محتويات
نشأةُ التعاون وتطوّره
نشأ التعاون منذ بدء الخليقة بين البشر، فقد تعاونوا ضدّ الحيوانات المفترسة، والأهوال الطبيعيّة التي كانوا يتعرّضون لها كي يتمكّنوا من تأمين حاجاتهم الأساسيّة، فهو مفهوم قديم يرجع إلى بدايات تكوين المجتمع الإنساني، وتتمثّل أهميّة التعاون في الإسلام في قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم : [إنَّ الْمُؤْمِنَ للمُؤْمِنِ كَالْبُنيانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ]،[١] وقد ضرب الله في ممالك النحل والنمل مثلًا على أهميّة التعاون وبنيته للمجتمعات، وجاء في الآية الكريمة من سورة المائدة في القرآن الكريم ذكرٌ للتعاون، وحثٌ عليه، وهو بمعنى التآزُر {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ}،[٢] ويعرّف المعجم الوسيط التعاونَ بأنّه العمل مع شخص آخر أو عدة أشخاص آخرين في مشروع أدبي أو علمي، وقد تشير الكلمة أيضًا إلى التعامل مع العدو، أو العمل ضدّه، فتحتمل بعدًا سياسيًّا.[٣]
أثر التعاون في حياة الفرد والمجتمع
يؤدّي إلى انتشار مظاهر القوَّة والتَّماسك في المجتمع، كما يساهم في القضاء على علامات الضَّغائن والحقد والحسد مِن القلوب، وينطلق من بؤرة الأسرة المتعاونة، وكيفيّة تعامل أفرادها مع المجتمع الخارجي، وما ينبني عليه من سلوكيّاتٍ تقتضي تعاون الأسرة مع المدرسة مثلًا أو مع المجتمع المحيط، أو أماكن العمل والنشاطات الاجتماعيّة لتقاسم الحِمْل وتخفيف العبء، وهنا بعض من آثار التّعاون:[٤]
- التعاضد: يعد التعاون أحد أكثر المهارات التي تدرس على نطاق واسع في سن مبكرة، ويعني العمل معًا لتحقيق هدف مشترك، والتعاون في مكان العمل يعني بيئة صحية يعمل فيها الموظفون جنبًا إلى جنب لتحقيق الأهداف الشخصية والتنظيمية حتى يكونوا منتجين، والسبب الرئيسي للتعاون بين الأفراد هو تحقيق التآزر، ولا يمكن تحقيق التآزر بين الأفراد إلا عندما تسمح الجهات المسؤولة للأفراد ببذل قصارى جهدهم، ومن الخطوات المساعدة في ذلك للجهات المسؤولة دراسة الموظفين وفهم سلوكهم.
- الربح المشترك: يؤدي تعزيز التعاون وتحقيق الإنجاز المتبادل بين الموظفين أو الأفراد إلى تشجيعهم على التعاون مع الآخرين؛ لأن موقف المنفعة المتبادلة يؤدي إلى نتيجة إيجابية لجميع الأطراف المعنية وبالتالي يؤدي إلى نمو منتظم، وواحدة من أهم نتائج التعاون أنه يساعد في إدارة الصراع ويضمن ألا يحمل أي من الموظفين ضغائن ضد الآخرين، وبالتالي ستحقق أكبر النجاحات.
- الروح المعنوية: إن الروح المعنوية العالية من نتائج التعاون، فالموظف سيعمل ما يطلب منه فقط ولن يتجاوز التوقعات في أي مؤسسة تكون الروح المعنوية فيها منخفضة، وبالعكس عندما تكون الروح المعنوية عند الموظفين مرتفعة فإنهم يعملون بحماس ويشاركون بحماس ويحققوا النتائج المتوقعة، فوجود البيئة التي يثق فيها الموظفون تساعدهم على دعم بعضهم لتحقيق أفضل نتائج.
- الإصرار: لا يمكن غرس قيم التعاون بين ليلة وضحاها لذلك يجب تشجيع السلوك التعاوني للموظفين باستمرار وتعزيز ثقتهم مع وضع أمثلة على الأشخاص الأكثر تعاونًا، أو يمكن استخدام نظام المكافآت على الآداء التراكمي.
فوائد التعاون
تعد المفاهيم القائمة على التعاون مفيدة سواء على صعيد الدراسة أو العلاقات الشخصية أو العمل وسنذكر عدة فوائد للتعاون ومنها:[٥]
- الترابط، الدعم، المرح: يصعب عامة الحفاظ على المشاعر الإيجابية تجاه شخص يحاول جعلك تخسر، وهذه المشاعر تنتج من التعامل التنافسي، أما في التعامل التعاوني يشارك التحدي والنجاح والاكتشاف، بحيث ينصبّ التركيز على القبول والمشاركة.
- العمل الجماعي وصنع القرارات المشتركة: تعد المنافسة إحدى أكبر المشكلات التي تجعل من الصعب مشاركة المهارات والخبرات والموارد وحتى المعلومات، ويعود السبب في ذلك لأن كل شخص يشارك بصورة منفصلة بغية تحقيق هدفه، ويعود السبب في ذلك إلى أن في المدارس وأماكن العمل يعلم الطلاب والموظفون أنهم متنافسون وليسوا متعاونين، ويروا بعضهم عقبات أمام نجاحهم، أما في البيئات التعاونية فإن دور كل شخص مهم وقيم؛ إذ يهتمون باحتياجات الآخرين ويعززون احترام الفردية، وهنا يتحول التحدي من تحقيق أهداف فردية إلى تحقيق أهداف مشتركة، وتصبح فكرة مشاركة الجميع بالقرار آداة قوية، ويُعدّ ركيزةً هامّة لنجاح الفرد وتفوّقه، كما يمكّنه من الاستفادة مِن تجارب الآخرين في مُختَلف سبُل الحياة، ويتبيَّن له ما يمتلك مِن خبرات وقدرات، ويسهّل التعاون بين الأفراد من إنجاز الأعمال، ويحفّز الفرد على العطاء، فهو يشجّع على تنفيذ المهام بسرعة ممّا يفيد في تسريع حركة التَّطوُّر العلمي والتَّقدُّم التَّقني، كما يثري نفوس الأفراد ويحثّهم على الإتقان في العمل، ويجدّد طاقاتهم وينشِّطها.
- الانفتاح والثقة والسلامة: تؤدي المنافسة إلى الجدال وإيذاء المشاعر، ويريد الناس فعلًا أن يشعروا بالأمان وأن يكونوا منفتحين وصادقين ويشعرون بالثقة أثناء تعاملهم في أي صعيد يذكر، وهنا يأتي دور العلاقات والتعاملات التعاونية في خلق هذه البيئة الصحية؛ لأن الأفراد يشجعون بعضهم ويدعمون بعضهم.
- تدعيم الذات والقوة الشخصية: دائمًا ما يربط التعاوم بزيادة التعلم والنضج العاطفي والعقلي ويدعم الهوية الشخصية ويقويها، ويجعلهم أكثر تشاركًا وأكثر مرونة سواء في تفكيرهم أو استعدادهم لاختراع حلول مبتكرة، والنتيجة من ذلك التمتع بالشعور بقيمة الذات والثقة الشخصية، ومع نمو قوة الشخصية سيشعر الأفراد بإمكانية إحداث فارق وعدم الفشل في العمل.
- الرفاهية: المواقف التنافسية مرهقة للغاية نفسيًا، واحتمالات الفشل تخلق القلق الواضح والصريح، ومن الممكن أن يتطور إلى خوف أو غضب ناتج عن الخسارة، مما يسبب الإحراج والتوتر والأجواء العدائية بين الأفراد، أما في حال خلق بيئة تعاونية فإن هذا يخلق نوعًا من الاسترخاء والرفاهية بين الأفراد في شتى البيئات الحياتية.
أنواع التعاون
نضجت مع مرور الوقت أشكال التعاون حسب نضج معطيات الحياة ومفرداتها بين الأفراد والجماعات، فبرزت جمعيّات حقوق المرأة والطفل، والأحزاب والتكتّلات الدينيّة والسياسيّة، وتعدّ جميعها شكلًا من أشكال التعاون في العصر الحديث، إضافةً إلى أشكال أخرى تمثّل نطاقًا أوسع للتعاون: كمنظّمة الأمم المتّحدة، وجامعة الدّول العربيّة، وغيرها، وللتعاون بين الأفراد في المجتمع عدة أنواع وعدة تسميات، سنذكر فيماي الأنواع الأكثر شمولًا بين المجتمعات:[٦]
- التعاون الأساسي: يوجد هذا النوع من التعاون بين المجموعات الأولية والفردية مثل الأسرة، ويكون بين الأسرة بحيث يشمل تحقيق مصالح المجموعة وتحقيق مصالح الفرد، ويكون بين الأفراد بحيث يتضمن جميع الأنشطة التي يفضل الأفراد فعلها معًا، مثل السير معًا أو العمل معًا أو المساعدة في أي مجهود مشترك سواء حمل حمولة أو سحب سيارة، والسمة الأساسية القائم عليها التعاون الأساسي هي أن الناس يؤدون هذه الوظائف معًا، وهذا النوع من التعاون طوعي مثل التعاون بين الزوج والزوجة، المعلم والطالب، المعلم والخادم.
- التعاون الثانوي: يوجد هذا النوع من التعاون في البيئات الصناعية والحكومية والنقابات، على سبيل المثال عندما يتعاون النجار والسباك والحداد وعامل البناء والدهان مع المقاول المسؤول لبناء منزل، وفي أي صناعة قد يعمل كل الأفراد بالتعاون مع الآخرين من أجل أجور ورواتب وترقية وأرباح، وفي هذا النوع من التعاون يوجد تباين في المصالح بين الأفراد، ويؤدي فيه الأفراد وظائف مختلفة لكن لتحقيق أهداف مشتركة.
- التعاون الثلاثي: في هذا النوع من التعاون تكون مواقف الأطراف انتهازية بحتة، ويكون تنظيم تعاونهم هشًا وغير متين، وعلى سبيل المثال اتحاد حزبين سياسيين لهما أيديولوجيات مختلفة لهزيمة حزبهما المنافس في الانتخابات أو أي طرف ثالث، فالأساس في هذا النوع من التعاون هو التفاعل بين مختلف المجموعات الكبيرة والصغيرة لتلبية موقف معين.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس، الصفحة أو الرقم: 481، خلاصة حكم المحدث صحيح.
- ↑ سورة المائدة، آية: 2.
- ↑ "تعريف و معنى تعاون في معجم المعاني الجامع"، almaany، اطّلع عليه بتاريخ 15-3-2020. بتصرّف.
- ↑ Jagg Xaxx (2017-9-26), "Why Is Teamwork or Cooperation Important in the Workplace?"، bizfluent, Retrieved 2019-11-9. Edited.
- ↑ "The Benefits of Cooperation", forsmallhands, Retrieved 2019-10-9. Edited.
- ↑ "Types of Cooperation and Role of Cooperation", article1000,2017-5-19، Retrieved 2019-10-8. Edited.