بحث عن ابن كثير

بحث عن ابن كثير
بحث عن ابن كثير

ابن كثير

هُو أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن كثير، والمولود في مدينة بصرى الشام عام 701 هـ/1301م، وتحديدًا في منطقة مجيدل التابعة لها، وكلاهما من أعمال دمشق، وقد أصبح عالمًا في علم الفقه والحديث وتفسير القرآن، تربى ابن كثير يتيمًا إذ توفي والده وهو في سن الرابعة، وكان والده إمام بصرى الشام في صلاة الجمعة، الأمر الذي وفر له بيئة طيبة ساهمت كثيرًا في نشأته وما وصل إليه من العلم، فبعد وفاة والده ظل ابن كثير في رعاية أخيه "كمال الدين عبد الوهاب"، ولكنه بقي على خطى والده وتمسك بتاريخه، فكان يحفظ أحاديث الناس عن مقولات والده وخطبه وحكمته، فأدرك أهمية العلم والعلماء واحترامهم حتى بعد وفاتهم، وفي سن السابعة من عمره ذهب إلى دمشق حتى يبدأ مسيرته العلمية مع أخيه عبد الوهاب ليأخذ العلم عن علمائها المعروفين بعلمهم في جميع أراضي الدولة الإسلامية آنذاك، فكان يأتي العلماء لدمشق من كل مكان، وكانت ملتقاهم فيتناقلون العلم الشرعي، ويساهمون في رفد الفقه الإسلامي بعلمهم ومؤلفاتهم، ومن الجدير ذكره أن لأخيه عبد الوهاب منزلة كبيرة في قلب ابن كثير فهو معلمه الأول، فقد لازمه فترة حياته إلى أن توفي في عام 750هـ، فاستقر ابن كثير بعد وفاة أخيه في دمشق، وأصبح من أبنائها وأهم علمائها، فمارس الخطابة والتدريس فيها، ومن شدة حبه لدمشق ألف كتبًا في تاريخها وأفراحها وانتصاراتها وكذلك أتراحها وآلامها، فأحبه أهالي دمشق حبًا شديدًا، فأشاروا له بالبنان كأحد أهم المحدثين والمفسرين والمصلحين والمعلمين.[١][٢]


صفات ابن كثير وأخلاقه

لا شك أن جميع علماء المسلمين ممن تركوا تاريخًا طيبًا تتناقله أمه الإسلام حتى يومنا هذا كانت لهم من الصفات والشمائل الحميدة التي جعلت منهم علماء بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فابن كثير أحد من حباهم الله سبحانه وتعالى بهذه الصفات التي سنوردها كالآتي:[٢]

  • امتلك ابن كثير قدرة كبيرة على الحفظ، فكانت ذاكرته حاضرة دائمًا، فقد حفظ المتون والعلوم، وكانت لديه معلومات هائلة لكثرة قراءته وحفظه لها، فأول ما حفظ كتاب الله سبحانه وتعالى في سن الحادية عشرة، وفي سن الـ 18 حفظ التنبيه في فقه الشافعي وغيرها الكثير من المصنفات.
  • امتلك ابن كثير قدرة كبيرة على استحضار المعلومات بالإضافة لحفظها، فهو قليل النسيان، وهي ما تميز علماء التصنيف والفقهاء، وقد كان ذلك لافتًا عند العديد من العلماء الذين لازموه فترة حياته العلمية.
  • استطاع ابن كثير الفهم الجيد للمواضيع التي كان يبحث فيها، فكان يتقصى ويدرس ويستوعب ويجتهد في هذه الأمور بدقة وفهم كبير لها، وهذا يدل على الإخلاص في دراساته الشرعية بالدرجة الأولى.
  • تميز اين كثير بخفة الروح أي أنه كان سمحًا للنفس، الأمر الذي كان من أهم عوامل تأثر العديد من تلاميذه به، فلم يكن غليظًا منفرًا.
  • التزم ابن كثير بالحديث والسنة، فكان يدعو دائمًا إلى التمسك بنهج السلف، إذ يبدو هذا واضحًا في مؤلفاته ومصنفاته، وكذلك كان ابن كثير محاربًا للبدع، فينكرها ويدعو إلى تركها.
  • امتاز ابن كثير بحسب من وصوفوا أخلاقه بالفضيلة والموضوعية، فهو من التزم بالقيم والحلم والصدق، فقد كان يقدر شيوخه ويودهم، فترجم لهم كتبهم ذاكرًا مناقبهم وفضائلهم في الدعوة الإسلامية.
  • انصف ابن كثير في إصلاحه لذات بين خصومه، فاتصف بالعدل في حكمه وقضائه، وذلك امتثالًا لقول الله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [٣].


مؤلفات ابن كثير

تعددت مؤلفات الإمام ابن كثير في الفقه والسيرة النبوية الشريفة، وقد ألف كتبًا في شرح وتبيان كتب ممن سبقوه من العلماء؛ كالشافعي والإمام البخاري وغيرهم، وفيما يأتي سنورد أهم مؤلفاته:[٤][١]

  • مُؤلف تفسير القرآن الكريم، وهو من أهم مؤلفاته، إذ يُسمى "تفسير ابن كثير"، ويعد من أصح تفاسير القرآن الذي يتناقله المسلمين اليوم.
  • مُؤلف البداية والنهاية، وفيه طرح ابن كثير التاريخ منذ بداية الخليقة وحتى القرن 8 هـ.
  • مُؤلف التكميل في الجرح والتعديل، وهو تصنيف يميز بين الثقات والضعفاء، فقد جمع فيه كتاب أحد شيوخه المعروف باسم " المزي"، وشيخه "الذهبي".
  • مُؤلف الشافعية، وهو كتاب يتحدث فيه عن فضائل الإمام الشافعي.
  • مُؤلف الاجتهاد مع طالبي الاجتهاد، وفيه يتحدث ابن كثير عن الجهاد في سبيل الله.
  • مُؤلف الباعث الحثيث، وفيه شرحًا لمقدمة العالم ابن صلاح.
  • مُؤلف السيرة النبوية، وفيه تناول العالم سيرة الرسول صلى عليه وسلم.
  • مُؤلف جامع السنن والمسانيد.
  • مُؤلف كتاب طبقات الشافعية.


شيوخ ابن كثير وتلاميذه

حصل اين كثير على العلوم من مجموعة كبيرة من العلماء، وذلك كونه كان مستقرًا في دمشق حاضرة العلوم والعلماء، ومن أهم الشيوخ الذين تأثرهم بهم ابن كثير لا سيما في مجال الفقه الإسلامي هو "برهان الدين الفيزريّ" أحد فقهاء الشام آنذاك، وقد عُرف بابن الفركاح، وفي مجال الحديث تعلم ابن كثير على يد العالم "أحمد بن أبي طالب"، والعالم ابن الحجار، وابن عساكر، والشّيرازيّ، والأصفهاني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، كما تعلم من الشيخ عيسى المطعم وأحمد بن الشيخة، وأبن الزملكاني، أما أهم من تتلمذوا على يديه فهو المؤرخ "شهاب الدين بن الحجي"، وسعد الدين النووي، وابن الجزري المعروف بشيخ القرآء، والأمام الزركشي.[٥]


وفاة ابن كثير

ذكر العلامة ابن حجر العسقلاني بأن ابن كثير فقد بصره قبل وفاته، إذ توفي عام 774هـ /1373م في دمشق، وتحديدًا يوم الخميس في السادس والعشرين من شهر شعبان، فكان عمره قد تجاوز الخامسة والسبعين عامًا، وقد حصلت له جنازة كبيرة شهدها أهالي دمشق، وقد دُفن في تربة الإمام اين تيمية بحسب وصيته، وكان ابن كثير من أشد محبي شيخ الإسلام ابن تيمية وأكثرهم تأثرًا بعلمه، فقد لازمه في حياته ومماته، وهكذا رحل العالم ابن كثير تاركًا إرثًا علميًا ما زالت الأمة تتناقله في مكتباتها وجامعاتها وجوامعها، وأخيرًا رثاه أحد تلاميذه ببيتين من الشعر قائلًا:

لفقدك طلاب العلوم تأســـفوا

وجاءوا بدمع لا يبيد غزير

وقد مزجوا ماء المدامع بالدما

لكان قليلا فيك يا بن كثير.[١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت محمد بن عبدالله العبدلي (1-9-2014)، "الإمام ابن كثير ومنهجه في التفسير"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "ترجمه الإمام ابن كثير "، islamway، 21-3-2017، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية: 58.
  4. "الإمام ابن كثير"، islamstory، 1-5-2006، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
  5. "سيرة حياة ابن كثير"، murtahil، 23-12-2018، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :