ما هم السبع الموبقات

ما هم السبع الموبقات
ما هم السبع الموبقات

الكبائر والموبقات

الموبقات هي الكبائر، وهي ما كبر من المعاصي فأصبح ذنبًا عظيمًا، ولكن ثمة اختلاف بين العلماء في تحديد معيار أو ضابط للكبيرة، ولكنهم أجمعوا بأن لها حدًا حدده الشرع وما يترتب عليه من عقوبة، كالسرقة والزنا وشرب الخمر وغير ذلك، أو ما جاء بنص القرآن والسنة النبوية الشريفة فيه وعد بالنار والغضب من الله كأكل الربا وعقوق الوالدين، وبالتالي فالكبائر متفاوتة في قبحها وعظمها، ومنها أكبر الكبائر كالشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وعقوق الوالدين، وقول الزور، ومنها الموبقات السبع المهلكات التي وردت في الحديث الصحيح الذي سنفصله لاحقًا في هذا المقال، فجميعها آثام وخطايا جسيمة تعاملت معها الشريعة الإسلامية السمحاء بحزم وحذرت من الوقوع بها، إذ يقول الله عز من قائل: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا}[١]، وأخيرًا فإن العلماء لم يحددوا عدد الكبائر، فقال بعضهم أنها بعدد سبعة بحسب ما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله، وبعضهم قال عددها سبعون، والبعض الآخر قال سبعمائة كبيرة، وأخيرًا جمعها البعض على أنها ما اتفقت الشرائع على تحريمه.[٢]


حديث الرسول عن السبع الموبقات

نُقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا عن السبع الموبقات فقال: (اجتنبوا السبع الموبقات -يعني: المهلكات- قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)[٣]، فالاجتناب يعني الابتعاد وعدم المقاربة، والموبقات هي المهلكات، أما السحر فقد عرفه العلماء على أنه الرقى والعقد التي يترتب عليها إيذاءً للأبدان والقلوب من مرض وقتل وتفريق بين المرء وزوجه، أما الربا فثمة اختلاف بين الفقهاء في تعريفه ناتجًا عن اختلاف المذاهب.[٤]


شرح حديث السبع الموبقات

قدم العديد من العلماء شرحًا لهذا الحديث الشريف الذي ذُكر في أكثر من مصدر موثوق لأمة المسلمين، وفيما يأتي تفصيل لما جاء به، وهي شروحات عن السبع الموبقات نوردها كالآتي:[٥]

  • الشرك بالله: وهو ما عده العلماء أعظم السبع الموبقات، وهو مهلك لصاحبه، إذا ما مات الإنسان عليه، فالنار هي عقابه خالدًا فيها بدليل قول الله تعالى :{لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَٰبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُۥ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَىٰهُ ٱلنَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍۢ}[٦]، فالشرك إما يكون شركًا أكبر، أو شركًا أصغر لا يخرج من الملة كالرياء والحلف بغير الله.
  • السحر: وهو أيضًا من الشرك كون الإنسان يستعين فيه بالجن لإيذاء الناس، فالساحر من يضر الناس مستخدمًا الجن وعبادته لهم، إذ ينفث في العقد فيضرهم بالأقوال والأفعال، وقد يضرهم بجعلهم يتخيلوا الشيء على غير حقيقته، كرؤية العصا أفعى، إذ قال الله تعالى :{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}[٧].
  • قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق: وهو من الجرائم العظيمة التي تغضب الله وينال فيها القاتل اللعنة من الله والعذاب العظيم، فالقتل من الكبار دون الكفر، أي أن خلوده في الجنة له نهاية، وذلك من باب أنه ينال جزاءه في الدنيا قبل الآخرة، يقول الله تعالى :{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء:93].
  • أكل الربا: يأتي الربا على أنواع، وهي ربا الفضل كبيع الدرهم بدرهمين، وربا النسيئة كبيع صاع من الشعير بصاعين في غير المجلس، وقد حرمه الله تعالى وورد كأحد السبع الموبقات، إذ يقول الله تعالى : {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[٨].
  • أكل مال اليتيم: وعد الله آكل مال اليتيم وعدًا شديد العقاب، فالأسلم الإحسان للأيتام والحفاظ على أموالهم، وبالتالي فإن إفساده وأكله بغير الحق من باب النظر إليه بالضعف تعد جريمة في حق الأيتام والتعدي على حقوقهم.
  • التولي يوم الزحف: وهو من ينهزم ويخلي إخوانه يوم يزحف الكفار عن المسلمين أو العكس، قال الله تعالى: {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}[٩].
  • قذف المحصنات: وهو من يقذف المؤمنات الغافلات بالزنا، فيقول فلانه زانية، دون علم أو تحري وإنما كذب وافتراء، وعقوبته حُددت بثمانين جلدة مصداقًا لقوله تعالى : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[١٠].


خلود أصحاب الكبائر في جهنم

الشرك الذي يعد أعظم الكبائر يُخرج من الملة ويُخلّد في النار، لقوله تعالى : {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ}[١١]، أما السحر فقد أجمع العلماء إلى تكفير صاحبه أي كعلة الشرك بالله، لقوله تعالى : {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ}[١٢]، وبقية الكبائر والموبقات لا تستوجب الخلود في النار، إذ بين بعض العلماء "كالطحاوي" أنهم لا يخلدون في النار إذا ماتوا وهم موحدون، ورأي العلماء فيما يتعلق بالخلود المذكور في آية الربا، فقد حُمل ذلك الخلود لمن استحل الربا، وأخيرًا بيّن العلماء بأن التوبة تُقبل من الجميع كافرًا ومسلمًا على سواء مصداقًا لقوله تعالى : {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ}[١٣].[١٤]


المراجع

  1. سورة النساء، آية: 31.
  2. "ماهي الكبائر ومكفراتها ؟"، thaqafnafsak، اطّلع عليه بتاريخ 9-11-2019. بتصرّف.
  3. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داود، عن عمير بن قتادة الليثى، الصفحة أو الرقم: 2875 .
  4. "حديث: اجتنبوا السبع الموبقات..."، alukah، 16-2-2013، اطّلع عليه بتاريخ 9-11-2019. بتصرّف.
  5. "السبع الموبقات التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 9-11-2019. بتصرّف.
  6. سورة المائدة، آية: 72.
  7. سورة الفلق، آية: 4.
  8. سورة البقرة، آية: 275.
  9. سورة الأنفال، آية: 16.
  10. سورة النور، آية: 4.
  11. سورة المائدة، آية: 72.
  12. سورة البقرة، آية: 102.
  13. سورة الأنفال، آية: 38.
  14. "هل يخلد في النار من ارتكب واحدة من السبع الموبقات"، islamweb، 20-9-2010، اطّلع عليه بتاريخ 9-11-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :