الحج
تعد فريضة الحج واحدةً من أفضل العبادات عند الله عز وجل، والتي تهدف لمحو ما على المذنبين من ذنوب، ولفظ الحج يشير إلى القصد، أما من ناحية الاصطلاح؛ فإن الحج يشير إلى التوجه والذهاب إلى بيت الله الحرام في أوقات الحج المعروفة والمحددة من أجل تأدية مجموعة من الخطوات والأركان والعبادات، فيأتي العبد المسلم مُحرمًا من أجل الحج إلى مكة وعرفة، وقد فرض الحج على المسلمين في نهايات العام التاسع من الهجرة النبوية الشريفة وذلك في عام الوفود، إذ نزلت هه الآية {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[١] وهذا هو رأي الأغلب من العلماء والفقهاء.[٢]
دروس وعبر من الحج
تجتمع في عبادة الحج الكثير من العبادات البدنية والمالية، وهو بذلك يحتوي على الكثير من العبر والدروس، إذ إن العبد المسلم يُؤدي هذه العبادة بنفسه، فيسعى والطواف ويرمي الحجرات ويقف بعرفة، بالإضافة إلى المبيت في مزدلفة وغيرها من أركان الحج المعروفة، كما أن الحاج يدفع من أمواله الخاصة حتى يتمكن من أداء هذه العبادة الفضيلة ومناسكها المختلفة، ومن هنا يمكن استخلاص الكثير من العبر والدوس من هذه العبادة العظيمة والجليلة، ونذكر منها:[٣]
- عبادة الحج تحقق تقوى الله سبحانه وتعالى من خلال التوحيد، إذ إن العبد المسلم الذي يُؤدي هذه العبادة العظيمة يحقق تقوى الله سبحانه، وهو ما أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بالاستزادة منه، وقد نهى الله عز وجل عباده عن الرفث والفسوق والإتيان بالمنكرات من الأقوال أو الأفعال أو المعاصي في الحج، وتتحقق التقوى بتوحيد الله سبحانه وتعالى، والتوحيد يكون بإفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة دون إشراك أي شيء معه سبحانه جل وعلا، وهذا من الأمور المتحققة في فريضة الحج، إذ إن الحجاج جميعهم يقصدون وجهة واحدة ويدعون ويستجيبون لربٍ واحدٍ وهو الله سبحانه وتعالى، وذلك بإجماعهم على لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، وفي هذا يتجلى فيه التوحيد واضحًا، فلا يدعو الإنسان غير الله سبحانه وتعالى من أموات أو أحياء أو أولياء أو أي مخلوقات أخرى قد تؤدي إلى وقوعهم بالشرك الأعظم.
- تظهر في الحج وحدة المسلمين وقوتهم؛ إذ يأتي المسلمون لأداء فريضة الحج من مختلف بقاع العالم بأعداد كبيرة جدًا تصل إلى الملايين، على الرغم من الاختلاف الكبير في جنسياتهم وأعراقهم وثقافاتهم، إذ إنهم يؤدون كافة الشعائر الخاصة بهذا الركن جميعًا، وهذا الأمر يوحي للمسلمين بدرس هام ألا وهو أن القوة في اتحاد المسلمين، وتجمّعهم على كتاب الله وسنة النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، مما يُغيظ الشيطان الرجيم واتباعه، وأن التفرقة فيها ضعف وشر على المسلمين.
- إن في تأدية فريضة الحج إظهارًا للأخوة في الإسلام، إذ تختفي كافة الفروقات فيما بين حجاج بيت الله الحرام من غنى وفقر ولون وثقافة وعرق ولغة، وغيرها، كما أنه بأداء فريضة الحج يظهر التعاون والتآلف والمحبة، فمن يمتلك الطعام يُطعم من ليس معه، والشباب يتسابقون إلى خدمة الحجاج ومساعدتهم، وغير ذلك من أوجه الخير والتعاون.
- يُذّكر لباس الإحرام الحجّاج المسلمين بالكفن والموت، فيُستحب أن يغتسل ويتطيّب الحاج المسلم قبل لبس ملابس الإحرام التي لا تتجاوز الرداء والإزار، كما يجب على الرجل أن يخلع المخيط من الثياب.
- إن فريضة الحج تذكر المسلمين بيوم القيامة، وذلك من خلال ما يؤديه الحجاج من حركات وتنقلات في وقت واتجاه واحد، يُذكّرهم بيوم القيامة والذي شبه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الناس فيه بأنهم يسيرون كأنهم يسيرون نحو علم أو راية.
- فريضة الحج تُعوّد الحجاج المسلمين على الدعاء الذي يُوجب دخول الجنة، كما أنه يكفر الذنوب.
منزلة الحج
يعد الحج من أفضل العبادات؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم قد وضع عبادة وفريضة الحج بعد الإيمان بالله سبحانه وتعالى والرسول صلى الله عليه وسلم، بل أن النبي عليه الصلاة والسلام قد عدّ الحج أفضل من الجهاد، فليس للحج المبرور جزاءً سوى الجنة، كما أن الحاج المسلم إن أدى كافة الأركان والشروط والالتزامات المطلوبة منه في أداء هذه الفريضة العظيمة فإنه ستغفر له كافة ذنوبه وآثامه فيتطهر منها، ويرجع الإنسان كما ولدته أمه، وقد اتفق العلماء والفقهاء جميعهم على أن فريضة الحج تكون مرة واحدةً في عمر الإنسان المسلم، واستندوا على ذلك بأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، إذ إن النبي محمد عليه الصلاة والسلام ذكر فريضة الحج واحدة من أركان الإسلام الخمس.[٢][٤]
شروط الحج
يوجد العديد من الشروط التي ينبغي على الإنسان المسلم الالتزام بها حتى يؤدي هذه الفريضة العظيمة، ومن هذه الشروط:[٢]
- الإسلام: إذ يجب أن يكون الإنسان مسلمًا، فلا يُقبل ولا يصح الحج من غير المسلمين.
- العقل: أن يكون الإنسان عاقلًا، فالإنسان الذي جُن قبل البلوغ لا يجب عليه أداء فريضة الحج حتى وإن كان رجلًا غنيًا.
- البلوغ: يجب أن يكون الإنسان بالغًا، فالأمر بأداء هذه الفريضة موجّه للبالغين فقط وليس للأطفال.
- الحرية: فالإنسان الذي سوف يُؤدي فريضة الحج ينبغي أن يكون حرًا؛ فالمملوك التابع لسيده معذور لعدم أداء فريضة الحج، لأنه تابع لسيده.
- القدرة: قدرة الإنسان على الحج بماله وبيده، فمن كان يمتلك المال دون القدرة الجسدية على أداء هذه الفريضة العظيمة فإنه يوّكل شخصًا آخر لأداء هذه الفريضة عنه.
- المحرم للمرأة: لا يمكن للمرأة أن تُؤدي فريضة الحج دون وجود زوجها، أو أي محرم لها، فإن تعذّر تواجده فإن الحج لا يجب عليها، ولا يمكن للمرأة أن تحج وهي مُعتدة عن طلاق أو وفاة، ويمكن لها أداء الحج في وقت آخر.
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 97.
- ^ أ ب ت "الحج (تعريفه / منزلته / حكمه / شروطه)"، islamway، 27-11-2007، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2019. بتصرّف.
- ↑ نهار العتيبي، "الحج دروس وعبر "، almoslim، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "الحج تعريفه/ منزلته /شروطه – حكمه"، alimam، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2019. بتصرّف.