الفرق بين الظن والشك

الفرق بين الظن والشك
الفرق بين الظن والشك

الظن

يطلق مصطلح الظن عند الاعتقاد بأن رأي ما أو فكرة ما هي فكرة صائبة دون أي اثبات أو دليل مرئي حقيقي، واعتبارها من المسلمات،[١] ويرتبط مفهوم الظن بمفهوم الإيمان ولكن يوجد اختلاف جوهري بينهم، فالإيمان يعني اعتقاد الشخص وجزمه بأن شيء ما صحيح مع اعترافه بأنه لا يفهم هذا الشيء تمامًا، أما الظن والافتراض فيعني الاعتقاد بفهم الشيء وهو في الواقع لا يفهمه، ولا يكون كل من يقول شيئًا خاطئًا يكذب، فإذا كان يؤمن أو يظن أن هذا الشي صحيح، ويقول ما يؤمن به حقًا فهو صادق إذن ولا يكذب، حتى لو كان ما يقوله غير صحيح فعلًا، ولكن خطأه بأنه اعتقد أنه يعرف شيء لا يعرفه، وصدق ما لا يجب تصديقه، أما من يتفوه برأي وفي صدره نقيضه فهو كاذب، ويقال عنه منافق، ويكون ازدواجيًا في فكره، بين ما يعتقد أنه حقيقي ولا يُدافع عنه وبين ما يقوله وهو يراه خاطئًا في قرارة نفسه.[٢]


الفرق بين الظن والشك

يمكن أن يقصد بالظن أخذ رأي معين والاعتقاد به وحمله كرسالة، أو الافتراض بأن شيء ما هو الحقيقة المطلقة، والاعتقاد الجازم بأن هذا الرأي صائب دون غيره،[٣] كما يمكن تعريفه بأنه الاقتناع التام والجزم بأن شيء ما صحيحًا دون محاولة البحث عن دليل على صحته.[٤] أما الشك فغالبًا ما يُعرف على أنه حالة من التردد والحيرة فيما يتعلق بقبول أو رفض اقتراح معين، وبالتالي فإن الشك يعارض الظن والاعتقاد في درجة الإيجابية، ففي الظن تكون نظرة الشخص للشيء نظرة إيجابية أما في الشك فتكون نظرة سلبية، كما يتناقض مع الإيمان المطلق واليقين، لا يوجد مفهوم موحد للشك، ويرتبط مفهوم الشك في الفلسفة غالبًا بمصطلح الشكوكية، ولكن العلاقة بين الاثنين معقدة عبر التاريخ، كما أنكر بعض الفلاسفة وجود أي صلة أساسية بين النظرية الشكوكية وبين الشك الطبيعي.[٥]


أهمية الشك في الفلسفة

منذ العصور القديمة كان للشك أهمية فلسفية وعلمية كذلك، فدعا علماء الفلاسفة إلى النظرة الشكوكية حيال كل اقتراح يُقدم بأنه صحيح، وتساءلوا هؤلاء الفلاسفة المتشككين عن موثوقية قدراتنا الإدراكية؛ إذ توجد الكثير من الخدع البصرية، والاخفاقات السمعية التي يمكن أن نخدع بها، فمن المستحيل الجزم عند رؤية ثعبان أن هذا هو ثعبان وليس مجرد حبل، وتساءلوا على مرّ العصور فيما إذا كان ما يُعرض لنا على أنه حقيقة مطلقة وأمور مقدسة لا يمكن الخوض بها هي صحيحة فعلًا، وكان بيرهو من أوائل المتشككين اليونانيين في القرن الثالث قبل الميلاد، وكانت الفكرة الأساسية في فلسفة بيرهو أن ما نعتبره مسلمًا به وحقيقيًا عن الله والدين، ما هو إلا نتاج المكان والثقافة والزمن الذي نشأنا به، ولا يمكن الجزم بأن لدينا وعي حقيقي لمفهوم الحقيقة، كما يوجد من الفلاسفة اليونانيين الذين كتبوا وعبروا عن الشكوك وعدم اليقين في المعرفة الإنسانية، فكتب مترودورس مثلًا: "نحن لا نعرف شيئًا، ولا نعرف حتى ما إذا كنا نعرف أو لا نعرف حقًا، ولا نعرف ما يجب معرفته ولا ما يجب عدم معرفته، وبشكل عام فإننا لا نعرف أصلًا إذا كان هناك أي شيء موجود أم لا"، وعلى الرغم من ذلك فقد كان بعض اليونانيين من اتباع الشكوكية يرون أن اتباع الطقوس والعادت الدينية أمرًا طبيعيًا دون أن يعكس ذلك على موضوعية الحقيقة والشك.

