محتويات
ظاهرة تغيّب الطلاب عن المدرسة
تحرص المدارس بكافة مراحلها التدريسية على متابعة دوام طلبتها وتتبع غياباتهم، سواء كانت مرضية أم ظرفيةً أم غير ذلك؛ إذ تحرص العديد من المدارس والمعلمين على التواصل مع ولي أمر الطالب والاستفسار حول أسباب التغيّب وأحوال الطفل في حال المرض أو الظروف العائلية الصعبة التي يتعذر معها حضور الطفل إلى المدرسة.
ويهدف ذلك إلى حصر عدد أيام تغيّب الطالب عن حصصه الصفية ومحاولة منع الغياب غير المبرّر والمتكرر، خاصةً لدى الصفوف العليا التي يتأثر طلبتها بتأخرهم عن المنهاج الدراسي وتفويت العديد من المعلومات القيّمة والمواد التدريسية التي تهمه مستقبلًا في التقييمات السنوية على المدى القريب، وفي حياته المهنية على المدى البعيد كذلك، وفي حال تواصل المعنيين في المدرسة مع ولي أمر الطالب وعدم الحصول على تفسير مناسب للغياب المتكرر، يجب على المسؤولين اتخاذ إجراءات إضافية وخطة تدخّل تضمن حق الطالب في التعليم وإكمال رسالة التعليم السامية.[١]
أسباب تغيّب الطلاب عن المدرسة
توجد العديد من الأسباب التي قد تفسّر أسباب تغيّب الطلاب عن المدرسة باستمرار؛ إلا أنها لا ترتقي إلى كونها مبرّرات قد تؤخذ في عين الاعتبار عند معاينة التزام الطالب، ومنها:[٢][٣][٤]
- الإهمال: قد يعزى تغيّب الطالب إلى إهماله العام بمستواه التعليمي وجهله بالقيمة التعليمية التي تحملها المدرسة بين جدرانها، وما قد تقدّمه له من فوائد جمة تأخذ بيده نحو المستقبل، إذ إن إهمال الطالب قد يكون ناتجًا عن الظروف العائلية الصعبة أو المشكلات الأسرية التي تجبر الطفل الاعتناء بأخوته على سبيل المثال، أو تحمل مسؤولية المنزل دون مساعدة من الوالدين.
- التعامل السيّئ والتنمر: قد يتعرض الطالب للمعاملة المسيئة من قبل المدرسين أو الإدارة، والسائد في أغلب المدارس أن المُدَرس يتعامل مع الطلاب بتسلط ويلجأ إلى التوبيخ والضرب في كثير من الحالات، مما يُنفِر الطالب من المدرسة فيخترع أساليب من أجل التغيُّب، كما يدخل في هذا الباب تعرّض الطالب للتنمر على يد زملائه من الطلاب، إذ يتلقى منهم التعليقات الساخرة أو الانتقادات المستمرة التي تحبطه وتدخله في حالة من الاكتئاب والخوف من المجتمع المدرسي.
- التدني في المستوى التعليمي: قد يتسبب الضعف التحصيلي والدراسي لدى الطفل بكرهه للدراسة والناتج عن خجله من مستواه المتدني واعتقاده بعجزه عن مواكبة زملائه المتميزين.
- فقدان الهدف: أي أن ينعدم وجود هدف محدد عند الطالب يدفعه للتفكير في الدراسة جديًّا، فهو يرى أن الدراسة والذهاب إلى المدرسة مجرد أمر روتيني أو واجب يؤديه لأنه مجبر على ذلك لا راغبًا فيه، ولأن والديه يرغبان في ذلك، دون أن يربط هذا بالمصلحة الشخصية التي يجنيها في حال ذهابه إلى المدرسة، وأنها الطريق الوحيد الذي من خلاله يمكنه أن يُحسِّن وضعه العقلي والمادي ويجعل له دور في المجتمع الذي يعيش فيه.
- الوضع النفسي للطفل: فإن ضعف الثقة يجعله يتحسس من أي انتقاد يمكن أن يتعرض له، سواء كان هذا من الطلاب أو من المدرسين، وهذا بسبب التربية الخاطئة في البيت والتي لم تكن مبنيَّةً على أسس التربية الحديثة التي تعزز ثقة الطفل بنفسه وبقدراته، إضافة للأسلوب الممل والقديم جدًا المتّبع في المدارس، إذ إنّ الطفل بطبيعة الحال يحب اللعب والاستمتاع بوقته، ولذلك فإن أسلوب التلقين بالنسبة له أمر ممل جدًا ولا يفضله في أي حال من الأحوال.
طرق منع التغيّب عن المدرسة
يمكن لولي أمر الطالب اتخاذ عدد من الإجراءات التي تقلل من عدد أيام الغياب لدى الطالب، إذ يمكن للأهل التدخل بأسلوب ودّي ومحاورة الطفل حول أسباب رغبته في التغيب عن المدرسة والسعي إلى التوصل إلى حل لهذه المشكلات بالتعاون مع المعلمين أو الإدارة، وقد ينطوي ذلك على شرح تبعات التغيب المدرسي للطالب، مثل تحمل العبء الدراسي أو زيادة الواجبات المفروضة عليه، كما يستطيع كل من الأهل والمدرسة عقد جلسات حوار حول مشكلات الطلاب وحلولها وتوضيح أهمية التعليم والمدرسة وأثرها على هذه الفئة العمرية في المستقبل، إذ إن منح الأطفال مبرّرات منطقية من شأنه أن يمنحهم ثقة بمحيطهم ويعلّمهم تحمل المسؤولية عن أفعالهم.
فعلى سبيل المثال، يمكن التعامل مع الطالب الضعيف أكاديميًا وفق منهجية التقوية التي تتضمن تمكين الطالب من المواد الدراسية ليصبح في جو مألوف يقربه من التعليم، وكذلك الحال مع الطالب الواقع تحت التنمر أو المشكلات الاجتماعية التي يمكن أن تُحَلّ عن طريق دعم الطالب معنويًا ومنحه الأدوات اللازمة لصنع الفرق وحل مشاكله تحت الإشراف والمراقبة الإدارية والأسرية، ومن الطرق التي أثبتت نجاحها أيضًا تعليق آمال الوالدين والمعلمين المفضلين على الطالب المتغيب، بحيث يدرك الطالب أن آمالًا كبيرة منعقدة على أدائه المدرسي الذي سيسوء بدوره في حال التغيب المستمر، مما سيساهم في التقليل من المشكلة.[٥]
تتعلق كل هذه الأسباب والحالات التي ذكرناها آنفًا بالغياب المخالف وغير المبرر، ولكن هذا لا ينفي وجود عدد كبير من الطلاب ممن يحبون المدرسة ولا يتغيبون عنها إلا لأسباب قاهرة وخارجة عن إرادتهم، كأن يكون الطالب مضطرًا للسفر لأمر طارئ، أو أنّه مصاب بوعكة صحية، أو في حال وفاة فرد من العائلة، أو المواعيد الاضطرارية مثل المواعيد الحكومية أو مواعيد الأطباء؛ إذ تسجّل هذه الغيابات رسميًّا بتقارير يلتزم الطالب بإحضاها، أما التغيب غير المسموح به فيمكن أن يندرج تحته التغيّب بسبب النوم لوقت متأخر أو المغادرة أو التغيب دون الحصول على إذن طبي أو إذن من ولي الأمر أو العطلات العائلية الترفيهية والانقياد لمزاجية الطالب في الحضور إلى المدرسة أو التغيب عنها.[٦]
أهمية المدرسة في حياة الطالب
تعدّ المدرسة البيت الثاني للطالب، والمكان الذي تغرس فيه كل القيم الإيجابية والأخلاقية في صغره لتبقى جزءًا من شخصيته وكيانه في المراحل التالية من حياته؛ فالمدرسة أساس المجتمع ومنبع قادة المستقبل من أطباء ومهندسين وعمّال وطن على اختلاف المهن وتعدّدها.
إنّ المدرسة عالم يجمع بين طيّاته الكثير من العلوم والمعارف والحوافز الإبداعية التي تدفع بالطفل إلى النمو بأسلوب إبداعي يشجّع فكره وينمّي ذكاءه؛ ولذلك يجب أن تحتل مكانة كبيرة في قلبه وأن يحبها ويحب الذهاب إليها دائمًا، ويقع هذا الأمر على عاتق المدرّسين والمسؤولين في المدرسة مباشرةً، كما أن للأهل دورًا كبيرًا في هذا أيضًا من خلال تهيئة الطفل نفسيًا للذهاب إلى المدرسة وتقبلها كجزء لا يتجزأ من هيكليته النفسية والعقلية والمجتمعية والمستقبلية.
باتت ظاهرة تغيّب الطلاب عن دوامهم المدرسي في السنوات الأخيرة جليةً، ولا زالت في تزايد ملحوظ ومستمر؛ وتكمن المشكلة الكبرى في هذا النطاق في عدم التزام الطالب في دوامه المدرسي وتفضيله البقاء في المنزل أو اللعب، فتتكرر غياباته وتصبح المدرسة على هامش حياته اليومية لا محورها.[٧]
المراجع
- ↑ "Unexplained student absences", Victoria State Government Education and Training, Retrieved 10-9-2019. Edited.
- ↑ "SIX CAUSES—AND SOLUTIONS—FOR CHRONIC ABSENTEEISM", naesp, Retrieved 25-10-2019. Edited.
- ↑ Kyreon Lee (20-11-2018), "Educational neglect or truancy: Battling classroom attendance"، krcgtv, Retrieved 25-10-2019. Edited.
- ↑ "Tackling the causes of Truancy from School", creativeeducation, Retrieved 25-10-2019. Edited.
- ↑ Jennifer O'Donnell (29-9-2019), "Stop Your Tween From Skipping School"، verywellfamily, Retrieved 9-10-2019. Edited.
- ↑ "Examples of Excused and Unexcused Absences", stillwaterschools, Retrieved 25-10-2019. Edited.
- ↑ "The importance of school education in child development", Education World, Retrieved 9-10-2019. Edited.