ما حكم الافطار في رمضان

ما حكم الافطار في رمضان
ما حكم الافطار في رمضان

شهر رمضان

رمضان هو أحد الأشهر الهجرية في تقويم المسلمين، وهو الشهر التاسع تحديدًا، ويُعد شهر رمضان أعظم الأشهر وشهر البركات والخيرات لكافة المسلمين؛ نتيجة لإيمانهم بنزول القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله في هذا الشهر المبارك من عام 610م، وكان نبينا متواجد في غار حراء وقد نزل جبريل عليه السلام وقال له: اقرأ، اقرأ باسم ربك الذي خلق، وهي أولى الآيات المنزلة على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من كتاب الله الكريم.

يبدأ شهر الطاعات الفضيل عند رؤية هلال شهر يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، وهو الشهر الأسبق لشهر رمضان، وإلا يكون أول أيام شهر رمضان عقب انتهاء اليوم الثلاثين من شهر شعبان، ويكون هذا اليوم إما 29 أو 30 يومًا، ويكون ذلك وفقًا لرؤية الهلال أو لا، ويَعّقب شهر البركة عيد الفطر السعيد.

يتمتع شهر رمضان بمكانةٍ خاصةٍ عن المسلمين وفي تراثهم وعلى مرِ تاريخهم، فهو يحتوي على ليلةٍ عظيمة الشأن وهي ليلة القدر، وقد نزل أول ما نزل من القران الكريم في هذه الليلة، وأُنزِل القران من اللوح المحفوظ ليلة القدر جملة واحدة، ثم وُضِع في بيت العزة في السماء الدنيا في شهر رمضان، ثم تولى أمين الوحي جبريل تنزيله مجزءًا على مدار ثلاثة وعشرين عامًا.

يرتبط هذا الشهر المبارك أيضًا بعدد من الطقوس الإسلامية والدينية في الدول الإسلامية العربية منها وغير العربية، مثل صلاة التراويح، والاعتكاف في المساجد في العشر الأواخر من هذا الشهر، ودعوة الآخرين على ولائم الإفطار وتفطير الصائمين، كما حوى رمضان مع قدومه عددًا من المظاهر التراثية المرتبطة به، كالفوانيس الهلالية، والزينة، ومدفع رمضان، وشخصيتي المسحراتي والحكواتي، وعددًا من المأكولات، وبعض الحلوى الخاصة.[١]


حكم الإفطار في شهر رمضان

يُقسم حكم الإفطار في شهر رمضان إلى قسمين، هما؛ الإفطار بغير عذر، والإفطار بعذر، وفيما يأتي تفصيل لكل منهما:

الإفطار بغير عذر

يكون الإفطار في شهر رمضان المبارك إما لعذرٍ شرعي يوجبُ ذلك: كالسفر والمرض والحيض والنفاس والحمل والرضاع، أو أن يكون بغير عذرٍ شرعي، وفيما يلي أقوال جمهور العلماء في ذلك.

أما من أفطر في نهار رمضان عامدًا متعمدًا من غير عذرٍ شرعي فيجب عليه القضاء عقب انتهاء الشهر الفضيل ويوم العيد على الفور؛ لأنها معصية وخطيئة، ويتوجب على المسلم أن يبادر إلى التوبة إلى الله في معاصيه، ويكون ذلك بالقضاء عن ذلك اليوم أو أكثر إن زاد، بالإضافة إلى الندم، والاستغفار، وأن يعزم على عدم العودة إلى تلك المعصية، ويرى جمهور العلماء والفقهاء بتعجيل القضاء دون تأخير عن قصد، لأنه يُخشى أن يأتيه الموت فيلقى الله عز وجل عاصيًا.[٢]

الإفطار بعذر

يَحل على فئة من الناس عدم الصيام في نهار رمضان، وهم من يمتلكون عذرًا شرعيًا بذلك، ويُندب لصاحبه المبادرة إلى القضاء عقب انتهاء الشهر الفضيل شريطة زوال العذر الشرعي؛ لأنه أفطر بعذرٍ فيطالب بالقضاء عن ما مضى، ولا يصح للمفطر بعذرٍ أن يؤخِّر القضاء حتى قدوم شهر رمضانٍ آخر، إلا في حالة استمرار العذر الشرعي من مرض أو سفر أو غيرهما فجاز التأجيل ولكن في هذه الحالة فإنه يقتضي عليه عدم التكفير عن هذا بإطعام مسكين مثًلا لوجود العذر واستمراره.

ويرى العلماء والفقهاء أن التأخير بلا عذرٍ شرعي حتى موعد رمضان اللاحق يوجِبُ القضاء إلى جانب فدية إطعام مسكين عن كل يوم تأخر فيه؛ أي أن يصوم يومًا تعويضًا عن كل يوم أفطر فيه في رمضان ويطعم مسكينًا عن ذلك اليوم، وهذا مذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد، وهو مرويٌّ عن ابن عمر وابن عبّاس وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين، وإن تأخر عن القضاء حتى مضى رمضان تلو الآخر، فيوجب عليه إطعام مسكين عن كل رمضانٍ مضى، أي تتضاعف الفدية دون تضاعف الصيام.[٢]


الأعذار الشرعية المبيحة للإفطار في رمضان

تتعدد الأعذار الشرعية التي حددها الإسلام للإفطار في شهر رمضان المبارك، وهي ملزمة للشخص بالإفطار دون المجاهدة والاستمرار بالصيام، وفيما يلي يمكن إجمال هذه الأعذار:[٣]

  • المرض: يباح لمن كان مريضًا أن يفطر في شهر رمضان، قال تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَو عَلَىٰ سَفَر فَعِدَّة مِّن أَيَّامٍ أُخَرَ}[٤]، ولا يُشترط بأي مرضٍ الإفطار، فالمرض الذي يرخص معه الإفطار هو الذي يشقق على صاحبه الصيام بسببه، أو أن تتضرر صحة ذلك الشخص إن استمر بالصيام مع وقوع المرض، وإذا أفطر المريض يجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها في حال كان المرض المصاب به ممكن أن يزول ويُشفى منه؛ أي ليصوم أيامًا بديلة إذا عافاه الله، وإذا كان المرض مما لا يفارق صاحبه أو لا يُشفى منه أو مزمنًا للغاية، أو كان صاحبه كبيرًا في السن عاجزًا عن الصيام عجزا مستمرًا لا خلاص له، فيطعم المفطر عن كل يوم أفطر فيه شخصًا محتاجًا مسكينًا ما مقداره 1125 غرامًا من الأرز، أو نحو ذلك من أنواع وأصناف الطعام الشائعة في بلده.
  • السفر: أحلّ الإسلام للمسافر أن يفطر في شهر رمضان، وأحل له الصوم والاستمرار به شريطة أن لا يشقّ الصيام عليه، فإن شق عليه الصوم أو أضرّ به يوجب عليه الإفطار والإقلاع عن الإمساك، ويتوجب عليه قضاء ما أفطره في كافة الأحوال إذا انتهى سفره وانقضى رمضان، لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَو عَلَىٰ سَفَر فَعِدَّة مِّن أَيَّامٍ أُخَرَ}[٥][٤]، والسفر المبيح للإفطار هو السفر الذي تقصر فيه الصلاة، كما يُشترط أن يكون سفرًا مباحًا، فإن كان سفرًا لارتكاب المعاصي أو سفرًا يُراد به التحايل لعدم الصيام، فلا يجوز لصاحبه الإفطار فيه.
  • الحمل والرضاع: يحرم على الحامل أو المرضعة إن خافت ضررًا على نفسها من الصيام أن تستكمل الصيام، فتفطر وتقضي فيما بعد كالمريض وإِن خافت على جنينها أو ابنها فقط دون نفسها، فتفطر وتقضي وتُطعم عن كل يوم أفطرت فيه مسكينًا.
  • الحيض والنفاس: يأتي للمرأة الحيض أو النفاس في مختلف الأوقات، ومنها شهر رمضان المبارك، فإن حدث تفطر المرأة وجوبًا ويحرم عليها الصيام تحت أي ظرف، وإن صامت لم يصح صيامها، كما أن عليها القضاء عن هذه الأيام صامتْ أو أفطرتْ، لما ثبت من قول عائشة رضي الله عنها لما سُئلت كما يلي: [سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ][٦].


مبطلات الصيام

تتعدد المبطلات المفسدة للصيام، وهي تقسم إلى قسمن اثنين: مبطلات توجب القضاء فقط، ومبطلات توجب القضاء والكفارة معًا، وفيما يلي توضيح لهذه الأمور:[٧]

  • مبطلات توجب القضاء فقط: ومن أبرزها ما يأتي:
    • الطعام والشراب عمدًا: وقد يأكل أو يشرب الصائم من غير عمد، فلا شيء عليه في هذه الحاله.
    • القيء المتعمد: وقد يتقيأ الصائم بغير قصد ولا شيء عليه في هذه الحالة، أما إذا تقيأ عمدًا فإن عليه القضاء.
    • الحيض والنفاس عند المرأة.
    • الاستمناء: وهو تعمُّد إخراج المني بأي طريقةٍ كانت بغير جِماع.
    • نية الإفطار: والعزم على ذلك تفسد الصوم، حتى وإن لم يأكل أو يشرب الصائم.
    • الردة عن الإسلام.
  • مبطلات توجب القضاء والكفّارة معًا: وهي التي تتضمن الجماع عمدًا خلال نهار رمضان فقط.


المراجع

  1. "رمضان"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سماحة الدكتور نوح علي سلمان رحمه الله (18-7-2012)، "حكم من أفطر في رمضان"، aliftaa، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
  3. "الأعذار المبيحة للفطر في رمضان"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سورة البقرة، آية: 184.
  5. سورة البقرة، آية: 184.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 335، صحيح.
  7. الشيخ صلاح نجيب الدق (13-6-2016)، "مبطلات الصيام"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :