الصلاة
تعد الصلاة ثاني ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهي أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة، فإن صَلُحت صلاته صلح كامل عمله وكان حسابه هيّنًا وفاز بالجنّة، وإن فسدت فقد فسد عمله وخسر، وبالتالي فهي عماد الدين وعموده،[١] وقد فرضها الله جل وعلا على عباده المسلمين 50 ركعة في اليوم والليلة، ولكن لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في ليلة الإسراء سأل ربه التخفيف فعلم أنهن 5 صلوات لكل واحدة عشر، علمًا بأن النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام كانوا يصلون قبل فرض الصلاة، وفي هذا المقام ورد في الموسوعة الفقهية: "أَصْل وُجُوبِ الصَّلاَةِ كَانَ فِي مَكَّةَ فِي أَوَّل الإْسْلاَمِ ؛ لِوُجُودِ الآْيَاتِ الْمَكِّيَّةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي بِدَايَةِ الرِّسَالَةِ تَحُثُّ عَلَيْهَا . وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ بِالصُّورَةِ الْمَعْهُودَةِ فَإِنَّهَا فُرِضَتْ لَيْلَةَ الإْسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ"، وأما حديثنا في هذا المقام عن السنن الرواتب من حيث تعريفها وعددها وكيفية آدائها وغير ذلك بشيء من التفصيل.[٢]
عدد سنن الرواتب
روت أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها عن رسول الله المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: [مَن صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً في يَومٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ له بِهِنَّ بَيْتٌ في الجَنَّةِ قالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. وَقالَ عَنْبَسَةُ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِن أُمِّ حَبِيبَةَ وَقالَ عَمْرُو بنُ أَوْسٍ: ما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِن عَنْبَسَةَ وَقالَ النُّعْمَانُ بنُ سَالِمٍ: ما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِن عَمْرِو بنِ أَوْسٍ]،[٣] ومن الحديث الشريف يتبين أن عدد السنن الرواتب 12 ركعة، وفي شرح الحديث بناءً على روايات أخرى توصل لها العلماء وأهل الفقه أن الركعات مقسمة كما يلي:[٤]
- ركعتان قبل الفجر.
- أربع ركعات قبل الظهر، وركعتان بعد الظهر.
- ركعتان بعد المغرب.
- ركعتان بعد العشاء.
وتجدر الإشارة إلى ورود أحاديث نبوية شريفة تبين أن عدد السنن الرواتب خلاف ذلك، ويرجع السبب في ذلك إلى أن بعض أهل العلم يدخل في هذه السنن ما ليس مؤكدًا مثل السنة قبل صلاة العصر، كما أن بعضهم يدخل السنن التي لا تتبع الفريضة مثل صلاة الضحى والوتر، ومما جاء من أقوال في عدد السنن الرواتب ما يلي:[٥]
- 12 ركعة كما أوضحنا سابقًا، وهو قول الحنفيَّة في ظاهر الرِّواي ووجه عند الشافعية وبعض الحنابلة، كما أنه مرجح عند الشَّيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله.
- 10 ركعات، وذلك بفارق أن سنن الظهر القبلية ركعتان لا أربع، وهو قول عند الشافعية ومذهب الحنابلة.
- 14 ركعة، وذلك بإضافة ركعتين قبل العصر، وهو مذهب الإمام أبو حنيفة واختيار الإمام الشوكاني.
- ركعتان فقط، وهما السنة القبلية قبل الفجر، وهو قول المالكية؛ وذلك لأن كعتا الفجر رغيبة أي مرغب فيهما فوق المندوب ودون السنة.