وقد استخدم بعض علماء العالم الإسلامي هذا الاعتراف بالشك وعدم اليقين لدحض المفكرين الذين تجرأوا على وضع تفسيراتهم الخاصة للقرآن الكريم، فهاجم المفكر الصوفي الغزالي العقلانيين على أساس أنهم لا يستطيعون أبدًا التأكد من معرفتهم المستقاة من العقل وشكك في قدرة عقولهم في أعماله تهافت الفلاسفة وإحياء علوم الدين، وكانت مناقشاته قوية ودلائله كثيرة على عدم إمكانية التشكيك في أساسات الدين الإسلامي، وفي العالم الغربي عبر كينيث باتون عن أهمية الشك في العلم بقوله: "الشك هو الإعلان بأنه لا تكفي الأفكار التي توصل لها الآباء وورثها أبنائهم على الرغم من أهميتها، ولكن يجب غربلتها جيدًا وتطويرها للمستقبل، فإن الشك في أن القدماء قد اكتشفوا كل شيء، هو الإيمان بأنه لا يزال علينا كشف بعض أشياء".[٦]


الشكوكية

يختلف مفهوم الشك في الشكوكية الفلسفية عن مفهوم الشك العادي في عمقه، فجميع الناس لديهم شكوك حول بعض الأشياء في حياتهم اليومية، لكن الشكوكية الفلسفية تقتضي باتخاذ الشك مذهبًا لكل شيء، والتساؤل عما إذا كان من الممكن الإيمان بشيء بدلًا من الشيء الآخر،[٥] ويشير مصطلح الشكوكية أو التشكك في الفلسفة الغربية إلى الشك في ادعاءات المعرفة في مختلف المجالات، والشك في مدى صحة وموثوقية هذه الادعاءات من خلال التشكيك في المبادئ المستندة إليها، والمعنى اليوناني الأصلي لسكيبتكوس أو المتشكك هو المستفسر، وتعني الباحث عن الحقيقة، ومنذ العصور القديمة طور الشكوكيين حججًا لإضعاف ادعاءات الفلاسفة العقائديين والعلماء، ولعبت الحجج المتشككة دورًا مهمًا في الفلسفة الغربية، ومع تطور الفلسفة والعلوم القديمة، نشأت الشكوك حول المعتقدات الأساسية حول العالم أجمع. [٧]

وتطورت الشكوكية حتى وصلت إلى التخصصات المختلفة التي ادعى الناس معرفتها، فقد تساءل العلماء ما إذا كان يمكن للمرء أن يكتسب أي معرفة معينة في الميتافيزيقيا أو في العلوم، وكان أحد أشكال الشكوكية الرئيسية في الماضي هو الشكوكية الطبية، التي تساءلت عما إذا كان يمكن للمرء أن يعرف على وجه اليقين أسباب أو علاج الأمراض، وفي مجال الأخلاقيات أثيرت شكوك حول قبول العادات والأعراف المختلفة، وحول المطالبة بأساس موضوعي لإصدار الأحكام، أما في مجال الدين فشككوا في مذاهب الدينية المختلفة، وأظهرت بعض الفلسفات؛ مثل فلسفة كانط وديفيد هيوم أنه لا يمكن اكتساب أي معرفة تتجاوز التجربة، وأنه لا يمكن للمرء اكتشاف الأسباب الحقيقية للأمور، وأن محاولة فعل ذلك كما يرى كانط تؤدي إلى ادعاءات معرفة متناقضة.[٧]

وعمومًا فإن الشكوكية تتعلق بالمعرفة والتساؤل عما إذا كان يمكن معرفة أي شيء بالفعل بشكل أكيد أو جازم، ويُطلق على هذا النوع اسم الشكوكية المعرفية، وتختلف أنواع الشكوكية المعرفية من حيث المجالات التي تثار فيها هذه الشكوك؛ وما إذا كانت الشكوك موجهة نحو العقل أو نحو الحواس أو نحو الأشياء بحدّ ذاتها، كما تتنوع أيضًا من حيث دوافع المتشككين؛ سواء أكان التشكيك بالآراء لأسباب أيديولوجية، أو لأسباب عملية أو عملية، أو من أجل تحقيق أهداف نفسية معينة، ومن بين الدوافع الأيديولوجية الرئيسية كانت المخاوف الدينية أو الاعتقادية، فقد طعن بعض المتشككين في مزاعم المعرفة حتى تُستبدل بمزاعم دينية يجب قبولها والإيمان بها، وتختلف أنواع الشكوكية أيضًا من حيث مدى تقييدها أو مدى شمولها، سواء أكانت تنطبق فقط على مناطق معينة أو على أنواع معينة من المعرفة، وما إذا كانت عمومية وعالمية أو خاصة.[٧]


المراجع

  1. "Assume vs. Presume", dictionary, Retrieved 22-12-2019. Edited.
  2. "To Believe or to Assume", laphamsquarterly, Retrieved 22-12-2019. Edited.
  3. "assume", merriam-webster, Retrieved 22-12-2019. Edited.
  4. "assume", dictionary.cambridge, Retrieved 22-12-2019. Edited.
  5. ^ أ ب Michael Williams, "Doubt"، routledge, Retrieved 22-12-2019. Edited.
  6. varadaraja Raman (14-12-2007), "Doubt in Philosophy and in Science"، metanexus, Retrieved 22-12-2019. Edited.
  7. ^ أ ب ت Richard H. Popkin (12-1-2017), "Skepticism"، britannica, Retrieved 22-12-2019. Edited.

فيديو ذو صلة :

946 مشاهدة