ما هو غراس الجنة

ما هو غراس الجنة
ما هو غراس الجنة

ما هو غراس الجنة

إن ذِكر الله عز وجل من أفضل الأعمال اليسيرة التي بإمكانكَ التّقرّب بها إلى ربّك، وقد ذكر الله ذلك بالقُرآن، إذ قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}،[١].

كما بين الله فضل الذكر في أنه يُطمئن قلوب المؤمنين، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}،[٢] وإنّ من أعظم وأرفع ما جعل الله للذاكرين، أن الله يذكر من يذكره، إذ قال تعالى: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}،[٣].

وقد خص الله عز وجل بعض الأذكار عن غيرها بالفضل والخير، فغراس الجنة (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، وهي من الذكر الذي خصه الله ورسوله بفضل عظيم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لَقِيتُ إبراهيمَ ليلةَ أُسْرِيَ بِي ، فقال : يا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَك مِنِّي السلامَ، وأَخْبِرْهم أنَّ الجنةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الماءِ، وأَنَّها قِيعانٌ، وأَنَّ غِراسَها سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ].[٤]

وإنّ غراس الجنّة هي ما يغرسها المسلم لنفسه في جنته، وهي خير من غراس الدنيا كلها، فعن أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: [ألَا أدُلُّكَ على غِراسٍ ، هو خيرٌ مِنْ هذا ؟ تقولُ : سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، يُغْرَسُ لكَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ منها شجرةٌ في الجنةِ]،[٥] فهي كلمات يغرس لك الله بها بكل كلمة منها شجرة في الجنة.[٦][٧]


فضل ذكر غراس الجنة

إنّ من أعظم العبادات التي تُقرّبك إلى الله تعالى الإكثار من ذكره عز وجل، ومن ذكر الله (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، فهي كلمات لها فضائل كثيرة بينها لنا نبينا محمد عليه السلام، ومن هذه الفضائل:[٨]

  • أنهن أحب الكلام إلى الله: إن من أفضل ما يتقرب به إلى المحبوب، أن تقول له ما يحبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ].[٩]
  • أحب إلى النبي مما طلعت عليه الشمس: من فضل غراس الجنة أنهن أحب إلى قلب النبي عليه السلام من الدنيا وما فيها من الأموال وغيره، قال رسول الله: [لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ]،[١٠] وقال الإمام ابن العربي: أن الثواب المترتب على قول هذا الكلام أكثر من ثواب من تصدق بجميع الدنيا.
  • منجيات مقدمات: أن من فضلهن أنهنّ مُنجّيات لقائلهن؛ إذ يأتين يوم القيامة مُنْجيات لقائلهن ومقدمات له، فعن النبي عليه السلام قال: [خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النارِ؛ قولوا: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولَا إلهَ إلَّا اللهِ، واللهُ أكبرُ، فإِنَّهنَّ يأتينَ يومَ القيامةِ مُقَدِّمَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ وَمُجَنِّبَاتٍ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ].[١١]
  • تذكر بصاحبها: ومن فضلهن أنهن ينعطفن حول عرش الرحمن، ولهن دويٌ كدوي النحل يذكّرن بصاحبهن، فعن النبي عليه السلام قال: [إنَّ ممَّا تذكرونَ من جلالِ اللهِ التسبيحَ والتهليلَ والتحميدَ ينعطِفْنَ حولَ العرشِ لهنَّ دويٌّ كدويِّ النحلِ تُذكِّرُ بصاحبِها أمَا يُحبُّ أحدُكم أن يكونَ له أو لا يزالَ له من يُذكرُ به].[١٢]
  • أجر صدقة: إنّ من فضل غراس الجنة أنّ في كل كلمة منها صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، قال رسول الله: [إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً].[١٣]


ما معنى كلمات غراس الجنة؟

ما خص الله تعالى غراس الجنة بهذا الفضل الكبير، إلا لأنها تحمل معاني عظيمة وجليلة، فما هي معاني سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر:

  • سبحان الله: كلمة التسبيح سبحان الله تتضمن أصلا من أصول التوحيد العظيمة، وركن من أركان الإيمان، وهو تنزيه الله عز وجل عن العيب والنقص والأوهام الفاسدة والظنون الكاذبة، والأصل اللغوي لها يدل على هذا المعنى، فالتسبيح مأخوذ من السبح وهو البُعد، وتسبيح الله هو إبعاد القلوب والأفكار عن أن تظن بالله نقص أو تنسب إليه الشر، وتنزيهه عن كل عيب نسبه إليه المشركون والملحدون.[١٤]
  • الحمد لله: حمد الله هو الشكر خالصًا لله جل ثناؤه، وهو الشكر لله والإقرار بنعمته وهدايته، وهو ثناء الله بأسمائه وصفاته الحسنى، وقال أبو جعفر: أن الحمد لله قد تقال في موضع الشكر، وأن الشكر قد يقال موضع الحمد، فاحمد الله على جميع نعمه التي أنعم الله عليك بها.[١٥]
  • لا إله إلا الله: هي كلمة الإخلاص وأفضل الكلام بعد القرآن، وهي أول ما دعت إليه الرسل، وهي كلمة التوحيد، لا إله إلا الله تعني لا معبود حق إلا الله، وهي نفي وإثبات، فهي تنفي جميع المعبودات وجميع الآلهة بغير حق، وتثبت العبادة بالحق لله وحده، وهي أصل الدين وأساس الملة، فواجب عليك أن تأتي بها مع إيمانك بمعناها واعتقادك أنّ بها خلاص العبادة لله وحده.[١٦]
  • الله أكبر: التكبير أو الله أكبر هذه الجملة لا ينعقد الإحرام للصلاة إلا بها عند جمهور أهل العلم، وتعني أن الله أكبر من كل شيء في هذا الوجود، وأعظم وأجل وأعز وأعلى من كل ما يخطر في البال أو يتصوره الخيال، وهي جملة مركبة من كلمتين هي اسم الجلالة (الله)، وهي اسم علم على الذات العلية، وكلمة (أكبر) بصيغة أفعل، أي التفضيل، ومعناها أجل وأعظم.[١٧]


مَعْلُومَة

ورد في السنة النبوية أنّ أذكار غراس الجنة تذكر بعد كل صلاة، فيشرع للمسلم ذكر الله بالتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل عقب كل صلاة، وقد وردت العديد من الصيغ في ذكرها بعد الصلوات الخمس، ومن هذه الصيغ:[١٨]

  • أن يسبح الله بعد كل صلاة ثلاث وثلاثين مرة، ويحمد الله ثلاث وثلاثين مرة، وأن يكبر الله ثلاث وثلاثين مرة، ويقول في تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فيكون بذلك مجموع ما ذكره مائة.
  • أن يسبح الله ثلاث وثلاثين، ويحمد الله ثلاث وثلاثين، ويكبر الله أربع وثلاثين، وبذلك يكون المجموع مائة.
  • أن يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله خمس وعشرين مرة، فيكون بذلك المجموع مائة.
  • أن يسبح الله عشرًا ويحمده عشرًا ويكبره عشرًا.


المراجع

  1. سورة ال عمران، آية: 190-191.
  2. سورة الرعد، آية: 28.
  3. سورة البقرة، آية: 152.
  4. رواه الألباني ، في شرح الطحاوية، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 423 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  5. رواه السيوطي ، في الجامع الصغير، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2856 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  6. "رصيد المسلم من غراس الجنة"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.
  7. "فضل الذكر"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.
  8. "فضائل الكلمات الأربع"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-13. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 2137 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2695 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  11. رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3214 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  12. رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 3086 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ذر الغفاري ، الصفحة أو الرقم: 1006 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  14. "معنى كلمة التسبيح " سبحان الله وبحمده ""، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.
  15. "القول في تأويل فاتحة الكتاب"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.
  16. "معنى لا إله إلا الله وشروطها"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.
  17. "معنى (الله أكبر)"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.
  18. "صيغ التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل دبر الصلوات المكتوبات"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :