ما هو يوم الفرقان

ما هو يوم الفرقان
ما هو يوم الفرقان

يوم الفرقان

يوم الفرقان هو يوم معركة بدر التي دارت في اليوم 17 و18 من شهر رمضان المبارك في السنة الثانية للهجرة، وكان لمعركة بدر أو معركة الفرقان أثرًا كبيرًا في نفوس المسلمين، حيث كانت هذه المعركة حجر الأساس في بناء الدولة الإسلامية وممارستها لسيادتها في جميع شؤونها الداخلية والخارجيّة، وكذلك ذكرت الآيات الكريمة أن هذا اليوم جاء تأكيدًا على سيادة المسلمين لدولتهم بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة، فقال الله تعالى عن هذا اليوم الفاصل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}.[١]

وبعد انتهاء المعركة أخذت الدولة الإسلامية بنشر الإسلام والقضاء على الطوائف والتيارات المعارضة لهم التي كانت قريش ترفع لوائها في مكة المكرمة، وقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس القوافل التي قادت معركة بدر، وقد بيّنت الآيات الكريمة أن اختيار مكان المعركة جاء بتوفيق من الله تعالى وليس بإرادة أحد، ولو أن أمر اختيار مكان المعركة كان بإرادتهم لأختلفوا فيما بينهم على اختياره، ولكن دبّر الله تعالى المكان والزمان، وقد منّ الله تعالى على المسلمين بروح معنوية عالية، وفي المقابل هدم من عزيمة وإصرار أعدائهم، واستطاع المسلمون بتأييد الله تعالى وحسن قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم وإجادة تنظيم صفوفهم أن يواجهوا كفار قريش بكل قوة وعزيمة، مما أسفر عنه دولة إسلامية جديدة قوية في مؤسساتها الحربية والإدارية.[٢]


لماذا سمّيت معركة بدر بهذا الاسم؟

تعد غزوة بدر من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام والمسلمين، وقد كانت أول مواجهة عسكريّة وقعت بين المسلمين وبين كفار قريش، وهي من أشهر الغزوات التي قادها الرسول صلى الله عليه وسلم ضد الكفار والمنافقين، وقد سمّيت معركة بدر بهذا الاسم نسبة إلى منطقة بدر التي وقعت بها المعركة، وبدر هو بئر ماء مشهور يقع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة حيث دارت أحداث المعركة هناك، وقد عُرفت هذه المعركة في الآيات الكريمة بيوم الفرقان لأنها فرّقت بين الحق والباطل، وكان لها أكبر الأثر في إعلاء شأن الإسلام والمسلمين.

ويوم الفرقان كان يومًا حاسمًا على الرغم من قلة عدد المسلمين وقلة عتادهم، فقد كان عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا، فيهم فَرَسان وسبعون بعيرًا، البقية كانوا من المشاة وليس معهم من العِدّة إلا القليل، أما الأعداء فقد كانوا ما بين التسعمائة والألف مقاتل مجهّزين بالعُدّة والعتاد التي تكفيهم وتزيد من دروع وسيوف وخيل وإبل وحلي ومجوهرات وطعام كثير وماء، ولكن على الرغم من ذلك فقد أعزّ الله تعالى نبيّه وأظهر وَحيْه وبيّض وجهه ووجه قبيلته وأخزى المشركين وأنكسهم على رؤوسهم خائبين ومات مَن مات وأًسر مَن أُسر، ومن أهم الذين قُتلوا في هذه المعركة من كبار قريش وسادتها؛ أبو جهل عمرو بن هشام، وأُميّة بن خلف، والعاص بن هشام، وكان عدد الأسرى 70 شخصًا، بينما لم يُقتل من المسلمين سوى أربعة عشر رجلًا، ويوم بدر هو يوم عظيم من أيام الإسلام، حيث كان بداية ظهور المسلمين وسيادتهم على كافة الأرجاء، وكل انتصار للمسلمين ستبقى جذوره معلّقة بهذه المعركة الفاصلة التي كانت شرارة الانطلاق للفتوحات الإسلاميّة والانتصارات الإيمانيّة.[٣]


