محتويات
المسجد الأموي
يعرف بجامع بني أمية الكبير، أو الجامع المعمور وهو من أبرز المعالم التاريخية التي تحكي عن فن العمارة الإسلامية، بني بإيعاز من سادس خلفاء بني أمية الوليد بن عبد الملك؛ وذلك تمجيدًا لخلافتهم، وقد أصبح بالفعل مجدًا شامخًا ونموذجًا منفردًا بتصميمه المميز، وقد استغرق بناؤه عشر سنوات، وقد اعتمد الوليد بن عبد الملك على نمط المساجد الأولى في الإسلام، فقسّمه إلى بيت الصلاة، وفناء مفتوح، وحرم مسقوف بقبة، ثم أضاف لمسته الأموية من نقوش ومنمنمات ورخام وفسيفساء مشغولة بالذهب والفضة والعاج والصدف، مستخدمًا بذلك جميع أنواع الزخارف بما فيها القيشاني، العجمي، المعشق، الخيط العربي، التيجان الكورنثية، وستحدث في هذا حول موقع المسجد الأموي بشيء من التفصيل، مع التنويه إلى تاريخ المسجد ومراحل الترميم التي شهدها جرّاء تدميره على مر التاريخ.[١]
أين يوجد المسجد الأموي
يقع المسجد الأموي في مدينة دمشق، وتحديدًا في قلب البلدة القديمة منها، يحدّه حيّ البزورية من الجهة الجنوبية، وسوق الحميدية من الجهة الغربية، ومقهى النوفرة من الجهة الشرقية، وأخيرًا المدرسة العزيزية وضريح القائد صلاح الدين الأيوبي من الجهة الشمالية الغربية، ولمن لا يعرف دمشق فهي عاصمة الجمهورية العربية السورية، تقع في الناحية الجنوبية الغربية منها، وتحيط بها مرتفعات بركانية وسهول حوران من الجنوب، وجبال القلمون وجزء من لبنان من الجهتين الشمالية والغربية، فيما تحدّها البادية السورية من الشرق، ويعد موقعها استراتيجي مميز على ضفاف نهر بردى المحاط بالبساتين، وهو ما جعلها مركزًا تجاريًا هامًا في شبكة التجارة الدولية، ومما لا شك فيه أن موقع المسجد كان موفقًا للغاية.[١][٢]
تاريخ المسجد الأموي
يعود تاريخ المسجد الأموي في سوريا إلى سنة 1200 قبل الميلاد، فقد كان معبدًا للإله حدد الأراني، وهو إله الخصب والرعد والمطر، ولمّا بسطت الإمبراطورية الرومانية سيطرتها على المدينة جعلته معبدًا لآلهتهم جوبيتر، وما زالت أطلاله باقية حتى يومنا الحاضر في منطقة سوق الحريم إلى منطقة القيميرية، وتحديدًا على حافة وادي النوفرة، وبعد اعتراف روما بالديانة المسيحية ونشرها في مناطق نفوذها أقيم في الناحية الشمالية من المكانة كنيسة حملت اسم يوحنا المعمدان. وبعد انتشار الإسلام في البلاد، قسّم المسلمون الكنيسة إلى قسمين، الغربي منه للمسيحين والشرقي للمسلمين، وقد ظل التقسيم ساريًا حتى مدة فاقت القرن، ولما اعتلى الوليد بن عبد الملك حكم الخلافة الأموية عام 705م أمر ببناء المسجد الأموي، وكان يقصد أن يكون تحفة معمارية لا مثيل لها في الشرق، وعليه طلب من المسيحيين بيع القسم الغربي الخاص بهم للمسلمين فوافقوا، وبذلك أصبحت مساحة المسجد 157×97 مترًا مربعًا، وبدأ البناء مستفيدًا مما هو موجود أصلًا مع تحويله إلى شكل إسلامي موجهًا إياه إلى الجنوب بدل الشرق، رافعًا سور الجامعة على ارتفاع 14 مترًا ليفوق معبد جوبيتر المبني على ارتفاع 5 أمتار، مقيمًا مئذنة أو صومعة عالية لُترى عن بعد، مضيفًا عليها عدة طرز معمارية ما بين الأموي، الأيوبي، والعثماني، وقد سميت مئذنة العروس فيما بعد، ثم بنى قبة عاليًة وسط الحرم وأسماها قبة النسر، ثم كسى جدران البناء بالفسيفساء الزجاجي، وكسى الأرضيات والأروقة بالفسيفساء الرخامي الحجري.[٣][٤]
دمار المسجد الأموي
شهد المسجد الأموي الكثير من الحرائق والزلازل التي غيرت معالمه، ومن أبرزها حريق سنة 1069م الذي أباد الكثير من زخارفه ونقوشه التي كانت ماثلة منذ زمن الوليد بن عبد الملك، ثم أعيد ترميمه مرة أخرى وانتهى العمل فيه سنة 1072م، وقد توالت الزلازل والحرائق الذي جعلته مهملًا لفترة زمنية ليست بقصيرة، إلى أن قام الظاهر بيبرس بتنظيفه وغسله وتزيينه من جديد، ليُحرق مرة أخرى على يد تيموز لنك الذي اجتاح البلاد سنة 1400م، ثم شبّ حريق آخر في المنطقة سنة 1893م سببه أن أحد عمال التصليحات الاعتيادية في السقف أعجبه منظر المدينة من علو، فأراد أن يدخن الأرجيلة فوقع فحم منها على السقف، وعليه هبّت نيران هائلة في المكان استمرت لمدة ساعتين ونصف، ثم أعيد بناؤه ثانيًة في زمن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني على يد معماريين وفنانين سورين، ويخطئ كثير ممن يظنون أن السلطان كان قد استعان بمعماريين من بلاد فارس وبيزنطة، بل إن المعماريين السوريين هم مَن كانوا يذهبون إلى البلاد المذكورة بفضل ذكائهم وعبقريتهم. وتجدر الإشارة إلى أعمال الصيانة والترميم في المكان إبان ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، والتي شملت مئذنة قايتباي، والواجهة الغربية والجدار الشمالي، وتبليط المدخل الغربي، بالإضافة إلى تجديد الأرضيات وقواعد الأعمدة الحجرية التالفة، والخشبيات، ناهيك عن تركيب قبة داخل صحن الجامع، وشبكة إطفاء لاتقاء شر الحرائق وأضرارها، وانتهت أعمال الترميم سنة 1994م.[٣][١]
مآذن المسجد الأموي
يوجد للمسجد الأموي ثلاث مآذن على النحو التالي:[١]
- مئذنة العروس: وهي أقدم مئذنة في الإسلام، تقع في منتصف الجدار الشمالي وعليه يسميها البعض بالمئذنة الشمالية، قاعدتها أموية أصيلة، توضع عليها مصابيح لتضاء ليلًا في المناسبات فتلألأت أنوارها لتبدو كالعروس فعلًا.
- مئذنة عيسى: تقع في الزاوية الشرقية، وعليه تسمى بالمئذنة الشرقية، وأما اسمها الأشهر فقد ورد في تفسير ابن كثير كونها المئذنة التي سينزل عليها النبي عيسى عليه السلام في آخر الزمان، وقد تعرضت للحرق سنة 740 م، وجدّدت ثانيًة من أموال المسيحيين الذين اتهموا بحرقها.
- المئذنة الغربية: تقع في الزاوية الجنوبية الغربية، وتسمى مئذنة قايتباي نسبة إلى السلطان المملوكي قايتباي الذي جدّدها في عهده وأطلق عليها اسمه.
المراجع
- ^ أ ب ت ث سنان ساتيك (21-4-2015)، "الجامع الأموي يشهد على تاريخ دمشق وحاضرها"، العربي الجديد، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "دمشق"، الجزيرة، 20-10-2014، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "مآذن وأساطين.. الجامع الأموي في دمشق"، الجزيرة، 17-8-2010، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ وليد العمري، "معلومات عن المسجد الأموي"، مجلة رجيم، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.