عدد المسلمين في معركة اليرموك

عدد المسلمين في معركة اليرموك
عدد المسلمين في معركة اليرموك

معركة اليرموك

وقعت معركة اليرموك بين المسلمين والروم، وهي الإمبراطورية البيزنطية الكبرى وأقوى جيش في العالم آنذاك، وقد اختلف المؤرخون في زمن وقوع المعركة فقيل في السنة 13 للهجرة حسب سيف بن عمر الأسدي، وقيل في السنة 15 للهجرة الموافقة سنة 636 ميلاديًا حسب ابن اسحاق، الواقدي، وابن الكلبي، والدمشقي، والبلاذري وغيرهم كثر وهو الأرجح،[١] واستمرت لمدة 6 أيام، والثابت فيها أن خالد بن الوليد قد قاد جيش المسلمين ضدّ تذارق قائد جيش الروم، ودارت أحداث المعركة في السهل القائم بين درعا ووادي الرقاد قرب نهر اليرموك، وهو نهر ينبع من جبال حوران ليصب في غور الأردن فالبحر الميت ثم ينتهي إلى جنوب الحولة.[٢]


عدد المسلمين في معركة اليرموك

بلغ عدد جيش المسلمين ما بين 40 - 46 ألف مقاتل، وقيل بل هم أقل من ذلك، فيما بلغ عدد جيش الروم 240 ألف مقاتل، وقيل بل هم أكثر من ذلك أو أقل، ولكن الثابت أن جيش المسلمين عددهم قليل مقارنةً مع جيش الروم، وكان من بينهم قادة عُظام أمثال أبي عبيدة عامر بن الجراح، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، والزبير بن العوام، والقعقاع بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم، وقيل أن عدد المسلمين 100 صحابي ممن حضر معركة اليرموك كانوا قد شاركوا في غزوة بدر، ومن القبائل العربية التي حضرت المعركة الأزد، وحمير، وهمذان، وخثعن، وكتابة، وجذام، وكندة، وغيرهم.

بدت الغلبة للروم بادئ ذي بدء، فكانوا يقاتلون في نظام وتعبئة متفوقين على المسلمين، إذ كان كلّ أمير منهم يقاتل وحده، فخاف خالد بن الوليد أن تحلّ الكارثة على جيشِه إذا استمر الحال كما هو عليه، فقسّم جيشَه ميمنةً جاعلًا عمرو بن العاص قائدًا عليهم، وميسرةً جاعلًا يزيد بن أبي سفيان قائدًا عليهم، وقلبًا جاعلًا عبيدة بن الجراح قائدًا عليهم، وكانت هذه الخطة هي الأنجح والأفضل تعبئةً في رأي العين أمام عدو له الكثرة الهائلة، وقد قال ابن الوليد مقولته المشهورة ردًّا على من استكثر الروم واستقل المسلمين: "ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان"، والتحم الناس في القتال حتى أن قائدًا من جيش الروم أسلم في المعركة وصار يقاتل مع المسلمين، وبحنكة القائد العسكري ابن الوليد عادت الغلبة للمسلمين فتضعضع الروم وانهزموا، فكانت معركةً إسلاميةً فاصلةً، وبدأ الفتح الإسلامي في بلاد الشام.[٣][١]


قيادة الجيش في معركة اليرموك

أوصى الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب بقيادة جيش المسلمين لخالد بن الوليد لحنكته العسكرية الفذّة التي شهدت عليها ساحات الوغى، فوقف خالد بجيش المسلمين خاطبًا إياهم: "إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم، وتعالوا نتعاور الإمارة، فيكون أحدنا اليوم أميرًا والآخر غدًا، والآخر بعد غد، حتى يتأمر كلكم"، وقبل أن يبدأ خالد بخوض غمار القتال وظلمات الهيجاء، كان يشغل باله هروب ضعاف النفوس من بعض مقاتلي جيشه، وتحديدًا ممن أسلموا حديثًا، فما كان منه إلا أن أتى بنساء مسلمات، ودججهن بالسيوف والرماح، ووضعهن خلف صفوف جيش المسلمين متموضعات لقتال، فكن يضربن من ولّى هارباً من جنود المسلمين بالحجارة ويزجرنهم، وقد قاتلت كذلك النساء من خلف الجيوش في معسكرات المسلمين الخلفية في هذه المعركة، وقتلن عدداً كبيراً من الروم.[٤][٥]


دروس مستفادة من معركة اليرموك

مما لا شك فيه أن معارك التاريخ عمومًا تنطوي على الكثير من الدروس والعبر التي يُستفاد منها في وقتنا الحاضر، وفيما يتعلق بمعركة اليرموك يمكن تلخيص عظاتها فيما يأتي:[٦][٧]

  • صدق دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لما عذبه المشركون، فقال فيهم: [بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أَصْلَابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا]،[٨] وبالفعل فإن عكرمة بن أبي جهل كان موحدًا لله وفي صف النبي، رغم أنه من صلب أبي جهل، وكذا هشام بن العاص وأبان بن سعيد وغيرهم.
  • نصر الله جلّ وعلا لعباده المسلمين يتطلب التضحية والفداء والأخذ بالأسباب، فطرفا القتال في المعركة لم يكونا متكافئين بالعدد والعدة، وقد يشكّ الكثير قبل بدء القتال في احتمالية أن تكون الغلبة للمسلمين، إلا أن المسلمين أخذوا بالأسباب فأخذ الله بيدهم إلى النصر.
  • الإيمان يصنع العجائب ويحفز الهمم والأرواح، قال جلّ وعلا في كتابه العزيز: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}،[٩] فكانت معركة الروم أحد أعظم المعارك التي غيّرت مجرى التاريخ، فغادر الروم بلاد المسلمين محمّلين بالخزي والعار والهزيمة، فيما استقر المسلمون في بلاد الشام واستكملوا فتح المدن حتى وصلوا القدس.
  • النصر يكون للأتقى، فإن لم يكن فهو للأقوى، فعلى المسلمين اليوم أن يتمسكوا بدين الله وسنة رسوله والسلف الصالح من القادة العظام الذين خلدهم التاريخ بفضل حنكتهم العسكرية.
  • الغنائم لا تُعطى دون مغارم، فالنصر له ثمن، وعلى مريد النصر أن يدفع هذا الثمن، أو أن يكون على استعداد حقيقي لدفعه بروحه وماله وولده، وهذا يتجلى لمَا اشتد خطب المعركة هَبَّ عكرمة بن أبي جهل مناديًا في المسلمين مَن يبايع على الموت؟ فبايع عمه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور والكثير من المسلمين بفرسانهم، فهجموا على العدو هجمة رجل واحد حتى استشهد غالبيتهم، وسقط الباقون بجراحهم.
  • دور النساء في الحياة العسكرية لم يكن غائبًا، فهن نصف المجتمع، ودورهن في هذا الوقت يتمثل بمداواة الجرحى، وبث الروح المعنوية في الجند لحثهم على القتال، ولهن أن يشاركن جنبًا إلى جنب مع الرجال في بعض الأحيان كما فعلت أسماء بنت يزيد بن السكن، وهي ابنة عم معاذ بن جبل الذي قتل تسعة من الروم بعمود فسطاطها في ليلة زواجها.


مفهوم المعركة

تعرف المعركة في معاجم اللغة العربية بأنها اسم مكان مشتق من الفعل الثلاثي عَرَك، فنقول: عَرَك الجلد أيّ دلّكه، وعركه الدهر أيّ أدّبه وحنّكه، والمعركة موضع القتال الذي يعترك فيه الخصوم فهو مُعتَرك، وحسب الاصطلاح فالمعركة هي أيّ قتال يحدث بين طرفين بغض النظر عن دينهما ولم يحضرها النبي صلى الله عليه وسلم، وتختلف عن الغزوة بأنها وقعت في زمن النبي وشارك فيها، فنقول غزوة بدر، غزوة أحد، والسرية وقعت في زمن النبي إلا أنه لم يشارك فيها.[١٠][١١]


المراجع

  1. ^ أ ب "اليرموك (معركة)"، palestinapedia، 1-11-2016، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  2. "معركة اليرموك معركة غيّرت مسار التاريخ"، islamway، 19-6-2013، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  3. د.محمد الجنباز (20-4-2017)، "قصة معركة اليرموك"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  4. "معركة اليرموك معركة غيّرت مسار التاريخ رابط المادة: http://iswy.co/evkg1"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2020. بتصرّف.
  5. "موقعة اليرموك"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2020. بتصرّف.
  6. محمد قشلان (21-4-2018)، "معركة اليرموك: دروس وعبر"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  7. "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1795، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  9. سورة البقرة، آية: 249.
  10. "تعريف و معنى معركة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، almaany، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  11. "ما الفرق بين الغزوة والسرية والمعركة؟"، elfagr، 22-4-2015، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :