أوّل مئذنة في الإسلام
المئذنة هي وحدة معمارية رأسية البناء تعلو كل ما يحيط بها من أبنيّة، وتعدُّ إشارةً إلى وجود المسجد، فمنها ينطلق الأذان الذي يُعلِم الناس بدخول وقت الصلاة، هذا ما عرّفته الدراسات الهندسيّة، ومن المعلوم أنّ الدول الإسلاميّة كافة تنتصب فيها المآذن باتجاه السماء؛ إذ أنَّ لهذا المعلم البارز أهميّة دينيّة عظيمة؛ فهي تعدُّ هويّة للدين الإسلامي والحضارة الإسلاميّة، والعِمارة الدينيّة الشاهدة على تميُّز المسلمين عن غيرهم، غير أنّ خطابها واحدٌ، فكل المآذن تصدحُ بنفس الكلمات التوحيديّة.[١]
لم يتّفق المؤرخون على أول مئذنة بُنيت في الإسلام؛ فقد جاء في فتوح البلدان للبلاذري، أنّ أول مئذنة في الإسلام أُنشِئت على يد زياد بن ابيه، والّذِّي عُيِّن على البصرة من قِبَل معاوية رضي الله عنه عام 45 هجري، امّا المقريزي فقد ذكر أنّ صوامع جامع عمرو بن العاص يبلغ عددها أربع صوامع، وقد بناها والي مصر في العهد الأُموي وهو مسلمة بن مخلد عام 53 هجري هي أول مآذن في الإسلام.[٢]
ظهور الأذان
منذُ فجر الإسلام الأول لم يكن مُصطلح المآذن موجودًا، وكان أول أذانٍ في الإسلام رددهُ بلال بن رباح رضي الله عنه من فوق سطوح أحد المنازل المجاورة.[٣] فقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، وأصبح للمسلمين حُكمًا ودولة، فظهرت مشكلةٌ تحتاجُ إلى حلّ، فاغتَمَّ النبي عليه الصلاة والسلام واغتم معه المسلمون، وتلك المشكلة لم تكن بسيطة؛ وذلك لأنها كانت تتكرر معهم خمس مرات يوميًا، وتكمن هذه المشكلة في كيفيّة معرفة وقت الصلاة، ففي ذلك الوقت كان الناس يقدّرون موعد الصلاة، ومن المعلوم أنّ الصلاة هي العبادة العظيمة والجليلة التي تجمع المسلمين معًا، وعندما علم الصحابة بالأمر بدأوا يقدّمون الاقتراحات؛ وذلك لشدة حرصهم واهتمامهم بهذه العبادة الربانيّة، فمنهم من اقترح عليه بأن ينصب راية يجتمع المسلمون عند رؤيتها، فلم يعجب النبي صلى الله عليه وسلم، واقترح آخرون القُنعُ فرفضه أيضًا عليه السلام؛ لأنه من أمر اليهود، واقترح بعضهم الناقوس ولم يرض به لأنه من أمر النصارى، وكان ممن اهتمَّ لهمِ النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن زيد رضي الله عنه، فرأى الأذان في منامه، وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما رأى، وكان عمر بن الخطاب رآه قبل ذلك ولكنه كتم الأمر لمدة عشرين يومًا؛ لأن عبدالله بن زيد سبقه إلى ذلك، وبعد أن أخبر عبدالله بن زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أمر بلال بأن يقوم فينظر ما يأمره به عبدالله بن زيد فيفعل، فأذَّن بلال رضي الله عنه، ومن هذه القصة يظهر لنا جليًا أنّ الأذان قد جاء من صحابيين جليلين، ولم ينزل وحيًا على رسول الله كما شُرِعت سائر العبادات، فلا يأتي حاقدًا على الإسلام فيطعن في الأذان ويدّعي أن شهادة محمد رسول الله هو من أضافها لنفسه.[٤]
المراجع
- ↑ محمد إبراهيم، "المآذن… فن هندسة البناء الرأسي في العمارة الإسلامية"، أرامكو السعوديّة ، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-25. بتصرّف.
- ↑ "أول مأذنة في الإسلام"، اسلام ويب، 19-2-2004، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-1. بتصرّف.
- ↑ أ. د. عبدالحليم عويس، "التطور الفني للمآذن في الحضارة الإسلامية"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-25.
- ↑ د. ناصر بن عمر العمر (2008-7-15)، "الأذان في الإسلام"، الألوكة الشرعيّة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-1.