محتويات
مدينة سوسة التونسية
تُعد من أكبر المدن التونسية من حيث التعداد السُكاني والمساحة، ويمكن اعتبارها من أفضل الوجهات السياحية، إذ تبلغ مساحتها 2621 كيلومتر مربع، وتقع سوسة في الجهة الجنوبية من تونس العاصمة وتبعد عنها ما يقارب الـ 140 كيلومتر، وهي مدينة ساحلية بامتياز وذلك لموقعها الحدودي بالنسبة لجزء من البحر الأبيض المتوسط وهو خليج الحمامات.[١]
وتتبع مدينة سوسة التونسية والتي يشار إليها محليًا باسم لؤلؤة السهيل في الوقت الحالي لولاية سوسة، وتُعد أحد مراكزها الرئيسية، بالإضافة إلى كلٍ من المهدية والمنستير؛ مسقط رأس الحبيب بورقيبة، وهو أول رئيس تونسي، وترتبط سوسة عن طريق البر والسكك الحديدية بتونس وصفاقس (قفقيس) وقابس وقفصة (قافلة) وغيرها من المدن التونسية، الأمر الذي جعلها محط اهتمام خاصةً في بداية الستينات؛ إذ شهدت المدينة جولات إعادة إعمار عديدة فيما يخص السياحة والتجارة من مرافق، بما في ذلك بناء مرسى جديد في ميناء القنطاوي، وتوجد لمدينة سوسة التونسية جامعة كبيرة سُميت باسمها وأُنشئت في العام (1986)، وتُقدم جامعة سوسة العديد من الدورات وتُدرس شتى الموضوعات في عدد من الكليات.[٢]
وتمتاز المدينة بمناخ مشمس معتدل في أغلب أوقات العام، ومع ذلك، فإنه وفي ذروة الصيف قد تأتي بعض الأيام الحارة، وقد يصل متوسط درجات الحرارة إلى 32 درجة مئوية أو أكثر، أما في أشهر الشتاء، فتنخفض درجات الحرارة طبيعيًا ويزداد عدد الأيام الممطرة؛ لذا فإن أفضل وقت لزيارة سوسة هو خلال الأشهر بين أيار وتشرين.[٣]
موقع مدينة سوسة
تقع مدينة سوسة في الوسط الشرقي للبلاد التونسية، وهي مركز منطقة الساحل التونسي، وتعرف باسم "جوهرة الساحل"، ويمتد الساحل التونسي على طول حوالي 170 كم، وعرض 25 كم تقريبًا، وتعد سوسة من المدن الساحلية التي تشرف على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وتمتاز بسواحلها الرملية المناسبة للنشاط التجاري البحري، وللصيد الأسماك، وللنشاط السياحي، وتتكون تضاريسها من سهول وتلال قليلة الارتفاع، وتعد أراضيها مناسبةً للنشاط الزراعي وتربية المواشي مثل؛ الغنم والماعز والبقر والدواجن، ويعد مناخها مناخًا متوسطيًا معتدلًا، وتتراوح كميات الأمطار الهاطلة فيها بين 250 و400 مم سنويًا.
تحيط بمدينة سوسة شبكة كثيفة من العمران، وهي متباعدة بما يقدر بحوالي 5 كيلومترات، وأكبر المدن المحيطة فيها من حيث عدد السكان هي؛ مساكن والمنستير والمهدية، وتقع سوسة على مسافات غير بعيدة من المدن التونسية الهامة، فتقع على بعد 140 كم جنوب تونس العاصمة، وتبعد 50 كم عن شرق القيروان، وتبعد 20 كم غرب مدينة المنستير، وتبعد 120 كم شمال مدينة صفاقس.[٤]
تاريخ مدينة سوسة ونشأتها
عُرفت سوسة التونسية سابقًا باسم حضرموت "Hadrumetum"، وهو الاسم الذي منحها إياه الفينيقيون إبان تأسيسها في القرن التاسع قبل الميلاد، واهتم الفينيقيون بالمدينة وبنوا فيها مسارح وقلاع كثيرة لا زالت بعض آثارها قائمة حتى الساعة، كما قد توالت العديد من الحضارات الأخرى عليها ومنها:[١]
- الحضارة الرومانية: دخل الرومان سوسة في القرن الثاني قبل الميلاد تقريبا وغيروا اسمها؛ فأصبحت جزءًا أساسيًا من الإمبراطورية، حتى أنها خاضت حربًا بصفتها مدينة رومانية في ذلك الوقت ضد قرطاج التونسية، واستمرت المستوطنات الرومانية في سوسة إلى بدايات القرن الميلادي الخامس، إلا أنها تعرضت للتشويه والتدمير من قبل المخربين الَذين حولوا اسمها في تلك الفترة إلى "هينركبولس - Hunerikopolis ".
