عدد ركعات صلاة ليلة القدر

عدد ركعات صلاة ليلة القدر
عدد ركعات صلاة ليلة القدر

ليلة القدر

قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[١]، ليلة القدر هي الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة الوحي جبريل، وقد أمر عليه السلام بعد ذلك بتحريها في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وتحديدًا في الليالي الوترية أو المفردة منه.

فيما لا زال المسلمون يحيونها في ليلة السابع والعشرين من رمضان في كل المساجد ودور العبادة،[٢] والسبب وراء ذلك ما يعرف بالإعجاز العددي في القرآن الكريم وتحديدًا في سورة القدر؛ فهذه السورة مكونة من ثلاثين كلمة، وكلمة "هي" في قوله تعالي: "سلام هي حتى مطلع الفجر" جاءت في الترتيب السابع والعشرين من بين كلمات السورة، كما أن "ليلة القدر" تكررت 3 مرات وعدد حروفها تسعة أحرف؛ فإذا ما ضربنا عدد مرات التكرار بعدد الحروف كان الناتج 27، وعلى أي حال تبقى هذه أمور استنتاجية لا يمكن اعتبارها دليلًا قطعيًا ثابتًا أو أمرًا حتمًا كأنه كلام منزل أو وحي لرسول، فالثابت أن ليلة القدر مخفية في وقتها وميعادها عن جميع الخلائق، وقد تجلت حكمة الله في ذلك كي يجتهد العباد في إدراكها وتحريها فينالوا بذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل في الدنيا والآخرة، وفي هذا المقال بيان عدد ركعات صلاة ليلة القدر حسب منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم سبب تسميتها بذلك، وما يشرع فيها من عبادات.[٣]


عدد ركعات صلاة ليلة القدر

لم يرد في هذا المقام عددًا محدودًا من الركعات ينبغي أن يؤديها المسلم في هذه الليلة المباركة، فالعبرة هو الاجتهاد بالطاعات والأعمال الصالحة ما ظهر منها وما بطن اتباعًا لنهج النبي صلى الله عليه وسلم ونهج صحابته الكرام من بعده رضوان الله عليهم جميعًا، فالخير في الاتباع لما فيه من نجاة، والشر في الابتداع لما فيه من هلاك، ومن الأحاديث الصحيحة في هذا المقام ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: [مَن صامَ رمضانَ وفي لفظٍ : مَن قامَ شَهْرَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ، ومَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذَنبِهِ][٤].[٥]


تسمية ليلة القدر

مما لا شك فيه أن تسمية معظم الأشياء ترتبط بأحداث ومناسبات وعلل، وإن كانت بعض الأسماء لا تعلل إلا أن ليلة القدر ليست منها، فقد أورد العلماء ثلاثة آراء في هذا المقام يمكن تلخيصها على النحو الآتي:[٦]

  • الاسم مشتق من المكانة والشرف، فنقول مثلًا رجلًا ذا قدر عظيم أي له مكانة عالية، وذلك لعظم قدرها عند الله جل وعلا ففيها نزل القرآن الكريم كما ذكرنا، والعمل الصالح فيها خير من ألف شهر، كما أنها تشهد نزول الملائكة والروح ومن بينهم أمين الوحي جبريل عليه السلام، ويؤكد ذلك ما جاء في السورة المباركة: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[٧]، كما أنها مَن يحيها ويجتهد في الطاعة يصير ذا قدر عظيم عند الله جل وعلا.
  • اسم القدر مشتق من التقدير، فهي الليلة التي تكتب فيها مقادير الخلق في تلك السنة نقلًا عن اللوح المحفوظ، فقد قال جل وعلا: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[٨].
  • القدر بمعنى التضييق، والذي يعني إخفاؤها وعدم العلم بوقتها، وقال الخليل بن أحمد: إنما سميت ليلة القدر لأن الأرض فيها تضيق بالملائكة بسبب كثرتهم.


