فضائل النبي عليه الصلاة والسلام
الرسول الكريم محمد بن عبدالله هو خاتم الأنبياء والمرسلين ونبي الأمة الإسلامية ولقد اختصه الله عز وجل بمجموعة من الخصائص والفضائل التي استقاها العلماء من آيات القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة، وفيما يلي سنذكر أبرزها:[١]
- مدح الله عز وجل صفات النبي صلى الله عليه وسلم وأثنى على خصاله الحميدة، وأهمها الرحمة التي تنزّل من أجلها إلى قومه قريش والناس أجمعين إذ قال عز وجلّ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[٢]، وقال تعالى أيضًا: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[٣] ولقد كان الرسول أعظم قدوة للصحابة في ذلك، إذ ورد في السنة النبوية قوله صلى الله عليه وسلم: [إنما أنا رحمةٌ مهداةٌ][٤].
- عدّ الله عز وجل النبي محمد عليه السلام خليله؛ فهو خليل الرحمن، وتلك صفة لم يوصف بها أحدٌ سوى النبي محمد وإبراهيم عليه السلام، فقد قال صلى الله عليه وسلم: [أَلَا إنِّي أَبْرَأُ إلى كُلِّ خِلٍّ مِن خِلِّهِ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، إنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ][٥].
- أكرم الله عز وجل النبي محمد بعنايته ورعاية له حتى من قبل البعثة النبوية ونزول الوحي برسالة الإسلام عليه، إذ قال الله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ﴿٦﴾ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴿٧﴾ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴿٨﴾}[٦].
- رفع الله عز وجل ذكر النبي محمد حتى يوم الدين، أي في الدنيا والآخرة، بل وقرنه مع التوحيد في الشهادتين إذ قال قتادة في ذلك: "رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهّد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، وقال تعالى: {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ}[٧].
- كرم الله الرسول صلى الله عليه وسلم بجعله أشرف الخلق وسيد ولد بني آدم، وأول من يشفع للمسلمين يوم القيامة وأول من تنشق عنه الأرض، وهو أول من أرسل للناس كافة لا لقوم فقط، إذ قال صلى الله عليه وسلم: [إنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَومَ القِيَامَةِ جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يقولونَ: يا فُلَانُ اشْفَعْ، يا فُلَانُ اشْفَعْ، حتَّى تَنْتَهي الشَّفَاعَةُ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَذلكَ يَومَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ المَقَامَ المَحْمُودَ][٨].
- فضّل الله النبي الكريم بكونه خاتم الأنبياء والمرسلين وآخرهم، ولم يبعث بنبي من بعده، فقال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[٩] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: [إنَّ مَثَلِي ومَثَلَ الأنْبِياءِ مِن قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فأحْسَنَهُ وأَجْمَلَهُ، إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِن زاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ به، ويَعْجَبُونَ له، ويقولونَ هَلّا وُضِعَتْ هذِه اللَّبِنَةُ؟ قالَ: فأنا اللَّبِنَةُ وأنا خاتِمُ النبيِّينَ][١٠]، بل لو أن الأنبياء اجتمعوا معًا في زمان واحد لآمن جميعهم برسالة النبي الأمين عليه الصلاة والسلام.
- جعل الله النبي أول من يدخل الجنة، إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [آتي بابَ الجَنَّةِ يَومَ القِيامَةِ فأسْتفْتِحُ، فيَقولُ الخازِنُ: مَن أنْتَ؟ فأقُولُ: مُحَمَّدٌ، فيَقولُ: بكَ أُمِرْتُ لا أفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ][١١].
- عظم الله النبي بأن جعل من فضائله الكثيرة الشفاعة والوسيلة والفضيلة وهي أعلى منزلة ودرجة من درجات الجنة، ولا ينالها إلا النبي الكريم فعن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: [إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ][١٢].
- كما خصه الله تعالى بالكوثر وهو نهر من أنهر الجنة، فقال تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[١٣].
خلق النبي عليه الصلاة والسلام
كان النبي صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقًا بين الناس، وسيرته النبوية العطرة مليئة بالأحاديث والقصص التي تدلّ على ذلك، وفي القائمة التالية سنلقي الضوء على شي من أخلاقه الكريمة:[١٤]
- حسن الخلق مع الأهل، إذ عُرفَ عن النبي حسن تعامله مع زوجاته وإكرامهن بالكلم الطيب والاحترام، وكان يتلطف إليهن ويتودد، ويعينهن في شؤون البيت وقضاء الحوائج، ومن الدلائل الكثيرة في السيرة النبوية نذكر ما قالته عائشة رضي الله عنه إذ: [سَأَلْتُ عَائِشَةَ ما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ في بَيْتِهِ؟ قالَتْ: كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ][١٥].
- العدل في إقامة شرع الله عز وجل حتى على أقرب الناس منه ممتثلًا لأمر الله عز وجل إذ قال: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءِ للّهِ وَلَوْ عَلَىَ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ}[١٦].
- الكلام الحسن، فكان الحبيب المصطفى إذا تكلّم فعل ذلك بشكل جميل يدركه السامع ويسمعه ويعيه ويحفظه، وما كان يتكلم فيما لا يعنيه، ولا يخوض إلا بما يرجى ثوابه، وإذا كره شيئًا من الحديث عُرف ذلك من وجهه.
- الرحمة وحسن التعامل مع الأطفال، فكان عليه الصلاة والسلام يمازحهم ويلاطفهم ويسلّم عليهم إذا مر بهم، وكان إذا سمع بكاء طفل أثناء الصلاة يسرع لإتمامها كي تعتني به أمه، وكذلك يرأف بأحفاده حتى وقت الصلاة.
- إكرام الخدم والحِلم في التعامل معهم فلم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا صاخبًا، ويعفو ويصفح عن المخطىء فيهم ولا يجزىء السيئة بالسيئة، بل يقابلها بالحسنة.
- الرحمة واحدة من أخلاق الرسول في التعامل مع المشركين والأعداء أيضًا فكان يطلق سراح الأسرى، ويتحمّّل أذى الكفار ويصبر عليهم ويرفض الدعاء عليهم بالسوء.
- التواضع وعدم الكبر والخيلاء في الأرض، فقد كان خلقه عليه الصلاة والسلام متمثلًا ومتطابقًا مع قول الله تعالى :{تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ}[١٧].
- الزهد، فقد كان النبي العظيم أزهد الناس في الدنيا وأكثرهم طلبًا للآخرة والفوز بجنان الخلد، فقد اختارأن يكون عبدًا نبيًا على أن يكون ملكًا نبيًا.
- العبادة وطاعة الله عز وجل، فكان خلقه الإسلام في العمل والمعاملات، فكان مصليًا، ومقيمًا، ومسبحًا، وشكورًا، ومستغفرًا، وحامدًا، ومتصدقًا، عليه أفضل الصلاة والتسليم.
- ومن الأخلاق الحميدة الأخرى التي اتصف بها الرسول عليه الصلاة والسلام، العفو، والكرم، والتعاون، والصبر.
مَعْلومَة: المعجزات التي اختص الله النبي بها
لكل رسول من الرسل معجزات أمده الله بها كي يكون حجة على الناس كافة، وفيما يلي سنذكر المعجزات التي اختص الله تعالى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم:[١٨]
- معجزة القرآن الكريم وهي من أهم معجزات النبي عليه الصلاة والسلام وهي معجزة عقلية، فقد كانت بلسان عربي وتميّزت بالفصاحة والبيان، ولقد اختص الله بها محمدًا لما عُرفَ عن قومه من الفصاحة والحديث البديع، فكانت المعجزة من جنس ما أتقنوه ليكون حجة عليهم.
- الآيات الكونية الجمة والمعجزات الحسية والخوارق العديدة مثل حادثة الإسراء والمعراج على ظهر ناقة البراق، ومعجزة انشقاق القمر، ونبع الماء الذي خرج من بين أصابع النبي الكريمة، ونزول الملائكة لتنصر وتآزر المسلمين أثناء قتالهم في غزوة بدر، ومن ثم إنزال المطر عليهم ليشربوا ويرتووا دون أن تتنزل على المشركين الذين كانوا بالقرب منهم.
- معرفة الغيبيات، فقد أنبأ النبي قومه في قريش بالعديد من الأمور السابقة الحدوث والتي وقعت بالفعل حتى قال فيه حذيفة رضي الله عنه: [قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَقَامًا، ما تَرَكَ شيئًا يَكونُ في مَقَامِهِ ذلكَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ، إلَّا حَدَّثَ به، حَفِظَهُ مَن حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَن نَسِيَهُ، قدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، وإنَّه لَيَكونُ منه الشَّيْءُ قدْ نَسِيتُهُ فأرَاهُ فأذْكُرُهُ، كما يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إذَا غَابَ عنْه، ثُمَّ إذَا رَآهُ عَرَفَهُ][١٩]، ومن تلك الغيبيات معرفة اليوم الذي توفي فيه النجاشي ملك الحبشة، والإخبار بفتح اليمن والقسطنطينية وبصرى وفارس.
- أما من معجزاته الطبية فكانت إبراء المرضى وأصحاب العاهات كما فعل مع قتادة بن النعمان عندما أُصيبَت عينه فردها إليه ليتمكن من الرؤية فيها بعون الله وقدرته، وكذلك مسّ رأس أبي زيد الأنصاري فلم يصبه شيب قط والكثير من المعجزات الطبية الأخرى.
- ↑ "من فضائل وخصائص نبينا صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/12/2020. بتصرّف.
- ↑ سورة القلم ، آية:4
- ↑ سورة الأنبياء، آية:107
- ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح ، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:5737، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم:2383، صحيح.
- ↑ سورة الضحى، آية:6-8
- ↑ سورة الشرح، آية:4
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن بدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4718، صحيح.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:40
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3535 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:197، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:384 ، صحيح.
- ↑ سورة الكوثر، آية:1
- ↑ "من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"، صيد الفوائد ، اطّلع عليه بتاريخ 22/12/2020. بتصرّف.
- ↑ رواه عائشة بنت أبي بكر، في صحيح بخاري ، عن البخاري ، الصفحة أو الرقم:676، صحيح.
- ↑ سورة النساء، آية:135
- ↑ سورة القصص، آية:83
- ↑ "المعجزات الحسية"، قصة الإسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 22/12/2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان ، الصفحة أو الرقم:2891 ، صحيح.