محتويات
دار الأيتام
تدعم الحقوق الدينية والسماوية والدولية حق الإنسان بالحصول على بيئة صحية سليمة على كافة المستويات بما في ذلك المسكن، والذي يقع على عاتق الوالدين مسؤولية توفيره إلى جانب حياة كريمة تضمن له السعي لتحقيق مستقبل مشرق، لكن الحياة ليست وردية على الدوام بهذا الشكل خاصة عندما يولد طفل يتيم ليس له أب أو أم، وهنا يبرز دَور دار الأيتام ليحل محل المسكن، ودار الأيتام عبارة عن بيوت عامة يتم إقامتها بدعم من الدولة أو المحسنين أو المتطوعين الراغبين بإرسال التبرعات الخيرية، وقد يقيم اليتيم لوحده في دار الأيتام أو بصحبة والدته في بعض الحالات.
ويجب أن تكون الدار مزودة بوسائل الرعاية والحضانة والتربية والتعليم المناسبة للأطفال، وذلك بإشراف مجموعة من المربيات والمربين الحاصلين على الخبرة والمؤهلات التربوية والتعليمية العالية من أجل تهيئة وسط اجتماعي تربوي تعليمي مليء بالدفء والحنان والمحبة والمودة بشكل مشابه لما تكون عليه الأسرة، ويقع على عاتق الدولة مسؤولية توفير ذلك المكان بشكل عاجل وملح عند الحاجة، وذلك وفقًا للشريعة الإسلامية والقوانين المدنية الواجب العمل بها، وتقوم فلسفة دار الأيتام على القناعة بأن الأسرة والكنف العائلي هي المكان الأفضل والأصح لتنشئة الأطفال وبأنه لا بديل عنه، لكن افتقار الطفل إليه يستدعي إنشاء البدائل لمحاولة تعويض ذلك لدى الطفل.[١]
ما الخدمات التي تقدمها دور الأيتام؟
تزداد حاجات الأطفال مع نموهم، وكلما انتقلوا من مرحلة عمرية إلى أخرى ظهرت المزيد من الجوانب الإنسانية التي تتطلب الانتباه والعناية، ولهذا السبب فإن مسؤولية دور الأيتام ليست جسدية وحسب وإنما شاملة وعامة، وفيما يلي سنطرح لك بعض أهم الخدمات التي تقدمها دور الأيتام والتي توضح أهمية تلك المؤسسات والدور في المجتمع في الوقت ذاته:[٢]
- تحرص دور الأيتام على تقديم خدمات الإيواء من إقامة ومبيت وخدمات الإعاشة الأساسية كتوفير الطعام والشراب والملابس وغيرها.
- تقوم دور الأيتام على إعداد الدراسات الاجتماعية عن حالة كل طفل من أجل تقييم الحالة ودراسة إعادة الطفل لبقية أقاربه عند استقرار الظروف الأسرية.
- تعمل دور الأيتام على تعديل اتجاهات الأطفال والتركيز على تحقيق ذاتهم مع الآخرين والمجتمع ليبقوا جزءًا أساسيًا من نسيجه الواحد.
- توفر دور الأيتام خدمات المعالجة النفسية التي يضطلع بها نخبة من المرشديين النفسيين الأكفاء والقادرين على التعامل مع الأطفال بحساسية وحذر.
- تقدم دور الأيتام محاضرات توعوية وإرشادية تشمل الجوانب الدينية والوعظ من أجل تعزيز أهمية العقيدة في نفوس الأطفال.
- تبرمج دور الرعاية العديد من الدورات المعنية بمواضيع شتى؛ مثل تعديل سلوك الطفل، وأساليب التربية الحديثة، ودورات توعية في مرحلة النمو الأولى، ودورات تفريغ نفسي للكادر العامل، ودورات التعريف بالقوانين المتبعة، ودورات حاسوب وغيرها من الدورات المفيدة لإكساب الأيتام مهارات حياتية ومهنية مفيدة لهم.
