محتويات
الأندلس
تعود تسمية الأندلس بهذا الاسم نسبةً إلى قبائل الفندال أو الوندال، وأُطلق على هذه البلاد اسم فانداليسيا، ولكن مع مرور الزمن حُرّف الاسم إلى أندوليسيا حتى وصل إلى اسمها الحالي وهو الأندلس، وبدأت فكرة فتح الأندلس أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان، وقد فكر عقبة بن نافع في اجتياز المضيق إلى إسبانيا، ولكن نُفذت الفكرة في زمن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بعدما ناقش خطة الفتح مع قائده موسى بن نصير، إذ أرسل موسى بن نصير أحد ضباطه وكان اسمه طريف بن مالك المعافري على رأس قوة عسكرية إلى ساحل إسبانيا الجنوبي من إجل الاستطلاع، وبعد أن بدأ بالتنفيذ اكتشف مدى ضعف وسائل الدفاع الإسبانية، فأرسل موسى بن نصير بعد ذلك قوة عسكرية تتكون من سبعة آلاف مقاتل بقيادة طارق بن زياد الذي كان نائبًا له على طنجة، ودخل الإسلام عام 92 هـ بلاد الأندلس، وبقي حكم المسلمين فترة طويلة حتى مرّ عليها أحوال كثيرة من قوّة وضعف وتخاذل كانت نتيجته سقوط الحكم الإسلامي في الأندلس، بعد أن توغَّل طارق بن زياد في البلاد فتح قرطبة وطليطلة في أوائل عام 93هـ أي 712م.[١]
موقع قرطبة
تعد مدينة قرطبة مدينةً إسبانيةً، وكان أول اسم موثق عُرفت به المدينة هو كوردوبا، وقد أطلقهُ عليها الرومان عندما فتحوها في القرن الثاني قبل الميلاد، وكان القرطاجيون أول من استقروا فيها، إذ مدّوا نفوذهم فيها على طول مجرى نهر الوادي الكبير وفقًا لما أشارت له كتب التاريخ، وهي عاصمة مقاطعة قرطبة التابعة لإقليم الأندلس، وثالث أكبر مدنه من حيث المساحة وعدد السكان، وتوجد على أرضها آثار من أهم عصور التاريخ، وكانت عاصمة الحكم في الأندلس في العصر الإسلامي ومركز أوروبا الثقافي، وتعد من أهم المدن الإسبانية السياحية، وأدرجت منظمة اليونسكو أهم معالمها الأثرية في قائمة التراث العالمي، وغزاها الرومان عام 206 قبل الميلاد، وأسسوا فيها مستعمرةً، ثم احتلها البيزنطيون، وفي أواخر القرن السادس الميلادي انتزعها منهم القوط الغربيون، أمّا الفتح الإسلامي فقد وصلها عام 711م، وفي 716م أصبحت عاصمة ولاية إسلامية أثناء خلافة بني أمية، ثم أصبحت عاصمة إمارة الأندلس المستقلة عن الخلافة العباسية، وبلغت في ذلك العهد أوج تألقها، وتقع مدينة قرطبة في جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية على ضفتيّ نهر الوادي الكبير، الذي يعد أطول أنهار الأندلس، وخامس أطول الأنهار في شبه الجزيرة الأيبيرية، وتحدّها من الشمال سلسلة جبال سييرا مورينا، وتحدّها من الجنوب مساحات ريفية شاسعة، ومناخها قريب من المناخ القاري مع تأثيرات من المناخ الأطلسي، ويتميّز صيفها بشدَّة الحرارة والجفاف، إمّا شتاؤها فهو معتدل، ويعتمد اقتصاد مدينة قرطبة على نشاط الزراعة التقليدي وعلى السياحة، إذ إنّها تعد من أهم مدن إسبانيا السياحية، فهي ذات آثار فريدة، وتتميز بتراثها التاريخي والفني الغني جدًا، كما أنّ لها شُهرة واسعة في صناعة الفضيات وصياغة الحلي.[٢]
تاريخ مدينة قرطبة
كانت مدينة قرطبة عبارة عن مستوطنة رومانية تقع على الجانب الشمالي لنهر الوادي الكبير في عصر جمهورية روما عام 206 ق.م، وأصبحت بعد ذلك عاصمة لولاية بيتيكا ضمن الإمبراطورية الرومانية، وقد بقيت مدينة رومانية لأكثر من سبعة قرون، وتقع العديد من الآثار الرومانية في قرطبة مثل؛ الجسر الروماني، وأطلال معبد روماني، وضريح روماني. فتح القائد المغربي الأموي طارق بن زياد مدينة قرطبة عام 711م، بعد أن قتل ملكها رودريك وعبر بقواته إلى الأندلس، وعلا شأن قرطبة مع مجيء الأمير عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس الذي استولى على الحكم فيها وجعل قرطبة عاصمة له عام 756م، ووصلت المدينة إلى أوج مجدها في عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر سنة (912-961)، وابنه الحكم الثاني (961 - 976)، ثم جاء الحاجب المنصور سنة (981 - 1002)، وقد كانت المدينة منارة للثقافة والعلم في أوروبا، وعاصمة من عواصم الثقافة والأدب العربي والإسلامي، وظهر من الشعراء ابن زيدون، والفقيه ابن حزم، والشاعرة ولّادة بنت المستكفي، وعباس بن فرناس، والموسيقي زرياب.
سقطت الخلافة الأموية في العقدين 1020 - 1030 بسبب الثورة البربرية وظهور ملوك الطوائف الذين قسموها إلى دويلات، منها إشبيلية وغرناطة وبلنسية والمرية والبرازين وسرقسطة وطليطلة، وفقدت قرطبة مكانتها كعاصمة وبزغ نجم إشبيلية لاستقرارها بيد ملك إشبيلية المعتمد بن عباد عام 1078م، ولم تستقر المدينة إلا بعد أن سيطر عليها يوسف بن تاشفين زعيم دولة المرابطين في المغرب، ثم سقطت دولة المرابطين على يد حركة الموحدين، وقد انهزموا في معركة العقاب سنة 1212م، فتهاوت المدن الإسلامية في الأندلس في أيدي مملكة قشتالة، وسقطت قرطبة على يد فرناندو الثالث سنة 1236م بعد خمسة قرون من الحكم الإسلامي في المدينة.[٣]
وصف مدينة قرطبة
تتميز مدينة قرطبة منذ العصور القديمة بالأسلوب المعماري الفريد من نوعه، وقد كانت خلال القرن العاشر الميلادي أكبر مدينة اقتصادية وثقافية في منطقة أوروبا الغربية، وتتمتع المدينة بمناخ البحر الأبيض المتوسط طوال العام، والذي يتأثر بمناخ المحيط الأطلسي، كما كانت مدينة قرطبة مهدًا للعديد من الشعراء والفلاسفة والفنانين، إذ تضم مزيجًا من الثقافات المتنوعة والتي تأسست عبر العصور التاريخية الماضية، كما تعد المدينة اليوم مركزًا فكريًا مهمًا للمعرفة والحكمة، فبالإضافة إلى موقعها الجغرافي المهم، فقد ساهمت القطارات السريعة وشبكات السكك الحديدية الواسعة في إكساب تلك المدينة شعبية كبيرة، وتعد مهرجانات الفلامنكو والباليه، بالإضافة إلى الحفلات الموسيقية والمتاحف من عوامل الجذب الرئيسية في قرطبة.[٤]
تضم مدينة قرطبة العديد من الشوارع المتعرجة والضيقة، وخاصة في الحي القديم في وسط المدينة، وكذلك في المناطق الواقعة في أقصى الغرب، كما ترتبط مدينة قرطبة بضواحيها من خلال جسر مغاربي يضم 16 قوسًا مبنيًا على قواعد رومانية عبر النهر، وتقع في نهاية ذلك الجسر الجنوبية قلعة كالاهورا، كما يقع القصر الذي كان مقرًا لإقامة الخلفاء غرب ذلك الجسر بالقرب من النهر، كما تضم المدينة العديد من المباني المهمة؛ كالأديرة، والكنائس القديمة، ومجلس المدينة، بالإضافة إلى العديد من الكليات، والمدارس، والآثار، ومتاحف الفنون الجميلة، إذ ساعد الطابع المغاربي لتلك المدينة على جعلها من المناطق السياحية المهمة، وتشتهر المدينة بصناعة المنسوجات، والحلي، ومنتجات الذهب والفضة، والنحاس، والبرونز، والألومنيوم، كما تتميز بصناعة الأغذية، وقطع غيار الآلات والمعادن، بالإضافة إلى ممارسة الحرف اليدوية التقليدية.[٥]
السياحة في قرطبة
تعد مدينة قرطبة إحدى أجمل المدن السياحية، إذ تحتوي على أهم الآثار من عصور تاريخيّة مختلفة، وتضم المدينة العديد من الأماكن السياحية المتنوعة، والتي ساهمت في ارتفاع حركة السياحة فيها، مما استدعى إلى زيادة عدد الفنادق والمنتجعات السياحية، ومن الأماكن السياحية فيها ما يأتي:[٦]
- قصر قرطبة.
- جامع قرطبة.
- متحف قرطبة.
- الجسر الروماني قرطبة.
- ساحة كوريديرا قرطبة.
- مدينة الزهراء.
- حديقة قرطبة النباتية.
- البيت الأندلسي قرطبة.
المواقع الأثرية في قرطبة
توجد الكثير من الأماكن الجميلة التي يمكن زيارتها في قرطبة نذكر منها:[٧][٨]
- المسجد الكبير: يعد من أهم الأماكن في مدينة قرطبة، وقد أُدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، بني في القرن الثامن الميلادي، وللوصول إلى المسجد يجب الدخول من بوابة بويرتا ديل بيردون، وتؤدي إلى فناء دي لوس نارانجوس، وفيها كان يتوضأ المسلمون للصلاة، ويدخل الزوار لقاعة المسجد من الفناء، وفي القاعة يوجد 856 عمودًا وأقواسًا ذهبية، وقد حوّل المسجد إلى كاتدرائية سنة 1523م.
- الحي اليهودي القديم: يعد متحف كاسا دي سيفارا الذي يعني بيت اليهود الإسبان من أفضل الأماكن في الحي، ويضم خمس غرف توضح ثقافة السفارديم وتاريخهم، وتنتشر فيه المنازل البيضاء الزهور والباحات الصغيرة الهادئة والأجواء الأندلسية الجميلة والممرات الضيقة.
- قصر فيانا: يشتهر القصر باثنتي عشرة باحة مصممة على الطراز الأندلسي، وفيه نوافير زينة ومسطحات خضراء، ومجموعة من الجلود والأثاث العتيق، وتعد حديقة القصر الخاصة من أجمل أجزاء القصر.
- قصر قرطبة: كان القصر مقرًا للخلافة الإسلامية حتى مجيء الملك فرناندو الثالث الذي غزا المدينة عام 1236 ميلاديًا، ويعود تاريخ القصر إلى العصر المغاربي باستثناء برج محاكم التفتيش.
- كنيسة سان لورينزو: يعود تاريخ الكنيسة إلى القرن الثالث عشر وكانت في الأصل مسجدًا، وهي واحدة من الأمثلة الرائعة على عمارة العصور الوسطى في مدينة قرطبة، ويوجد ممر مزين بثلاثة أقواس أمام مدخل الكنيسة.
- مركز فوسفوريتو فلامنكو: يعد هذا المتحف أفضل متحف للفلامنكو في الأندلس، إذ يضم العديد من المعارض واللوحات المعروضة باللغتين الإنجليزية والإسبانية، والتي تعرض تاريخ الجيتار ونبذة عن حياة عظماء الفلامنكو، ويحتوي المتحف على شاشات تعمل باللمس وتعرض مقاطع فيديو لأغاني الفلامنكو والغيتار، بالإضافة إلى رقصات الفلامنكو الشائعة، كما يضم ساحة كانت عبارة عن سوق للخيول، بالإضافة إلى نافورة حجرية جميلة تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي.
- المتحف الأثري: يعرض هذا المتحف التغيرات الزمنية التي طرأت على مدينة قرطبة منذ عصور ما قبل الرومانيين إلى أوائل عهد الاسترداد، من ناحية الحجم، والمظهر، وأسلوب الحياة، بالإضافة إلى العديد من المنحوتات الجميلة، ومجموعة من العملات المعدنية، والمعارض التي تهتم بالحياة والدين مع توضيحات باللغتين الإسبانية والإنجليزية، أما الطابق السفلي منه فيضم بقايا لمسرح روماني.
المراجع
- ↑ "مختصر قصة الأندلس"، طريق الإسلام، 2015-1-4، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-5. بتصرّف.
- ↑ "قرطبة"، الجزيرة، 2014-11-6، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-5. بتصرّف.
- ↑ "قرطبة"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 23-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "Cordoba city Spain", mapsofworld,1-6-2018، Retrieved 7-7-2019. Edited.
- ↑ Maren Goldberg, "Córdoba"، britannica, Retrieved 7-7-2019. Edited.
- ↑ "السياحة في قرطبة"، رحلاتك، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-5. بتصرّف.
- ↑ "قرطبة .. زهرة الأندلس"، yallabook، اطّلع عليه بتاريخ 23-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "Córdoba attractions", lonelyplanet, Retrieved 7-7-2019. Edited.