالعبادة تقي البشرية من الانحراف والضلال، والعبادة سبب للرخاء الاقتصادي، ونزول رحمات الله تعالى وبركاته على كافة الأمة والبلاد، ومن أهم الآثار التي تعود على الفرد من جراء آداء العبادات والقربات هي إنارة وجه العبد من كثرة آداء الطاعات والعبادات والنوافل من صلاة وزكاة وصيام وغيرها من عبادات، ومن آثارها البركة والسعة في الرزق، والتقرب إلى الله سبحانه تعالى فيه طمأنينة لقلب العبد ونيل الراحة والرضا قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوب ُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[٥]، وعبادة الله تعالى والتقرّب إليه هو سبب رئيسي في كبح جماح النفس البشرية وشهواتها، فهي السبيل الذي يمنع البشريّة من التمرّد على قوانين الله تعالى وشرعه، وهي الضمانة التي تمنع المسلم من الانحراف والضلالة، والعبادة هي سعادة للإنسان في الدنيا والآخرة.[٦]
قد يُهِمُّك
توجد العديد من مشاهد القرب من الله تعالى في شهر رمضان المبارك، إذ يتحقق في العبد أسباب القرب إلى الله عز وجل، ومن هذه الأسباب:[٧]
- الدعاء: فقد قرن الله تعالى بين آيات الدعاء وآيات الصوم في العديد من الآيات والأحاديث النبويّة الشريفة، لذلك على العبد أن يتقرّب من الله عز وجل في شهر رمضان بالإكثار من الدعاء والأذكار وقراءة القرآن.
- آداء صلاة التراويح: ففي شهر رمضان المبارك يتقرّب العبد من الله عز وجل بآداء صلاة التراويح التي هي من النوافل العظيمة والتي كان يصليها الرسول صلى الله عليه وسلم ويحث الصحابة على صلاتها لما لها من الأجر الكبير والثواب العظيم.
- الصيام: فقد اختص الله سبحانه وتعالى شهر رمضان بالصوم عن غيره من العبادات لما فيه من قربة من الله تعالى وتشريف للعبد بهذه العبادة العظيمة، فالصائم يمتنع عن تناول الطعام والشراب منذ شروق الشمس إلى غروبها تقربًا إلى الله عز وجل، فالصوم صفة من صفات الحق يتميز بها العبد عن غيرها من العبادات، وقد خصّ الله تعالى الصائم بدخول باب معيّن في الجنة وهو باب الريان.
- تلاوة القرآن الكريم: فتلاوة القرآن الكريم هو من أعظم القربات إلى الله عز وجل خاصة في شهر رمضان، فكلّ حرف بحسنة والحسنة بعشرة أمثالها، قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}[٨].
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 6502، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "طريق التقرب إلى الله والخشوع في الصلاة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2020. بتصرّف.
- ↑ يحيى بن موسى الزهراني، "كيف تفوز بمحبة الله عز وجل"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "طريق التقرب إلى الله"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الرعد، آية: 28.
- ↑ "حقيقة العبادة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2020. بتصرّف.
- ↑ عادل يوسف العزازي "من مشاهد الإيمان في رمضان- مشهد القرب من الله تعالى "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية: 23.