محتويات
حسبنا الله ونعم الوكيل
ورد لفظ حَسْبُ في معاجم اللغة العربية على أنه اسم فعل بمعنى كافٍ، والإحساب أي الكفاية، فنقول حسبك هذا أي اكتفِ به، وعبارة حسبنا الله ونعم الوكيل بمثابة دعاء العبد تفويضَ أمره لله فهو يكفيه ما أهمه وما أصابه من هم أو خوف أو ضعف أو أي من أمور الدنيا، فيردّ عنه الله عز وجل كل خطر يخشاه، وكلّ عدو يسعى للنيل منه، وذلك بفضل قدرته تبارك وتعالى وعظمته وجلاله؛ فهو المهمين ومالك كل شيء وإنّما أمره أن يقول لشيء كن فيكون، وفي شرح العبارة ورد على لسان الشيخ ابن عثيمين أنه قال أنّ الله يكفي عبده أمور دينه ودنياه، وينصر من يستنصره، ويعين من طلب العون والموالاة.[١]
فضل قول حسبنا الله ونعم الوكيل
حسبنا الله ونعم الوكيل من أفضل الذكر والدعاء، ومن فضائل ذكره ما يأتي: [٢]
- أعلى الأدعية المأثورة مرتبة عند الله وأصدقها لهجة، إذ يتضمن حقيقة التوكل، فمَن صدق في توكله كان حقًا على الله أن ينصره، ويكفيه كفاية مطلقة لا يحتاج بعدها أحدًا، ولا يخشى شيئًا، فالكفاية تشمل هموم الدنيا وشر العدو وكل موقف يردد فيه العبد هذه العبارة.
- اعتراف بالفقر إلى الله وإعلان الاستغناء بما عند الله عن الناس وما في أيديهم.
- سبب من أسباب إجابة الدعاء، إذ يكتب الله لعبده ما يريد.
- حفظ الله جلّ وعلا للعبد، وهذا الحفظ يكفل له سعادة الدنيا والآخرة.
- اقتصاص حق المظلوم من الظالم ولو بعد حين.
- بعث الراحة والطمأنينة والسكينة في نفس العبد المؤمن الذي يعي معنى العبارة ويدرك آثارها الجليلة.
- سبب من أسباب جلب الرزق والخلاص من ضيق العيش وكدر الحياة.
مشروعية قول حسبنا الله ونعم الوكيل
وردت مشروعية عبارة حسبنا الله ونعم الوكيل في مصادر التشريع الاسلامي على النحو الآتي: [١]
- في القرآن الكريم: قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173]، وقد نزلت هذه الآية في معركة أحد التي تسمى حمراء الأسد عندما أعد المنافقون العدة لقتال المسلمين فأخذوا يخوفونهم ويعدونهم بالهزيمة النكراء لإحباطهم؛ فلم يزدهم ذلك إلا إيمانًا.
- في السنة النبوية المطهرة: (عن ابنِ عباسٍ: حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيمُ عليه السلام حينَ أُلْقِيَ في النارِ، وقالها محمّدٌ صلّى الله عليه وسلم حينَ قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) [صحيح البخاري | خلاصة حكم المحدث : صحيح].
تنبيهات على قول حسبنا الله ونعم الوكيل
لا بدّ من التنبيه على بَعْضِ الأحَاديثِ المتداولة في قول حسبي الله ونعم الوكيل، والتي لَمْ تَثْبُتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم، والَّتي لا تَصِحُّ نِسْبَتُهَا إليه صلى الله عليه وسلم بِأي حال مِنَ الأَحْوالِ، وَمِنْهَا:[٣]
- (إذا وَقَعْتُم في الأمرِ العظيمِ فقولوا : حَسْبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ)،[الجامع الصغير | خلاصة حكم المحدث : ضعيف].
- (حَسْبِي مِنْ سُؤَالي عِلْمُهُ بِحَالِي)،[السلسلة الضعيفة | خلاصة حكم المحدث : لا أصل له]. وَهُوَ (مِنَ الإِسْرائِيلِيَّاتِ؛ وَباطل ولا أَصْلَ لَهُ في المَرْفُوعِ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مواضع الدعاء بحسبنا الله ونعم الوكيل
وردت مواضع الدعاء بحسبنا الله ونعم الوكيل في كثير من المواقف التي مرّ بها المسلمون، ومنها المصائب والهموم، أو الأحزان، أو الشعور بالخوف؛ أو التعرّض للظلم، أو طلب العون والنصر من الله، أو غير ذلك من المواقف المشابهة، فهو دعاء المضطر الذي ليس بيده حيلة، وفيه طلب لجوء حقيقي إلى الله جلّ وعلا، واكتفاء به عمن سواه من الخلائق والعبيد، فما خاب عبدٌ رفع يديه إلى الله وأحسن اتكاله وسعيه، ومن المهم أن يكون الداعي متيقّنًا عند ذكر حسبنا الله ونعم الوكيل بأن الله تعالى هو خير وكيل له، في كل أحواله وأموره، وأن الله عزّ وجلّ وحده من سيدافع عنه، وهو القادر على إنقاذه من الظلم، وخلاصه من الحزن والهم الذي يعيش فيه.[٤]
ميّزة الدعاء بحسبي الله ونعم الوكيل
إن دعاءُ اللهِ عزّ وجَلَّ بِهَذا الاسمِ العظيمِ من أسمائه؛ يمثّل نوعين من الدعاء كَغيرهِ مِنَ أسماءِ الله الْحُسْنى، الأول دُعاءُ المَسْأَلةٍ، وَالثاني دُعاءُ العِبادةٍ؛ فَأَمَّا دُعاءُ المَسألةِ أي أن يقَوْلُ العبدِ في الأزمات الشَّديدةِ والضَّائقة العظيمةِ: (حَسْبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ)، وأَمَّا دُعاءُ العِبادةِ فَيعني اعتقادُ العَبْدِ الْجَازِمِ والمؤكد بأَنَّ التَّدبيرَ كُلَّهُ بيدِ اللهَ تعالى وحده، وَالْيَقِينُ الثابت الرَّاسِخُ بأَنَّ كُلَّ شَأْنَ العَبْدِ بيد الله وتحت حُكْمِه سبحانه جَلَّ وعلا، فيُفَوِّضُ الْعَبْدُ جميع أَمْورهُ كُلّها للهِ سُبْحانَهُ وَتَعَالى.[٣]
فوائد الذِكر
للذكر فوائد عظيمة وكثيرة، منها ما يأتي:[٥]
- يطرد الذِكر الشيطان ويكسره ويقمعه.
- سبب في رضا الله عزّ وجل.
- يزيل الهموم والغموم عن القلب، ويجلب الفرح والبسط والسرور.
- يجلب الرزق، ويورث صاحبه استشعار مراقبة الله، حتى يدخل الذاكر في باب الإحسان.
- يورث الذاكر القرب من الله، والإنابة، وهي الرجوع إلى الله تعالى.
- يذكر الله تعالى الذاكر، كما قال تعالى في كتابه:{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }،[البقرة:152].
- يحيي القلب والروح، ويجلي القلب من صدئه.
- يحط الذكر الخطايا ويذهبها، فهو من أعظم الحسنات، لأن الحسنة تمحو السيئة.
- إذاعرف العبد الله في الرخاء ولزم ذكره، عرفه في الشدّة وذكره.
- كثرة الذكر تنجي من عذاب الله تعالى.
- سبب لنزول السكينة والرحمة، كما أن الملائكة تحفّ الذاكر.
- يشتغل اللسان عن الغيبة، والنميمة، والفحش، والباطل والكذب.
- مجالس الذكر هي مجالس الملائكة، ومجالس الغفلة واللغو هي مجالس الشياطين.
- يؤمّن الذكر العبد من الحسرة في يوم القيامة.
- يُعطي الله الذاكرين أفضل ما يعطي السائلين.
- المداومة على ذكر الله تعالى توجب الأمان من نسيانه، الذي يُعدّ سبب شقاء العبد.
- يُعد الذكر نور للذاكر في الدنيا، ونور له في القبر، ونور يسعى بين يديه على الصراط في الآخرة.
- ينبّه الذكر غفلة القلب، ويوقظه من سباته، ويلينه.
- يعادل ذكر الله عتق الرقاب، ونفقة الأموال.
- يُعدّ الذكر رأس الشكر، فما شكر لله حق الشكر من لم يذكره.
- أكرم الخلق على الله تعالى هم المتقين الذين لا يزال لسانهم رطبًا بذكر الله.
- يجلب الذكر النعم ويدفع النقم بإذنه تعالى.
- إن مجالس الذكر هي مجالس الملائكة وهي رياض الجنة.
- إن الله تعالى يباهي بالذاكرين الملائكة.
- تُبنى بيوت الجنة بالذكر، فإذا توقف الذاكر عن الذكر، تتوقف الملائكة عن البناء.
- تستغفر الملائكة للذاكر كلما استغفر.
المراجع
- ^ أ ب "مباحث في شرح "حسبي الله ونعم الوكيل""، islamqa، 2012-1-18، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-28. بتصرّف.
- ↑ Amr Ahmed، "أهم 6 فضائل لحسبي الله ونعم الوكيل"، edarabia، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-28. بتصرّف.
- ^ أ ب النميري الصبار (2014-1-9)، "شعار الموحدين: حسبنا الله ونعم الوكيل"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-28. بتصرّف.
- ↑ أمل سالم (2018-12-2)، "فضل قول حسبى الله ونعم الوكيل 1000مرة"، mosoah، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-28. بتصرّف.
- ↑ "من فوائد وفضائل الذكر"، kalemtayeb، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-28. بتصرّف.