ابن كثير
هو عماد الدين أبو الفداء بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي، ولد في بصرى الشام عام 700 هجري وتوفي في دمشق عام 774 هجري، وكان من عائلة علمية عريقة وأبوه كان من الفقهاء، وأثرت نشأته وبيئته المحيطة بتعلقه بالعلم، واختص ابن كثير بعلم القرآن والأحاديث وله الكثير من المؤلفات منها: تفسير القرآن الكريم، والبداية والنهاية، والتكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل[١].
ومن الشيوخ الذين تعلم ابن كثير منهم: القاسم بن عساكر، وشمس الدين الأصفهاني، وشيخ الإسلام ابن تيمية. ومن تلامذته: سعد الدين النووي، وشهاب الدين بن حجي، وابن الجزري، والزركشي.
وقد أنعم الله عليه بالكثير من الصفات الحميدة والقدرات الحسنة، ومنها[٢]:
- القدرة على الحفظ: فقد وهبه الله تعالى قدرةً ممتازةً على الحفظ، فحفظ القرآن وهو في الحادية عشرة سنة من عمره وحفظ كتاب التنبيه في الفقه الشافعي في عمر الثامنة عشر عامًا، وشهد له الكثير من العلماء بقوة حفظه وقيل فيه: "أنه كان أحفظ من أدركناه لمتون الحديث".
- خفة الروح: فقد كان سميح النفس ويهتم بطلابه ويخفف عنهم ويروح عنهم وقت التدريس.
- الخلق والفضيلة والموضوعية: كانت أخلاقة حميدة ويتّسم بسعة الصدر والحلم والصداقة المخلصة وتقديره لشيوخه، وكان يعترف بفضلهم وبأنه أخذ منهم العلم.
- إنصاف الخصوم: كان ينصف الناس جميعًا، ولم تكن العداوة بينه وبين خصمه تحول دون أن ينصفه إذا كان له الحق، ويُروى في كتابه البداية والنهاية أنه كان بينه وبين قاضي القضاة آنذاك خصومة فكرية، ووُجهت أصابع الاتهام إلى ذلك القاضي بالتفريط في أموال الأيتام، وطُلب من المفتين أن يشهدوا ضده لتثبيت الدعوى عليه وترغيمه، وحين جاء دور ابن كثير، أبى أن يشهد وأنصف القاضي وأوقف عنه الاتهامات مع أنهم متخاصمون فكريًا.
البداية والنهاية لابن كثير
البداية والنهاية عن التاريخ هو موسوعة تاريخية مُؤسسة حسب معتقدات الإسلام، تسرد الأحداث من بداية الخلق؛ خلق الأرض والملائكة وسيدنا آدم، إلى بعثة محمد عليه السلام والتاريخ بعد الهجرة حتى عام 767 هجري، استخدم ابن كثير أسلوب البدء بالسنوات، فكل فصل كان له مدة محددة من الزمن يسرد فيها ما تناقله الشيوخ من القرآن والحديث والتفاسير من أحداث، ويذكر أيضًا أبرز من توقفوا في هذه السنة بعد ذكر أحداثها.[٣]
ينقسم كتاب البداية والنهاية لابن كثير لأربعة عشر جزءًا، كل جزء يحتوي على مجموعة من الفصول المرتبة حسب السنوات وتسلسل الأحداث منذ بدء الخلق وحتى السنوات القليلة التي تسبق موته.
- الجزء الأول: يذكر الجزء الأول من كتاب البداية والنهاية صفة خلق العرش والكرسي وخلق السموات والأرض وما بينهما، وذكر خلق الأرض والجبال والثمار، ومن ثم خلق الملائكة وصفاتهم، وتطرق فيما بعد إلى خلق آدم عليه السلام، وقصة نوح عليه السلام، وصالح عليه السلام، وإبراهيم عليه السلام وذريته، وفي باب لاحق، ذكر قصص أمم أُهلِكوا بجماعة، وذكر فضائل وصفات ووفاة سيدنا موسى عليه السلام، وفي نفس الباب ذكر سيدنا يوشع عليه السلام، والخضر، وإلياس عليه السلام.[٤]
- الجزء الثاني: في الجزء الثاني ذكر ابن كثير جماعة من أنبياء بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام، وقصة داود عليه السلام، وسليمان بن داود عليهما السلام، وقصة العزير، و يحيى عليه السلام، وزكريا والده عليهما السلام، وتطرق إلى قصة سيدنا عيسى بن مريم؛ مولده ونشأته ورفعه إلى السماء، وكذلك أخبار الماضيين من بني إسرائيل، وخبّر عن ذي القرنين، وأصحاب الأيلة، وأصحاب الأخدود، ولقمان الحكيم.[٤]
- الجزء الثالث: يعرض الجزء الثالث كيفية بدء الوحي للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وأول من أسلم، وأحداث إبلاغ الرسالة، والهجرة إلى الحبشة، وما جاء في كتاب الرسول الكريم إلى النجاشي ملك الحبشة، وذكر في الفصل التالي عداوة قريش للرسول عليه السلام، وقدوم الأنصار لمبايعة الرسول وبدء إسلامهم، وذكر باب الهجرة من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر، ووقائع السنة الأولى من الهجرة، وذكر باب المغازي، وباب الكنى.[٤]
- الجزء الرابع: وفيها يذكر الغزوات والأحداث والوفيات من سنة 3-8 هجري.[٤]
- الجزء الخامس: وتحدث فيه عن غزوة تبوك، وكتاب الوافدين إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وذكر في هذا الفصل حجة الوداع سنة 10 هجري، واحتضار ووفاة الرسول عليه الصلاة والسلام سنة 11 هجري، وذكر بعدها بعض الأمور المهمة التي حدثت بعد موت النبي عليه السلام والمصيبة التي وقعت بالمسلمين.[٤]
- الجزء السادس: ذكر فيه آثار الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وصفاته، وأخلاقه، ومعجزاته الأرضية، وذكره الأحداث المستقبلية والفتن التي ستقع، وذكر ما أُعطي الرسول محمد من معجزات وما أُعطي قبله من الأنبياء، وبعدها ذكر أهل الردَة ومانعي الزكاة، وبعثة خالد بن الوليد على العراق.[٤]
- الجزء السابع: ذكر ابن كثير في هذا الفصل ما ورد من أحداث في السنوات من 13- 40 هجري من وقائع ومعارك، ومقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.[٤]
- الجزء الثامن: يحتوي هذا الجزء على المعارك والأحداث التي وقعت في الفترة ما بين 41- 73 هجري، ويتطرق إلى حكم معاوية بن أبي سفيان ومقتل عبدالله بن الزبير، ووفيات تلك الفترة.[٤]
- الجزء التاسع: ذكر فيه الوقائع والفتوحات والوفيات ما بين 74- 125 هجري، وذكر تراجم خلفاء الخلافة الأموية كالوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، وذكر سيرة الحجاج بن يوسف الثقفي، وخلافة عمر بن عبد العزيز.[٤]
- الجزء العاشر: يحتوي هذا الجزء على الأحداث ما بين 126-247 هجري، وذكر خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك ومقتله وخلافة ابنه، وخلافة موسى الهادي بن المهدي، ومن ثم خلافة هارون الرشيد بن المهدي ووفاته، وذكر خلافة المعتصم بالله، وخلافة محمد المنتصر بن المتوكل، ومَن توفي في هذه الفترة.[٤]
- الجزء الحادي عشر: ذكر ابن كثير في هذا الجزء العديد من سير الخلفاء كالمستعن بالله والمهتدي بالله، وعن الإمام محمد البخاري، واستحضر بناء دار الخلافة في بغداد، وغيرها من الأحداث وتوالي الخلفاء، والوفيات التي شهدتها الفترة ما بين 248- 405 هجري.[٤]
- الجزء الثاني عشر: يعرض هذا الجزء الأحداث ما بين 406- 588 هجري، وحكى عن خلافة المستظهر بأمر الله أبي العباس ووفاته، وفتح الإسكندرية، والناصر صلاح الدين يوسف وحروبه مع الفرنج على عكا، وغيرها من المجريات، بالإضافة إلى وفيات هذه الفترة.[٤]
- الجزء الثالث عشر: ذكر فيه ترجمة صلاح الدين الأيوبي، وعن خلافة المستنصر بالله العباسي، وولاية الملك المظفر قطز، وواقعة عين جالوت وغيرها من الوقائع والفتوحات. وذكر فيه أيضًا الملوك التي توارثت الحكم بعد ذلك، ووفيات الفترة من 589- 697 هجري.[٤]
- الجزء الرابع عشر: ذكر ابن كثير في هذا الجزء الأحداث التي وقعت بالفترة ما بين 698- هجري767 كواقعة قازان، واستيلاء الفرنج على الإسكندرية، وغيرها من الأحداث المهمة الكثيرة، وذكر ترجمة لوالد ابن كثير، واستعرض وفاة الشيخ ابن تيمية، ووفاة الأمير شيخون وغيرهم.[٤]
المراجع
- ↑ "ابن كثير.. حياته وعصره.. وآثاره"، المصريون، 21/10/2014، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2019. بتصرّف.
- ↑ "ترجمة الإمام ابن كثير"، طريق الإسلام، 21/3/2017، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2019. بتصرّف.
- ↑ "البداية والنهاية"، goodreads، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص "كتاب البداية والنهاية"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2019. بتصرّف.