محتويات
الصيام
الصيام لغويًّا من الجذر الثلاثي صَوَمَ، وتعني مطلق التوقف عن فعل شيء والإمساك عنه، فمثلاً إذا أمسك شخص عن الكلام يقال عنه صائم، فقدو ورد في القرآن الكريم في قصة مريم بنت عمران قول الله تعالى: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا}[١]، والصّوم ورد هنا بمعنى الإمساك عن الكلام،[٢] والصّوم في الإسلام هو من العبادات إذ يحتل المرتبة الرّابعة من أركان الإسلام الخمسة التي لا يصح إسلام العبد إلاّ بها، فقد فُرض على كلّ مسلم ومسلمة تتوافر فيهم شروط البلوغ والعقل والاستطاعة، ويكون بالإمساك عن تناول المفطرات على وجه مخصوص، وضمن شروط مخصوصة من لحظة طلوع الفجر إلى غروب الشمس بعد عقد النيّة لوجه الله تعالى، وللصّوم جانب أحكام شرعيّة مفصّلة ضمن علم الفقه، من حيث أركانه، وشروطه، ومبطلاته، ومستحباته، ومكروهاته، والأعذار الشرعيّة التي بموجبها يسقط الصّوم عن صاحبها، وغيرها الكثير من الأمور.[٣]
دعاء المسلم عند الإفطار
قبل بدء الصائم بالإفطار يُستحبُّ أن يدعو بدعاء الرّسول عليه السلام، فعن عبد الله بن عمر أنّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أفطر يقولُ: [ذهب الظَّمأُ وابتلَّتِ العروقُ وثبَت الأجرُ إن شاء اللهُ][٤]، ومباح للصّائم أن يدعو بما يشاء من خيري الدّنيا والآخرة لنفسه أو لغيره،[٥] وفيما يلي مجموعة من هذه الأعية للصّائم أن يختار منها ما يشاء:[٦]
- اللّهُمَّ اَعِنّي فيهِ عَلى صِيامِهِ وَ قِيامِهِ، وَ جَنِّبني فيهِ مِن هَفَواتِهِ وَاثامِهِ، وَارْزُقني فيهِ ذِكْرَكَ بِدَوامِهِ، بِتَوْفيقِكَ يا هادِيَ المُضِّلينَ، اَللّهُمَّ واجْعَلني فيهِ مِنَ المُتَوَكِلينَ عَلَيْكَ، وَاجْعَلني فيهِ مِنَ الفائِزينَ لَدَيْكَ، وَاجعَلني فيه مِنَ المُقَرَّبينَ اِليكَ بِاِحْسانِكَ يا غايَةَ الطّالبينَ.
- اَللّهُمَّ قَرِّبْني فيهِ اِلى مَرضاتِكَ، وَجَنِّبْني فيهِ مِن سَخَطِكَ وَنَقِماتِكَ، وَوَفِّقني فيهِ لِقِراءةِ آياتك، بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحمينَ
- اَللّهُمَّ ارْزُقني فيهِ الذِّهنَ وَالتَّنْبيهِ، وَباعِدْني فيهِ مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمْويهِ، وَاجْعَل لي نَصيبًا مِن كُلِّ خَيْرٍ تُنْزِلُ فيهِ، بِجودِكَ يا أجوَدَ الأجْوَدينَ .
- اَللّهُمَّ قَوِّني فيهِ عَلى إقامَةِ أمرِكَ، وَأذِقني فيهِ حَلاوَةِ ذِكْرِكَ، وَأوْزِعْني فيهِ لِأداءِ شُكْرِكَ بِكَرَمِكَ، وَاحْفَظْني فيهِ بِحِفظِكَ وسَتْرِكَ يا أَبصَرَ النّاظِرينَ.
أنواع الصيام
تتعدد أنواع الصيام، ويشترط لصحّتها صوم الجوارح جميعها حتّى يتحقّق المقصد من الصّيام، وفيما يلي توضيح لكلّ نوع منه:[٧]
- صيام الفرض: ويدخل في حكمه صوم رمضان وقضاء ما فات منه، إلى جانب صوم النّذور والكفّارات.
- صيام واجب: مثل صيام النّفل التي قام الصّائم فيها بأي من مفسدات الصّيام؛ مثل صوم الاعتكاف المنذور.
- صيام مسنون: أي لصائمه أجر سنّة الاقتداء بالنّبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن تركه ليس عليه شيء؛ مثل صوم عاشوراء.
- صيام مندوب: مثل صيام الأيّام البيض الذي يكتمل فيها سطوع الهلال وهي يوم الثّالث عشر، والرّابع عشر، والخامس عشر، من كل شهر هجري، ومثلها صيام يومي الإثنين والخميس، وصيام ستّة أيّام من شهر شوّال ولا يُشترط فيها التّتابع، وصيام يوم وإفطار يوم المعروف بصيام داوود عليه السّلام وهو أفضل أنواع صيام التطوّع، وأقربه إلى الله سبحانه وتعالى كما ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه عنه عبدالله بن عمرو، أنّه قال: [صُمْ في كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً، واقْرَإِ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْرٍ، قالَ: قُلتُ: أُطِيقُ أكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: صُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ في الجُمُعَةِ، قُلتُ: أُطِيقُ أكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: أفْطِرْ يَومَيْنِ وصُمْ يَوْمًا قالَ: قُلتُ: أُطِيقُ أكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: صُمْ أفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ دَاوُدَ صِيَامَ يَومٍ وإفْطَارَ يَومٍ، واقْرَأْ في كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً][٨]
- صيام مكروه: وهو نوعين الأوّل كراهيته تنزيهيّة مثل صوم عاشوراء منفردًا، وصيام الجمعة منفردًا، أو السّبت منفردًا، والثّاني كراهته تحريميّة مثل صيام عيد الفطر، وصيام عيد الأضحى، وأيّام التّشريق الثّلاثة وهي الحادي عشر، والثّاني عشر، والثّالث عشر من شهر ذي الحجّة.
مفسدات الصيام
يفسد صيام الصائم إذا أتى واحدة أو أكثر من الأمور التالية في نهار رمضان:[٩]
- الأكل والشرب المتعمّد: بدخول الطّعام إلى جوف المعدة عن طريق الأنف أو الفم؛ لأنّ القصد من الصّيام هو الإمساك عن الطّعام والشّراب، وإذا أكل الصّائم أو شرب في نهار رمضان، انتفت الحكمة المقصودة من الصّيام.
- الجماع في نهار رمضان: والجماع المقصود هنا بأنّه مفسد للصّيام بعيد كل البعد عن المداعبة، فالجماع المفسد للصيام يتحقّق بالتقاء الختانان، وغياب الحشفة في أحد السّبيلين، وهو إثم عظيم، ويترتّب فيه على الصّائم القضاء والوقوع بالإثم، والكفّارة المغلّظة بإعتاق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متواصلين دون انقطاع، فإن لم يستطع فإطعام ستّين مسكينًا من غالب قوت البلد.
- ما يدخل بحكم الأكل والشّرب: ويتحقّق فيه تقوية الجسم بما يحل محل الغذاء، وفيها حالات كثيرة:
- حقن الصّائم بالدّم عن طريق الوريد؛ لأنّ الدّم المقصود به إيصال العناصر الغذائيّة إلى جميع الجسم.
- المغذّيات الوريديّة مثل إبر الجلوكوز المغذّية، التي تقوم مقام الأكل والشّرب في تغذية الجسم، أمّا الإبر المراد بها المعالجة كالأنسولين، والبنسلين، أو إبر اللّقاحات، سواء أكانت عن طريق الوريد أو العضل فلا تُفسد الصّيام.
- غسيل الكلى الذي يقوم على خروج الدّم من جسم المريض، وإرجاعه مرّة أخرى مضافًا له مواد يتقوّى بها الجسم وتقوم مقام الغذاء؛ مثل بعض المركّبات الدّوائيّة، والأملاح، والسّكريّات.
- الاستمناء: وهو تعمّد الإنزال؛ لأنّ قصد الصّيام يتحقّق بالامتناع عن الشّهوات، والاستمناء الذي يعقبه إنزال لا يُحقّق الحكمة المقصودة من الصّيام، وعليه فإنّه يُفسده، أمّا إذا لم ينتج عن الاستمناء إنزال فصيامه صحيح وليس عليه شيء سوى التّوبة عن مثل هذه الأفعال، والنيّة الصّادقة بعدم الرّجوع لها.
- إخراج الدم بالحجامة: وذلك لما يعقب خروج الدّم من الحجامة من دخول الجسم في حالة ضعف ووهن، ولا يجوز اجتماع ما يوهن الجسم مع وهن الصّيام، ويدخل في حكم الحجامة التبرّع بالدّم.
- القيء المُتعمّد: يتقصّد الاستفراغ بإدخال الإصبع داخل الفم أو استنشاق ما يهيّج المعدة لترجيع ما فيها، أّما الاستفراغ أو القيئ غير المقصود فلا يُفسد الصّيام.
- نزول دم حيض أو نفاس من المرأة: ويحل للمرأة في هاتين الحالتين أن تُفطر، بل يجب عليها الإفطار وإن صامت لن يُقبل منها، لما يصاحب هاتين الحالتين من وهن وضعف في البدن، وكما أسلفنا لا يجتمع وهن البدن مع وهن الصّيام.
فوائد الصيام
وفيما يأتي أبرز فوائد الصيام:
فوائد الصيام النفسيّة
يعود الصوم على الإنسان بالعديد من الفوائد النفسية، وهي:[١٠]
- سبيل لتحقيق قرب العبد من ربه.
- ترسيخ الإخلاص في القلب، وهي من أهم الصّفات الواجب توفّرها في جميع العبادات، فالصّائم لا يعلم مدى صحّة صومه إلاّ الله سبحانه وتعالى، والإخلاص في الصّوم يكون بإمساك الجوارح عن الشّهوات سرًّا وعلانيةً.
- يُزيل قسوة القلب ويحييه، إذ ينصرف القلب في الصّيام عن أمور الدّنيا إلى أمور الآخرة مثل قراءة الكرآن الكريم، والذّكر، والتفكّر.
- ضبط النفس وتهذيب سلوكيّاتها.
- التحلّي بالصبر والقدرة عل التحمّل.
- ضبط الشّهوات والسّيطرة عليها.
- الإحساس بالآخرين والتعاطف مع احتياجاتهم، وغرس خصلة الرّحمة والتّواد في القلوب.
فوائد الصيام الصحيّة
للصيام فوائد جسديّة عديدة وهي:[١١]
- تنظيم نسبة السكريات في الدم بتدعيم البنكرياس وتقويتها على آداء عملها بمنحها راحة من معالجة السكّر في الطّعام المتناول خلال فترات الصّوم.
- التخلّص من الدهون والوزن الزائد، وذلك بتخفيض مستويات الكوليسترول في الدّم.
- خفض مستويات ضغط الدم.
- تخليص الجسم من السموم.
- تعزيز عمل الجهاز الهضمي وحمايته من الأمراض؛ مثل التهاب المعدة الحاد، وعسر الهضم، واضطراب وظائف الكبد، وتهدئة تشجنّات القولون، واسترخاء العصب الحائر في الجهاز الهضمي.
- تقوية عضلة القلب، وحماية الشّرايين من التصلّب وفقدان مرونتها.
- تدعيم صحّة الفم والأسنان، إذ يمنح الامتناع عن الطّعام لساعات صيام نهار رمضان فرصة للأسنان وأنسجة وخلايا الفم بإعادة بناء خلاياها وترميمها.
المراجع
- ↑ سورة مريم، آية: 26.
- ↑ "تعريف الصيام لغة وشرعا"، sh-albarrak، اطّلع عليه بتاريخ 2020-3-15. بتصرّف.
- ↑ "صوم (إسلام)"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-3-15. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن عثيمين، في مجموع فتاوى ابن عثيمين، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 261/20، إسناده حسن.
- ↑ "دعاء الصائم عند الإفطار"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-3-15. بتصرّف.
- ↑ "دعاء الصائم قبل الافطار"، jfranews، اطّلع عليه بتاريخ 2020-3-15. بتصرّف.
- ↑ "أقسام الصوم وأحكامه"، fatwa.islamonline، اطّلع عليه بتاريخ 2020-3-15. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم: 5052، صحيح.
- ↑ "مفسدات الصيام"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-3-15. بتصرّف.
- ↑ "الصوم والتربية الإيمانية"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 2020-3-15. بتصرّف.
- ↑ "فوائد الصوم الصحية"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-3-15. بتصرّف.