السياحة في مدينة قسنطينة

قسنطينة

قسنطينة هي مدينة جزائرية عريقة مُلقبة بمدينة الجسور المعلقة، شُيّدت على كتلة صخرية من الكِلس الصلب، ويشقها وادٍ سحيق جدًا يُسمى "وادي الرمال"، وخرج من هذه المدينة الكثير من العلماء، والمفكرين أبرزهم عبد الحميد بن باديس، ومالك بن نبي، وأحلام مستغانمي، وتوجد مدينة قسنطينة في مركز الشرق الجزائري، وتبعد عن الجزائر أربعمائة كيلو متر، وتتمتع المدينة بمناخ قاري، فتتباين درجات الحرارة بها من الحارة إلى المُعتدلة في فصل الصيف، وشديدة البرودة في فصل الشتاء مع هطول للثلوج في بعض الأحيان، ويوجد مطار دولي في المدينة يُعرف باسم مطار محمد بوضياف الذي يربط القسنطينة بالمدن الداخلية الكبرى، كمدينة الجزائر، ومدينة وهران، إضافة لمدن أوروبية، خاصةً المدن الفرنسية كباريس، ومرسيليا، وليون، ونيس.

ويصل عدد سكان القسنطينة ما يُقارب ال 440 نسمة وِفقًا لإحصائيات عام 2008، وأغلب هؤلاء السكان قادمون من مناطق الجزائر المتنوعة بسبب هروب عدد كبير منهم جراء الاستعمار الفرنسي الذي انتشر إلى أن وصل الأرياف، والبلدان الجبلية، إضافة إلى رغبة الكثيرين بالانتقال إلى الحضر من أجل تحسين مستواهم المعيشي.[١]


السياحية في قسنطينة

تُعدّ مدينة قسنطينة مدينة سياحية بامتياز، فهي تحتل مكانة خاصة في قلوب السائحين، وما يُميزها جسورها المُعلقة الجميلة الرابطة بين الضفة الشرقية، والضفة الغربية، وتُسمى أيضًا باسم "عاصمة الشرق الجزائري"، و"مدينة الصخر العتيق"؛ بسبب تشييدها على صخرة ضخمة قوية، وقد لُقبت ب "عاصمة الثقافة"، في الوطن العربي، وهي مدينة غنية بالتاريخ، ويستطيع السائح مُلاحظة ذلك عند زياته لها من خلال معالمها الأثرية، وطبيعتها الخلابة، ويُنصح بالسفر إلى القسنطينة في فصل الربيع، إذ يكون الطقس في هذا الفصل مُعتدلًا، وجميلًا للتنزه، واستكشاف المدينة.

وفيما يتعلق بالطعام، فإنها تمتاز بتنوع أطباقها ولذتها، إذ توجد الأكلات التقليدية الموروثة منذ القدم، ويتركز طعامهم على لحوم الضأن، والخُضار، والأعشاب، والتوابل، ومن أطعمتهم الشهيرة شوربة الفريكة المتميزة بمذاقها الطيب، إضافة إلى الشكشوكة، والكُسكس الجزائري، والبوراك الجزائري، فجميعها أكلات شهية يُنصح بتجربتها.[٢]


المعالم السياحية في قسنطينة

توجد العديد من المعالم السياحية الجميلة، والغنية بالتاريخ في القسنطسنة، ومنها:[٢]

  • قصر أحمد باي: بُني قصر أحمد باي عام 1835 ميلادي، وقد استغرق بناؤه عشر سنوات، وهو من أجمل المعالم السياحية في القسنطينة وأبرزها، ويتسم القصر بعمارته الشبيهة بالبيوت العصرية المغربية، ويوجد حول القصر ثلاث حدائق مليئة بالحيوانات الأليفة، ومنها الغزلان، وبعض الطيور المهددة بالانقراض، وتبلغ مساحة القصر 6500 متر مربع، أما عدد غرفه 121 غرفة، وهذه الغرف ذات أسطح خشبية مُزدانة بالنقوش الإسلامية، ويوجد 27 رواقًا للقصر، إضافة لخزان ماء يتواجد في منتصف القصر، وهو مُشتمل على أسماك حمراء اللون.
  • الأقواس الرومانية: تُعدّ الأقواس الرومانية من أبرز الشواهد على الحضارة الرومانية، ومن مميزاتها تدفق المياه منها بصورة بالغة الروعة.
  • جسر سيدي مسيد المعلق: يُعد جسر سيدي مسيد المعلق من أشهر الجسور فيمدينة قسنطينة، ويعبر هذا الجسر منطقة وادي الرمال، ويصل بين مستشفى قسنطينة، ومنطقة نهج القصبة، وشُيد هذا الجسر عام 1909.


تاريخ القسنطينة

سُطر تاريخ القسنطينة منذ أن قدم الأمازيغ إليها، وأنشؤوا قبائلهم هناك، وسماهم الإغريق بالليبيين، والنوميديين، وأُسست القسنطينة على يد التجار الفينيقيين، وكانت تُعرف آنذاك باسم "قرتا" الذي يعني بالفينيقية القرية، أو المدينة، أما القرطاجيون فقد أطلقوا عليها اسم "ساريم باتيم"، وعُرفت أيضًا باسم "سيرتا"، واشتهرت القسنطينة أول الأمر عندما جعلها الملك ماسينيسا ملك نوميدية عاصمة لمملكاه، واشتهرت أكثر بعد تعرضها لحصار "يوغراطة"، فقد رفض يوغراطة أن يُقسم مملكة والده لثلاثة أقسام، وساعده على حصارها الرومان، واستغرق الحصار خمسة أشهر، بعدها هاجم تحصينات المدينة، وسيطر عليها، ورجعت مدينة سيرتا "القسنطينة" مرة ثانية إلى عهدها القديم مع يوغراطة الملك الجديد لها.

سيطر الرومان بعدها على مدينة قسنطينة، وفي زمن البيزنطيين، وتحديدًا عام 311 ميلادي حدث تمرد على السلطة المركزية، فاقتحمتها القوات الرومانية مرة أخرى، ودُمرت بأمر من الإمبراطور ماكسينوس، وفي عام 313 أُعيد بناؤها من قبل الإمبراطور قسطنطين، وحملت اسمه، فأصبحت تُعرف بالقسطنطينية، أو القسنطينة، وقد غزاها الوندال عام 429، وأرجعها البيزنطيون.

وعندما دخل المسلمون المغرب ساد في المنطقة نوع من الاستقلال، فقد تولى الأهالي شؤونهم بنفسهم إلى القرن التاسع، وقد قدمت القبائل الهلالية إلى المنطقة، ومع حلول القرن العاشر أصبح الأهالي يتكلمون اللغة العربية، وأصبحت القسنطينة بعدها تحت حكم الزيريين، تلاهم الحماديون، ثم سيطر الأندلسيون على المدينة، وأقامت بها جالية يهودية تعامل السكان معهم بود وتسامح، وبعد سقوط الأندلس طردهم المسيحيون العنصريون منها، ومع حلول القرن الثالث عشر سيطرت الدولة الحفصية القائمة في تونس على المدينة، واستمرت تحت حكمهم إلى أن دخلها العثمانيون الذين حاولوا الاستيلاء عليها مرات عديدة قبل إحكامهم السيطرة عليها، واختيرت القسنطينة لتُصبح عاصمة بايليك الشرق، وطوّر الصالح باي المدينة، وأكسبها طابعًا فريدًا من نوعه، ومن أبرز أعماله؛ تشييده لجامع، ومدرسة "القطانية"، ومدرسة "سيدي لخضر" التي حرصت على تدريس اللغة العربية، كما شُيّد حي خاص لليحود بعد أن كانوا منتشرين في كافة الأرجاء.

وعندما احتل الفرنسيون الجزائر امتنع السكان عن الاعتراف بسلطة الفرنسيين، وقاد أحمد باي الحملة، ونجح بطرد الفرنسيين مرتين خلال سنتين في المعارك التي حدثت للسيطرة على القنطرة التي تُشكل بوابة الشرق، واستطاعت الحملة الفرنسية عام1837 بقيادة دوموريير التسلل إلى المدينة من خلال معابر سرية تقود إلى منتصف المدينة، وعرفوا هذه المعابر عن طريق بعض السكان اليهود الخائنين، ونحج العدو بإحداث ثغرة في جدار المدينة، بعدها حدث الاقتحام، وواجه الفرنسيون مقاومة شرسة جدًا من قبل الأهالي، وتواصل القتال في الشوارع والمنازل الأمر الذي أسفر عن قتل الكثير من الأهالي، وسيطرة الفرنسيين على المدينة.[٣]


المراجع

  1. "قسنطينة"، موسوعة الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-21.
  2. ^ أ ب "السياحة في مدينة قسنطينة .. إستمتع برحلة لن تنساها فى مدينة الجسور المعلقة ” قسنطينة ” .."، مرتحل، 2018-414، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-21.
  3. محمد مروان محمد (2014-3-5)، "قسنطينة التاريخ والحضارة"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-21.

فيديو ذو صلة :