تاريخ مدينة حلب

تاريخ مدينة حلب
تاريخ مدينة حلب

مدينة حلب

تعدحلب من المدن الرئيسية السورية، تقع في شمال سوريا في الجزء الشمالي الغربي من البلاد على بعد 50 كيلومترًا من الحدود التركية، ولها موقع استراتيجي على مفترق طرق تجارية كبيرة على بعد 100 كيلومتر من البحر الأبيض المتوسط غربًا ونهر الفرات شرقًا،[١] تعدّ مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية بعد مدينة دمشق، وهي واحدة من أقدم المدن المأهولة في التاريخ، إذ نشأت في مطلع الألفية الثانية قبل الميلاد، وأكثر ما يميز حلب مكانتها التجارية بسبب توسطها طريقين تجاريين عالميين، وكانت حلب أكبر مركز تجاري للتجارة بين أوروبا والمناطق البعيدة إلى الشرق،[٢] اختيرت حلب كموقع للتراث العالمي لليونسكو عام 1986 ميلاديًا؛ وذلك بسبب تقاليدها الثقافية والحضارة الإسلامية فيها ولأنها كانت مثالًا بارزًا على الهندسة المعمارية، كما أنها توضح مرحلة تاريخية بارزة في تاريخ البشرية، وتعد مدينة حلب اليوم مركزًا تجاريًا وزراعيًا، وفيها مصانع للسجاد والمنسوجات الحريرية والقطنية والصوفية والفضية والذهبية والمصنوعات الجلدية والتطيرز، وتتمثل صادراتها بالمنتجات الزراعية كالقمح والقطن والفستق والزيتون، وفيها جامعة حلب التي تأسست عام 1960ميلاديًا، ويبلغ عدد سكانها حوالي 1.9 مليون نسمة.[٢]


تاريخ مدينة حلب

ورد ذكر مدينة حلب في النصوص المصرية في القرن العشرين قبل الميلاد، وعُثر فيها على بقايا معبد في نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد في موقع قلعة العصور الوسطى الشهيرة هناك، وازدهرت حلب في القرن الثامن عشر قبل الميلاد كعاصمة لمملكة يمخاد حتى سقطت بيد الحيثيين، وفي وقت لاحق اكتسبت المدينة أهمية كبيرة في الفترة الهلنستية وكانت مركزًا تجاريًا رئيسيًا، واستوعِبت في نهاية المطاف من قبل الإمبراطورية الرومانية وازدهرت آنذاك كمركزًا لحركة القوافل تحت الحكم البيزنطي، وفي عام 636 ميلاديًا احتلتها القوات العربية الإسلامية، وبعد 80 عامًا خلال حكم الخليفة الأموي سليمان بُني المسجد الكبير.[٣]

أصبحت حلب عاصمة السلالة الحمدانية الشمالية السورية في القرن العاشر، ولكنها عانت من الحرب والفوضى بعد ذلك، إذ تقاتل البيزنطيون والصليبيون والفاطميون والسلاجقة للسيطرة عليها وعلى المناطق المحيطة بها، ولم تتخلص حلب من هذه الحروب إلا في منتصف القرن الثاني عشر، وازدهرت المدينة في القرن الثالث عشر تحت الحكم الأيوبي، ولكن كلّ هذا الازدهار انتهى عندما غزا المغول حلب عام 1260 ميلاديًا، ومن ثم عانت من تفشي الطاعون في عام 1348 ميلاديًا، وتلاها الهجوم المدمّر من قبل تيمور في عام 1400 ميلادي، وأصبحت حلب جزءًا من الإمبراطورية العثمانية في عام 1516 ميلاديًا، وشكلت مركزًا تجاريًا هامًا وعلاقات تجارية بين الشرق وأوروبا، ولكن تراجع دورها التجاري في أواخر القرن الثامن عشر، وأعاق هذا التطور التجاري كلًّا من فرنسا وبريطانيا بسبب ترسيم حدود سوريا التي قطعت المدينة عن جنوب تركيا وشمال العراق وبسبب فقدان ميناء البحر الأبيض المتوسط اسكندرون وضمه إلى تركيا عام 1939 ميلاديًا، ومن ثم تطوّرت المدينة كمركز صناعي كبير في البلاد بعد استقلال سوريا عن الاحتلال الفرنسي، ونافست العاصمة دمشق في قطاع الصناعة.[٣]


سبب تسميتها بهذا الاسم

يعود أصل تسمية حلب بهذا الاسم إلى أصول غامضة واقتراحات مختلفة، ولكن يُقال بأنها سميت حلب لأن هذا الاسم كان يرتبط بمعادن الحديد والنحاس في اللغات الأوروبية، وذلك لأنها كانت مصدرًا رئيسيًا لهذه المعادن في العصور القديمة، كما أن كلمة حلب تعني بيضاء باللغة الآرامية، وربما يشير هذا الاسم إلى رواسب الرخام والتربة البيضاء الوفيرة فيها، كما يُقال أن اسم حلب يعود إلى "أعطى الحليب"، وتتعلق هذه المقولة بتقليد قديم يعود إلى البطريرك العبري إبراهيم، إذ قدّم للمسافرين الحليب آنذاك أثناء تنقلهم في جميع أنحاء المنطقة، ومن الجدير بالذكر أن مدينة حلب تلقب بحلب الشهباء.[٢]


قلعة حلب

تحتفظ حلب بالكثير من المعالم الأثرية والبقايا التي تعود لآلاف السنين، وتعبّر عن تاريخ المدينة الطويل، وتعدّ قلعة حلب واحدة من أشهر المعالم الأثرية فيها، إذ بُنيت قلعة حلب على نتوء من الحجر الجيري الطبيعي بارتفاع 30 مترًا، وما تزال أسوراها العالية وجسرها ومدخلها وبواباتها سليمة ومتينة إلى حدّ كبير، وكشفت الحفريات الأخيرة فيها عن بقايا معبد من العصر البرونزي والذي زُيّن بالنقوش المتقنة التي تصوّر الآلهة والمخلوقات التي كانت آنذاك، وهي إضافة هامة لسجل تاريخ سوريا المبكّر، وتعدّ قلعة حلب واحدة من أهم المعالم الأثرية في الشرق الأوسط وما تزال تستقبل آلاف الزوار والسياح، وجرت فيها أعمال صيانة عدّة للحفاظ على الهياكل الهامة فيها.[٤]


معلومات عامة عن مدينة حلب

فيما يلي بعض المعلومات العامة المتفرقة عن مدينة حلب:[١]

  • تشتهر حلب بصناعتها، والصناعات الرئيسية فيها هي نسج الحرير وطباعة القطن وصناعة الصابون والأصباغ وصناعة الجلود والصوف والفواكه المجففة والمكسرات.
  • تعدّ المدينة سوقًا للمنطقة الزراعية المحيطة التي تنتج القمح والقطن والشعير والخضراوات والفواكه والمكسرات والسمسم.
  • تشتهر حلب بإنتاج الفستق والذي يسمى بالفستق الحلبي، ويُصدّر على نطاق عالمي.
  • تقع مدينة حلب على طول خط سكة الحديد بين إسطنبول وبغداد، وترتبط بسكك حديدية إلى دمشق وبيروت، ولديها وصلات طرق إلى دمشق واللاذقية وأنطاكيا وفيها مطار دولي.
  • تعدّ حلب مركزًا للشعر العربي التقليدي والموسيقى، وتشتهر بالمطبخ الحلبي والحرف اليدوية، كما أنها مركز فكري، ففيها جامعة حلب ومعهد للموسيقى والعديد من المدراس.
  • تحتوي حلب على معالم أثرية شهيرة تعود إلى التاريخ القديم؛ ومنها قلعة حلب الشهيرة التي تعود إلى العصور الوسطى، وتعدّ مثالًا على العمارة الإسلامية، وفيها المسجد الكبير الذي بُني عام 715 ميلاديًا وأُعيد بناؤه عام 1258 ميلاديًا، إلى جانب العديد من البوابات الأثرية والمدينة القديمة.


مَعْلومَة

يشكّل المسلمون السنيون ما يزيد عن 70% من سكان مدينة حلب ومعظمهم من العرب، ولكن توجد فئة منهم من الأكراد والأعراق المتنوعة الأخرى التي أتت إليها خلال الفترة العثمانية، وتعدّ حلب موطنًا لواحدة من أغنى المجتمعات المسيحية وأكثرها تنوعًا في الشرق الأوسط، فيمثل المسيحيون فيها حوالي 15% من السكان، وتوجد فيها كنائس أرمنية وسريانية وأرثوذوكسية، وهذا التنوّع جعلها المدينة التي تضم أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط بعد مدينة بيروت اللبنانية، وكان يوجد عدد كبير من اليهود في مدينة حلب في العصور القديمة، ولكن الغالبية العظمى منهم انتقلت إلى الخارج في التاريخ الحديث، ولكن ما تزال قلة من العائلات اليهودية تعيش في حلب اليوم.[٢]


المراجع

  1. ^ أ ب "Aleppo", britannica, Retrieved 27-6-2020. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث "Aleppo", newworldencyclopedia, Retrieved 27-6-2020. Edited.
  3. ^ أ ب "Profile: Aleppo, Syria's second city", bbc, Retrieved 27-6-2020. Edited.
  4. "Citadel of Aleppo", wmf, Retrieved 27-6-2020. Edited.

فيديو ذو صلة :