المدينة التي تلقّب بالشهباء

المدينة التي تلقّب بالشهباء
المدينة التي تلقّب بالشهباء

حلب

تُعدّ حلب إحدى المدن السورية، ويبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، وهي ثاني أكبر مدينة سوريّة، وتقع على بعد 350 كم إلى الشمال من العاصمة دمشق، وعلى بعد 193 كم شمال مدينة حمص، وهي مركز تجاري مهم في مدينة دمشق، وتقع في منطقة شبه صحراويّة، وتوجد فيها عدد من الجاليات منها؛ الجالية الأرمينيّة والجالية المسيحيّة والجالية التركيّة، إضافةً لوجود عدد من الجاليات الروسيّة، وتمتلك مدينة حلب مطارًا دوليًا كبيرًا ويمكن الوصول للمدينة عن طريق القطار الذي يربطها مع المدن والقرى الأخرى، وتشتهر حلب بقلعتها الضخمة التي تقف شامخةً في المدينة، وقد كانت حلب طريقًا دوليًا للتبادل التجاري، وكانت تُستخدم لربط أوروبا والهند بدول آسيا، وتعد حلب مدينة العمارة والفن ويمكن للزائر ملاحظة ذلك عند زيارته للمدينة، فيرى أنماط عمارة عديدة ومتنوعة، ويعود فن العمارة فيها للقرن السادس والسابع عشر قبل الميلاد[١].

وقد اختلفت الروايات في سبب تسمية حلب، فبعض الروايات قالت بأن اسمها يرتبط بمعادن النحاس والحديد باللغة الآموريّة لأنها كانت مصدرًا رئيسيًا لهذه المعادن وكلمة حلب في اللغة الآرامية تعني الأبيض فربما يشير هذا الاسم لرواسب الرخام والتربة البيضاء الموجودة في المنطقة بكثافة، وبعض الروايات تقول بأن معنى حلب "تقديم الحليب" وتتعلّق هذه التسمية بتقليد قديم كان يمارسه أحد البطاركة العبريين الذي كان يقدّم الحليب بالمجان للرحالة والمسافرين، وغالبيّة سكان حلب هم من المسلمين السنّة ويشكلون ما نسبته 70% من عدد سكان حلب، وتعد حلب واحدةً من أغنى المجتمعات المسيحيّة في الشرق وأكثرها تنوعًا بعد بيروت، إذ ينتمي المسيحيون في حلب لأكثر من عشرة تجمعات سكانيّة مختلفة، ويشكّلون ما نسبته 20% من عدد السكان، وكانت المدينة تضم عددًا من السكان اليهود في العصور القديمة ثم انتقل غالبيتهم للعيش في دولة فلسطين المحتلة بسبب الضغوط الاجتماعيّة والسياسيّة عليهم.[٢]


المدينة التي تلقّب بالشهباء

تعد حلب العاصمة الثانية لسوريا، وهي من أقدم المدن المأهولة بالسكان منذ آلاف السنين، وقد سميت مدينة حلب بحلب الشهباء؛ لأن سيدنا إبراهيم عليه السلام كان يخيّم في الأكروبول الذي كان الأساس الذي قامت عليه قلعة حلب الآن، وحَلَبَ فيها بقرة رمادية اللون، لذا أُطلق اسم حلب الشهباء على المدينة، وقد كانت مدينة حلب منذ القدم مدينةً مزدهرةً ولديها موقع استراتيجي فريد وحساس، وقد أعطاها هذا الموقع دورًا متميزًا منذ العصور القديمة خاصةً في العصور الأكادية والعمورية والعصر الحديث.[٣]


تاريخ مدينة حلب

كانت مدينة حلب نقطة التقاء عدد من الطرق التجاريّة في الشمال، ومما جعلها الرابط الرئيسي للتجارة بين بلاد ما بين النهرين والهلال الخصيب ومصر، وجعل الأموريون المدينة عاصمةً لهم في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، مما عرّضها لعدد من الغزوات الخارجيّة من كافة الأطياف والأجناس من الآشوريين والمصريين والفرس والإغريق والرومان، وكانت حلب مدينةً بارزةً في العصر المسيحي، وقد أصبحت في فترة من الفترات أسقفيةً وبني فيها عدد من الكاتدرائيات الضخمة والتي لا تزال آثارها ماثلة حتى وقتنا الحاضر.

وقد احتُلت المدينة عام 440م من قِبل الفرس الذين سرقوا المدينة وأحرقوا جزءًا كبيرًا منها وألحقوا الضرر بعدد كبير من مبانيها وآثارها وقتلوا عددًا كبيرًا من سكانها، وعلى الرغم من طرد الفرس من المدينة، إلا أنها بقيت تحت تهديدهم حتى جاء الفتح الإسلامي العربي للمدينة في عام 636م، وبعد الفتح العربي استعادت المدينة مكانتها الثقافيّة والتجاريّة وأصبحت من أوائل المدن السورية في النهضة والتطور في جميع المجالات، وقد شهدت فترة ازدهار كبيرة خاصةً في الفترة الأمويّة والعباسيّة وعصر الدولة الحمدانيّة التي أنشأها سيف الدولة الحمداني عام 944 والتي جعلت من حلب عاصمة سوريا الشماليّة.

وتمتّعت حلب في ذلك الوقت برخاء وشهرة كبيرة في عدد من المجالات خاصةً في العلوم والأدب والطب، واشتهر عدد من الشعراء مثل؛ المتنبي والحمداني، بالإضافة لعدد من العلماء مثل؛ الفارابي وابن اللغوي وابن حلاوة، وقد اشتهرت حلب بهندستها المعمارية للكنائس والمساجد والمقابر والحمامات كونها مركزًا تجاريًا مهمًا بين ممالك شرق البحر المتوسط وتجار البندقية، وفي العهد العثماني بقيت حلب مركزًا مهمًا للتجارة مع تركيا وفرنسا وهولندا وعدد من الدول الأوروبيّة، وقد أثرت الدول على فن العمارة فيها، فبُني فيها عدد من المباني على فن العمارة الأوروبيّة ولا تزال آثار فن العمارة ماثلةً إلى اليوم.[٣]


أهم المعالم والآثار في مدينة حلب

تضم حلب العديد من المعالم والآثار التاريخيّة والتي لا تزال موجودة حتى وقتنا الحاضر، وفيما يأتي ذكرها:[٣]

  • قلعة حلب القديمة: وهي قلعة يعود تاريخها لآلاف السنين، وتضم قلعة حلب حصنًا كبيرًا يعود للعصور الوسطى، بالإضافة إلى المسجد الأموي الكبير وعدد من الأسواق والبازارات الكبيرة والاستثنائيّة.[٣]
  • المدينة القديمة: وهي محاطة بجدار يضم الأبراج الدفاعيّة والبوابات المحصّنة التي بُنيت في الفترة الإسلاميّة ولا تزال أجزاء كبيرة منها ماثلة حتى وقتنا الحالي.[٣]
  • المتحف الأثري: وهو متحف قديم يحتوي على معروضات تعود للعصر الحجري والعصر الحديث.[٣]
  • المتحف الوطني: ويحتوي المتحف على عدد من الآثار التي تعود للحضارات القديمة التي تعاقبت على سوريا مثل؛ حضارة أوغاريت وإيبلا وماري وعدد من الآثار الموجودة في حوض الفرات وحماة وآثار رومانيّة ويونانيّة وآثار الحضارة العربيّة الإسلاميّة.[٣]
  • الجامع الكبير: ويعود تاريخه للقرن الثاني عشر الميلاد، وهو من أكبر المساجد في العالم، وقد بُني في العهد الأموي، ويبلغ ارتفاع المئذنة 21 مترًا، ويستطيع سكان المدينة رؤيتها من أي مكان داخل حلب.[١]
  • المتحف الشعبي: وهو من أهم عوامل الجذب للمدينة، ويحتوي المتحف على عدد من الآثار القديمة والمهمة والتي تمثل الحقبات التي مرّت على مدينة حلب، وقد زاره عدد من الشخصيات المهمة على مستوى العالم.[١]
  • المدارس القديمة والقصور والحمامات: وتضم المدينة عددًا كبيرًا من الحمامات والقصور والكنائس التي لها قيمة تاريخيّة مهمة ويعود بعضها للقرن الخامس عشر للميلاد، ومنها؛ قصر البندقية الذي يحتوي على عدد من الزخارف الرائعة والخلابة.[١]
  • الخانات التجاريّة: وتقع أغلبيّة الخانات في نفس منطقة الأسواق القديمة، وكانت تُستخدم لإقامة التجّار وبضائعهم خاصةً الذين يأتون من مناطق بعيدة عن حلب، وتتميّز بالواجهات المزخرفة والأقواس المرتفعة والأبواب الخشبيّة، ومنها؛ باناديك خان، وجمرك خان، ووزير خان، وصابون خان.[١]


أسواق حلب

تغطي الأسواق مساحةً واسعةً من مدينة حلب تصل مساحتها لعشرات الكيلو مترات، وتعد أسواق حلب الأكثر شهرةً وأصالةً عن بقية الأسواق في المناطق الإسلاميّة الأخرى، وسُميت الأسواق نسبةً إلى الحِرف المتواجدة داخل السوق، ومنها؛ سوق الذهب، وسوق النحاس، وسوق القطن، وسوق القماش، وسوق الحرير وغيرها الكثير من التسميات، وغالبًا ما تحتوي هذه الأسواق على نافورة تتوسّط المكان أو حديقة صغيرة مزروعة بجميع أنواع الورود والرياحين، ويعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر، وهي عبارة عن متحف كبير يصور الحياة في العصور الوسطى[١].

وقد كانت أسواق حلب القلب النابض للمدينة، ويوجد فيها عدد كبير من البضائع والسلع المنوعة مثل؛ التوابل والحلويات والأقمشة والسجاد والنسيج إلى جانب صابون حلب الشهير، وقد اندمجت الأسواق كليًا في المدينة وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من تراثها وحضارتها، وقُسمت الشوارع القريبة بما يتناسب مع السوق وممراته ومداخله، وتوجد في داخل السوق المباني والمستودعات والمخازن والحمّامات الخاصة به، وقد كانت أسواق حلب منذ القدم مكانًا للتبادل التجاري والثقافي والاجتماعي لمواطني حلب. [٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح "Aleppo (Halab)", homsonline, Retrieved 20-1-2020. Edited.
  2. Aleksey Nikolayevich Tolstoy, "Aleppo"، newworldencyclopedia, Retrieved 20-1-2020. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Aleppo, Syria", atlastours, Retrieved 20-1-2020. Edited.
  4. [ https://www.wmf.org/project/souk-aleppo "Souk of Aleppo"], wmf, Retrieved 20-1-2019. Edited.

فيديو ذو صلة :