محتويات
مفهوم الضروريات الخمس
الضروريات الخمس هي مقصود الشرع من الخَلْق، فكل ما يتضمّن حفظ الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكلّ ما يفوّت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعه مصلحة، وسبب الاهتمام بالضروريات الخمس هو أن مصالح الدّين والدّنيا مبنيّة على المحافظة على هذه الضرويات، فلو انحرفت إحدى هذه الضروريات لم يبقَ للدنيا وجود، ولا للآخرة من حيث ما وعدنا الله به، والضروريات الخمس هي:[١]
- الدّين: فلو عُدِم الدّين، فقد عُدم الجزاء المنتظر من رب العالمين، ويكون حفظ الدين حسب الإمام الشاطبي على قضيتين؛ حفظ ما يقيم أركانه ويثبّت قواعده، وحفظه من جانب العدم أي رفع الفساد، فقال تعالى: {وَأَنَّ هـذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ}[٢].
- النّفس: فلو عُدم الإنسان لعُدم مَن يتديّن فحرّم الله عليك أن تقتل نفسك أو تقتل الآخرين، وقال تعالى: {وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ}[٣].
- العقل: ولو عُدم العقل لارتفع التدبير، قال تعالى: {ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ}[٤].
- النّسل: ولو عُدم النّسل لم يمكن البقاء على وجه الأرض، قال تعالى: {وَلا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ}[٥].
- المال: ولو عُدم المال لم يبقَ لنا عَيشٌ على الأرض، فأمرنا الله تعالى أن نأكل من رزقه ونهانا عن أكل أموالنا بالباطل، فقال تعالى: {وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ}[٦].
قواعد متعلقة بالضروريات الخمس
قاعدة الضرورات تبيح المحظورات
المقصود بالضرورة هي ما لا بدّ للإنسان منه لبقائه على قيد الحياة، والمقصود بالمحظورة؛ الحرام المنهي عن فعله، والقاعدة تعني العذر يُجيز الشيء الممنوع، ودليل هذه القاعدة من القرآن الكريم قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[٧]، وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[٨]، فالضرورات لا تبيح كل المحظورات، بل يجب أن تكون المحظورات دون الضرورات، وأما إذا كانت المحظورات أكبر من الضرورات، فلا يجوز القيام بها، ولا تصبح مباحة، وإن إباحة المحظور للضرورة تسمّى في أصول الفقه بالرّخصة، وأنواع الرخصة ثلاث:[٩]
- إباحة المرخص ما دامت حالة الضرورة قائمة، مثل شرب الخمر عند العطش الشديد والمقاربة على الهلاك، وأكل الميتة أو لحم الخنزير لرفع الهلاك.
- الفعل يبقى حرام شرعًا ولكن رخصه الشرع للضرورة، مثل إتلاف مال المسلم، أو إجراء الكفر على لسانك بالإكراه مع بقاء قلبك مطمئنًا.
- فعل حرام لا يجوز لا بضرورة ولا بالإكراه ولا بغيره، مثل القتل، أو ضرب الوالدين.
قاعدة الضرورة تقدر بقدرها
قاعدة الضرورة تُقدّر بقدرها هي مُتممة لقاعدة الضرورات تبيح المحظورات، ومعناها أنه إذا احتجتَ لارتكاب شيء محرّم، فلا يجوز لك أن تتجاوز حاجته من ذلك الشيء، وتقييد هذه القاعدة هي قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ}[١٠]، فلا تتعدّى بهذا حدودك ولا تتجاوزها، ومثال على ذلك، رؤية الطبيب لعورة المريض بغرض مداواته، ولو أنك كدت تموت من الجوع يحق لك تناول المحرم من الطعام بما يدفع جوعك لا أكثر.[١١]
قد يُهِمُّكَ: ما الغاية من حصر الضروريات بخمس؟
حُصِرت الضروريات بخمس أمور وهي؛ العقل، والدين، والنفس، والمال، والنسل؛ لأن هذه الضروريات الخمس هي مصالح لا بد من قيامها لما فيها من خير لك ولمصلحتك في الحياة الدنيا والآخرة، وإذا فُقدت أي ضرورة من هذه الضروريات الخمس لم تجرِ مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد في الدنيا، وفوات النعيم والنجاة في الآخرة، فالضروريات هي التي تكون الأمة بأكملها أو بآحادها بحاجة لها حتى يستقيم النظام الكوني، وفي حال فقدان هذه الضروريات فحال الأمة سينحرف وتتلاشي مقوّماته، فوجود هذه الضروريات يعني استقرار الحياة ودوامها، وفقدانها يعني توقّف الحياة.[١٢]
المراجع
- ↑ خباب الحمد، "أصول حفظ الكليات الخمس في بيّنات القرآن"، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الانعام ، آية:153
- ↑ سورة الأنعام، آية:151
- ↑ سورة الانعام، آية:151
- ↑ سورة الانعام، آية:151
- ↑ سورة الانعام، آية:152
- ↑ سورة الأنعام، آية:119
- ↑ سورة المائدة، آية:3
- ↑ أبو الكلام شفيق القاسمي المظاهري، "قاعدة: الضرورات تبيح المحظورات"، الوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:173
- ↑ محمد حسن عبد الغفار، "القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه "، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2021. بتصرّف.
- ↑ د. علاء الدين حسين رحّال، أ.د أحمد محمد السعد، "الوقف وحفظ مقاصد الشريعة"، الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2021. بتصرّف.