صلاة الوتر
الوتر لغةً هي الفرد أو ما لم يشفع من العدد وأوتره يعني أفرده، صلاة الوتر صلاة نافلة في الإسلام تُصلى في الليل؛ وهي ركعة تختم بها صلاة الليل التي تصلى قبلها شفعًا، وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة، وأقلّها ركعة واحدة، يبدأ وقتها من صلاة العشاء ويستمر حتى طلوع الفجر الثاني، ويأتي فضل صلاة الوتر في إطار ثواب قيام الليل قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}،[١] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}.[٢]
وعن علي بن أبي طالب: [سنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال إنَّ اللهَ وِترٌ يحبُّ الوِترَ ، فأوتِروا يا أهلَ القرآنِ]،[٣] وهذا ممّا دلَّ على فضل وأجر صلاة الوتر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم حث أمته على صلاة الوتر، وأخبرنا أن الله يحب الوتر.
إنّ أفضل الوتر آخر الليل وفيه الأجر العظيم، وذلك أنّ المسلم الذي يوتر في آخر الليل في الوقت الذي يخلد فيه الجميع للنوم والراحة فيه مشقة ينال عليها المسلم الثواب العظيم، وذلك لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها [أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها في عُمرتِها إنَّ لك من الأجرِ على قدرِ نَصَبِك ونفقتِك].[٤][٥][٦]
متى تبدأ صلاة الوتر؟
قال ابن رشد رحمه الله أنه لا بدّ من بيان اتفاق العلماء على أنّ الوتر يبدأ وقته من بعد صلاة العشاء وينتهي وقته عند طلوع الفجر، وقد استدل العلماء على ذلك، لوروده من طرق شتى عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقد اخرج مسلم عن أبي نضرة العوفي عن أبا سعيد أخبرهم: [أنَّهُمْ سَأَلُوا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الوِتْرِ، فَقالَ: أَوْتِرُوا قَبْلَ الصُّبْحِ]،[٧] وعند ابن حبان: [مَن أدرَك الصُّبحَ ولم يوتِرْ فلا وِتْرَ له]،[٨]
وقد استدل جماعة من العلماء على أنّ الوتر لا يُشرع بعد خروج وقته، فإذا دخل وقت الفجر فإنّه لا يُشرع الوتر من هذين الحديثين، وقال ابن المنذر عن جماعة من السلف، أنّ الذي يخرج بالفجر وقت الوتر الاختياري، وأمّا وقته الاضطراري فيبقى إلى قيام صلاة الصبح، أمّا إذا نسي المسلم صلاة الوتر أو نام عنها، فإنّ له حكم آخر، وهو أن يصلي الوتر إذا أصبح أو تذكر، وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [مَن نامَ عنِ الوترِ أو نسيَهُ، فليُصلِّ إذا أصبحَ، أو ذَكَرَهُ]،[٩].
والخلاصة أن وقت الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء وحتى أذان الفجر، وينبغي على المسلم أن يحرص على صلاته للوتر في هذه الفترة، وإذا ما فاتته الوتر فعليه أن يقضيه شفعًا بالنهار من بعد طلوع الشمس إلى قبيل الزوال.[١٠]
كيفية صلاة الوتر
يبدأ وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر، كما دلّت السنة على أنّه يُفضل تأخير صلاة الوتر، لأنّ الصلاة آخر الليل أفضل، ومشهودة ومن خاف ألّا يقوم آخر الليل أوتر قبل أن ينام، وذلك لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَن خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِن آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَن طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فإنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذلكَ أَفْضَلُ]،[١١].
أمّا عدد ركعات الوتر فتفصل كما يأتي: [١٢]
- ركعة واحدة: أقلّ الوتر ركعة، وذلك لقول النبي عليه السلام: [الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِن آخِرِ اللَّيْلِ]،[١٣] وإذا اقتصر المسلم على ركعة واحدة فقد أتى بالسنة.
- ثلاث ركعات: إذا أوتر المسلم بثلاث ركعات؛ فإنّ لصلاته صفتان الأولى أن يسرد الثلاث ركعات بتشهد واحد، أمّا الصفة الثانية أن يسلم المسلم من ركعتين ثم يوتر بواحدة.
- خمس أو سبع ركعات: إذا أوتر المسلم بخمس أو سبع ركعات؛ فإنّها تكون متصلة ولا يشهد إلا تشهد واحد في آخرها، ويُسلم وذلك لحديث أم سلمى رضي الله عنها قالت: [كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يوترُ بخَمسٍ، وبِسبعٍ، لا يفصِلُ بينَها بسلامٍ، ولا بِكَلامٍ].[١٤]
- تسع ركعات: وإذا أوتر المسلم بتسع ركعات؛ فإنّها تكون متصلة، ويجلس للتشهد في الركعة الثامنة ثم يقوم ولا يسلم ويتشهد في الركعة التاسعة ويسلم، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: [أن النبي صلى الله كانَ يصلِّي من اللَّيلِ تسعَ ركَعاتٍ لا يجلسُ فيها إلَّا في الثَّامنةِ فيذكرُ اللَّهَ ويحمَدُهُ ويدعوهُ ثمَّ ينهضُ ولا يسلِّمُ ثمَّ يقومُ فيصلِّي التَّاسعةَ ثمَّ يقعدُ فيذكرُ اللَّهَ ويحمدُهُ ويدعوهُ ثمَّ يسلِّمُ تسليمًا يسمِعُناهُ].[١٥]
- إحدى عشرة ركعة: إذا أوتر المسلم بإحدى عشرة ركعة؛ فإنّه يُسلِّم من كل ركعتين، ويُوتر منها بواحدة.
قد يُهِمُّكَ
اختلف العلماء في حكم صلاة الوتر؛ فمنهم من قال إنّها سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قال إنّها واجب، وسنذكر آراء المذاهب الأربعة في المسألة:[١٦]
- الحنفية: قال الأحناف أنّ الوتر واجب على المسلم، وهو ثلاث ركعات بتسليمة واحدة في آخرها، وإذا فرغ المصلي من القراءة في الركعة الثالثة، وجب عليه أن يرفع يديه ويُكبر كما يُكبر للافتتاح، ويقرأ القنوت وهو كل كلام يتضمن ثناء على الله تعالى ودعاء، ويدخل وقته من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
- الحنابلة: قال الحنابلة أن الوتر سنة مؤكدة، وأقلّه ركعة ولا يكره الإتيان بها، وأكثره إحدى عشرة ركعة، ويسن للمسلم أن يقنت بعد الرفع من الركوع في الركعة الأخيرة من الوتر.
- الشافعية: قال الشافعية بأنّ الوتر سنة مؤكدة، وهو أكد السنن وأقل الوتر ركعة، وأكثره إحدى عشرة ركعة؛ فلو زاد عن إحدى عشرة ركعة عامدًا لم تنعقد صلاته الزائدة، ويكون القنوت في الركعة الأخيرة منه في النصف الثاني من شهر رمضان.
- المالكية: قال المالكية إنّ الوتر سنة مؤكدة، وهو أكد السنن بعد ركعتي الطواف والعمرة، وهو ركعة واحدة ووصلها بالشفع مكروه، ولا قنوت في الوتر.
المراجع
- ↑ سورة الزمر، آية: 9.
- ↑ سورة الفرقان، آية: 64.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 453، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/174، خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].
- ↑ "صلاة الوتر"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-28. بتصرّف.
- ↑ "تعرف على فوائد صلاة الشفع والوتر وكيفية أدائها"، islameyat، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-28. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 754، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2408، خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 984، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
- ↑ "تحديد وقت صلاة الوتر"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-28. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 755، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
- ↑ "الكيفيات الواردة لصلاة الوتر"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-28. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 752، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1713، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
- ↑ رواه ابن القيم، في أعلام الموقعين، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/313، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
- ↑ "الفقه على المذاهب الأربعة"، islamport، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-2-30. بتصرّف.