محتويات
مدينة يافا
يافا هي واحدة من أقدم المدن الفلسطينيّة التي تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحالي، وتُعرف يافا بعروس فلسطين، وهي جزء من مدينة تل أبيب تتبع لها إدرايًا، ويافا مأخوذة من كلمة يافي وتعني الجميلة في اللغة الكنعانيّة، ثم حُرّف الاسم ليصبح جافا في عهد الفرنجيين، ثم أصبح اسمها يافا، وللمدينة تاريخ عريق وموغل في القدم، إذ تعاقبت على المدينة عدة حضارات وأمم، ودلّ على تاريخها المخطوطات والآثار التي عثر عليها في المدينة، وقبل خضوع المدينة للاحتلال الإسرائيلي كانت منطقة مكتظّة بالسّكان ولكن هُجِر العديد من سكانها الأصليين على مرّ السنين ولم يبقَ منهم إلا القليل، وعدد سكان يافا الآن يبلغ 400 ألف نسمة، ونسبة كبيرة منهم من اللاجئين، ويعتمد اقتصاد المدينة على قطاع الزراعة وزراعة الحمضيات خاصة وقطاع التصدير والاستيراد والقطاع السياحي. [١][٢]
أين تقع مدينة يافا في فلسطين
تعد فلسطين مهد الحضارات، وأرض الرسالات، تتميز بتراثها العريق، وتعد مدينة يافا من مدنها الأكثر أهمية وقدامة عبر التاريخ، أما بالنسبة لموقعها فتقع يافا اليوم ضمن بلدية "تل أبيب-يافا"، على البحر الأبيض المتوسط، إلى الجنوب من مصب نهر العوجا، على بُعد سبعة كيلو مترات، وهذا ما جعلها تتمتع بمناخ هذا البحر، مع صيف حارّ رطب، وخريف دافئ بارد في بعض الأحيان، وشتاء ماطر بارد، كما أنها تبعد عن القدس عاصمة فلسطين الأبية ذات المكانة الدينية القيمة بحوالي 55 كيلو متر، وفي المقال التالي بيان أصل تسمية مدينة يافا، بالإضافة إلى ذكر مقتطفات من تاريخها.[٣]
الأصل في تسمية مدينة يافا
توجد مصادر متعددة في تسمية المدينة بهذا الاسم، وقد احتفظت منذ طليعة نشأتها بهذا الاسم مع بعض التحريف لكن بنسبة بسيطة دون المساس بدلالة التسمية، والاسم الحالي مُشتق من اسمها الذي يعود بأصله إلى الكنعانيين يافا، ومدلول اسمها يعني الجميل أو المنظر الجميل، كما أن الأدلة التاريخية تشير إلى أن جميع مسميات المدينة التي وردت في المصادر القديمة تعبر في معناها عن الجمال، وقد ذكر بعض المؤرخين أن تسمية يافا بهذا الاسم تعود إلى يافث، أحد الأبناء الثلاثة للنبي نوح، والذي أنشأ المدينة بعد نهاية الطوفان، كما أن أقدم تسجيل لاسمها جاء باللغة الهيروغليفية، من عهد تحتمس الثالث، إذ ورد اسمها (يوبا) أو (يبو) في حوالي نصف الألف الثاني قبل الميلاد، وذلك في البلاد الآسيوية التي كانت تحت سيطرة الفراعنة، وقد تكرر الاسم بعد هذا في بردية مصرية ذات صفة جغرافية عُرفت ببردية (أنستازي الأول)، التي أُرّخت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، فقد أشارت البردية إلى جمال يافا، ويطلق عليها في الوقت الحالي عروس البحر أو عروس فلسطين وذلك لأهمية موقعها الجغرافي بالنسبة للدولة الفلسطينية والعالم .[٤]
تاريخ يافا
أما بالنسبة لتاريخ مدينة يافا فيُشكل تصويرًا حيًّا لتاريخ فلسطين الأبية عبر العصور، فقد أسسها الكنعانيون في الألف الرابع قبل الميلاد، فقد كانت مملكة بحد ذاتها، وأما بالنسبة للغزاة فقد غزاها الفراعنة، والآشوريون، والبابليون، والفرس، واليونان، والرومان، وكثرة الغزاة إن دلت على شيء فقد تدل على أهميتها من حيث موقعها الجغرافي واعتدال مناخها وتعاقب الأزمان على أراضيها، وهذا كله يمنحها أهمية إستراتيجية مميزة، وعند دخول الفتح الإسلامي إلى فلسطين فتحها القائد الإسلامي عمرو بن العاص وذلك في العام الذي دخل فيه عمر بن الخطاب مدينة القدس، وخضعت لكل الممالك الإسلامية، إلى أن وقعت تحت احتلال الأتراك، ثم وقعت تحت الانتداب البريطاني، وبعده نكبة 1948 واحتلال الصهاينة لها وتشريد سكانها، وليافا دور كبير وهام بربط فلسطين بالعالم الخارجي، وذلك لعدة نقاط هامة :[٥]
- كونها محطة رئيسية فقد تتلاقى فيها بضائع الشرق والغرب، وتعد جسرًا للقوافل التجارية، كما أن ميناءها يُعد ميناء فلسطين الأول من حيث القِدم والأهمية التجارية والاقتصادية.
- وجود موقعها على البحر الأبيض المتوسط، إلى الجنوب من مصب نهر العوجا الذي يبعد مسافة 7 كيلو مترات، وإلى شمال غرب مدينة القدس على بُعد 60 كيلو متر، وهذا يدل على عظمة مكانتها الاقتصادية والتجارية .
النكبة وأثرها على يافا
يعد الاحتلال الإسرائيلي الذي وقع على الأراضي الدولة الفلسطينية والذي ما زال إلى يومنا هذا، السبب المباشر في معاناة الشعوب الفلسطينية واستشهاد أبنائها، فإن هذا الاحتلال ليس كأي حرب شهدتها البلاد، بل هو استمرار السطو والنهب للأراضي الفلسطينية وتراثها وثقافتها، كما حصل ويحصل في مدينة يافا، فهو احتلال للمدينة بكل ما فيها حتى وصل الأمر إلى الفكر والثقافة وهذا يعد الاحتلال الأخطر، وتعد يافا من أهم مدن الساحل الفلسطيني وشرق البحر المتوسط ما قبل النكبة، فمنذ بداية احتلالها عام 1948، والتي تعد بداية النكبة الفلسطينية، فلم تتوقف محاولات تهويدها؛ فقد قامت سلطات الاحتلال بشكل مدروس على مسح هويتها العربية المكتوبة عبر تاريخها الممتد إلى الألف الثامن قبل الميلاد، وذلك من خلال إزالة الأثر والطابع العربي للمدينة وأحيائها.
وقد أدت هذه النكبة إلى تقليص سكان يافا من المواطنين الفلسطينيين فقد تراجع عدد مواطنيها من 120 ألفًا إلى 3900 فلسطيني، وفي العام 1950، ضمت بلدية "تل أبيب" مدينة يافا إلى نفوذها، وبذلك أصبحت تابعة لها وقاموا بتغيير اسمها الى (يافو) بدلًا من يافا، مما أدى إلى إلغاء بلدية يافا وأصبح سكانها تابعين لبلدية "تل أبيب"، فقد كانت بداية عملية التهويد على يد السلطة الجديدة، مع إزالة أحياء وتراث يافا تمامًا، ومن مواقع المدينة التي تأثرت حي المنشية العريق، فقد زال أثره واختفى تمامًا، وهُجّر سكانه، وذلك لتقام مكانه مجموعة من الفنادق، وذلك بهدف ترويج المنطقة سياحيًا من خلال جعلها مدينة سياحية فهذا الحي كان من أشهر الأحياء مقاومة في فترة ما قبل النكبة، وخلال الحرب؛ إذ عُرف بحي "القبضايات"، كما أن سلطات بلدية الاحتلال عمدت إلى إزالة لافتات الأسماء بالعربية لشوارع العديد من أحياء يافا، إذ استبدلتها بأسماء تعود في أصلها لزعماء يهود؛ والسبب في ذلك يعود للقضاء على الهوية العربية وطمسها واستبدالها بالهوية اليهودية؛ وذلك لغرض استيطان اليهود في فلسطين.
وفي عام 1953 أصدر الكنيست قانونًا عُرف باسم "قانون استملاك الأراضي"، الذي تم بموجبه قرار الاستيلاء على جميع أملاك المهجَّرين الفلسطينيين والتي قد سُميت أملاك الغائبين، أي أن من يمتلكونها قد هاجروا بسبب الاستيطان ومذلة اليهود لهم فلم يستطع أهلها تحمل الذل والإهانة مما أجبرهم على مغادرة أراضيهم وتركها خلفهم، مما أدى إلى نهبها من قبل سلطة الاحتلال التي صادرت جميع الأوقاف الإسلامية، بادعاء غياب المسلمين في الداخل؛ وبهذا أصبحت "مديرية أراضي إسرائيل" هي الوكيل الرسمي لأملاك اللاجئين، وهي المديرية التي قامت لاحقًا، ومنذ مطلع الألفيّة الجديدة تحديدًا ببيع هذه الأملاك للمستثمرين بلا رادع، وفي ستينات القرن الماضي أنشأ الاحتلال "حي الفنانين" في المدينة القديمة؛ إذ ساهم في عملية التهويد ليافا بحجة التحسين العمراني لمبانيها، وقد أدى توافد المصممين والفنانين إلى تغيير النظرة العامة إلى المدينة، إذ أصبحت مدينة اللهو والترف وبهذا قضي على مكانتها الدينية والتاريخية وشُكّل ملجأ للعديد من الأسر اليهودية التي تذهب إلى تلك المنطقة بغرض التنزه على حساب أراضي الشعوب الفلسطينية، بسبب قوة السلطات اليهودية واستيطانها بالجبروت والقوة باستخدام السلاح وقتلها النفوس الفلسطينية دون رحمة.
وخلال السبعينيات والثمانينيات، عمدت سلطات الاحتلال إلى هدم العديد من المنازل في منطقة العجمي، في وقت مُنع البناء أو التجديد في مناطق الفلسطينيين أي استخدموا أسلوب الحظر لأي هيكلة جديدة، مما قاد إلى انعدام إجراء تحسين المنازل المتواجدة وترميمها أو حتى بناء منازل جديدة، كما أن عمليات التهويد لم تتوقف قطعًا بشكلها الاستيطاني المباشر، ففي العام 2009 جاء إليها مستوطنون يهود من مستوطنات مفككة في منطقتي الخليل وقطاع غزة للاستيطان فيها، وذلك بهدف ترسيخ تهويدها وجعلها الوطن البديل.[٦]
المراجع
- ↑ "يافا"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 24-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "يافا"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 24-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "يافا"، الجزيرة ، اطّلع عليه بتاريخ 28-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "يافا للبحرعروس … طلعنا والبابور مشتعل على أمل الرجوع…!!! ….. بقلم …… سليم ابومحفوظ"، وكالة الرأي العربي الإخبارية ، اطّلع عليه بتاريخ 28-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "يافا"، ذاكرات، اطّلع عليه بتاريخ 28-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "تهويد يافا.. حكاية نكبة لم تتوقف"، حفريات. بتصرّف.