هل يجوز زيارة القبور يوم الجمعة

هل يجوز زيارة القبور يوم الجمعة
هل يجوز زيارة القبور يوم الجمعة

زيارة القبور

جعل الله عز وجل زيارة القبور فضلًا للمسلمين فهي صلة بين المسلمين في الحياة وبعد الموت، وقد حثنا نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام على زيارة إخواننا الأموات في قبورهم لما في ذلك من فضل يعود على الأحياء والأموات، فينتفع الأحياء بذكر الموت والآخرة والجنة والنار ويعد هذا من أهم مقاصد زيارة القبور، أما الأموات فهم ينتفعون بالإحسان لهم وبدعوات إخوانهم الأحياء لهم بالمغفرة والرحمة وسؤال الله لهم الجنة وإبعادهم عن النار وعن عذاب القبر، ومن سنة زيارة القبور أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم على أهل القبور، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّهَا قَالَتْ: [كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كُلَّما كانَ لَيْلَتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَخْرُجُ مِن آخِرِ اللَّيْلِ إلى البَقِيعِ، فيَقولُ: السَّلَامُ علَيْكُم دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ ما تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ، بكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ وَلَمْ يُقِمْ قُتَيْبَةُ قَوْلَهُ وَأَتَاكُمْ].[١]

ومن المستحب عند الدعاء للميت أن يستقبل المسلم القبلة وأن يدعو وهو قائم عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْها قالَتْ: [لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتي الَّتي كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فِيهَا عِندِي، انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُما عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إزَارِهِ علَى فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا رَيْثَما ظَنَّ أَنْ قدْ رَقَدْتُ، فأخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ البَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا، فَجَعَلْتُ دِرْعِي في رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إزَارِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ علَى إثْرِهِ، حتَّى جَاءَ البَقِيعَ فَقَامَ، فأطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ].[٢][٣]


هل تجوز زيارة القبور يوم الجمعة؟

لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خص يوم الجمعة بزيارة القبور، ولكنه حث أصحابه والأمة على زيارة القبور لما فيها من تذكير بالموت ولم يجعل النبي لزيارة القبور وقتًا محددًا؛ فقد ثبت عنه أنه زارها ذات ليلة من الليالي، والقصد من زيارتها هو تذكر الموت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [وعن زِيارةِ القُبورِ فمَن شاءَ فلْيَزُرْ؛ فقد أُذِنَ لي في زيارةِ قَبرِ أُمِّ مُحمَّدٍ، ومَن شاءَ فلْيَدَعْ]،[٤] إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور قبور شهداء أحد كل سنة مرة ويسلم عليهم ويزور قبور أهل البقيع الغرقى بالمدينة مرارًا ويسلم عليهم ويدعوا لهم، وكانت فاطمة رضي الله عنها تزور قبر عمها حمزة رضي الله عنه وكان ابن عمر رضي الله عنه لا يمر بقبر إلا وقف عليه وسلم عليه.[٥]


آداب زيارة القبور

رغّب الشرع بزيارة القبور لما فيها من تذكير بالموت والآخرة والترغيب في الزهد بالدنيا وقصر الأمل وترك الرغبة بالحياة الدنيا، ولزيارة القبور آداب على زائريها الالتزام بها وهي:[٦]

  • السلام على أهلها: على زوار القبور السلام على أهلها من المؤمنين والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مسلم أنه قال: [السَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ، (وفي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ)، : السَّلَامُ علَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ].[٧]
  • عدم الجلوس على القبور: حذر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الجلوس على القبور تحذيرًا شديدًا فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم: [لأن يجلِسَ أحدُكم على جَمرةٍ فتحرِقَ ثيابَه، حتَّى تخلُصَ إلى جلدِه، خيرٌ لَهُ من أن يجلِسَ على قبرٍ].[٨]
  • عدم المشي بين القبور بنعال سبتية: نهى النبي محمد صلى الله عليه من المشي بين القبور بنعال سبتية وهي النعال المدبوغة بالقرظ وقد سميت بهذا لأن شعرها قد يبت عليها، رأى النبي صلى الله عليه وسلم ‏رجلاً يمشي بين القبور في نعليه، فقال: [يا صاحبَ السِّبتيَّتينِ ألقِهما]،[٩] وقد كره ذلك لما فيه من الخيلاء والكبر فقد كان هذا النعال لباسًا لأهل الترفه والتنعيم وعلى زائر القبور أن يكون بزي التواضع والخشوع.


حكم زيارة القبور

في هذه الفقرة سنتحدث عن حكم زيارة القبور للرجال والنساء وزيارة قبور الكفار:[١٠]

  • زيارة الرجال للقبور: يستحب للرجال زيارة القبور وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) كما حكي فيه الإجماع، ومن الأدلة على استحباب زيارة القبور للرجال من السنة النبوية، عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: [زارَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قبرَ أُمِّه، فبكى وأبكى مَنْ حَوْلَه، وقال: استأذَنْتُ ربِّي عزَّ وجلَّ في أن أَسْتَغْفِرَ لها، فلَمْ يُؤْذَنْ لي، واستَأْذَنْتُ في أنْ أزورَ قَبرَها فأَذِنَ لي، فزوروا القبورَ؛ فإنَّها تُذَكِّرُكم الموتَ]،[١١] فزيارة القبور مستحبة للرجال.
  • زيارة النساء للقبور: اختلف أهل العلم في حكم زيارة النساء للقبور على ثلاثة أقوال: أما القول الأول فهو الكراهة وهو مذهب كل من الشافعية والحنابلة وقول عند الحنفية وقول للمالكية وحكي الإجماع على ذلك، من الأدلة التي استدلوا بها على الكراهة الحديث الذي رواه أبو هريرة فعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه: [أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لعَنَ زوَّاراتِ القُبورِ]،[١٢] ومما يصرف النهي هنا إلى الكراهة حديث أنس رضي الله عنه [أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَرَّ بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ، فقال: اتَّقِ اللهَ واصْبِرِي]،[١٣] ووجه الاستدلال هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ المرأة عن زيارة القبر، اما القول بحرمة زيارة القبور للنساء فهو قول عند الحنفية وقول عند الشافعية وهو قول ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين، ومما استدلوا به على قولهم حديث أبي هريرة [أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لعَنَ زوَّاراتِ القبور]،[١٢] والدليل هنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور وهذا دليل على حرمة هذا الأمر، كما قالوا بأن زيارة المرأة للقبور تخرج للجزع والندب والنياحة لما فيها من ضعف وقلة صبر وأن ذلك سبب لأذية الميت ببكائها، أما القول الثالث فإنه تباح للنساء زيارة القبور وهذا القول قال به المذهب الحنفي وقول للمالكية وقول عند الشافعية ورواية عن أحمد واختاره القرطبي والشوكاني، أما الأدلة التي استدلوا بها على هذا القول هو قول النبي [نهَيْتُكم عن زيارَةِ القُبورِ فزُورُوها]،[١٤] والاستدلال هنا ياتي بأن النهي قد نسخ فيدخل هنا في عمومه الرجال والنساء.
  • زيارة قبر الكافر: يجوز للمسلم زيارة قبر الكافر وهذا ما قاله كل من مذهب الشافعية والحنابلة وهو قول ابن حزم وابن تيمية وابن باز وابن عثيمين، ومن الأدلة التي استدلوا بها على هذا القول حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: [اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أنْ أسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، واسْتَأْذَنْتُهُ أنْ أزُورَ قَبْرَها فأذِنَ لِي]،[١٥] ووجه الدلالة هنا أن الله عز وجل لم ينهَ نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من زيارة قبر أمه مع أنها كافرة، كما استدلوا أيضا بأن علّة تذكر الآخرة تحصل بزيارة قبر المسلم والكافر أيضًا.


المراجع

  1. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 974، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 974، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  3. "كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي"، al-eman، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-20. بتصرّف.
  4. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن ريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 23038، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  5. "حكم تخصيص يوم الجمعة لزيارة القبور"، binothaimeen، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-20. بتصرّف.
  6. "آداب زيارة القبور، وهل يشعر الميت بمن يزوره ؟"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-20. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 975، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3228، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  9. رواه الإمام أحمد، في شرح الزركشي على مختصر الخرقي، عن بشير مولى رسول الله صلى الله عليه وسل، الصفحة أو الرقم: 2/366، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  10. "حُكمُ زيارةِ القبورِ"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-20. بتصرّف.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 976. خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
  12. ^ أ ب رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أيو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1056، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس، الصفحة أو الرقم: 1283 خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  14. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1237، خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 976، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

فيديو ذو صلة :