ذكر الله
إن مفهوم ذكر الله شامل، وله معنيان: معنى عام: ويشتمل جميع أنواع العبادات من صلاة، وصـيام، وقراءة قرآن، ودعاء، وتسبيح، وتحميد، وغير ذلك من أنواع الطاعات؛ فجميع هذه العبادات إنما تقام لذكر الله تعالى، وطاعته، وعبادته، قال شـيخ الإسلام رحمه الله: «كل ما تكلَّم به اللسان، وتصوّره القلب مما يقرِّب إلى الله من تعلّم علم، وتعليمه، وأمر بمعروف، ونهى عن منكر، فهو من ذكر الله»، والمعنى الخاص: وهو ذكر الله عزَّ وجل بالألفاظ التي وردت عن الله تعالى بقراءة كتابه الكريم، أو الألفاظ التي وردت على لسان نبيّه صلى الله عليه وسلم، وفيها تمجيد، وتنزيه، وتقديس، وتوحيد الله، والذكر يكون بالقلب أو باللسان وأعظم الذكر ما توافق فيه القلب واللسان، وهو من أعظم العبادات وأجلها، وقد حثّ اللهُ سبحانه وتعالى عباده على الإكثار من الذِّكر، حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[١].[٢]
فوائد ذكر الله
إن لذكر الله تعالى فوائد كثيرة تعود على العبد، ومنها:[٣]
- الذكر يطرد الشيطان ويقمعه، كما أنه يرضي الله تعالى.
- الذكر يزيل الهم والغم وينشرح الصدر به.
- الذكر يجلب الرزق، كما أنه ينير الوجه والقلب.
- الذكر سبب لمحبة الله التي هي روح الإسلام، وفيها السعادة والنجاة، فمن أراد أن ينال محبة الله تعالى فليكثر من ذكره.
- الذكر يجعل العبد رقيبًا على نفسه حتى يصل إلى درجة الإحسان، وهي أن يعبد الله كأنه يراه.
- الذكر يورث العبد الإنابة، وهي الرجوع إلى الله تعالى، فعندما يكثر من الرجوع إليه بذكره أورثه ذلك رجوعه بقلبه إلى الله في كل أحواله.
- الذكر يقرب العبد من ربه، فعلى قدر ذكره لله عز وجل يكون قربه منه، وبقدر غفلته يكون بعده عنه.
- الذكر يورث العبد مهابة الله عز وجل وإجلاله، فالذاكر يكون قلبه حاضرًا مع الله، بعكس الغافل عن ذكر الله فإنه ينسى ذكر الله وينسى هيبته جل وعلا.
- ذكر العبد لله يورث ذكر الله تعالى للعبد، فقد قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[٤]، ولوْ لم ْيَكُنْ للذِكْرِ إلا هذه الفائدة وحدها لكفى بها فضلًا وشرفًا، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: [مَنْ ذكرني في نفسه ذكرتُهُ في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم] [٥].
صيغ ذكر الله
نذكر من صيغ الله ما يأتي:[٦]
- الحمد ومن صيغه: ومنها:
- سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
- الحمد لله حمدًا كثيرًا حتى يبلغ الحمد منتهاه.
- سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشة، ومداد كلماته.
- الحمد لله في السرّ والعلن، والحمد لله في السعادة والحزن، وفي الغفلة واليقظة، والحمد لله أن يسّر لنا حمده وشكره والثناء عليه.
- التسبيح ومن صيغه: ومنها:
- لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين.
- سبحان الله بكرةً وأصيلًا.
- سبحان الله عمّا يشركون.
- سبحان الله، إنّ وعد الله كان مفعولًا.
- سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر.
- التهليل ومن صيغه: ومنها:
- أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قدير.
- هو الله لا إله إلاّ هو له الحمد في الأولى والآخرة.
- لا إله إلاّ الله.
آداب ذكر الله
نذكر من آداب ذكر الله تعالى ما يأتي:[٧]
- إخلاص النيَّة لله تعالى، وابتغاء الثَّواب منه.
- إقبال العبد على الذِّكْر بحب وشغف، وحَماس وحضور قلْب، لأن الله تعالى وصَف المنافقين، فقال: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلًا}[٨]، فمِن الأدب مع الله: الإقبال على الذِّكْر بهمّة.
- الوضوء أو الطهَارة قبله؛ فقدْ كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَكره ذِكْر الله إلا على طهارة، كما في صحيح سُنن أبي داود، وقال عمر رضي الله عنه: "الوضوء الصالِح يطرد عنكَ الشيطان".
- استقبال القبلة بخشوع وسكينة؛ فهكذا يكون التذلُّل عند مناجاة الله ربِّ العالمين، وخصوصًا إذا استحضر الذاكر قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }[٩]، و: [أنا معه حين يذكُرني] [١٠] كما في صحيح البخاري.
- تطهير القلب بالاستغفار واستشعار مراقَبة الله تعالى والتوبة إليه مِن الذُّنوب والخطايا؛ لتهيئةِ القلْب واللِّسان للذِّكر.
- اختيار أفضل الأوقات للذِّكر التي يكون فيها العبد بعيدًا عن الشواغل، حتى تكون النفس مستعدَّةً لمناجاة الله تعالى كأوقاتِ ما بعد الفجر وقبل الغروب، وبعد الصلوات المكتوبة.
- استحضار عظمَة الله تعالى والتمعن في ألفاظ الذِّكر، وذِكره تعالى بأسمائه الحُسنى وصفاته العليا، وبذلك يكون الوصول إلى التضرُّع والتذلُّل والعبودية الحقَّة لله تعالى، وعندها يشعُر القلب بالطُّمأنينة.
- استحباب البُكاء مع الذِّكْر؛ لما في حديث السَّبعة الذين يُظلُّهم الله بظلِّه، وهو في صحيح مسلم، فمَن استحضر قلبه عند الذِّكر، واستشعر قُربَ الله تعالى منه، وفهم المعنى الحقيقي للذِكر لا بدّ وأن تفيض عيناه.
- إخفاء الذكر وعدم اطْلاع أحد عليه حفاظًا على الإخلاص وتجنبًا للرِّياء.
- مطالبة النَّفْس بثمرات الذِّكْر بعد الانتهاء منه؛ بالمحافظة على الطاعات، والابتعاد عن اللهو والذنوب، فأعظم ثَمَرة للذِّكر هي ألا يفكر الذاكر بفعل أي شيء يغضب الله، لأن الذاكر يكون دائمًا بين يدي الله، فيستحي من ارتكاب أي ذنب.
أنواع ذكر الله
يقسم الذكر إلى قسمين؛ ذكر مطلق وذكر مقيّد؛ فالأذكار المطلقة هي التي يشرع للمسلم أن يقولها في أي وقت، كالتسبيح بصيغه والتهليل بصيغه وغير ذلك فقد ورد في الأحاديث النبوية الكثير من الأذكار المطلقة التي لها فضل عظيم مثل: عَنْ عمرو بن ميمون رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مِرَارٍ، كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ][١١]. أما الذكر المقيد فهو الذكر الذي يختص بزمان محدد أو مكان محدد وهي مقسمة لأربعة أقسام: أذكار الصباح والمساء، وأذكار الأحوال العادية، وأذكار الأحوال العارضة، والأذكار التي تقال في أوقات الشدة؛ فمثلًا أذكار الصباح والمساء لها وقت محدد فأذكارالصباح تقال من بعد صلاة الصبح إلى ما قبل طلوع الشمس، أما أذكار المساء فتقال من بعد صلاة العصر إلى ما قبل غروب الشمس، والأذكار المقيدة لا تقضى إذا فات وقتها.[١٢]
المراجع
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 41،42.
- ↑ الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح (2016-2-20)، "ذكر الله تعالى: أنواعه وفضائله"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-25. بتصرّف.
- ↑ "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله"، islamweb، 2019-5-5، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-25. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 152.
- ↑ رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوى، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 4/390، صحيح.
- ↑ "ذكر الله أنواعه وفوائده"، muhammad-pbuh، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-25. بتصرّف.
- ↑ "عون الرحمن في وسائل استثمار رمضان"، islamway، 2018-05-10، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-25. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 142.
- ↑ سورة البقرة، آية: 152.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2675، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمرو بن ميمون، الصفحة أو الرقم: 2693، صحيح.
- ↑ "ذكر الله"، al-eman، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-25. بتصرّف.