محتويات
الدعاء
الدعاء هو توجه العبد إلى الله بكل ما يحتاجه من أمور لإصلاح دينه ودنياه، وقد أمرنا الله عزّ وجلّ باللجوء إليه بالدعاء لتيسير حوائجنا الدنيوية، ولزوم الدعاء ليغفر الله لنا، ويقبل توبتنا ويعتق رقابنا من النّار، ويدخلنا الجنّة؛ لأنه ليس لنا من سبيل نصل فيه إلى مطالبنا غير سؤال خالقنا ومدبر أمورنا، قال تعالى: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [سورة البقرة:186].
يتعرّض الإنسان لكثير من المحن والأخطار، فليس له من دافع يدفعها عنه غير الله تعالى، ولا معين يعينه على تحملها وقضاء حوائجه سواه تعالى، فالإنسان فقير دائمًا إلى رحمة ربّه ولطفه به في سائر أموره وأحواله، فإذا أصلح الإنسان نفسه وأصلح ما بينه وبين خالقه وألَحّ في دعائه، استجاب الله لدعائه وأمدّه بالعون من عنده سبحانه، ومن أسباب استجابة الدعاء أيضًا برّ الوالدين، والإخلاص في القول والعمل، والابتعاد عن النواهي.[١]
قول حسبي الله و نعم الوكيل
قول( حسبي الله ونعم الوكيل ) يعدّ دعاءً من أعظم الأدعية التي وردت في الكتاب والسنة الصحيحة:[٢]
- وردت مشروعية هذا الدعاء في القرآن الكريم، وذلك في الحديث عن صحابة الرسول الكرام في أعقاب غزوة أُحد، في حمراء الأسد، وذلك عندما خوّفهم المنافقون بأن أهل مكة قد جمعوا لهم الجموع الغفيرة التي لا يمكن هزيمتها، وكانوا بذلك يُثبّطون عزائم المسلمين، لكنّ المسلمين لم يزدهم هذا إلا إيمانًا وتمسّكًا بالحق، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
- يقول تعالى: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ . الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [سورة آل عمران: 172-174].
- ورد في صحيح البخاري أنّ هذا الدعاء كان على لسان أولي العزم من الرسل عليهم السلام، فقد دعا به نبينا إبراهيم عليه السلام، وهو في أعظم محنة كان قد ابتلي بها عندما أُلقيَ في النار، وقد دعا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم بهذا الدعاء أثناء مواجهة المشركين في غزوة أحد في "حمراء الأسد ".
- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: ( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ : قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِي فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا: ( إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [رواه عبد الله بن عباس، خلاصة حكم المحدث: صحيح]
معنى قول حسبي الله ونعم الوكيل
فيما يأتي معنى قول حسبي الله ونعم الوكيل:[٢]
- معنى حسبي الله: أي الله يكفيني، والحسب هو الكافي، والله تعالى بقدرته وعظمته وجلاله سبحانه يكفي العبد ما أهمه وأغمه، ويرد عنه بحوله وعظيم قوته أي خطر يخشاه ويخافه، وكل عدو يترصّد لينال منه .
- معنى نعم الوكيل: مدح من هو قائم على أمورنا، وقيّم على مصالحنا، وهو الله تعالى الكفيل بنا، وخير وكيل لنا؛ فمن يتوكل على الله فإنه يكفيه، ومن يلجأ إليه سبحانه وتعالى بصدق فإن الله لا يخيب ظنه ولا يقطع رجاءه، وهو تعالى وحده العظيم الذي يستحق الثناء الحسن والحمد والشكرعلى كل ذلك، ويعدّ هذا الدعاء من أعظم الأدعية، وأكثرها فضلًا، وأصدقها لهجة؛ فهو يتضمن التوكل الحقيقي على الله تعالى، ومَن كان صَادَقًا في لجوئه إلى ربه حقق له ما يكفيه، فيكفيه من شر الأعداء، ويكفيه من هموم الدنيا وكدرها ونكدها، ويكفيه في جميع المواقف التي يقول فيها العبد هذا الدعاء، فيكتب الله تعالى له بسبب هذا الدعاء ما يريده، ويكفيه الحاجة إلى الناس، فهو اعتراف بالفقر والحاجة إلى الله عز و جل، وإعلان عن الاستغناء عمّا في أيدي الناس.
سنّة قول حسبنا الله ونعم الوكيل
إن المسلم يتعرَّض لمواقف صعبة كثيرًا في حياته، وأحيانًا لا يستطيع الخروج من المأزق بما أوتي من قوة، ولذلك قد عَلّمنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، إذا واجهنا هذه المواقف أن نخضع ونُعلن توكُّلنا الكامل على الله؛ لأن الله تعالى هو وحده القادرعلى كل شيء، وهو القادر على كشف كربتنا، ونصرنا على عدونا، ولقد كان هذا الدعاء هو سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، وسُنَّة الأنبياء قبله، لذلك يُسنّ قول حسبي الله ونعم الوكيل عند الشدائد، مع ضرورة معرفة أنه يجب على المسلم أن يأخذ بجميع أسباب النجاة من المأزق، مع ذكره قول: حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا ينبغي له أن يتواكل ويركن إلى قولها فقط دون عمل.
قد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وَوسَّع مداركنا لقول هذا الدعاء المنجي ليس فقط للنجاة من كُرب الدنيا؛ ولكن يقال هذا الدعاء أيضًا للنجاة من كرب الآخرة؛ فقد روى الترمذي حديث أبي سعيد الخدري، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وصاحب القَرْن قد التقم القَرْن، واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ»، فكأن ذلك ثقل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: قولوا:« حسبنا الله ونعم الوكيل» [رواه الترمذي، خلاصة حكم المحدث: حديث حسن]، فلنقل هذا الدعاء في الكربات الشديدة، وعند الخوف من الظالمين وظلمهم، وعندما نتفكر في أهوال الساعة.[٣]
المراجع
- ↑ "الدعاء معناه وأهميته وأسباب استجابته"، islamweb، 19-11-2002، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "مباحث في شرح "حسبي الله ونعم الوكيل""، islamqa، 18-1-2012، اطّلع عليه بتاريخ 27/5/2019. بتصرّف.
- ↑ "إحياء - (320) سُنَّة قول حَسْبِي الله "، 12-5-2015 ، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2019. بتصرّف.