مدينة تريم

مدينة تريم
مدينة تريم

مدينة تريم

تُعدّ اليمن واحدةً من أهم دول شبه الجزيرة العربية وقارة آسيا وتقع إلى أقصى الجنوب الغربي، وتحدها عُمان وبحر العرب من الشرق، والمملكة العربية السعودية من الشمال، والبحر الأحمر من الغرب، وتتألف من مجموعة من المدن والمحافظات المهمة ومنها مدينة تريم، وتُعرف مدينة تريم بكونها عاصمة محافظة حضرموت اليمينة الرسمية والدينية أيضًا، وهي تقع شمال مدينة شبام على الضفة اليسرى من المجرى الرئيسي لوادي حضرموت، ويصل ارتفاعها عن مستوى سطح البحر إلى حوالي 2070 قدمًا، ولها تاريخ عريق وقديم متجذر يعود إلى القرن الرابع الهجري، وتشتهر المدينة بكثرة مساجدها التي يصل عددها إلى حوالي 360 مسجدًا، مما أكسبها أهمية روحية ودينية كبيرة خاصة لدى المسلمين، ولهذا اختيرت عاصمةً للثقافة الإسلامية للعام 2010م من قِبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة المعروفة اختصارًابـ (إيسيسكو).[١][٢]

ويرجع أصل تسمية مدينة تريم إلى أحد ملوكها وهو (تريم بن السكون بن الأشرس بن كندة) وذلك وفقًا للمصادر التاريخية المختلفة، ويروي المؤرخ الكبير ياقوت الحموي في كتابه الشهير "معجم البلدان" ان اسم تريم يرجع إلى اسم قبيلة تريم التي كانت تعيش في ذلك المكان في سابق الأزمان، ويروي آخرون فرضية ثالثة تفيد بأن أصل تسمية المدينة يرجع إلى اسم أحد أبناء سبأ الصغار وذلك من خلال دراسة بعض النقوش والرسوم القديمة التي وجدت في كهوف ومغاور نائية، بينما يقول آخرون إن المدينة سميت بذلك نسبة إلى الشخص الذي بناها وكان يدعى بـ "تريم بن حضرموت"، ومع بداية القرن الرابع عشرة الهجري شهدت المدينة تطورًا ملحوظًا في كافة مرافقها وخدماتها، وذلك بسبب الهجرة الكبيرة لعدد من البلدان ذات التجارب التنموية الناجحة مثل أندونيسيا وسنغافورة وغيرها [١][٢].


تاريخ مدينة تريم

يرجع تاريخ مدينة تريم إلى عهد ملوك كندة، ويقول بعض المؤرخين أنها أصبحت مقر حكم زياد بن لبيد الأنصاري بعد عودة وفد حضرموت من عند الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، إذ أمر الرسول بتعيينه واليًا على حضرموت، وبايع أهلُها أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة الرسول، كما ساهم بعضهم في حروب الردة التي قادها أبو بكر الصديق لإعادة المرتدين إلى صفوف الإسلام منعًا لنشوب الفتنة، وهو ما يعكس الدور الأساسي والمفصلي الذي لعبته تريم في التاريخ الإسلامي.[٣]

ولقد تطورت المدينة خلال العصور الإسلامية وأصبحت من أهم مراكز العلم والمعرفة الدينية في اليمن، وتكمن أهمية ذلك في كونها كانت منطلقًا لرحلات نشر الدين الإسلامي في أقطار الشرق كافة بما في ذلك الهند، وإندونيسيا، والفلبين، وذلك في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، ولعل ما يؤكد أهميتها الدينية القديمة والحديثة هو وجود مسجد في قلبها يعد المركز الأهم للسكان لأداء العبادات والاجتماعات والاحتفالات بالمناسبات الدينية مثل الإسراء والمعراج ورأس السنة الهجرية وذكرى مولد النبي الشريف صلى الله عليه وسلم، وهي تحظى باهتمام كبير من قِبل الجهات الرسمية المسؤولة، وكذلك توافد الطلبة والدراسين والمهتمين ببدايات الرسالة الإسلامية[١][٣].


الفنون المعمارية في مدينة تريم

تتميز مدينة تريم بوجود نوع مميز من الفنون المعمارية داخل قصورها ومبانيها ومساجدها التي بنيت من الطين والمواد التقليدية المتوافرة في الطبيعة مثل القش والقصب، وقد بدأت الفنون المعمارية بالظهور والتطور منذ القرن الثاني عشر الهجري واستمرت حتى القرن الرابع عشر الهجري، وتأثرت الحركة المعمارية بوجود عائلات غنية دعمت البناء والفنون المعمارية، مثل آل العيدروس، وآل الكاف، وآل بن يحيى، الذين رحلوا في البداية عن المدينة ثم عادوا محملين بالأفكار والأموال التي مكنتهم من إحداث تغيير ملموس في مدينتهم، وعادة ما تتألف البيوت المبنية في المدينة من ثلاث إلى أربعة طوابق، كما تمتاز المنازل باتساعها وباحتوائها على رسوم وألوان بديعة، وغالبًا ما تُبنى باستعمال الطين والتبن، ويدخل كذلك الخشب الأحمر القوي في بناء الأبواب والنوافذ، وتشتهر المدينة كذلك بعمال ومهندسي البناء المهرة من ذوي الأفكار الإبداعية الخلاقة، ومن أشهر المهندسين الذين عاشوا في المدينة المهندس أبوبكر بن علوي الكاف.[٤]

ولا شك أن طبيعة المدينة الجغرافية قد ساهمت في إبراز العنصر الجمالي المعماري؛ إذ تبلغ مساحتها الكلية حوالي 3500 كيلومتر مربع، وتتميز المدينة باحتوائها على سلاسل جبلية من الجهتين الشمالية والجنوبية وعلى سطح سهلي منبسط، إضافة إلى عدد من الأودية ومن بينها وادي عدم، ووادي الخون، ووادي ثبي، التي تصب جميعها في وادي حضرموت الشهير، كما توصف المدينة بأنها واحة خضراء تملؤها السيول الموسمية وأشجار النخيل الوارفة الظلال، وتعد قصور تاريم من بين أكثر الهياكل الطينية تعقيدًا وتطورًا من الناحية التكنولوجية في العالم، وذلك لأنّ أسلوبهم المعماري هو توليفة تفصيلية لعناصر جنوب شرق آسيا، مما يعكس دور تاريم كمفترق طرق للتجارة بين الشرق والغرب، وإنّ هذه المدينة التاريخية هي أيضًا المركز اللاهوتي والأكاديمي للوادي وتضم مكتبة الأوقاف، وهي مجموعة تضم 14000 مخطوطة دينية، وعد المئذنة التي يبلغ ارتفاعها 50 مترًا وغير المدعمة بالطوب أطول مئذنة في شبه الجزيرة العربية، وعلى الرغم من أن كامل أراضي وادي حضرموت اليمنية قد أعلنت أنها موقع للتراث العالمي في عام 1982، فقد ركز المحافظون اهتمامهم في المقام الأول على مدينة شبام المسورة القريبة.[١][٤].


المعالم التاريخية في مدينة تريم

تحتوي مدينة تريم على معالم تاريخية وحضارية كثيرة ومتنوعة، منها المساجد والأسوار والزوايا العلمية والقصور والأبراج وغيرها، وفيما يلي سنسلط الضوء على أبرز تلك المعالم الهامة مع بعض التفاصيل المثرية عنها[٥]:

  • مسجد المحضار: الذي يشتهر بمنارته الأثرية ذات اللون الأبيض النقي والتي يصل ارتفاعها إلى 40 مترًا، أما ارتفاع المسجد فمقداره 175 قدمًا، وله حوالي 140 درجة، وتعد المئذنة الأطول على مستوى المدينة.
  • مكتبة الأحقاف للمخطوطات: تضم حوالي سبعة آلاف عنوان، وفي الواقع المكتبة هي الثانية في حجم المحتويات بعد مكتبة صنعاء للمخطوطات، وفي عام 1996 بلغ العدد التقديري لزوار مكتبة الأحقاف 4780 شخصًا، والمخطوطات هي نفسها في مختلف جوانب الثقافات الإسلامية، بعضها عن الفلسفة والمنطق والطب، وما يميز هذه المخطوطات هو أن معظمهم ينتمون إلى المؤلفين والمحررين اليمنيين الذين كانوا يقيمون في منطقة وادي حضرموت، بالإضافة إلى علماء من المغرب وكراسان ومناطق إسلامية أخرى.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Tarim, Islamic Culture Capital for 2010", isesco, Retrieved 2019-11-13. Edited.
  2. ^ أ ب "Yemen", britannica, Retrieved 2019-11-13. Edited.
  3. ^ أ ب "Minaret of Al-Muhdhar Mosque", atlasobscura, Retrieved 2019-11-13. Edited.
  4. ^ أ ب "Tarim", wmf, Retrieved 2019-11-13. Edited.
  5. "Tarim…the town of mosques and schools", archive, Retrieved 2019-11-13. Edited.

فيديو ذو صلة :