ما متطلبات وشروط إنشاء دار الأيتام؟
تتلخص فكرة دار الأيتام بشكل عام في توفير مسكن مشابه لبيت العائلة بالنسبة للطفل، وعلى الرغم من بساطة ذلك التعريف إلا إنه ليس بالسهولة التي تظنها لأسباب كثيرة أهمها؛ وجود أعداد كبيرة من الأطفال تفوق العدد الذي يمكن أن يتحمله البيت العادي، بالإضافة إلى طبيعة الحالة النفسية والمعنوية التي يعاني منها الطفل اليتيم والتي تجعله أكثر حساسية في التعامل مع المجتمع والناس من حوله، وعندما يرغب شخص ما ببناء دار للأيتام فإن الدول تضع مجموعة من القوانين والشروط قبل أن ترسل ردها بالموافقة عليه، وفيما يلي سنتعرف على بعض المتطلبات والشروط المطلوبة لترخيض دور الأيتام في بعض الدول:[٣]
- المستندات الورقية الرسمية: وتتضمن طلب من الجمعية بالموافقة على الترخيص، وصورة من محضر مجلس الإدارة يؤكد الموافقة على الترخيص، وصورة من لائحة النظام الأساسي المراد العمل به بعد التأسيس.
- شروط الحصول على تلك الخدمة: وتتضمن موافقة خطية من الوزير على استثناء من قرار منع الترخيص، ومقر سكني مستقل سواء أكان إيجارًا أو تمليك، وموافقة من الحي والدفاع والإسكان كذلك، وأن يكون سن المديرة أكبر من سن محددة.
- إجراءات المواطن: وتتضمن البدء بتقديم طلب من الجميعة إلى الإدارة الاجتماعية التابعة للحي السكني الذي ستقام به الدار، ومن ثم يقوم بتقديم المستندت الورقية سابقة الذِكر.
- إجراءات الجهة المقدمة للخدمة: المعاينة من قِبل الإدارة، ومن ثم البت في الطلب بعد انطباق الشروط.
مَعْلومَة
حرص الإسلام على تدعيم روح التكافل والتعاون بين كافة أطياف المجتمع، وذلك لكي يكون بناؤه سليمًا ودعامته قوية، وهذا بالطبع يتطلب الالتفات والاهتمام بالمحتاج والأيتام، ولقد بينت الشريعة أهمية العناية باليتيم وكفالته في العديد من المواضع القرآنية والسنة النبوية الشريفة وكذلك آراء العلماء بالاجتهاد والإجماع، وفيما يلي نبين الأجر الذي يعود عليكَ كمسلم عند رعاية اليتيم:[٤]
- ينال كافل اليتيم صحبة النبي في الجنة، وذلك للحديث المروي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [كافِلُ اليَتِيمِ له، أوْ لِغَيْرِهِ أنا وهو كَهاتَيْنِ في الجَنَّةِ وأَشارَ مالِكٌ بالسَّبَّابَةِ والْوُسْطَى][٥].
- وعد الله مُطعِم اليتيم بالخير واعتبره سببًا لدخول الجنة وذلك في قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}[٦].
- أوصى الله المسلمين بالإحسان لليتيم ورعايته في الكثير من الآيات، ومنها قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ}[٧]، وفي طاعة الله نيل سعادة الدارين الدنيا والآخرة دون شك.
- ينال المسلم دفع الأذى في عنايته باليتيم، إذ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "اليتيم في الآدميين من فقد أباه؛ لأن أباه هو الذي يهذبه، ويرزقه، وعليه نفقته وحضانته، والإنفاق هو الرزق، والحضانة هي النصر لأنها الإيواء، ودفع الأذى، فإذا عدم أبوه طمعت النفوس فيه؛ لأن الإنسان ظلوم جهول، والمظلوم عاجز ضعيف، فتقوى جهة الفساد من جهة قوة المقتضي، ومن جهة ضعف المانع، ويتولد عنه فسادان: ضرر اليتيم الذي لا دافع عنه، ولا يحسن إليه، وفجور الآدمي الذي لا وازع له"[٨].
المراجع
- ↑ د نسيبة جلال ، الرعاية النفسية للأيتام السوريين اللاجئين، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ "مؤسسات الرعاية الاجتماعية "، وزارة التنية الاجتماعية ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-24. بتصرّف.
- ↑ "ترخيص بتأسيس دار أيتام "، دليل الخدمات العامة ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-24. بتصرّف.
- ↑ "فضل كفالة اليتيم"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-24. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:2983، صحيح.
- ↑ سورة الإنسان ، آية:8
- ↑ سورة البقرة، آية:83
- ↑ ابن تيمية، مجموع الفتاوى، صفحة 108-34.