والثابت والصحيح أنهما 12 ركعة لما ورد من روايات وأحاديث كثيرة تصرح بهذا العدد ومنها روايات على لسان أمهات المؤمنين عائشة وأم حبيبة رضي الله عنهما، وبالتالي فإن روايات أمهات المؤمنين تبنى على أنهما اطلعا على كل الركعات التي كان يؤديها النبي، فيما أن روايات الصحابة كانت تصف ما يرونه من النبي في المسجد، من ناحية أخرى فإن عائشة حفظت عن النبي أكثر من غيرها، فمن حفظ كان حجة على من لم يحفظ، والله تعالى أعلى وأعلم.[٥]
مفهوم السنن الرواتب
تعرف السنن الرواتب بأنها ركعات السنن المترتبة على الصلوات المفروضة، فقد فرض الله جل وعلا 5 صلوات في اليوم والليلة هي: الصبح وتصلى ركعتان، والظهر وهي أربع ركعات، والعصر كذلك، والمغرب وعدد ركعاته ثلاثة، وأخيرًا العشاء ويصلى أربع ركعات، ولكن النبي المصطفى لم يكن يقتصر على هذه الصلوات الخمس، وإنما كان يؤدي معها صلوات أخرى قبلية أو بعدية اصطلح العلماء على تسميتها بالسنن الرواتب، أو السنن الرواتب المؤكدة؛ وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام اهتم بالمحافظة عليها وآدائها في أوقات محددة.[٦]
فضل السنن الرواتب
ورد في السنة النبوية المطهرة أحاديث كثيرة حول فضائل السنن الرواتب المتعلقة بالفرائض، فقد كان النبي المصطفى يحافظ على آدائها ويحث أمته على فعلها، ويمكن إجمال فضائلها فيما يلي:[٥]
- باب من أبواب دخول الجنة والحصول على بيت فيها.
- ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها، وعليه فهما آكد السنن والرواتب، والمقصود بأنهما خير من الدنيا أي خير من متاعها من المال والجاه والسلطان والعز والزخارف من ذهب وفضة قصور ومراكب وغير ذلك، وبالتالي يكره التفريط في هاتين الركعتين سواء في السفر أو الحضر، بل لم ينقل عنه أنه صلى راتبة غيرهما في السفر، من هنا نجد أن بعض أهل العلم ومنهم الحسن البصري رحمه الله ذهب إلى وجوبهما أي أن ركعتا الفجر القبلية واجبتان لا من السنن.
- تحريم وجه العبد على النار لمن حافظ على آداء 4 ركعات قبل الظهر ومثلها قبل العصر، وكفى بهذا الترغيب باعثًا على آداء هذه الركعات.
- آداء 4 ركعات قبل آذان الظهر باب من أبواب الاستجابة، فقد روى عبد الله بن السائب أن رسول الله كان يفعل ذلك قائلًا: [إنَّها سَاعةٌ تفتحُ فيها أبوابُ السَّماءِ ، فأحبُّ أن يصعَدَ لي فيها عَملٌ صالِحٌ].[٧]
- سد نقائص الفرائض الواجبة على العبد، فكلنا نعرف جيدًا أن المسلم مطالب بآداء الفرائض على الوجه الأكمل والأتم، ولكن الإنسان بطبيعته مجبول على النقص، فمن البديهي أن يعتري بعض الفرائض نواقص، ومن فضائل السنن أنها تجبر النقص وتتممه، وترفع الخلل وتزيله، وهذه هي حكمة الله في السنن البعدية.
- حمل النفس البشرية على الخشوع خاصة في السنن القبلية، فالنفوس انشغلت بالدنيا وأمورها وباتت بعيدة عن روح العبادة؛ فإذا ما قدم العبد النوافل على الفرائض أنست نفسه وتكيفت وأصبحت أقرب إلى الخشوع.
- وسيلة للتقرب من الله جل وعلا وبالتالي نيل حب الله ورضاه، فأقرب عباد الله إلى الله أكرهم عبادة وتنفل وذكر وطاعة، ومما لا شك فيه أن الله لا يضيع أجرهم، بل يجزيهم خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
المراجع
- ↑ "هذه الأركان تبطل الصلاة بدونها"، الموقع الرسمي للدكتور عمرو خالد، 6-9-2019، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "متى فرضت الصلاة ؟"، الإسلام سؤال وجواب، 2-1-2010، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أم حبيبة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 728، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت عبدالرحمن الجعلود (28-9-2010)، "قضاء السنن الرواتب (1/2)"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
- ↑ الشيخ جمال المراكبي (12-4-2014)، "ما هي السنن الرواتب"، طريق الله، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبدالله بن السائب، الصفحة أو الرقم: 1/273، خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].