الشعر عند العرب
لقد اهتم العرب اهتمامًا كبيرًا بالشعر والشعراء وأغدقوا عليهم الهدايا والأعطيات وكانوا مقرّبين من الولاة والحكام، وعند ولادة شاعر كان العرب يفرحوا بذلك فرحًا شديدًا ويحتفوا بذلك الحدث، فالشاعر بمثابة حامي الدّيار فهو الذي يذود عن الحِمى ويرد كيد المعتدين ويدافع عن الأعراض بشعره وكلامه، وقد قيل أن الشعر ديوان العرب، لمكانته الخاصة والرّفيعة عند العرب ففيه جلاء همومهم وزوال سأمهم وتعبير عن أفراحهم وأحزانهم ومفاخرهم وبطولاتهم، ولم يترك الشعراء موضوعًا إلا خاضوا فيه فتعددت الفنون وتنوّعت الموضوعات الشعريّة مابين المديح والذّم والهجاء والرّثاء والفخر وغيرها الكثير من المواضيع، وقد حدد العرب أربعة قيود ليُطلق على الشاعر شاعرًا وهي الوزن والقافية والقصد والمعنى، وما خلا من هذه القيود لا يُعد شعرًا وقائله لا يُعد شاعرًا. [١]
الشاعر الذي هجا نفسه وأمه وزوجته
لقد كان الهجاء من أهم المواضيع الشعريّة التي يُقبل عليها الشعراء، فكثيرًا ما كان يهجوا الشعراء خصومهم وأعداءهم بأقبح الألفاظ وأكثر الكلمات الجارحة، ولكن الغريب بموضوع الهجاء هو هجو أحد الشعراء العرب نفسه وأمه وزوجته، والشاعر الذي هجا نفسه وأمه وزوجته هو الحَطيئة، وقد أتقن الحطيئة فن الهجاء اتقانًا شديدًا لدرجة أن الناس كانت تخاف منه وتهرب من هجائه لها، وفي يوم لم يجد الحَطيئة من يهجوه فصدف أن رأى وجهه بقاع بئر فهجا قبحه وبشاعة منظره فقال في هجاء نفسه: [٢][٣]
أرَى لِيَ وَجْهاً شَوَّه اللّه خَلْقَهُ
- فقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ وقُبِّح حامِلُهْ
وقد وصلت به الجرأة الكبيرة وتحلله من الأخلاق والقيم والمبادئ والروابط الاجتماعيّة إلى أن هجا أمه بأبغض الألفاظ وأبشع المناقب وقال في هجاء أمه:
جَزاك الله شرًا مِن عجوز
- ولقاك العُقوق من البَنينا
حياتكِ ماعلمت حياةُ سوءٍ
- وموتُكِ قد يـسرُّ الصَّالحينا
وقال في هجاء زوجته:
لها مضحكٌ كالحش تَحسب أنها
- إذا ضحكت في أوجه الناس تسلخ
إذا عَاين الشّيطان صُورة وَجهها
- تَعوّذَ منها حين يُمسي و يُصْبِح
لها جسمٌ برغوث و ساق بعوضة
- ووجهٌ كوجه القِرد بل هو أقبح
نبذة عن حياة الحطيئة
يسمى الحطيئة بأبي مليكة جرول بن أوس العبسي ينتهي نسبه إلى مُضر، وسمّي بأبي مليكة نسبة لابنته، هو شاعر جاهلي أدرك الإسلام وأسلم، ولكن لم يردّه ذلك عن الهجاء المقذع والخوض في أعراض الناس وإيذائهم، فكان حاد اللسان سيء الخُلق والطباع لم يسلم أحد من هجائه، وسمّي الحطيئة بهذا الاسم لقصر قامته، وعاش حياة بائسة مليئة بالفقر والذّل والحرمان، فلجأ للهجاء للتكسّب والترزّق وسد حاجاته والدفاع عن نفسه فقد كان الحطيئة قبيح المنظر والهيئة، فشكّل ذلك له عُقدة تركت أثرها في أقواله وتصرفاته، فأصبح الهجاء قاعدة للحطيئة للثورة على نفسه وواقعه الذي يرفضه وقد كان ساخطًا على الزمن والقدر، ومن اكثر من هجاه الزّبرقان بن بدر وهو من سادات بني تميم، فشكاه إلى عمر بن الخطاب فسجنه عمر بن الخطاب لفترة من الزمن، وعندما أخرجه نهاه عن هجاء الناس أو التّعرّض لهم بشعره، فقال الحطيئة إذًا تموت عيالي جوعًا، وبقي الحطيئة على هجائه إلى أن توفي في السنة 59 للهجرة. [٤][٥][٦]
المراجع
- ↑ يسرى ناصر مهنا، "الشعر ديوان العرب"، al-sharq، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "الحطيئة"، al-hakawati، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "من هو الشاعر الذي هجا نفسه وأمه وزوجته من 7 حروف"، njahe، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
- ↑ عبير محمد، "سبب تسمية الشاعر حطيئة بهذا الاسم"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "معلومات عن الحطيئة"، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
- ↑ عارف الكنعاني، "الهجّاء السليط"، alittihad، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.