ما يشرع في ليلة القدر

حث النبي صلى الله عليه وسلم أتباعه من بعده بالتماس ليلة القدر، وليس المقصود بالتماسها معرفة وقتها فليس في هذا فضل، ولكن المقصود هو إحياؤها والتقرب فيها إلى الله جل وعلا بشتى القربات والطاعات، ومنها:

  • تأخير الجلوس في المسجد بعد أداء صلاة الفجر إلى طلوع الشمس.[٣]
  • الاعتكاف في المسجد طوال العشر الأواخر التماسًا لها.[٣]
  • الدعاء، وخير الدعاء: "اللَّهُمَّ، إنِكَّ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّي".[٩]
  • تلاوة القرآن الكريم، ويجب التنويه في هذه النقطة إلى أن ختمه في هذه الليلة ليس واجبًا كما يعتقد البعض، وأما إذا تمكن المرء من ختمه فقد حاز أجرًا عظيمًا إن شاء الله.[٣]
  • ذكر الله جل وعلا حمدًا، وتهليلًا، وتسبيحًا، وتكبيرًا.[٣]
  • أداء الصلاة النافلة أي الزائدة عن الفريضة، وتؤدى ركعتان اثنتان مع التسليم،[١٠] وذلك لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي المصطفى أنه قال: [صلاةَ اللَّيلِ والنَّهارِ مثنى مثنى][١١]، فصلاة التطوع، ومنها صلاة الضحى، والسنن الرواتب قبل الفروض، وقيام الليل، وصلاة ليلة القدر، وغيرها تؤدى ركعتان ركعتان مع التسليم بين كل اثنتين، فيما تختم صلاة الليل بالوتر أي بركعة واحدة أو ثلاث أو خمس ركعات بتشهّد واحد، وهكذا بعدد فردي.[١٢]
  • حث الأهل والأصحاب على اغتنام هذه الليلة المباركة، وذلك من خلال إيقاظهم ورعايتهم، وهذا منهج المسلم في كل أمور حياته فهو داعية يدعو الناس عمومًا وخاصته ومن يحب إلى الخير ولا يستأثر به لنفسه، مع العلم أنها كانت تؤدى فردية لا جماعية كما في أيامنا الحالية.[١٣]


العلامات المميزة لليلة القدر

ذُكر في بداية المقال أن ليلة القدر لا يُعرف ميقاتها على وجه التحديد، ولكنها محصورة في العشر الأواخر، وقد بين الله لعباده علامات خاصة تميز هذه الليلة عن بقية ليالي العشر الأواخر من رمضان، والحكمة من ذلك حث النفس البشرية على استباق الخير والتزود للآخرة، في ما يأتي بعض تلك العلامات:[١٤]

  • العلامات في أثنائها: أنها صافية بلجة، ساكنة ساجية، أجواؤها لطيفة لا برد فيها ولا حر، ولا تشهد سقوط كواكب أو نيازك، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ القَدْرِ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: أَيُّكُمْ يَذْكُرُ حِينَ طَلَعَ القَمَرُ، وَهو مِثْلُ شِقِّ جَفْنَةٍ؟][١٥]، وقال بعض العلماء: فيه إشارة إلى أنها تكون في أواخر الشهر، لأن القمر لا يكون على تلك الهيئة عند طلوعه إلا في أواخر الشهر.
  • العلامات بعد انقضائها: أن تطلع الشمس في صبيحتها بيضاء لا شعاع فيها، فكأن الشمس لغلبة نور الليلة على ضوئها تطلع غير ناشرة أشعتها في نظر العيون.


المراجع

  1. سورة القدر، آية: 1-5.
  2. "القدر ليلة بعمر"، aljazeera، 8-7-2015، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج أ.د. اسماعيل البريشي (12-6-2018)، "فضل ليلة القدر"، alrai، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2201، صحيح.
  5. "صلاة مائة ركعة ليلة القدر كل سنة بدعة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 22/12/2019. بتصرّف.
  6. "سبب تسمية ليلة القدر وعلاماتها ودعاء ختم القرآن الكريم "، ahram، اطّلع عليه بتاريخ 22/12/2019. بتصرّف.
  7. سورة القدر، آية: 1-5.
  8. سورة الدخان، آية: 4.
  9. "ليلة القدر"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  10. "ما يستحب فعله ليلة القدر"، islamweb، 13-12-2001، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في تنقيح تحقيق التعليق، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1/497، صحيح.
  12. "الموسوعة الحديثية"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  13. محمد عبد الرحيم (20-6-2019)، "5 أمور فعلها النبي عند إحياء ليلة القدر"، elbalad، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  14. "العلامات المميزة لليلة القدر"، islamweb، 28-10-2001، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1170، صحيح.

فيديو ذو صلة :

836 مشاهدة