كيف احافظ على الصلاة في وقتها

كيف احافظ على الصلاة في وقتها
كيف احافظ على الصلاة في وقتها

الصلاة

خلق الله تعالى العباد وجعل الصلاة بينه وبينهم صلة ذلك أنّ فيها الثناء والدعاء والتوسل والرجاء والاعتصام والالتجاء والتواضع والانحناء لله تعالى، وحتى لا يكونوا بعيدين عنه سبحانه، منذ خلق أدم وحتى آخر يوم من أيام الدنيا، قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}،[١]

وجعل الله في الصلاة غذاءً الروح وقوة البدن وشرح الصدور، فهي عمود الدين والركن الثاني من أركان الإسلام، جعلها الله قرة عين نبينا محمد عليه السلام، فهي العبادة الوحيدة التي فرضها الله على نبينا في السماء بلا واسطة، وهي أكثر الفرائض ذكرا في القران الكريم ، وقد أمر الله تعالى عباده بها وحذر من تركها في مواضع كثيرة من القران، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}،[٢] وقال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ}.[٣][٤]

والصلاة لغةً الدعاء بالخير، أما في شرعًا فإنّها عبادة ذات أقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم،[٥] قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}،[٦] وكتابًا موقوتًا يعني مفروضًا في وقته، أي أن للصلاة وقتًا لا تصح إلا به، فالصلاة على وقتها هي أحب الأعمال إلى الله عز وجل، فاحرص أن تؤديها في وقتها، وتجنب تأخيرها لما فيه من خسران وإثم عظيم.[٧]


كيف أحافظ على الصلاة في وقتها؟

ذكرنا سابقا أن كل صلاة في اليوم والليلة لها وقتها، فإذا كنت تؤخر الصلاة عن وقتها وتخشى على نفسك من غضب الله، فإننا سنذكر لك بعض النصائح التي تساعدك على الالتزام بالصلاة في أوقاتها المفروضة:

  • معرفة خطورة ترك الصلاة وتأخيرها: إن تأخير الصلاة عن وقتها قد يؤدي بك في النهاية إلا التكاسل فيها حتى تركها، وترك الصلاة من أخطر وأعظم الذنوب، واعلم أنه ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن تارك الصلاة كافر سواء تركها جحودًا أو كسلًا، وأن الصلاة أول ما تحاسب عليه يوم القيامة، فإذا صلحت صلح سائر عملك، وإن فسدت فسد سائر عملك.[٨]
  • معرفة أهمية الصلاة: حاول أن تستحضر في قلبك عند سماع الأذان مدة أهمية الصلاة، فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأنها عمود الدين، وأن الصلاة دليل إيمانك وتقواك وخوفك من الله، واعلم أنك متى ما كنت تحافظ على الصلاة وتهتم بها وبأدائها أول وقتها في الجماعة، كنت على ما سواها من الفرائض أشد محافظة، ومتى ما كنت مضيعًا لها فإنك على ما سواها أشد تضييعا.[٩]
  • اتخاذ الوسائل التي تساعدك على تذكر أوقات الصلاة: إنّ مما يساعد في المحافظة على صلاتك في وقتها، أن تبحث عن تقويم يعرفك بأوقات الصلاة بدقة، وأن تترك كل الأشغال والأعمال عند سماع الأذان وتتفرغ للصلاة، وأن تصاحب رجلا صالحا يعينك على الصلاة تجده يذكرك بالصلاة في وقتها، أن تتخذ بعض الإجراءات اللازمة مثل أن تضع منهًا في هاتفك عند كل وقت صلاة.[١٠]
  • دعاء الله بالثبات على الصلاة في وقتها: إن من أعظم الأمور التي تعينك في المحافظة على صلاتك في وقتها، الاستعانة بالله تعالى والاجتهاد في دعائه في أن يهديك إلى أداء الصلاة في وقتها، فإنه من يهديه الله فلا مضل له، وتذكر أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ومما يعينك أيضا الإكثار من ذكر الله وقراءة القران وسماع المواعظ والخطب والدروس العلمية، وتذكر الموت والموقف بين يدي الله، وأن كل أعمالك مكتوبة عند الله.[١١]


حكم تأخير الصلاة

كما أنه لا يجوز تقديم الصلاة عن وقتها، فإنه أيضا لا يجوز تأخيرها عمدًا عن وقتها، لأنّ في ذلك تضييع لها، وقد توعد الله من أضاع الصلاة بالعذاب والخسران، قال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}،[١٢] ويكون تأخير الصلاة على وجهين، سنذكرهما لك بالتفصيل:[١٣]

  • تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها: وهو أن تترك الصلاة حتى يخرج وقتها ولم تصلِ، وهذا والعياذ بالله من أكبر الذنوب، إلا ما كان بعذر شرعي مثل النوم والنسيان، وقد اتفق العلماء على تحريم تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر شرعي، وقد اختلف العلماء فيما إذا كان يكفر تارك الصلاة أم لا، فإذا كان لم يجحد وجوبها فجمهور العلماء يرون أنه لا يكفر بذلك كفرًا أكبر، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك كفرًا أكبر يخرجه من الملة، وذلك لقول النبي عليه السلام: [إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ].[١٤]
  • تأخير الصلاة إلى آخر وقتها: وهو أن تصلي في آخر وقت الصلاة الجائز، وهذا التأخير جائز في الإسلام، وذلك لما ورد عن أبي كوسى الأشعري [عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عن مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَرُدَّ عليه شيئًا، قالَ: فأقَامَ الفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الفَجْرُ، وَالنَّاسُ لا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ بالظُّهْرِ، حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالْقَائِلُ يقولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَهو كانَ أَعْلَمَ منهمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ بالعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ بالمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَخَّرَ الفَجْرَ مِنَ الغَدِ حتَّى انْصَرَفَ منها، وَالْقَائِلُ يقولُ قدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، أَوْ كَادَتْ، ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حتَّى كانَ قَرِيبًا مِن وَقْتِ العَصْرِ بالأمْسِ، ثُمَّ أَخَّرَ العَصْرَ حتَّى انْصَرَفَ منها، وَالْقَائِلُ يقولُ قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَخَّرَ المَغْرِبَ حتَّى كانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفقِ، ثُمَّ أَخَّرَ العِشَاءَ حتَّى كانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ، فَقالَ: الوَقْتُ بيْنَ هَذَيْنِ. [وفي رواية]:فَصَلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أنَّ يَغِيبَ الشَّفَقُ في اليَومِ الثَّانِي،[١٥] وهنا بين النبي عليه السلام للرجل أول وقت كل صلاة وآخره ثم قال له أن وقت الصلاة بين هذين، ويجب التنويه هنا إلى أنه إذا ترتب على تأخير الصلاة تضييع صلاة الجماعة والصلاة منفردًا، كان ذلك حرامًا من أجل ترك صلاة الجماعة، ما لم يكن معذورًا في ترك صلاة الجماعة، والأفضل في الصلاة أن تصلى أول وقتها إلا صلاة العشاء وصلاة الظهر، فالأفضل تأديتهما من آخر الوقت.


قد يُهِمُّكَ

قد تفوتك في حياتك بعض الصلوات عن وقتها سواء بعذر أو من غير عذر، وتتساءل هل يمكنني أن أقضي الصلاة أم لا، ولكي تعلم إذا كان يُمكنك قضاؤها أم لا، فإننا سنذكر المسألة بجميع تفاصيلها.

اعلم أنه لا خلاف بين العلماء على أنه يجب قضاء الصلاة الفائتة بعذر شرعي مثل النوم أو النسيان أو نحو ذلك مما يعد عذرًا شرعيًا، وذلك لقول النبي عليه السلام [مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَ]،[١٦].

أمّا إذا فاتتك الصلاة عامدًا، فإن العلماء قد اختلفوا في قضاء الصلاة في حال العمد، وقد ذهب الجمهور إلى وجوب القضاء، واستدلوا بذلك على قول النبي عليه السلام [مَن نَسِيَ صلاةً فلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها، لا كفارةً لها إلا ذلك]،[١٧] وقالوا لأنّه يدل على وجب القضاء على الناسي مع سقوط الإثم ورفع الحرج عنه.

وذهب ابن تيمية وأبو محمد بن حزم وبعض أصحاب الشافعي إلى أن الصلاة المتروكة عمدًا لا يجب قضاؤها ولا تقبل ولا تصح، وذلك أنها صليت في غير وقتها، وكان تأخيرها لغير عذر شرعي، واحتجوا بأن الأمر بالأداء ليس بالقضاء، والراجح والعلم عند الله عدم وجوب قضاء الصلوات الفائتة.

قال أبو محمد بن حزم: "من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها فهذا لا يقدر على قضائها أبدا"، ولكل صلاة فرض وقتًا محدود الطرفين يدخل في حين محدود ويبطل في وقت محدود، فكما أنها لا تقبل الصلاة قبل وقتها فإنها أيضًا لا تقبل بعد فوات وقتها، ذلك أن كليهما صلاة في غير وقتها، وكما أن للحج وقت لا يقبل في غيره، وللصيام وقت لا يقبل في غيره، فإنّ للصلاة أيضًا وقت لا تقبل في غيره، والله تعالى أعلم.[١٨]


المراجع

  1. سورة الانبياء، آية: 73.
  2. سورة البينة، آية: 5.
  3. سورة هود، آية: 114.
  4. "الصلاة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-21. بتصرّف.
  5. "تعريف الصلاة وأهميتها"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-21. بتصرّف.
  6. سورة النساء، آية: 103.
  7. " فضل صلاة الجماعة"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-21. بتصرّف.
  8. "نصيحة لتارك الصلاة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-21. بتصرّف.
  9. "نصائح لتارك الصلاة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-21. بتصرّف.
  10. "نصيحة في المحافظة على الصلاة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-21. بتصرّف.
  11. "محفزات المحافظة على الصلاة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-21. بتصرّف.
  12. سورة مريم، آية: 59.
  13. "تأخير الصلاة"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-21. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 82، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 614، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 684، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
  17. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 442، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
  18. "حكم قضاء الصلاة التي تُركت عمدًا"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-21. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :