بئر زمزم
توجد بعض الأماكن المقدسة لدى المسلمين في العالم، وذلك لارتباطها بحدث أو تاريخ عقائدي معين، ومن تلك الأماكن بئر زمزم، الذي يستذكر المسلم فيه قصة النبي إبراهيم الخليل وزوجته هاجر عليها السلام، عندما خرجت وحدها حاملةً ابنها إسماعيل عليه السلام وكان طفلًا صغيرًا آنذاك، وظلت تسير فيه من مكان إلى آخر في شعاب مكة حتى اشتد بهما العطش، وكان ذلك أثقل على ابنها الرضيع منها، فوضعته على صخرة معينة، وراحت تبحث هنا وهناك فتعدو إلى اليمين ثم إلى اليسار جيئةً وذهابًا، إلى أن انفجر الماء من تحت قدميها وشربت حتى ارتوت وارتوى ابنها، ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم وذلك البئر ممتلئ ولا ينفد كمعجزة من معجزات الأنبياء الكثيرة التي حباهم الله عز وجل بها،[١]وقد ورد عن النبي بأن الله يستجيب لدعاء الشخص أثناء شربه من ماء زمزم، فإذا كان يشرب ماء زمزم طلبًا للصحة فسيستجيب الله له ويعطيه الشفاء، وإذا كان جائعًا فسيعطي الله عبده الشعور بالشبع، أما إذا كان عطشًا فسوف يروي الله عطشه.[٢]
موقع بئر زمزم
يقع بئر زمزم على بعد 21 مترًا من الكعبة المشرفة في مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، وتضخ البئر قرابة 19 لترًا من الماء كحد أقصى في الثانية الواحدة، ويقدر الجيولوجيون عمقه بقرابة 30 مترًا، ويبلغ عمق مستوى الماء فيه 4 أمتار عن فتحة البئر، كما أن عمق العيون التي تغذي البشر تساوي 13 مترًا أو يزيد، ويحمل الحجاج والمعتمرون وزوار بيت الله الحرام الكثير من مياهه معهم عند الذهاب إلى الحج الأصغر والأكبر، ولقد ورد ذكره في السيرة النبوية في الكثير من المواضع ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: [فُرِجَ عن سَقْفِ بَيْتِي وأنا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جاء بِطَسْتٍ من ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ في صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا][٣].[٤]
فوائد بئر زمزم
أجرت العديد من الجهات العربية والأجنبية أبحاثًا مستفيضة على مياه بئر زمزم بغية التعرف على ماهيتها والكشف عن معجزة تفجرها من الأرض منذ قرونٍ طويلة، ولا زالت تلك الأبحاث جاريةً حتى اليوم، ومن فوائد ماء زمزم العديدة ما يأتي:[٥]
- تحتوي مياه زمزم على نسبة من الأملاح المعدنية والعناصر الأساسية التي تفيد العظام في الجسم وتعالج أمراض المفاصل والروماتيزم وغيرها.
- تجلب البركة لمن يتناولها، فعن عبدالله بن الصامت رضي الله عنه عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر زمزم، فقال: [خَيرُ ماءٍ على وجْهِ الأرضِ ماءُ زَمْزَمَ ، فِيه طعامٌ من الطُّعْمِ ، و شِفاءٌ من السُّقْمِ ، و شَرُّ ماءٍ على وجهِ الأرضِ ماءُ بِوَادِي بَرَهُوتَ بِقُبَّةٍ بِحَضْرَمَوْتَ كَرِجْلِ الجَرادِ من الهَوامِّ ، تُصبِحُ تَتَدَفَّقُ و تُمسِي لا بِلالَ لَهَا][٦].
- تعد مياه بئر زمزم دليلًا من الدلائل الكثيرة على عظمة الله عز وجل ومقدرته على تيسير الأمور وفق ما يريد، وفي ذلك تقوية لإيمان العبد ويقينه.
- يوصف ماء بئر زمزم بأنه طهور ويصح استخدامه من غير كراهة، وقد صح عن الصحابة أن الرسول عليه الصلاة والسلام شرب منه وتوضأ.
- يعد البئر الحجر الأول الذي قامت عليه الكعبة المشرفة وبيت الله الحرام وذلك قبل قدوم النبي بسنوات، فقد أراد الله له ذلك التشريف والمكانة الرفيعة.
بئر زمزم المتجدد
بحسب التفسير العلمي لظاهرة بئر زمزم، فقد قال عالم الجيولوجيا وموارد المياه في المعهد الأفريقي للأبحاث البروفسور الشرقاوي، أنَّ المياه المتجددة هي المياه التي لا تستنزف جيولوجيًا، ويوجد نوعين من المياه الجوفية؛ وهي النوع القابل للتجدد كالمياه الموجودة داخل بئر زمزم، والنوع الأخر هي المياه غير القابلة للتجدد، وأضاف قائلًا أنَّ الصحراء الغربية في جمهورية مصر تحتوي على بئر حجر رملي نوبي يقع في الواحة كصفات بئر زمزم، لكنه لم يجدد نفسه منذ سنين فهو غير قابل للتجدد، أما مياه بئر زمزم فهي مياه متجددة، ويعد مصدر مياه بئر زمزم هي الأمطار الهاطلة في مكة المكرمة، إذ إنَّ مكة المكرمة تعد منطقة جبلية فتنزل مياه الأمطار إلى أسفل الوديان الموجودة ومنها وادي ابرهيم الذي يحتوي على بئر زمزم في منطقة منخفضة من أرضه.
وأوضح البرفسور أن الرواسب النهرية التي يبلغ طولها 14 متر مربع والتي تنجم عن مياه الأمطار من الجبال تسقط في الأراضي المنخفضة والتي تتشكل على شكل رواسب، وقد نشأ بئر زمزم نتيجة لهذه العملية التي تستغرق ملايين السنين، وتتسبب الصخور الموجودة داخل قاع الأرض في أن يصل عمق بئر زمزم إلى 35 متر، منها رواسب تصل إلى عمق 14 متر وصخور داخلية يصل عمقها إلى 21 متر، فبسبب عملية التخزين هذه وهطول الأمطار تستمر مياه بئر زمزم بالتجدد، فهو بئر يستهلك كثيرًا للشرب من قبل الحجاج أكثر من استخدامه في الزراعة مثلًا كما قال البرفسور الشرقاوي.
وأضاف بروفيسور الجيولوجيا الشرقاوي أنَّ مصر تحتوي على آبار كثيرة تشبه بئر زمزم، والتي تخزن المياه وتستوعبه، والذي يجعل منها مياه قابلة للتجدد، ومياه بئر زمزم كانت تستخدم منذ 4000 سنة تقريبًا، وقد يجعل هذا الأمر الإنسان يفكر بأنه بمجرد توقف هطول الأمطار في المملكة العربية السعودية سيؤدي ذلك إلى استنزاف المياه في بئر زمزم، لكن بالرغم من ذلك، وبالأخذ بعين الاعتبار أنَّ الظروف المناخية في المملكة تعد مستقرة ولا يمكن أن تتغير، لهذا السبب فمن المتوقع أن يبقى بئر زمزم مستمر على حاله.[٧]
المراجع
- ↑ "بئر زمزم"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-7. بتصرّف.
- ↑ "THE HISTORY OF ZAMZAM WELL ", islamicity, Retrieved 25-9-2019. Edited.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 349، صحيح.
- ↑ "ما لا تعرفونه عن أسرار “بئر زمزم” .. من أين يأتي الماء؟!"، alalamtv، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-7. بتصرّف.
- ↑ "فضل ماء زمزم وحكم استعماله في الطهارة من الحدث أو الخبث "، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3322، صحيح.
- ↑ Dania Akkawi (16-8-2018), "How come Zamzam’s well is never depleted?"، egypttoday, Retrieved 26-9-2019. Edited.