أهمية صلة الرحم

مفهوم صلة الرحم

تعرف كلمة صلة في معاجم اللغة العربية بأنها مصدر مشتق من الفعل الثلاثي وصل، والصلة هي الرابطة والعلاقة، وأما الرحم فهي القرابة وأسبابها، ومن هنا يمكن تعريف صلة الرحم اصطلاحًا بأنها زيارة الأهل والأقارب والإحسان إليهم بكل الخير ما أمكن، ودفع الشر عنهم ما أمكن، وعكس ذلك قطع الرحم أي عدم وصل ذوي القربى أو قيل بل الإساءة إليهم .[١]

حث الدين الإسلامي الحنيف على صلة الرحم باعتبارها خلق رفيع، والصلة الحقيقية محور حديثنا في هذا المقال ويقصد بها الواصل الذي يصل من قطعه، ويزور من لا يزوره، ويحسن إلى المسيء من الأقارب، وأما إذا اكتفى المرء برد الزيارة أو رد الإحسان فهو في هذه الحالة مكافئ أي أنه عامل بالمثل، وفي هذا المقام روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: (إنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم وَيُسِيؤُونَ إلَيَّ، وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقالَ: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ، فَكَأنَّما تُسِفُّههمُ المَلَّ وَلَا يَزَالُ معكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عليهم ما دُمْتَ علَى ذلكَ) [أبو هريرة| خلاصة حكم المحدث: صحيح].[٢][٣]

وتجدر الإشارة إلى أن الأرحام الذي لهم حق الصلة حسب ما بينه الشيخ ابن باز يشملون الأقارب من جهة الوالدين، بما في ذلك الآباء، الأمهات، الأجداد، الجدات، الأولاد وأولادهم من ذكور وإناث، الإخوة والأخوات وأولادهم من ذكور وإناث، وكذلك الأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم من ذكور وإناث.[٤]


أهمية صلة الرحم وآثارها

مما لا شك فيه أن أوامر الله جل وعلا ونواهيه لم تأت من فراغ، فكثرة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تُرَغّب وتُعَظّم صلة الرحم دينيًا ودنيويًا إنما مردها إلى فوائد عديدة لهذا الخلق تنعكس على الفرد والمجتمع ككل، ويمكن إجمالها في ما يلي:[٢]

  • بناء أسر متماسكة متعاضدة، وبالتالي وجود مجتمع حصين يمد العالم بالقادة العظام والعلماء والمفكرين والمصلحين القادرين على إشعال نور الهداية إلى الناس.
  • صلة الرحم شعبة من شعب الإيمان وعلامة على صحته.
  • شيوع المحبة والتعاون بين الناس.
  • سبب من أسباب حصول البركة في الرزق والعمر، وهذا يعني توسيع مفاتيح الرزق، وتأخير الآجال، وكلاهما غريزتان من الغرائز الثابتة في النفس البشرية.
  • سبب لصلة الله جل وعلا وإكرامه عبدَه لأن الرحم متعلقة بالعرش، ومعنى وصل الله للعبد إكرامه بالخير والإحسان إليه.
  • باب من أبواب دخول الجنة.

ينطوي قطع الرحم أو الإساءة إليهم أو التهرب من أداء حقوقهم على العديد من العواقب الوخيمة، ومنها:[٢]

  • غضب الله جل وعلا، وحل لعنته على قاطع رحمه، وقد ورد في كتاب الله جل وعلا نصًا صريحًا لا مجال للبس فيه، فقد قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ } [محمد: 22-23].
  • صفة من صفات الخاسرين الذين خسروا الدنيا والآخرة لأنهم لم يؤدوا ما أمر الله به، ولم يجتنبوا ما نهى عنه.
  • قسوة القلب وانعدام المروءة والحس بالمسؤولية.
  • تعجيل العقوبة في الدنيا، علمًا أن عذاب الآخرة أشد.


كيفية صلة الرحم

لا تقتصر صلة الرحم على مجرد تبادل الزيارات، بل تشمل أمورًا أخرى منها:[٤]

  • مجاهدة النفس على الوفاء بحق الأرحام ابتغاء مرضاة الله بعيدًا عن أي اعتبارات لنزعات النفس أو مواقف الغير.
  • الصدقة عن ذوي الرحم، وأجرها أجران فهي صدقة وهي صلة خاصة لمن أداها على مَن يضمر له العداوة من أقربائه فهو أرجى إلى الإخلاص طمعًا في رضى الله، مع ضرورة الحفاظ على سرية الصدقة وشكر الله على نعمه طلبًا لثوابه وخوفًا من عقابه.
  • الدعاء لذوي الأرحام خاصة الوالدين لما لهم من فضل على الأبناء، علمًا أن دعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجاب.
  • تبادل التناصح في الخير، خاصة الطاعات، فالنصيحة الملفوفة بالحكمة والموعظة الحسنة لها شأن كبير في الدين الإسلامي، وذلك من خلال بيان حكم شرعي، أو توضيح أجر سنة ما، أو الحث على اغتنام فضل الذكر، أو الحث على صلة الرحم فالدال على الخير له مثل أجر فاعله.
  • الإصلاح بين ذوي القربى وحل النزاعات بينهم بهدف بث السكينة والطمأنينة، ونبذ العداوة ونزع فتيل الغضب.
  • الدعم المعنوي بكل حب واحترام بعيدًا عن التعالي أو التكبر.


حكم صلة الرحم

مما لا شك فيه أن حكم صلة الرحم واجبة عمومًا، وقطيعتها كبيرة من كبائر الذنوب، وأما عند الخوض في التفاصيل فيختلف الحكم باختلاف قدرة الواصل من ناحية، وحاجة الموصول من ناحية أخرى، والشيء الذي يوصل به من ناحية ثالثة، فمثلًا لو أنعم الله جل وعلا على رجل فآتاه من المال والعقار والعز كل ما تشتهي الأنفس، وكان له أخ فير معدم فالإعطاء هنا واجب، وأما إذا كان أخوه غنيًا فلا يحتاج إلى المال لأصبح الإعطاء غير واجب بل تتمحور الصلة بالسلام والكلام وما شابه، ومثال آخر فإن وجوب الإعطاء يكون على الأقرب فالقريب فالبعيد فالأبعد، بمعنى إذا كان الغني له أخ فقير وعم فقير ويمكن إعطاء واحد منهما لا كليهما، فأخوه في هذه الحالة أولى، وعمه مستحب. وتجدر الإشارة إلى أن تقصير الأقرب في أداء واجباته لا يعفي البعيد من المسؤولية، فإذا كان هناك رجل غني له أخ فقير ولهما عم غني، فصلة الأخ الفقير واجبه على أخيه الغني، ومستحبة للعم، وفي حال لم يقم الأخ الغني بواجبه تجاه أخيه الفقير فلا يحق للعم أن يبرأ من صلته بالفقير على اعتبار أن أخوه قصر فلا تنتقل إليّ المسؤولية، فعلى الجميع أداء الحق بغض النظر عن أي مؤثرات أو أسباب خارجية.[٥]


المراجع

  1. "تعريف و معنى صلة في معجم المعاني"، almaany، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "صلة الرحم في الإسلام"، أرحامي، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019.
  3. "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "فضل صلة الرحم في القرآن الكريم والسنة النبوية"، طريق الإسلام، 2-2-2017، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
  5. عبد الرحمن العايد، "صلة الرحم"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :