أين تقع مدينة حيفا

مدنية حيفا

حيفا هي مدينة فلسطينية تعد من أهم المدن وأكبرها في فترة ما قبل نكبة عام 1948م، وتاريخيًا تعد حيفا من المناطق الفلسطينية التي تأسست على يد الكنعانيين في القرن 14 ق.م، وكانت آنذاك قرية صغيرة وتعاقبت عليها الحضارات مثلها مثل مدن فلسطين عامة حتى فتح سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام، وكان فتحها في عام 633 م ليستقر الوضع فيها، مما دعا العديد من القبائل العربية إلى العيش فيها، وفي عموم المدن الفلسطينية لا سيما المناطق الساحلية فيها لتبقى حيفا مدينة إسلامية عربية في العصور الإسلامية من أموية وعباسية وعثمانية، وقد أسسها القائد "ظاهر العمر" كمدينة حديثة في عام 1761م والذي أسس مناطق في شمال فلسطين كإمارة مستقلة عن الدولة العثمانية، فازدهرت المدينة في العهد العثماني وأصبح لها مجلس بلدي في عام 1873م.[١]

وبحكم موقعها المميز على الساحل الفلسطيني كانت المدينة مركزًا هامًا للمفكرين والأدباء والشعراء، وفي عام 1948م وتحديدًا في الـ 21 من شهر نيسان احتلتها المنظمات اليهودية الصهيونية، وارتكبت مجازر كثيرة في سكان المدينة وضواحيها، الأمر الذي أدى إلى خروجهم من المدينة بعد دفاع مميت عنها، وفور ذلك مباشرةً استبدل سكان بيوتها بعائلات يهودية، وأصبحت أسماء الشوارع باللغة العبرية بدل العربية الأصيلة، وهذه التحولات في معالم المدينة لا تتجاوز مدتها أيام منذ ذلك التاريخ ، فاليوم حيفا عروس الكرمل، وما تزال مدينة محتلة وقد اندثرت معالمها العربية الإسلامية، وحولت العديد من مساجدها لأماكن تُباع فيها الخمور. [١]


موقع مدينة حيفا

تقع مدينة حيفا في الجهة الشمالية الغربية للساحل الفلسطيني؛ فهي مطلة على البحر الأبيض المتوسط مباشرةً، ومما ميز موقعها كونها نقطة الالتقاء بين جبل الكرمل التابع لها والممتد من سلسلة جبال نابلس، وبين السهول الفلسطينية الساحلية؛ فموقعها الجغرافي الهام جعل منها مدينة استراتيجية هامة لفلسطين عبر التاريخ المعاصر، كما أن السهول التابعة لها هو المكان الأمثل لزراعة المحاصيل الزراعية التي تشتهر فيها السهول الساحلية عمومًا، أما جبل الكرمل المواجه لساحلها الذي يرتفع ما يقارب من الـ 596م عن سطح البحر منحها بعدًا جماليًا وبعدًا مناخيًا معتدلًا، بالإضافة إلى البعد الاستراتيجي العسكري؛ إذ تشير الدراسات التاريخية أن المدينة تعرضت للعديد من الغزوات بقصد الاستيلاء على جبل الكرمل لما له أهمية في العديد من النواحي، كما أن موقعها على خليج بحري عميق كان سببًا في أن تكون مرفًأ مميزًا لاستقبال البواخر كبيرة الحجم، فارتباطها الطبيعي بسهل مرج بن عامر كان حلقة وصل مع الميناء فيها، إذ انتبهت حكومة الانتداب البريطاني التي خضعت لها مدينة حيفا حتى عام 1948م إلى أهمية هذا الميناء، فأقامت فيه التوسعات وجهزته بوسائل حديثة، وفي عام 1933م افتتحت هذه الحكومة الميناء ليصبح ميناء لكل من الأردن وسورية والعراق وإيران، بالاضافة للعديد من الدول الآسيوية، ومن الجدير بالذكر أن شركة بترول العراق افتتحت في نفس العام المذكور أنبوبًا لنقل الزيت من مدينة كركوك العراقية ليصب في مستودعات بميناء حيفا، ليُكرر ويُصدر للخارج. [٢]


مدينة حيفا اليوم

تغيرت معالم المدينة في فترة ما بعد نكبة عام 1948م، إذ سيطرت اليهود على المدنية وضواحيها والبلدات التابعة لها تمامًا، إذ كان التعاون بين هذه العصابات وحكومة الانتداب البريطاني في أعلى حالاته لإتمام عملية السيطرة والتي أصبحت حقيقة خلال عدة أيام، ونجحوا في ترحيل أكثر من 70 ألفًا من سكانها الفلسطينيين، وحصروا ما تبقى منهم الذين لم يتجاوزوا الثلاثة آلاف في حيّ معروف باسم "وادي النسناس"، وبالتالي فقدت المدنية معالمها وشوارعها بعد عمليات التخريب والهدم الذي حصل آنذاك، وموقعها المميز ومحاذاتها لجبل الكرمل أدى إلى تميزها في العديد من المجالات على مدى التاريخ، ثم أتى إليها اليهود من كل حدب وصوب، وغيّروا من معالمها وطرقها ومؤسساتها الأمر الذي غيّر من سلوك سكان المدينة في طريقة تعاملهم مع الواقع الجديد الذي فُرض، وأيضًا غيروا في التوزيع السكاني للمدينة؛ فاليوم يبلغ عدد سكانها حوالي الـ 270 ألف نسمة منهم فقط 35 ألفًا من الفلسطينين، وهم يعيشون في أحياء خاصة بهم، وقلة منهم تعيش في أحياء مشتركة مع اليهود الصهاينة، ومن أهم الأحياء الفلسطينية في المدينة التي يسكنها العرب اليوم؛ وادي الجمال، الحليصة، الكبابير، عباس والكرمة، ومن الجدير ذكره أن ستة أحياء فقط في المدينة تحمل أسماء عربية اليوم. [٣]


أهم معلم في مدينة حيفا

يوجد في جبل الكرمل بمدينة حيفا معبدًا لطائفة تدعى الطائفة البهائية، والذي يتوسط ثماني حدائق معلقة لها إطلالة جذابة، فقد عدّتها اليونيسكو إحدى روائع التراث العالمي في عام 2008م، ومن الجدير ذكره أن البهائية هي ديانة حديثة ظهرت في عام 1844م، وتعود لتاجر من شيراز في بلاد فارس، وادعى بأنه صاحب رسالة إلهية، ولقب نفسه بالباب كونه سيكون مدخلًا لعبور الإنسانية، ومن الجدير ذكره أن أبناء هذه الطائفة لا يتجاوز عددهم الألف اليوم، ومعظمهم يعيشون في مدنية حيفا، ونسبة قليلة جدًا في مدنية عكا القريبة منها، وهم من يتولون متابعة مراكزهم الروحية والعناية بالحديقة والمعبد، فالكيان الصهيوني لم يمنحهم الجنسية حتى اليوم، وإنما يُمنحون حق الإقامة لمدة زمنية محددة، وموقفهم السياسي حيادي بأوامر من ديانتهم التي تحظر عليهم المشاركة في المجال السياسي، حتى يسهموا في تحقيق السلام والمحبة بين عناصر الجنس البشري بغض النظر عن دياناتهم. [٤]


تاريخ مدينة حيفا القديم

كانت مدينة حيفا جزءًا من الدول الإسلامية في عهد الأمويين والعباسيين بعدما فتحها خليفة الأمويين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وعمرو بن العاص، في العام 633 ميلاديًّا، وبقيت على حالها إلى أن قام الصليبيون في عام 1100ميلاديًّا بغزو مدينة حيفا، وقد أسموها في ذلك الوقت آنذاك باسم قيافا، وفي عام 1799 ميلاديًّا استولى عليها الجنرال نابليون بونابرت، وفي عام 1839 ميلاديًّا، احتلها الباشا إبراهيم وهو جنرال مصريً ووكيل، إلا إنه في عام 1840 جبر وسلمها للدولة التركية آنذاك بضغطٍ من الأساطيل للقوى الأوروبية، وبقيادة الدولة البريطانية، وبعد نصف قرنٍ تقريبًا في عام 1981 ميلاديًّا، قامت قوات بريطانيا بإحتلال مدينة حيفا، وفي العام 1922 ميلاديًّا انضمت حيفا لتكون جزءًا من الدولة الفلسطينية. اشتهرت حيفا بمينائها الكبير الذي كان السبب الرئيسي الهام لمطمع العديد من الغزاة على مرّ العصور انتهاءً بالصهاينة المحتلين، ففي الحرب عام 1948 ميلاديًّا قام الصهاينة المحتلين باحتلال مدينة حيفا الفلسطينية والسيطرة عليها، وقاموا بطرد العديد من الفلسطينين من منازلهم، فقد كان عدد سكان حيفا آنذاك ما يقارب 50,000 نسمة، وبعد تهجير الصهاينة للمواطنين الحيفاويين الفلسطينين من منازلهم أصبح عدد السكان في حيفا يقارب 3 آلآف نسمة فقط، وبقيت مدينة حيفا إلى يومنا هذا تحت الاحتلال الإسرائيلي الغاشم. [٥]


المراجع

  1. ^ أ ب "تعريف بمدينة حيفا"، quran-radio، 17-9-2019، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
  2. "حيفا (مدينة)"، palestinapedia، 7-1-2014، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
  3. جوني منصور (22-4-2014)، "ذاكرتنا : سـقـوط مدينة حيفا"، wbpalestine، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
  4. عطا الله سعيد قبطي (1-8-2012)، "البهائيّون في حيفا"، assafir، اطّلع عليه بتاريخ 4-8-2019. بتصرّف.
  5. "Haifa", britannica, Retrieved 24ـ9ـ2019. Edited.

فيديو ذو صلة :