مُجريات معركة يوم الفرقان

عَلِم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن هناك قافلة لقريش قادمة من الشام محمّلة بكل أنواع الثروات، فأمر الجيش بالتجهّز لملاقاتها، وكان أبو سفيان قائدًا لقافلة قريش، وكان في غاية الحذر والذكاء، فعَلِمَ بأمر خروج المسلمين لملاقاتهم، فأوصل الخبر لقريش ليتجهزوا فجهّزت قريش العدّة والعتاد لملاقاة المسلمين، وحوّل أبو سفيان اتجاه القافلة ونجا بها، وكل هذا ولم يعلم المسلمون بأمر معرفة قريش وتغيير مسار القافلة، وكانوا يعتقدون أنهم سيَغِيْرون على قافلة محمّلة ببضائع هائلة مع عدد قليل من الحرس لها، وعندما علم الرسول صلى الله عليه بالأمر استشار أصحابه ليعرف مدى استعدادهم، فأشار إليه المهاجرون والأنصار بالتقدّم وعدم التخاذل فبشرّهم الرسول بالنصر المؤزر، فسار الرسول صلى الله عليه وسلم بجيشه حتى وصلوا إلى بئر بدر وسيطروا عليه، وقضى الرسول ليلته بالدعاء والتبتل إلى الله تعالى بأن ينصره على أعدائه، أما جيش قريش فقد دبّ الرعب في قلوبهم خوفًا من المسلمين ليس لأنهم يملكون العدّة والعتاد بل لأنهم يملكون القوة والإرادة والتأييد من الله، وحاول كفار قريش أن يتراجعوا عن المعركة ولكن منعهم أبو جهل من ذلك، والتقى الجمعان عند بئر بدر فقتل المسلمون رجلًا من كفار قريش أراد أن يشرب من البئر، وحصلت مبارزة بين رجال من المسلمين والكفار، وكان النصر فيها للمسلمين، ثم استشاط الكفار غضبًا وهجموا على المسلمين وحمي وطيس المعركة، وفي هذه الأثناء غفى الرسول صلى الله عليه وسلم فبشره الله تعالى بالمدد المؤزر من الملائكة، ففرح واستبشر وحرّض المسلمين على القتال، فضربوا أروع الأمثلة في الإقدام والشجاعة والصبر، وانتهت المعركة بالفوز المؤزّر للمسلمين، ومصرع قادة الكفر الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه برميهم بوادٍ في بدر، ونزل خبر الخسارة على أهل مكة كالصاعقة حتى أنهم منعوا البكاء على الموتى حتى لا يشمت بهم المسلمون، وجاء النصر بشرى لأهل المدينة واهتزت أرجاؤها فرحًا وتكبيرًا وتهليلًا.[٤]


قد يُهِمُّكَ

قد تتسائل عن الدروس والعِبر المستفادة من معركة بدر، ومن أهم الدروس التي يمكن الاستفادة منها في معركة بدر:[٥]

  • أهميّة الأخذ بالأسباب: فقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بالأسباب حين أرسل العيون للتقصّي عن عدد وعدّة المشركين على الرغم من علمه بنصر الله تعالى فلم يتواكل ولم يتخاذل.
  • المساواة بين القائد والجنود: فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعاقب على ظهر البعير الوحيد الذي كان معهم هو وجنوده، وكان يتحمّل المشاق والمصاعب مثله مثلهم.
  • تطبيق مبدأ الشورى: وبيان أهميتها، إذ كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يبت بأمر حتى يستشير أصحابه، وفي هذ المنهج تربية على حسّ المسؤولية والأخذ بالرأي.
  • الأدب مع رسول الله: فعلى الرغم من المعركة وشدّتها فقد كان الصحابة في شدّة الأدب مع الرسول في أحْلَك الظروف وأصعب المواقف.
  • حبّ الشهادة والتعلّق بها: فقد كان المسلمون شديدي الحرص على الشهادة والموت في سبيل الله تعالى.
  • الحرص على الرعيّة: وظهر ذلك جليًا عندما أراد غلامان صغيران بالسن الذهاب للقتال مع الرسول فردّهما لصغر سنهما.
  • أهمية الدعاء: فقد أكثر النبي من الدعاء خلال المعركة حتى منّ الله عليه بالنصر.
  • الغَلَبة للحق مهما طال الباطل: فحقيقة انتصار الدين وأهله حقيقة لا يمكن الاختلاف عليها، ومهما طال الظلم واسودّ الليل سيأتي فجر الحق والوعد المبين.


المراجع

  1. سورة الأنفال، آية: 9-11.
  2. د. إبراهيم العدوي، "يوم الفرقان .. حجر الزاوية في بناء الدولة الإسلامية "، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.
  3. "مشهد وبطولة من غزوة بدر"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.
  4. "غزوة بدر الكبرى .. يوم الفرقان"، islamstory، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.
  5. فضيلة الشيخ محمد أحمد حسين، "غزوة بدر الكبرى: دروس وعبر"، alsirah، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :