محتويات
التعرق
يُشير مصطلح التعرق إلى عملية إفراز العرق عبر الغدد في الطبقة العميقة من جلد الإنسان تُسمى الأدمة؛ فهذه الغدد تتوزع في جميع أنحاء الجسم، بيد أنّها أكثر شيوعًا في مناطق الجبين، والإبطين، واليدين، والقدمين، ويحدث التعرق طبيعيًا عند جميع الناس بوصفه رد فعل على بعض المحفزات، مثل؛ درجات الحرارة المرتفعة، وبعض أصناف الأطعمة الحارة، وغيرها من الأسباب، وتكمن فائدته الرئيسة في تنظيم حرارة الجسم الداخلية، وإبقائها عند حدودها الطبيعية، إضافة إلى المحافظة على رطوبة اليدين، وبالتالي المحافظة على عملها الصحيح. [١]
فوائد التعرق
يقدم التعرق فوائد كثيرة للإنسان أبرزها؛ تنظيم حرارة الجسم الداخلية، فعندما ترتفع حرارة الجسم الداخلية، يُفرز العرق إلى سطح الجلد عبر الغدد العرقية، فيبرد الجلد والدم تحته نتيجةً لتبخر العرق، كذلك يُفيد التعرق في عملية تنظيف الجسم من السموم [٢]؛ فقد أشارت دراسة علمية نشرت عام 2016 إلى انخفاض مستويات المعادن الثقيلة عند الأفراد الذين يمارسون بانتظام تمارين رياضية (مصحوبة بالتعرق)[٣]، فكما هو معلوم، توجد المعادن الثقيلة بتركيزات أكبر في العرق مقارنة مع البول، وهذا الأمر يدفع إلى الاستنتاج بأنّ التعرق، جنبًا إلى جنب مع التبول، يُسهم في تنظيف الجسم منها[٢].
من جهة أخرى، يُعرف مركب بيسفينول أ، بأنّه مادة كيميائية صناعية مستخدمةٌ في تصنيع بعض اللدائن، ويحتمل أن يكون التعرض إليها ذا تأثيرات سلبية محتملة على صحة الدماغ والسلوك، وذا صلة محتملة بارتفاع ضغط الدم عند الإنسان [٤][٢]، بيد أنّ دراسة علمية أجريت عام 2011 بينت أن التعرق يشكل وسيلة فعالةً للتخلص من هذه المادة؛ إذ يكون أشبه بأداة مراقبة حيوية لها [٥].
لا يقتصر الأمر على ما سبق، فالتعرق له دور في التخلص من مركبات سامة أخرى، مثل؛ مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور، التي تعرف بأنّها مواد عضوية من صنع الإنسان، وثبتَ تسببُها بتأثيرات صحية ضارة، وقد أشارت مقالة علمية نُشرت في دورية ISRN Toxicology عام 2013، إلى دور محتمل للعرق في التخلص من بعض تلك المركبات، غير أنّ الدراسة ذاتها أشارت إلى عدم فائدة التعرق في التخلص من المركبات المشبعة بالفلور الشائع وجودها في جسم الإنسان.[٢]
أسباب ومحفزات التعرق
يكون التعرّق أمرًا طبيعيًا في حياة الإنسان؛ إذ إنّه يحدث يوميًا تقريبًا لدى الشخص، ويكون حدوثه عائدًا إلى مجموعة من المحفزات والأسباب التي تتضمن: [٦]
- درجة الحرارة المرتفعة: يُشكل ارتفاع درجة حرارة البيئة المحيطة السبب الرئيس للتعرق عند الإنسان.
- المشاعر والإجهاد: ربما يعاني الإنسان من التعرق نتيجة بعد المشاعر التي تنتابه، مثل؛ الغضب، أو الخوف، أو القلق، أو الإجهاد العاطفي.
- الأطعمة: يكون التعرّق أحيانًا ردَّ فعلٍ على تناول أطعمة بعينها، ويطلق عليه في حالات كهذه مصطلح التعرّق الذوقي gustatory sweating، ويحدث غالبًا جرّاء تناول الأصناف الآتية؛ الأطعمة الحارّة، والمشروبات المحتوية على الكافيين، والمشروبات الكحولية.
- الأدوية والأمراض: يحدث التعرّق أحيانًا إمّا بفعل الإصابة بأحد الأمراض، وإمّا بفعل تناول أحد الأدوية، وهذا يتضمن؛ أمراض السرطان، والحمى والأدوية المستخدمة في علاجها، والعدوى، وانخفاض مستويات السكر في الدّم، ومسكّنات الآلام، ومتلازمة الألم الناحي المركب CRPS.
التعرق أثناء النوم وعلاجه
يعاني كثير من النّاس من التعرق في أثناء النوم ليلًا، وهو أمر طبيعي تمامًا، بيد أن شدته تزداد أحيانًا نتيجة أسباب عديدة غير مرتبطة بدرجات الحرارة المرتفعة، فيصيب الشخص على شكل هبّات حادة ومترافقة مع الحرارة، مسببًا تبلل ملابسه والسرير وأغطيته بالعرق [٧]، وفي حالات كهذه، تتضمن الأسباب الشائعة للتعرق الليلي كلًا ممّا يأتي: [٨]
- بعض أنواع العدوى ومرض السرطان، سيّما سرطان الغدد اللمفاوية.
- التأثيرات الجانبية لبعض الأدوية، مثل؛ مضادات الاكتئاب، وأدوية الأسبرين، والأسيتامينوفين.
- انخفاض سكر الدم، فالأفراد الذين يتناولون أدوية الأنسولين قد يعانون من انخفاض سكر الدم المصحوب مع التعرق ليلًا.
- الاضطرابات الهرمونية المختلفة، مثل؛ المتلازمة السرطاوية، وفرط نشاط الغدة الدرقية.
وبطبيعة الحال، يعتمد علاج التعرق الليلي على تحديد السبب الكامن وراءه، فإذا كان راجعًا إلى العدوى مثلًا، فإنّ الطبيب يوصي بتناول المضادات الحيوية لحالات العدوى الجرثومية، أو المضادات الفيروسية لحالات العدوى الفيروسية، أمّا التعرق الليلي الناجم عن مرض السرطان؛ فيتطلب خضوع المريض إلى علاج السرطان القائم على المزج بين العمل الجراحي، وأدوية العلاج الكيميائي، وغيرها، في حين أنّ التعرق الناجم عن تناول أحد الأدوية، يتطلب من الطبيب وصف دواء جديد للمريض.
وعمومًا، يوصي الطبيب أيضًا بتغيير عادات النوم، مثل؛ التخلص من الأغطية الزائدة، ولبس ملابسَ نومٍ خفيفةً، وفتح نوافذ الغرفة عند النوم، واستخدام أجهزة التكييف. [٩]
فرط التعرق المرضي أشكاله وعلاجه
يحدث التّعرّق المفرط المرضي عند الإنسان لمّا يتعرّق جسمه تعرّقًا غير اعتياديّ أو متوقع قياسًا على درجة حرارة البيئة المحيطة به، أو مستوى نشاطه البدني المبذول، أو مستوى الإجهاد النفسي لديه، وينعكس هذا الأمر سلبًا على الشخص؛ إذ يؤثر سلبًا على نشاطه اليومي، ويسبب له مشاعر الإحراج والقلق في المواقف الاجتماعية.
ويحدث التعرق المفرط إمّا في الجسم بأكمله، وإما في مناطق معينة مثل؛ الوجه، أو راحة اليدين، أو باطن القدمين، أو تحت الإبطين، وعمومًا، يسبب نوع التعرق المفرط المرضي في القدمين أو اليدين للشخص في أثناء ساعات اليقظة نوبةً واحدةً من التعرق خلال الأسبوع بالحد الأدنى. [١٠]
وينطوي فرط التعرق المرضي عند الإنسان على نوعين رئيسن هما؛ فرط التعرق البؤري الأساسي، الذي يصيب تحديدًا القدمين واليدين والوجه والرأس والإبطين، ويبدأ عادة في مرحلة الطفولة، ويكون لدى 30%-50% من المصابين تاريخ عائلي من فرط التعرق، أمّا النوع الثاني فهو فرط التعرق الثانوي العام، وينجم إمّا عن حالة مرضية، وإما عن التأثيرات الجانبية لأحد الأدوية، ويظهر عادة عند الشخص في مرحلة البلوغ، ويتسم بالتعرق في جميع أرجاء الجسم أو في منطقة محددة بعينها [١١].
وعمومًا، تتضمن الوسائل العلاجية المفيدة في الحد من فرط التعرق كلًا مما يأتي: [١]
- إنقاص الوزن إذا كان الشخص سمينًَا.
- استخدام منتجات مضادات العرق المختلفة.
- الإرحال الأيونيّ Iontophoresis القائم على تقليل نشاط الغدد العرقية عبر استخدام تيار كهربائي منخفض على الجلد.
- حقن البوتوكس بهدف تثبيط نشاط الغدد العرقية؛ إذ تُعطى للمصاب بمعدل حقنة واحدة خلال مدة تتراوح بين 6-9 أشهر.
- العمل الجراحي على منطقة الأعصاب المسؤولة عن طريق تنظيم وظيفة الغدد العرقية، ولا تُجرى العملية الجراحية إلّا بعد فشل العلاجات الأخرى.
سؤال وجواب
لماذا يكون العرق مالحاً؟
يتكون العرق بمعظمه من الماء الذي يفرزه الجسم ليُبرّد نفسه، ويُنتج هذا العرق عبر الغدد الناتحة eccrine glands، التي تقع أساسًا في مناطق الإبطين، والجبين، وباطن القدمين، وراحتي اليدين، وتتكون هذه الغدد من مكونات عديدة هي: [١٢]
- الصّوديوم: يُفرز الجسم الصّوديوم بهدف المحافظة على توازن مستوياته الطبيعية في الجسم، وهذا الأمر يفسر المذاق المالح للعرق.
- البروتينات: يحتوي العرق تقريبًا على 95 بروتينًا مختلفًا، وهذا الأمر يُعزز دفاعات الجهاز المناعي، ويُقوي جلد الإنسان.
- اليوريا: تنتج فضلات اليوريا في الكبد عند استقلاب البروتين، وهي تُفرز مع العرق للحيلولة دون بلوغه مستويات سامّة.
- الأمونيا: تُفرز الأمونيا مع العرق عندما لا تقدر الكليتان على تصفية النتروجين الموجود في اليوريا.
من جهة ثانية، يُنتج الجسم العرق من الغدد المُفترزة apocrine glands، التي توجد بكثرة في مناطق الإبطين، والصدر، والمناطق التناسلية، وتُعزى إلى هذه الغدد رائحة الجسم عند الإنسان. [١٢]
هل التعرق يحرق الدهون؟
حريٌّ بنا القول أولًا أنّ الدهون لا تُحرق ولا تذوب، إنّما تُطلقها الخلايا الدهنية لتزويد الجسم بالطاقة الضرورية؛ فالجسم يُفتت تلك الدهون إلى أحماض دهنية وجليسرول يجري استقلابها لتوفير الطاقة، ولذلك، كلما ازدادت حاجة الجسم إلى الطاقة، ازدادت كمية الدهون المُفرزة من الخلايا الدهنية [١٣].
وعمومًا، لا يحرق التعرق بحد ذاته كمية كبيرة من السعرات الحرارية، بيد أنّ إفراز العرق بكثرة يُؤدي إلى خسارة وزن الماء من الجسم، وهذا الأمر مؤقت طبعًا؛ إذ يعود ذلك الوزن مباشرة بمجرد شرب الماء أو تناول الطعام، ومع ذلك، يكون التعرق أحيانًا مؤشرًا لقياس شدة بعض التمارين الرياضية الهادفة لإنقاص الوزن، ومدى الجهود التي يبذلها الشخص خلالها، لذلك، توصي الكلية الأمريكية للطب الرياضي البالغينَ الأصحاء بضرورة ممارسة 30 دقيقة من التمارين متوسطة الشدة، الكفيلة بدفع الشخص إلى التعرق، على مدار 5 أيام أسبوعيًا. [١٤]
المراجع
- ^ أ ب "Sweat", betterhealth, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ^ أ ب ت ث "The Health Benefits of Sweating", healthline, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ↑ Sheng J, Qiu W2,, Xu B (2016 Jun), "Monitoring of heavy metal levels in the major rivers and in residents' blood in Zhenjiang City, China, and assessment of heavy metal elimination via urine and sweat in humans.", Environ Sci Pollut Res Int, Page 11034-11045. Edited.
- ↑ "What is BPA, and what are the concerns about BPA?", mayoclinic, Retrieved 2020-5-11. Edited.
- ↑ Stephen J. Genuis ,* Sanjay Beesoon, Detlef Birkholz (2011 Dec 27), "Human Excretion of Bisphenol A: Blood, Urine, and Sweat (BUS) Study", J Environ Public Health, Page 185731. Edited.
- ↑ "Sweating (Normal Amounts): Causes, Adjustments, and Complications", healthline, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ↑ "Night Sweats (In Men and Women) Causes, Remedies, and Treatments", medicinenet, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ↑ "8 Causes of Night Sweats", webmd, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ↑ "Why Am I Experiencing Night Sweats?", healthline, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ↑ "Excessive sweating", mayoclinic, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ↑ "Hyperhidrosis Disorder (Excessive Sweating)", healthline, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ^ أ ب "Why Is My Sweat Salty? The Science Behind Sweat", healthline, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ↑ "Does Sweat Burn Fat?", livestrong, Retrieved 2020-5-7. Edited.
- ↑ "Does Sweating Help You Burn More Calories?", healthline, Retrieved 2020-5-7. Edited.