تفسير الأحلام: مفهومه وأحكامه

تفسير الأحلام: مفهومه وأحكامه
تفسير الأحلام: مفهومه وأحكامه

تفسير الأحلام

تفسير الأحلام موهبة يقذفها الله سبحانه وتعالى في فؤاد من يشاء من عباده، فتجده يفسّر الأحلام وكأنّه يقرأها من كتاب، ولا علاقة بين تفسير الأحلام والعلم بالدّين، فقد تجد بعض المهرة في تفسير الرؤى والأحلام، التي تتحقّق بمقتضى تفسيرهم، وهم ليسوا متبحّرين في الدّين، لذلكَ نستطيع القول أنّ تفسير الأحلام أقرب إلى الإلهام منه إلى العلم، ودقّة التّفسير تعتمد على فطنة وقوّة ملاحظة المفسّر، ومعرفته بأحوال الرّائي، إذ تختلف تفسير الرّؤيا من شخص لآخر بحسب القرائن التي يلاحظها المفسّر على الرّائي من صفات، وتطبيق للدّين، وأحواله الدنيويّة، لذلك تجد أغلب المفسّرين يسألون الرّائي الكثير من الأسئلة عن أحواله، وبعض ظروف حياته قبل تفسير حلمه، لكن ما حكم تفسير الأحلام؟ تعرف على ذلك من خلال قراءة هذا المقال.[١]


ما حكم تفسير الأحلام؟

لا يوجد ما يمنع في الإسلام من تفسير الأحلام، ولكن يجب على الإنسان أن لا ينشغل بها، ويوقف حياته عليها، ولا يتعلّق بها، خاصّةً إذا كان ما رآه يغمّه، ويكدّر خاطره، فالأولى أن يتجاهله، ويتناساه فور استيقاظه، وهناك ثلاث أنواع من الأحلام ولكل منها حكم لطلب تفسيرها، وسنذكرها لك فيما يلي:[٢]

  • الكوابيس: وهي الأحلام المزعجة، التي تسبّب الخوف والهم والغم للرّائي، فهي من الشّيطان الذي يحرص دائمًا على إحزان بني آدم وتخويفه، ليشغله به عن دينه ودنياه، والأولى عند رؤيتك لمثل هذه الأحلام أن تتفل عن يسارك ثلاثًا، وتتعوّذ من الشّيطان، ومن شرّ ما رأيت، وتنقلب على جنبك الأيمن، ولا تحدّث به أحدًا، ويندرج تحت بند الكوابيس الأحلام التي ترى فيها أحداث لا يمكن وقوعها، ودليل ذلكَ من السّنة، عن جابر بن عبدالله قال: [جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، رَأَيْتُ في المَنَامِ كَأنَّ رَأْسِي ضُرِبَ فَتَدَحْرَجَ فَاشْتَدَدْتُ علَى أَثَرِهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِلأَعْرَابِيِّ: لا تُحَدِّثِ النَّاسَ بتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بكَ في مَنَامِكَ وَقالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بَعْدُ، يَخْطُبُ فَقالَ: لا يُحَدِّثَنَّ أَحَدُكُمْ بتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ به في مَنَامِهِ][٣].
  • أضغاث أحلام: وهي حديث النّفس الذي تنشغل به في حياتك، ومن شدّة تفكيرك به تراه في المنام، وتكون تلك الأحلام غير واضحة، ومتداخلة ببعضها البعض، وتستطيع أن تميّز هذا الأمر من الأمور التي تشغل بالك، وتهتم لها، وهذا النّوع من الأحلام يفضّل أن لا تطلب تفسيره، لأنّه لا معنى له، فهو مجرّد تفريغ للاّوعي لديك على هيئة أحلام.
  • الرّؤيا: وتكون رسالة تحذير أو تبشير من الله لسبحانه وتعالى، فلم يبقَ بعد الأنبياء من رسائل التّبشير والتّحذير إلا الرّؤى، إذ تعد جزءًا من ستّة وأربعين جزءًا من النّبوّة، وتكون لها أصل، وأحداثها واضحة لك بعد استيقاظك كفلق الصّبح، ولا يكون فيها ما يُفزعك، وتكون هادئة، ومريحة للنّفس، تستيقظ بعدها غير فزع أو خائف، ويجوز لك أن تطلب تفسيرها، ولكن احرص على أن لا تقولها لحاسد لك، أو حاقد عليك أو ناقم، خوفًا من أن يحسدك إن كان بها الخير الكثير لك، ودليل ذلكَ قوله تبارك وتعالى: {يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[٤].


حكم قراءة كتب تفسير الأحلام

لا حرج من قراءة كتب تفسير الأحلام لمن كان على دراية بتفسيرها، لا سيما لطالب العلم المتعلّق بهذا الخصوص، كتفسير ابن سيرين وغيرها من التفاسير المعتمدة، ولكن يجب عدم الأخذ بها، إذ الأولى الاعتماد في تفسير الأحلام على الأدلّة والقرائن المرافقة لحال الرّائي، وسماته الشخصيّة، وعليه يمكنك قراءة كتب تفسير الأحلام، ولكن لا تعتمد عليها في التّفسير، واعتمد على الأحاديث النبوية والدلائل الشرعية لتفيدك، فلا يجب أن يكون تفسير الأحلام إلاّ عن بصيرة، وإن أُشكِلَ على المفسر لا يجزم بل يقول لعلّ كذا، ولعلّ كذا، وإن رأى خيرًا يُخبر به الرّائي، وعليك أن تحمد الله على الرؤية التي تسرك، وإن رأيت شرًّا فلا تخبر به أحدًا، فقط اترك الحديث به فإنها لا تضرك والله تعالى أعلى وأعلم.[٥]


هل لتفسير الأحلام تأثير على واقعك ومستقبلك؟

لا يجوز أن ترهن حياتكَ، وتغيّر من تصرّفاتكَ بالاعتماد على تفسير الأحلام، لأنّ المفسّر قد يصيب بتفسيرها، وقد يُخطئ، هذا بالإضافة إلى أنّ ما تراه في المنام قد يكون من الشّيطان، أو حديث نفس، وقد يكون الحلم غير متوافق مع ما يتبادر من ظاهرها، كما قد تكون رؤيا صالحة صادقة، ودليل ذلكَ تفسير سماع الأذان لابن سيرين، الذي فسّره لأحد الأشخاص أنّه سوف يحج، ولآخر أنّه سيسرق، لذلكَ عليكَ أن تتوكّل على الله سبحانه وتعالى في تسيير أمور حياتكَ، ولا تعتمد على الأحلام في رسم مستقبلكَ، وتحديد حياتكَ، فعن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: [إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ، رُؤْيا المُؤْمِنِ ورُؤْيا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِن سِتَّةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وما كانَ مِنَ النُّبُوَّةِ فإنَّه لا يَكْذِبُ قالَ مُحَمَّدٌ: - وأنا أقُولُ هذِه - قالَ: وكانَ يُقالُ: الرُّؤْيا ثَلاثٌ: حَديثُ النَّفْسِ، وتَخْوِيفُ الشَّيْطانِ، وبُشْرَى مِنَ اللَّهِ، فمَن رَأَى شيئًا يَكْرَهُهُ فلا يَقُصَّهُ علَى أحَدٍ ولْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ قالَ: وكانَ يُكْرَهُ الغُلُّ في النَّوْمِ، وكانَ يُعْجِبُهُمُ القَيْدُ، ويُقالُ: القَيْدُ ثَباتٌ في الدِّينِ][٦].[٧]


سؤال وجواب

ما حكم تفسير الأحلام دون علم؟

اتّفق أهل العلم أنّه لا يجوز لمن لا يُحسن تفسر الأحلام، وليس له دراية بها ولا علم أن يفسّرها، فلا يجوز أن يعتمد المفسّر على كتب تفسير الأحلام، أو بناءً على ما يقرأ المفسّر على المواقع الإلكترونيّة ذات العلاقة، ومن فعل وفسّر الأحلام دون علم فلا كفّارة عليه، ولكن عليه أن يتوب، ويستغفر ويتوقّف عن تفسيرها.[٨]

هل يجوز تفسير الحلم السيئ؟

الأصل أن لا تلجأ لتفسير الحلم السّيئ أو المفزع، لأنّه تخويف من الشّيطان، والأولى أن لا تذكره، وتنساه فور استقاظكَ، ولا تشغل نفسك بتفسيره، وتستعيذ بالله من الشّيطان الرّجيم، ومن شرّه، وتتفل عن شمالكَ ثلاث مرّات، وأن لا تحدّث به أحدًا، فلا يضرّكَ ما جاء فيه بأمر الله، ويستحب أن تصلّى ركعتين بعد رؤية حلم سيّئ، فإذا فسرت الحلم السيئ تكون قد خالفت السنة وربما وقعت في الأمر المكروه.[٩]

بماذا أدعو عندما أرى حلمًا سيئًا؟

لا يوجد دعاء ثابت عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم ليدعو به من رأى حلم سيّئ أو مفزع، ولكن الثّابت عنه صلّى الله عليه وسلّم هو الاستعاذة بالله من الشّيطان الرّجيم، ومن شرّ ما رأى، وأن تتفل عن شمالكَ ثلاثًا، وتكتمه ولا تحدّث به أحدًا، فإنّه لا يضرّكَ بإذن الله تبارك وتعالى، أما إذا رأيت ما تحب فاحمد الله على ذلك.[١٠]


المراجع

  1. "علْم تفسير الأحلام "، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-26. بتصرّف.
  2. "حكم تفسير الأحلام"، ابن عثيمين، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-26. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2268، صحيح.
  4. سورة سورة يوسف، آية:5
  5. "حكم قراءة كتب تفسير الأحلام"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-26. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:7017، صحيح.
  7. "حكم تفسير الأحلام ومدى تأثيرها على واقع الشخص ومستقبله"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-26. بتصرّف.
  8. "لا يجوز تعبير الرؤى إلا لمن له علم بها"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-26. بتصرّف.
  9. "الرؤيا المكروهة المفزعة لا تفسر ولا تذكر ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-26. بتصرّف.
  10. "السنة عند رؤية ما يكره في المنام"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-26. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :