فتح عمورية
تعد معركة فتح عمورية من أبرز المعارك بين البيزنطيين والمسلمين في عهد الخليفة المعتصم بالله سنة 223هـ/838 م، وكان سبب المعركة اعتداء إمبراطور البيزنطيين تيوفيل بن ميخائيل على بعض الحصون والثغور على حدود الدولة الإسلامية، وحين وصل إلى المعتصم مما وقع للمسلمين في تلك المدن، وصيحة المرأة المسلمة التي أسرها الروم: وامعتصماه، أجابها المعتصم وهو جالس على سريره لبيك لبيك، ثم جهز جيشًا كبيرًا أرسله مباشرة لإنقاذ المسلمين، وخرج بنفسه على رأس جيش كبير.
واجتمعع العساكر بقيادة المعتصم أمام عمورية وقسّمها بين قوّاده، فجعل لكل واحد منهم أبراجًا من أسوارها، وأصبح لكل قائد ما بين برجين إلى 20 برجًا، وقد تحصّن أهل عمورية في أسوار المدينة واتخذوا الحيطة والحذر، وقد علم المعتصم من رجل من المدينة أن سيلًا شديدًا جاء على السور ففتح فيه فتحة وكان قد رُمِّم وجه السور بالحجارة وتركوا وراءه حشوًا من جانب المدينة ثم عقدوا فوقه الشرف، فبدا ظاهرًا كما كان، وبعد أن علم المعتصم شيّد خيمته أمام الفتحة، ونصب عليه المجانيق، وبدأت المجانيق مع آلات الحصر ضرب السور فانفرج، فلما رأى أهل عمورية ذلك دعّموا الجسر بالأخشاب الضخمة لحّموا الجسر من الانهيار، وعندما توالت القذائف تصدّع السور وهدم، وقد دوّى صوت في فضاء عمورية اهتزت له المدينة؛ فطاف المسلمون يبشرون بعضهم أن الصوت كان صوت السور فبشروا أنفسهم بالنصر.
بعد أن تنبه المعتصم إلى الخندق المحيط بعمورية وطول سورها، أمر ببناء مجانيق ضخمة يعمل في كل منها أربعة رجال، وكان لا بد من ردم أجزاء من الخندق للوصول إلى السور؛ فأعطى كل جندي شاة ينتفع من لحمها ويحشو جلدها بالتراب، ثم جمعوا الجلود المملوءة بالتراب ووضعوها في الخندق وسووها بالتراب، وبقي رمي المجانيق مستمرًا لمدة ثلاثة أيام حتى أصبحت الفرجة كبيرة وسهل العبور منها، ثم سقطت المدينة بعد معركة مهمة استخدمت فيها الأدوات الكبيرة كالمجانيق والدبابات والسلالم والأبراج، وقد دام حصار المدينة 55 يومًا من اليوم السادس من رمضان إلى الأيام الأخيرة من شوال عام 223 هـ، ثم أمر المعتصم بحرق عمورية ونواحيها، وعاد بغنائم كثيرة إلى طرسوس ثم إلى سامراء، ثم أمر ببناء زبطرة ووضع فيها العتاد والرجال فهاجمها الروم فلم يقدروا عليها.[١]
موقع عمورية
تقع مدينة عمورية في تركيا، وهي أحد المواقع الأثرية في فريجيا القديمة في منطقة وسط الأناضول الغربية، تأسست في الفترة الهلنستية، وقد ازدهرت في الإمبراطورية البيزنطية، وعرفت باسم عمورية في عهد الدولة العثمانية، وفي الوقت الحاضر تعرف بسيفلي حصار، وقد كانت المدينة واحدة من أهم وأكبر المدن في الأناضول في فترة أوائل العصور الوسطى، وفي النصف الثاني من القرن السابع عشر أصبحت عاصمة المقاطعة البيزنطية، وقد كانت المنطقة الحضرية تتكون من القلعة أو المدينة العليا، وتقع على مستوطنة عصور ما قبل التاريخ والمدينة السفلى الأكثر اتساعًا؛ إذ تبلغ مساحتها أكثر من 160 فدانًا، وكل مناطقها محاطة بجدران بنيت في أواخر القرن الخامس، وكانت المدينة مركزًا إقليميًا وجزءًا من إقليم آسيا الروماني الذي أنشئ سنة 133 قبل الميلاد.[٢]
من أشهر أبناء عمورية ايسوب (620 قبل الميلاد - 560 قبل الميلاد)، وهو صاحب فكرة حكايات ايسوب الشهيرة التي انحدرت منها الأسرة الفرجية من أباطرة الإمبراطورية البيزنطية، وسميت عمورية بهذا الاسم نسبة إلى بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح عليه السلام، وقد قيل أن سبب تسميتها كان نسبة للذين استوطنوا هذه المنطقة من العالم، وهم الفريجيّون، وسماهم اليونانيون بهذا الاسم[٢][٣][٤]:
قصيدة فتح عمورية
كتب الشاعر أبو تمام الطائي قصيدة بعد النصر الذي حققه المعتصم بعد فتحه للعمورية، وأبو تمام الطائي يسمى بحبيب بن أوس الطائي، ولد في جاسم قرب مدينة دمشق، اتجه في صغره إلى حلقات الأدب والعلم، ثم ذهب إلى مصر فنبغ في الشعر، وعاد إلى الشام ثم إلى بغداد ليمدح الخلفاء، وقد رافق المعتصم في الكثير من حروبه، وأخرج عدة كتب جمعت مختاراته فيها مثل: الاختيار من أشعار القبائل، والاختيارات من شعر الشعراء، وأشعار الفحول، والحماسة الصغرى، وغيرها.[٥] وقد أكد الشاعر في القصيدة أن الحرب وحدها هي سبيل النصر والمجد، وقد صوّر الحريق والدمار الذي أصاب عمورية وصفًا جميلًا، فيما يأتي بعض أبيات من القصيدة[٦]: السَيفُ أَصدَقُ إنبـاءً مِـنَ الكُتُـب
- في حَدِّهِ الحَدُّ بَيـنَ الجِـدِّ وَاللَعِـبِ
بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ
- في مُتونِهِـنَّ جَـلاءُ الشَـكِّ وَالرِيَـبِ
ضوءٌ منَ النَّارِ والظَّلماءُ عاكفة ٌ
- وظُلمة ٌ منَ دخان في ضُحى ً شحبِ
أَبْقَتْ بَني الأصْفَر المِمْرَاضِ كاسِمِهمُ
- صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ
المراجع
- ↑ "فتح عمورية"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 23-8-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "أين تقع مدينة عمورية"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 20-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "اين تقع وتوجد بلدة عمورية"، wiki.kololk، اطّلع عليه بتاريخ 20-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "عمورية"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 20-8-2019. بتصرّف.
- ↑ فايز أبو درويش، [23-8-2019http://www.gerasanews.com/article/201113 "قصيدة فتح عمورية"]، gerasanews، اطّلع عليه بتاريخ 23-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ"، adab، اطّلع عليه بتاريخ 23-8-2019.