محتويات
قصة عين زمزم
زمزم هو بئر ماء مبارك يبلغ عمقه ثلاثين مترًا، يقع في مكة المكرمة بالقرب من الكعبة المشرفة، وتغذيه ثلاث عيون، وهي؛ عين حذاء الواقعة في جبل أبي قبيس وفي الصفا وعين حذاء الركن الأسود، وعين حذاء المروة،[١].
تعود قصة بئر زمزم إلى سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام والذي رحل هو وزوجته إلى فلسطين، كان سيدنا إبراهيم متزوجًا من السيدة سارة بنت هارون، ومضى على زواجهما مدة طويلة، دون أن تنجب له الأولاد، ولما أحست السيدة سارة بأنها عقيمة، قررت أن تهب جاريتها السيدة هاجر إلى سيدنا إبراهيم حتى يُنجب منها الأولاد؛ لكي تدخل البهجة والسرور إلى قلبه، وتجلت قدرة الله بأن يُنجب سيدنا إبراهيم ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام من السيدة هاجر، وبعد أن وضعت مولودها، يُقال إن الغيرة بدأت تتسلل إلى قلب السيدة سارة، وبما أن الله علام بالقلوب، وحتى تنطفئ نيران الغيرة من قلب السيدة سارة، [٢]جاء الأمر الإلهي لسيدنا إبراهيم بأن يذهب بزوجته هاجر وولده إسماعيل إلى مكة ويتركهم هناك، ثم لبّى إبراهيم عليه السلام أمر ربه، ورحل هو وزوجته وولده إلى مكة، حتى وصل إلى مكان مُقفِر لا زرع فيه ولا ماء ولا أي أثر للحياة، تركهم هناك وهمّ بالرحيل، تعجبت السيدة هاجر من فعل سيدنا إبراهيم، وكظمت حزنها ولم تغضب وسألت سيدنا إبراهيم، آلله أمرك بهذا؟ فأشار لها برأسه مؤكدًا بأنه أمر الله، فرضيت بأمر الله، ثم ودَّعَ سيدنا إبراهيم زوجته وولده ورحل، وقد ترك معهما القليل من التمر وسقاءً من الماء، وبعد أن ابتعد عنهم وجه وجهه نحو السماء ودعا لهم ربه قائلًا "ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرم، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون".[٣]
كيفية ظهور عين زمزم
مرت عدة أيام ولا زالت السيدة هاجر وولدها إسماعيل وحيدين مذعورين، حتى نفد منهم الطعام والشراب، وعندما نال منهم الجوع والعطش بدأ الطفل يبكي بكاءً شديدًا، هرعت السيدة هاجر بالسعي بحثًا عن الطعام والشراب، لسد رمق طفلها وإسكات جوعه وعطشه، صعدت إلى جبل الصفا وتوجهت إلى الوادي مهرولةً حتى وصلت إلى جبل المروة، واستمر سعيها الحثيث بين الصفا والمروة حتى بلغت سبعة أشواط، لما أشرفت على جبل المروة بالشوط السابع، أنهكها التعب وجلست بجانب ولدها الذي أعياه البكاء وذهب بصوته وكان يزيح الرمل برجليه فخرج الماء من بينهما، وفي رواية أخرى أنها حين رجعت إلى ولدها سَمِعت صوتًا، فصاحت أغثنا إن كان عندك غواث، عندئذ شاهدت جبريل عليه السلام وقد ضرب الأرض تحت أقدام الطفل، فشُقت الأرض وخرج منها ماء سلسبيلًا عذبًا، شربت السيدة هاجر من الماء وسقت ولدها، ودُرَ لبنها فأرضعته،[٤]
مِن هول المفاجئة وشدة اللهفة والفرحة أخذت السيدة هاجر تجمع الماء بيديها، خوفًا من أن ينفد، وتحفر في الأرض لتجمع الماء، ومن هنا كان عين زمزم، وقد ذكر في بعض الروايات أنها كانت تجمع الماء وتقول زمّ زمّ، ولهذا السبب سمي بعين زمزم، وفي رواية أخرى ذكر أن سبب تسمية زمزم يعود لصوت الماء وهو الزمزمة، وبعض الرويات تقول إن التسمية جاءت من زم التراب للماء ولو ترك هذا الماء فائضًا لأغرق الأرض كلها والله أعلم، وبعد انفجار عين زمزم، تجمعت حوله الطيور، وبدأت تظهر بعض أنواع النباتات والأشجار، وعندما رأت بعض القبائل العربية الطيور تحوم في المكان، أرسلت سفراءها لتستطلع الأمر، واستأذنوا من السيدة هاجر بأن يقيموا خيامهم حول العين، وبعد أن سمحت لهم السيدة هاجر بالإقامة في المنطقة، أحضروا قبائلهم، وشرعوا ببناء خيامهم وأحضروا معهم الماشية، فأصبحت المنطقة تعج بالحياة، واستجاب الله لدعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما دعا الله عز وجل فجعل هذا المكان القاحل مليئًا بالخيارات، ويتوافد عليه الناس من كل حدب وصوب حتى يومنا هذا.[٥]
عين زمزم مقدمة العمران في مكة
كان ظهور عين زمزم مقدمة للعمران في مكة المكرمة، فقد ذكر الأزرقي في كتابه أخبار مكة، والعالم الطبري في كتابه تاريخ الرسل والملوك: أن ركبًا من قبيلة جرهم كان قد مرَّ قافلًا من بلاد الشام؛ فرأى الركبُ الطير على الماء؛ فقال بعضهم ممن يعرفون المكان: ما كان بهذا الوادي من ماء ولا أنيس؛ فأرسلوا رجلين من القافلة لمكان الماء، حتى أتيا إلى أم إسماعيل السيدة هاجر، فكلماها ثم عادا إلى ركبهما وأخبروا عن مكان السيدة هاجر وابنها إسماعيل عليه الصلاة والسلام، فجاء جميع الركب ونزلوا عند عين الماء بعد أن استأذنوا أم إسماعيل.
وفي رواية أخرى جاءت في صحيح البخاري أن السيدة هاجر وافقت على إقامتهم دون أن يكون لهم حق في الماء، وأن يكون منحة منها فوافق الركب، وأخذ العمران يزداد في مكة المكرمة بعد بناء سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل للبيت الحرام، واستمرت قبيلة جرهم في تولي أمر البيت الحرام وعين زمزم فترة من الزمن، إلى أن قدمت قبيلة من القبائل اليمنية التي هاجرت من الجنوب بعد أن هدم سد مأرب، وكانت تسمى تلك القبيلة بقبيلة خزاعة، فتقاتلت مع قبيلة جرهم، وانتصرت قبيلة خزاعة ووليت أمر البيت الحرام، وخرجت قبيلة جرهم عن وادي مكة ومنها خرج أبناء إسماعيل، وتفرقوا في تهامة، ثم ولي أمر عين زمزم بعد ذلك قصي بن كلاب وكان ذلك في القرن الخامس الميلادي بعد إجلاء قبيلة خزاعة من مكة المكرمة، وفرض قصي بن كلاب سيطرته على كنانة، وأنزل قبيلة قريش في وسط مكة المكرمة، وقسم مكة بين بطونها، وفي هذه الأثناء كانت عين زمزم قد أُهمِلَت إلى أن تلاشت معالمها، وظلت على ذلك فترة من الزمن حتى إعادة حفرها عبد المطلب بن هاشم جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.[٤]
فوائد مياه زمزم
لماء زمزم فوائد عظيمة لا تعد ولا تحصى، فهو ماء عظيم نبع بأمر من الله سبحانه وتعالى لسيدنا جبريل عليه السلام عندما أمره أن يضرب بجناحه الأرض، فخرجت ماء زمزم وكانت سقيا الله تعالى لسيدنا إسماعيل عليه السلام ولأمه هاجر، وقد غُسل قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم بماء زمزم، وجاء في فضله وفوائده العديد من الاحاديث الصحيحة ومنها عندما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ( خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم طعم من الطعم وشفاء من السقم ) صحيح الجامع 3302 .
وقد ثبت من خلال السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شرب وتوضأ أيضًا من ماء زمزم، سكب ماء زمزم على رأسه، وكان نبينا محمد عليه السلام يحمل ماء زمزم في الأداوى وفي القرب، وكان يصبها على المرضى، وكان يسقيهم حتى يتعافوا، وقال الصحابه كما نسميها شَبَّاعة وكنا نجدها نعم العون على العيال بمعنى أنها تُشبع وتُغني عن الطعام وتكفي الأولاد.[٦]
المراجع
- ↑ "عمق بئر زمزم 30 متراً وتتغذى من 3 عيون"، عكاظ، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-3. بتصرّف.
- ↑ "إن إبراهيم كان أمة - (7) إبراهيم وهاجر وولدهما إسماعيل عليهم السلام ", ar.islamway, Retrieved 28-10-2019. Edited.
- ↑ "قصة ماء زمزم"، الالوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-3. بتصرّف.
- ^ أ ب "زمزم تاريخ وأحداث"، archive.islamonline، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "زمزم.. خير ماء على الأرض"، islamonline، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-3. بتصرّف.
- ↑ "ما هي فوائد ماء زمزم"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-23. بتصرّف.