محتويات
الدعاء والتوجه إلى الله
خلق الله الإنسان واستخلفه في الأرض بغرض العبادة، فعلى المسلم أن يتحرى الطرق والأمور التي تقربه من الله وتكسبه رضاه فيفعلها ويتبعها، ويتجنب ما يغضب الله ويبعده عنه من منكرات ومعاصي، ويعد الدعاء من الطاعات والعبادات التي تعني توجه العبد لله عز وجل وسؤاله ما يريد من حوائج الدنيا والآخرة، ولا يكون إلا لله تعالى وليس لغيره من البشر، ومعناه في اللغة الطلب، ولقد وردت في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على الدعاء ومنها قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[١]، كما ثبتت في كتب السنة والسيرة النبوية الكثير من الأدعية عن النبي صلى الله عليه وسلم.[٢]
كيفية الدعاء والتوجه إلى الله
عندما ينوي المسلم الدعاء متوجهًا لله عز وجل، فإنه يرفع كفيه متضرعًا وخاشعًا، وذلك أمر مستحب ومن أسباب الإجابة كما قال العلامة ابن باز رحمه الله، مستدلًا في ذلك بالحديث المروي عن سلمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: [إنَّ ربَّكم حَييٌّ كريمٌ يستَحي مِن عبدِهِ إذا رفعَ يدَيهِ إليهِ بدعوَةٍ أن يرُدَّهُما صِفرًا ليسَ فيهما شيءٌ][٣]، ومن المستحب أن يرفع العبد يديه سواء أكان في المسجد، أو السيارة، أو القطار، أو الطائرة، أو أينما كان، إلا أن هنالك مواضع لم يرفع فيها النبي كفيه عند الدعاء، ومن ذلك خطبة الجمعة إلا عند الاستسقاء، وقبل السلام في آخر التشهد، وبين السجدتين، وعند الأذكار الشرعية، ومن واجب المسلم الاقتداء بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لينال رضا الله ويفوز بجنته.[٤]
إنّ في التوجه لله تعالى إدراكًا للكمال الحقيقي، إذ يحرصُ المؤمن على اللجوءِ إلى الله تعالى بقلب خاضع وممتثل له، فالأمر كله يرجعُ لله، بالتالي فإنّ على المؤمن عبادته والتوكُّل عليه، فهو أهلٌ للعبادة، ويجبُ على المسلم الحق عدم التوجه إلى غير الله عز وجل، فالإنسانُ خُلِق ضعيفًا، بالتالي فإنّه في حاجة إلى القوي الأكمل الذي يكون مجيرًا له في فقره ومرضه وضعفه، فيحرصُ على ممارسة الطقوس الدينيّة والعبادات بخضوع مطلق لله تعالى.[٥]
التوجه إلى الله بأسمائه الحسنى
أسماءُ الله الحسنى هي الصفات الحُسنى له وهي مختلفة، فيعلمُ الإنسانُ علم اليقين أنّ الله تعالى قادرٌ رازقٌ كريمٌ رحيم جوادٌ، إضافةً إلى صفاتٍ أُخرى، والتوجه إلى الله تعالى لا يكون بذكر الاسم لفظًا فقط؛ وإنّما ينبغي على المسلم التحلّي بهذه الصفات في حياته ووجوده، واستشعار قدرة الله -عز وجل- ورحمته الواسعة لجميع المخلوقات؛ لأنّ الاتصاف بهذه الصفات والتحلي بالأخلاق يُخرجان النفوس المؤمنة من دروب أهل النار.
وينبغي تجنُّب الإلحاد في أسماء الله الحسنى؛ والإلحاد هُنا يعني تحريف أسماء الله الحسنى أو مفاهيمها عن طريق وصفه بصفات لا تناسب قُدسيته عز وجل، أو تطبيق صفاته على المخلوقين كما فعل المشركون عبر تسميّة آلهتهم بأسماء مُشتقة من أسماء الله؛ إذ أطلقوا عليها أسماء؛ مثل: اللات، والعُزى، ومناة، إذ اشتقت هذه الأسماء من الله العزيز المنان.[٦]
فضل الدعاء وآدابه
إن للدعاء فضلٌ عظيمٌ عند الله تعالى؛ فقد أخبر الله عباده الصالحين أنّ من يدعوهُ منهم يجده قريبًا يجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعاه، ومن فضل الدعاء عند الله أنّهُ يُعدُّ عِبادة له سبحانه وتعالى ومن أفضل العبادات، وقد أخبرنا النبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم أنّ الله عز وجل يستحي من عبده عندما يرفعُ يديه، وبأنه كريمٌ لا يرده خائبًا، وأخبر النبي أيضًا أن الدعاء يردُّ القضاء، والدعاء يعني مثول العبد بين يدي ربه، ولا شك أن لا أعظم من هكذا حضور، ولهذا فإن هنالك مجموعة من الآداب على المسلم أن يتبعها عندما ينوي الدعاء، وهي:[٧]
- أن يكون قلب الداعي مليئًا بالتوحيد لله عز وجل، وعامرًا بطاعة الله، والاعتراف بربوبيته وحده لا شريك له.
- أن يتحرى الإخلاص في الدعاء فهو شرط أساسي للقبول، ولا يجب أن يجمع العبد في دعائه مع الله أحدًا، والإخلاص موضعه القلب.
- أن يذكر صفات الله وأسمائه الحسنى ويكثر من الحمد والثناء عليه، وكان هذا دأب النبي صلى الله عليه وسلم.
- أن يُكثر من الصلاة على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في دعائه.
- أن يستقبل القِبلة ويوجه وجهه لها وهي مكة المكرمة موضع صلاته.
- أن يكون متيقنًا من الإجابة، فالله رب المعجزات وهو على كل شيء قدير.
- أن يُلح في الدعاء ولا يقنط ولا ييأس، فالله يحب العبد اللحوح الذي يكثر من طرق بابه.
أوقات الدعاء
هناك أوقات للدعاء وهي:[٨]
- الدعاء في جوف الليل وبالتحديد في الثلث الأخير من الليل عندما يقوم العبد ليله والناس نيام.
- الدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة، وتكون وقت الغروب.
- الدعاء في الفترة ما بين الآذان والإقامة، وهو الوقت الذي يكون فيه العبد قريبًا من الله.
- الدعاء من المظلوم لا يرد في أي وقت.
دعاء الأنبياء
للدعاء شأنٌ كبيرٌ عند الله عز وجل؛ فلا مريض، ولا مهموم، ولا مكروب، ولا ضعيف دعا ربه بقلب مخلص ولم يستجب له، حتّى الأنبياء دعوا ربهم وألحوا عليه، فاستجاب لهم ونجّاهم مما كانوا فيه، ومن أمثلة دعاء الأنبياء ما يلي:[٩]
- أيوب عليه السلام: وهو النبي الصابر الذي بقي في مرضه ثمانية عشر عامًا، حتّى تركه البعيد والقريب إلّا زوجته الصابرة واثنان من إخوته، فصبر ودعا ربه حتّى كشف الله -عز وجل- عنه البلوى.
- زكريا عليه السلام: الذي كان عقيمًا لا ولد له، فدعا الله مخلصًا بألا يبقيه وحيدًا ويرزقه الولد، فاستجاب له ورزقه يحيى.
- محمد صلى الله عليه وسلم: الذي أسقط رداءه ورفع يديه مناشدًا ربه، ومكررًا للدعاء حتّى استجاب الله له ونصر الفئة القليلة.
المراجع
- ↑ سورة الأعراف، آية: 55-56.
- ↑ "الدعاء معناه وأهميته وأسباب استجابته"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-9. بتصّرف.
- ↑ رواه الألباني، في مختصر العلو، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 37، صحيح.
- ↑ "حكم رفع اليدين في الدعاء؟"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-9. بتصّرف.
- ↑ إعداد الشيخ مصطفى آل مرهون ( 2013-10-2)، "التوجه إلى الله عز وجل"، mostafa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-28. بتصّرف.
- ↑ المؤلف : ناصر مكارم الشيرازي ( 2014-9-29)، "التوجه إلى الله بأسمائه الحسنى"، almerja، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-29. بتصّرف.
- ↑ "جملة من آداب الدعاء"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-9. بتصّرف.
- ↑ "أوقات يستاج فيها الدعاء"، edarabia، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-9. بتصّرف.
- ↑ "الدعاء"، almunajjid، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-28. بتصّرف.