محتويات
فتح الأندلس
فُتحت الأندلس في شهر رمضان عام 92هـ، إذ بدأت نية فتحها في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك أحد الخلفاء زمن الدولة الأموية، وفي ذلك العهد نصب الخليفة الوليد "موسى بن نصير" على ولاية المغرب، والذي فتح بعد ذلك طنجة أحد مدن المغرب اليوم، فأقام فيها حامية لأحد مواليه وهو طارق بن زياد، الأمر الذي دعا طارق بن زياد للتطلع بفتح الأندلس القريبة جدًا من المغرب، ولا يفصلهما إلا خليج بحري ضيق، ففي الأندلس التي تتبع شبه الجزيرة الإيبيرية كان ميناء "سبتة" أقرب مناطق الأندلس للمغرب، ويحكمه "يوليان" أحد نواب الإمبراطور البيزنطي "لذريق" الذي تحرر من الدولة البيزنطية، واستقل بحكم سبتة وما يحيطها؛ لوجود مشاكل شخصية بين يوليان والإمبراطور، فاستغل القائد موسى بن نصير هذه الخصومة محاولًا كسب أمر كهذا في أن يكون يوليان دليلًا لهم في المنطقة، فكتب إلى الخليفة الوليد يشاوره بفتح الأندلس، فكان رد الخليفه عليه بأن حذر من دخول البحر قبل أن يختبره بالسرايا، فرد إليه موسى بن نصير بأن البحر ليس بالبحر الكبير فيمكن رؤية أوله وأخره، فأرسل موسى بن نصير رجلًا بربريًا مع مئة فارس وعدد من المشاة ليجتازوا البحر، وقد ساعده بذلك حليفهم يوليان، فوصلوا سواحل الأندلس بمحاذاة طنجة، فأغار عليها وحصل على الغنائم ورجع إلى طنجة سالمًا هو وجنوده، الأمر الذي شجعهم ليفتحوا الأندلس، فانتدب القائد طارق بن زياد لإنجاز هذه المهمة، فتوجه القائد طارق يرافقه سبعة الآف من الجنود معظمهم من المسلمين البربر لترسوا مراكبهم عند جبل سُمي فيها بعد بجبل طارق، ففتحوا في بادئ الأمر الجزيرة الخضراء، فبلغ ذلك "لذريق" فغضب وجمع لهم جيشًا يقدر بـ 100 ألف جندي، الأمر الذي دفع طارق بن زياد لطلب المدد من موسى بن نصير، فأرسل إليه 5 آلاف مقاتل من العرب، فأصبح جيش المسلمين يقدر بحوالي 12 ألفًا، فالتقى الجيشان عند نهر "لكة" في معركة استمرت ثمانية أيام لتنتهي بانتصار المسلمين وقتل طارق بن زياد لذريق، ليستمر طارق بن زياد بالتوسع فاتحًا مدن أخرى في الأندلس حتى وصل للعاصمة الأندلسية "طليطلة"، فأرسل إليه موسى بن نصير بالتوقف والرجوع للعاصمة دمشق آنذاك، فأتى هو بنفسه عام 93هـ فاتحًا بقية المدن التي لم يصلها طارق بن زياد، وبقي المسلمون في الأندلس بعد ذلك ما وأنشؤوا فيها الحضارة التي لم تسبقهم فيها أي من حضارات البشرية.[١][٢]
أهم القادة والولاة في تاريخ الأندلس
ذخرت الأندلس منذ بداية التفكير بفتحها إلى سقوطها بعد ثمانية قرون من الزمان بالعديد من القادة والولاة، سنذكر بعضهم بالإضافة لأهم الحقائق المتعلقة بهم، وهم كالآتي:[٣]
- طارق بن زياد: وهو القائد العسكري الذي فتح بلاد الأندلس وشبه الجزيرة الإيبيرية، وهو من أصول أمازيقية، وكان مولى مغربي لموسى بن نصير، إذ قام القائد طارق بمجهود كبير قبيل فتح الأندلس، فبنى السفن وجهزها ليتمكن من عبور المضيق الذي يفصل أوروبا عن إفريقيا، وعند وصوله مع جيشه ليلتقوا بجيش لزيق إمبراطور سبته قال مقولته الشهيرة لجيشه : "أيها الناس، أين المَفَرُّ؟ البحرُ من ورائكم، والعدوُّ أمامَكم وليس لكم واللَّهِ إلا الصدقُ والصَبْرُ. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أَضْيَعُ من الأيتام في مَأْدُبَةِ اللِّئام، وقد اسْتَقْبَلَكم عدوّكم بِجَيْشِهِ وأَسْلِحَتِهِ، وأَقْواتُه موفورةٌ ، وأنتم لا وَزَرَ لكم إلا سيوفُكم ولا أقواتَ إلا ما تَسْتَخْلِصُونَه من أيدِي عدوِّكم".
- عبد الرحمن الغافقي: بعد أن أصبحت الأندلس أحد ولايات الدولة الأموية تولى "السمح بن مالك" ولاية الأندلس في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز عام 100هـ، ثم أتى بعده عبد الرحمن الغافقي الذي كانت فرنسا هدفًا له في الفتح، فوصل إلى منطقة لا تبعد عن باريس اليوم سوى 30 كم، ولكن الهزيمة كانت حليفة المسلمين آنذاك، واستشهد فيها القائد عبد الرحمن الغافقي.
- عبد الرحمن الداخل: دخل عبد الرحمن بن معاوية آخر أحفاد الأمويين في الأندلس هاربًا من العباسيين الذي قتلوا وشردوا ما بقي من الأمويين إلى الأندلس، وقد سُمي بالداخل لدخوله قرطبة عاصمة الأندلس آنذاك، فأسس إمارة أموية بمساعدة من ناصروه من الأمويين والبربر، فواجه يوسف الفهري حاكم الأندلس آنذاك في معركة "المصارة" عام 138هـ وانتصر عليه، فأصبح هو من يحكم الأندلس، ليستمر في الحكم لمدة 34 عامًا كانت من أقوى فترات حكم المسلمين للأندلس.
- عبد الرحمن الأوسط: وهو من تولى الإمارة بعد جده عبد الرحمن الداخل، ولكن قبل توليه الحكم كان والده هشام من تولى الحكم، إلا أنه كان سيء الخلق، وسقطت في عهده إمارة برشلونه، فاعتذر للشعب وعين ابنه عبد الرحمن بن هشام (الأوسط) ثم توفي، وفي عهد عبد الرحمن الأوسط ازدهرت الأندلس وساد الاستقرار في البلاد.
حضارة المسلمون في الأندلس
كان فتح الأندلس في القرون الوسطى تزامنًا بأوضاع غاية في السوء كانت تعم أوروربا، فالفقر والجهل والمرض وجميع أنواع العذاب لشعوبها هي سيدة الموقف آنذاك، إذ تجاوزت فترة الظلام هذه المائة عام، في حين كانت عواصم البلاد الإسلامية مزدهرة ومليئة بدور العلم والمكتبات والجامعات والمشافي، أما في الأندلس وبمجرد فتح القائد طارق بن زياد لها أُنشئت دولة ما تزال آثارها العمرانية والعلمية شاهدة على عظمتها، فأصبحت أكثر دول أوروبا تقدمًا وازدهارًا بلا منازع، فالمعالم الخاصة بالمسلمين حتى اليوم فيها من الأسرار والعجائب ما حير العلماء، ودعاهم لتقدير هذا الإرث الحضاري.[٤]
سقوط الأندلس
بدأ سقوط الأندلس المعروفة بإسبانيا اليوم من أيدي المسلمين بسقوط غرناطة في عام 1492م، وهو السقوط الكبير كما سماه المؤرخون، وذلك بعد عدة قرون من الحروب التي شنتها الممالك المسيحية على حصون المسلمين بما يُعرف بحرب الاسترداد، فوقع آخر ملوك غرناطة "عبد الله الصغير" على تسليمها مُنهيًا حكم المسلمين على شبه الجزيرة الإيبيرية، وبعد أقل من خمسين عامًا عادت حروب الاسترداد لتسقط المزيد من المدن الأندلسية واحدة تلو الأخرى خلال أقل من عشرين عامًا، وانتهت بسقوط العاصمة طليطلة على يد الملك "ألفونسو السادس"، ليتوجه إلى مدن شمال إفريقيا ويحتل بعض المدن المغربية في الشمال، الأمر الذي دعا المسلمين إلى الفرار باتجاه المدن في شمال المغرب وهربهم من أبشع الجرائم التي نفذها ما يُسمى بمحاكم التفتيش آنذاك، والتي ما زالت بعض متاحف إسبانيا تحتفظ بالأدوات التي كانت تستخدمها لتعذيب المسلمين حتى يومنا هذا، فقد أُرغم المسلمون على مغادرة غرناطة، وذلك بعد صدور المرسوم الذي يجبر كل مسلم يبلغ من العمر 14 عامًا بمنعهم من التصرف بممتلكاتهم، ولا يسمح له أيضًا بالخروج لبلاد المغرب العربي، بالإضافة إلى إجبارهم على اعتناق المسيحية، ومن لم ينفذ ذلك فعليه بالخروج أو أن يصبح من العبيد، وقد تمادى المسيحيون بأن حولوا جميع المساجد لكنائس بهدف إزالة أي من معالم المسلمين الذين حكموها.[٥]
المراجع
- ↑ "فتح الأندلس 92 هـ"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2019. بتصرّف.
- ↑ مشاري بن علي النملان (17-1-2017)، "فتح الأندلس"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2019. بتصرّف.
- ↑ عبد السلام عصر (24-1-2018)، "قصة الأندلس الكاملة من الفتح إلى السقوط"، tipyan، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2019. بتصرّف.
- ↑ مصطفي رضا (28-4-2015)، "الآثار والحضارة التي تركها "فتح الأندلس" لـ "إسبانيا""، dotmsr، اطّلع عليه بتاريخ 3-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "سقوط الأندلس.. حكاية الفردوس المفقود"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2019. بتصرّف.