- الحضارة البيزنطية: ضُمت سوسة في القرن السادس إلى مملكة بيزنطة وعُرفت حينها باسم جستنيانوبوليس.
- الأعراب: في القرن الميلادي السابع سيطر العرب على المدينة التونسية وأطلقوا عليها اسمها الحالي " سوسة"، وبقيت المدينة تحت حكم القبائل العربية مثل "الأغالبة" الذين أسسوا الميناء البحري الرئيسي فيها وجعلوها مقرا رسميَا دائمًا لهم، فنصبوا لها عاصمة " القيروان حاليًا"، واعتمدوها كمقرً حربي لغزو "صقلية" عام 827.
- حضارة النورما : احتل النورمان سوسة في القرن الثاني عشر، إلا أن استعمارهم لها لم يدم طويلًا.
- الإسبان : وكان ذلك في القرن السادس عشر.
- الفرنسيون : تعرضت المدينة للقصف من الفرنسيين بالتحالف مع البندقية في القرن الثامن عشر، وبقيت تحت سيطرتهم حتى أواخر القرن التاسع عشر فاهتموا بالمدينة من حيث البناء وإضافة المرافق على الميناء فيها وانشاء بعض الصروح التعليمية فيها، فاعتمدت اللغة الفرنسية فيها لوقتٍ طويل.
مدينة سوسة بين الماضي والحاضر
يرجع تاريخ مدينة سوسة إلى أكثر من 2800 عام، وعرفت المدينة قديمًا باسم المحروسة الذي أطلقه عليها المسلمون، وهو اسم أمازيغي، وتحمل مجموعةً من المناطق الموجودة في شمال أفريقيا الاسم نفسه، وتتمتع بالعديد من الأماكن السياحية القديمة، وقد طُورت منذ الستينات لتصبح وجهةً سياحيةً مميزةً، وكانت مدينة سوسة من المدن المتميزة عبر العصور، وكانت بارزةً عن المدن الأخرى التي كانت تزدهر ببطء شديد.
أما في الوقت الحاضر فمدينة سوسة تعد واحدةً من أهم المراكز الإدارية والصناعية المميزة، كما أنها تعد وجهةً سياحيةً، إذ تحتوي على جميع ما يحتاجه السياح من مرافق سياحية وفنادق، بالإضافة إلى الأماكن الترفيهية والثقافية التي لا مثيل لها، واستطاعت الحصول على مكانة مميزة بين مختلف المدن التونسية، ويعد الوقت الأفضل لزيارة مدينة سوسة هو بين شهري مايو وأكتوبر، إذ يكون المناخ خلال فصل الصيف حارًا، ويبلغ متوسط درجات الحرارة فيها حوالي 32 درجةً مئويةً، أما في فصل الشتاء فتنخفض درجات الحرارة لتهطل كميات كبيرة من الأمطار، بينما يكون الطقس في معظم أيام العام معتدلًا ومشمسًا.[٥]
سُكان مدينة سوسة
حسب إحصائيات الحصر السُكاني للعام (2014) فإن عدد السكان فيها حوالي 173000 نسمة، لذا فإنها ذات كثافة سُكانية مُتوسطة إذا ما قُورنت بباقي المدن التونسية، ويمتاز السُوسييون بالضيافة، وحُسن التعامل مع القادمين إليهم من الخارج بهدف السياحة، ويمكن للرحالة الرجال التجول فيها، ونظرًا لكونها مدينة سياحية فإن أغلب سكانها يعملون بالتجارة ويملكون محال تجارية تتخصص غالبًا في بيع التذكارات والهدايا والسلع ذات الطابع التاريخي، ولمحالها أسعار ثابتة وهذا أحد أهم الأسباب لاعتبارها آمنة، فمن غير المرجح أن يتعرض السائح للاحتيال في سوسة.[٣]
تُعد التجارة من أبرز الأنشطة الاقتصادية الرئيسية في سوسة بالإضافة للسياحة وصيد الأسماك، ورغم طبيعتها الساحلية إلا ان بعض السوسيين عمدوا إلى ممارسة مهن بعيدة عن جوها كالزراعة والتصنيع والحدادة؛ ففيها تصنع المعدات الثقيلة كالسكك والجسور ومعدات النقل والحاويات الكبيرة، أما عن الصناعات الغذائية فيها فغالبيتها يتعلق بالطعام المعلب كالسردين، كما أنها مُصَدِر رئيسي للزيتون وزيته وبعض الأنواع الأخرى من المزروعات والعُشبيات، وقد ساهم موقع سوسة الاستراتيجي في مُساعدة السُكان على أداء أعمالهم المختلفة، خاصة التجارية منها فهي التقاطع الأكثر أهمية للمواصلات البرية في تونس، سواء عن طريق البر كمعبر لشحانات النقل والسيارات والسكك الحديدية، أو عن طريق الجو؛ إذ تشترك سوسة مع المنستير في مطار المنستير الدولي.[١]
النسق المعماري لمدينة سوسة في تونس
اشتهرت سوسة بالمباني القديمة فيها، فأصبح بالإمكان تمييز عراقة المباني من لون الحجر وحجمه، الأمر الذي جعلها تُصنَف كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 1988، والبلدة القديمة في سوسة مُحاطة بأسوار بيزنطية ضخمة بُنيت بحجارة سميكة، وذلك لحمايتها من أي غزو خارجي قد يطالها، وداخل هذه الأسوار مدينة بأكملها تضُم بعض الصروح البارزة التي تدل على تاريخ سوسة وتعطي انطباعًا عن الحضارات المتتالية على أراضيها، ويمكن ملاحظة النمط المعماري المُتبع لإنشاء المرافق فيها وتخمين فترة إنشائها تبعًا للنقوش والزخارف فيها.[٢] وتوجد في سوسة التونسية العديد من المعالم الآثرية التاريخية التي يتجلى بها النسق المعماري للمدينة ويمكن للسائح زيارتها والتمتع في أجوائها ومنها:
- المسجد الرئيسي (الجامع الكبير): سمي بذلك نسبةً لحجمه ومظهره الخارجي الأشبه بالقلعة، وكان المسجد الرئيسي من أكبر المباني حين بناه أبو العباس محمد في عام 850 م، وعلى عكس العديد من الجوامع الأثرية في تونس؛ فإن الجامع الكبير لم يشهد سوى القليل من التعديلات الرئيسية على مر القرون، والنتيجة هي أنه بالمقارنة مع المساجد التونسية الأخرى، قد يبدو الجامع الكبير قلعة غير مكتملة، لا سيما أنه لا يوجد به برج مئذنة طويلة كباقي الجوامع، وقد ألحقت القبة وغيرها من المرافق بالمسجد في القرن الحادي عشر، إلا إن المئذنة لم تضف لسبب ما، فلا تزال تستخدم القبة كمئذنة إلى وقتنا الحالي.[٣]
- القصبة: بُنيت القصبة في أكثر المناطق ارتفاعًا في سوسة، إذ كان الهدف من بنائها أن تُستخدم كبرجٍ للاستطلاع والمراقبة، فشُيدت تدريجيًا حول أحد الأبراج في المدينة واسمه "الخلف" الذي بني في عام 859، وعامل الجذب الرئيسي لزيارة القصبة هو المتحف الأثري فيها.[٣]
- متحف سوسة الأثري: يقع داخل القصبة وتوجد فيه مجموعة كبيرة من الفسيفساء ويأتي في المرتبة الثانية - من حيث الأهمية- بعد المجموعة الفسيفسائية في متحف باردو في تونس، بالإضافة للفسيفساء التي تعرض مشاهد من المدرجات والآلهة الأسطورية القديمة والعربات والحيوانات البرية مثل النمور، وتوجد العديد من المعروضات في المتحف كالمزهريات والأقنعة والتماثيل ومقابر الدفن بأكملها.[٣]
- المتحف التقليدي لقلعة القبة: يعود تاريخه إلى القرن الحادي أو الثاني عشر، وبني وفقًا للطراز المعماري الفاطمي ويظهر النسق الفاطمي في التصميم والبناء على وجه الخصوص في الزخرفات والتعرجات على القبة.[٣]
- دار السيد: دار السيد في سوسة هي دار مفتوحة تُوفر فرصة نادرة للاطلاع على الحياة الراقية في تونس، وهو مزين بمزيج من اللمسات التقليدية التونسية وبعض القطع المعاصرة من أوروبا؛ إذ سيظهر جليًا مدى رفاهية سكانه السابقين، إذ استخدم من قبل أحد المسؤولين عن المنطقة في القرن التاسع عشر.[٣]
- زاوية زقاق: وهو عبارة عن ممر ضيق في أحد شوارع التسوق الشعبية في سوسة، ويمكن تمييز هذا الزقاق عن غيره من الأزقة المنتشرة في تونس من المئذنة الطويلة في بدايته، وتتكون المئذنة من ثلاثة طوابق تقريبًا وتُعد أفضل مثال على العمارة العثمانية في سوسة، وتتزين أرضها وجدرانها بالزخارف والأحجار الزرقاء والخضراء بتصميم من المحتمل أن يكون قد نشأ في الأندلس.[٣]
- سراديب الموتى: لم يكن الهدف من بناء سراديب الموتى كملاجئ للاختباء عند تعرض المدينة للغزو خلال فترة الاضطهاد الروماني كما كان يُعتَقد، بل بُنيت كضروح للموتى المسيحيين، وتمتد الأنفاق في السراديب لأكثر من 5 كم، وتحتوي على 15000 قبر، إلا أن المنطقة المفتوحة للزائرين تشتمل على 100 م من الأنفاق المضاءة فقط، وهي مسافة كافية رؤية البوابات الحديدية التي لا نهاية لها.[٣]
السياحة في مدينة سوسة
تتميز سوسة بجمال موقعها علي ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتنقسم سوسة إلى جزأين هما؛ الحي القديم الذي يحيط به السور الواقع في منطقة الرباط وفيه أغلب الآثار العربية والرومانية القديمة والجامع الكبير، كما تتميز بالأسواق القديمة التي تباع فيها المصنوعات التقليدية مثل؛ الزرابي والمصنوعات النحاسية والخشبية، أما الجزء الثاني منها فيمتد بطول خمسة كيلو مترات على الساحل، ويتميز بمبانيه الحديثة، وهي في الغالب فنادق سياحية، ولكل فندق منها شاطئه الخاص به، إضافةً إلى برك السباحة والملاعب التي يُقدم فيها الفولكلور الشعبي، وتمتاز فنادقها بالأشكال الهندسية العربية.
ومن أكثر الأحياء شهرةً فى مدينة سوسة الحي العربي القديم الذي يعد وجهةً للسياح، فهو من الأماكن المزدحمة ليلًا ونهارًا، ويوجد فيه السوق العربي التقليدي، الذي يعد سوقًا مسقوفًا، وأنشئ في عهد الأتراك، ويزدحم بالمحلات التي تعرض المنتجات التقليدية من البطانيات الصوفية الملونة ومنتجات الخزف والمطروقات النحاسية، كما توجد فيه الأزياء الباريسية والأوروبية، إلى جانب الأزياء الوطنية التونسية.[٦]
المراجع
- ^ أ ب ت Tore Kjeilen, "sousse"، looklex, Retrieved 2020-1-12. Edited.
- ^ أ ب The Editors of Encyclopaedia Britannica، "Sousse"، britannica، Retrieved 2020-1-12. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "Sousse"، tunisia.com،2014-12-1، Retrieved 2020-1-12. Edited.
- ↑ "سوسة (تونس)"، marefa، اطلع عليه بتاريخ 2019-9-16. بتصرف.
- ↑ "معلومات عن مدينة سوسة تونس"، murtahil، اطلع عليه بتاريخ 2019-9-16. بتصرف.
- ↑ محمد سعيد (2012-2-15)، "مدينة سوسة: جوهرة الساحل التونسي"، travelerpedia، اطلع عليه بتاريخ 2019-9-16. بتصرف.