مفهوم التربية الوطنية

مفهوم التربية الوطنية
مفهوم التربية الوطنية

مفهوم التربية الوطنية

تُعرّف التربية الوطنية حسب الموسوعة العالمية بأنها المنهج المسؤول عن تفاعل الفرد مع المواطنين المحيطين به على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية، وتُعنى التربية الوطنية بالدرجة الأولى بتحقيق مبادىء الولاء، وتقوم غالبًا على تعريف المواطنين بتاريخهم وتعريفهم على الأنظمة السياسية المتبعة من قبل الدولة، كما تعزز علاقة الأفراد بالسلطات السياسية الحاكمة، وتزيد من ولائهم للقوانين والأنظمة والأعراف الاجتماعية، ما يزيد من التزامهم بها وانصياعهم لها، ولكن لا تقتصر التربية الوطنية على إحاطة المواطنين بشأنهم الداخلي أو المحلي فقط، إذ تتضمن أيضًا تزويد المواطنين بمعلومات وحقائق تخص الدول الأخرى، على المستوى الإقليمي والعالمي، الأمر الذي يحقّق مفهوم المواطنة لدى الأفراد على مستوى دولي أو عالمي.

كما يمكنك اعتبار التربية الوطنية إحدى الأدوات المسؤولة عن خلق الشعور بالمواطنة والانتماء لدى الأفراد، إذ بموجبها تتعزز القيم والأخلاق الحسنة والمبادىء التي تصقل السلوكيات والأخلاق، وتمنح المواطن المعرفة اللازمة لجعله أهلاً لتحمّل المسؤولية تجاه وطنه ودينه ومجتمعه، أيّ أنها العملية التي ترسّخ كافة القيم والمبادىء التي تجعل الفرد مواطنًا صالحًا قادرًا على أن يُشارك بفعاليّة في كافة الأنشطة والمناسبات الوطنيّة، بالإضافة لجعله منضبطًا بمعايير وضوابط المجتمع الذي يعيش فيه.[١]


ما أهمية التربية الوطنية؟

الهدف الرئيسي للتربية الوطنية يتحقق من خلال تنشئة الفرد على أن يكون مواطنًا صالحًا، أو أن يكون إنسانًا صالحًا في المطلق، أي أن يكون قادرًا على أن يعرف حقوقه فيمارسها، ومُطّلع على واجباته فيؤديها، أمّا الأهداف الفرعية أو التفصلية للتربية الوطنية فهي تختلف من مجتمع لآخر، تبعًا لاختلاف العوامل البيئية والظروف السياسية والمجتمعية، إذ إنّ لكل مجتمع خصوصيته وبالتالي فلسفته وعقيدته التي ينطلق منها، وباختلاف الفلسفة والعقيدة والقيم، أو الأنظمة المجتمعية ستختلف المواطنة كنظرية وتطبيق، ما يؤدي لإختلاف نتائجها والهدف من تطبيقها.

وبالطبع تلتقي الأهداف العامة للتربية الوطنية في نقطة مشتركة تُعنى بها جميع الدول مهما إختلفت مجتمعاتها، ففي أمريكا مثلًا القيم الفردية للتربية الوطنية تتمثل في تحقيق العدالة، والمساواة، وتوزيع السلطة، وتفعيل مبادىء المشاركة، والمسؤولية الشخصية للأفراد تجاه الصالح العام، وفيها أيضًا مجموعة من القيم المجتمعية، مثل احترام الحرية وتفعيل التعددية واحترام الخصوصية ومراعاة حقوق الإنسان، أمّا في بريطانيا فتتمثل التربية الوطنية بتحقيق معايير الحرية والعدل والتسامح، واحترام العقل والاعتراف بالحق، بينما في ألمانيا تتلخّص التربية الوطنية في مراعاة حقوق الإنسان، وتحقيق عوامل اجتماعية تطوّر المواطن على المستوى الفردي ويضمن له حريته، وعلى الرغم من اختلاف القيّم أو الأهداف الخاصة بالتربية الوطنية باختلاف الدولة والمجتمع، إلّا أنّ لها أهدافًا عامة تؤطرها ومنها:[٢]

  • تزويد الأفراد بالأدوات اللازمة لفهم النظم السياسية بشكل واقعي وإيجابي.
  • مساعدة الأفراد على فهم حقوقهم وواجباتهم لتمكينهم من ممارستها وتأديتها بشكل أفضل.
  • تُرسيخ القيّم في النفوس، وتُساعد الأفراد على ممارسة حقوقهم المتعلقة بالمشاركة السياسية، ودورهم في صنع القرارات التي تؤثر على سير حياتهم.
  • التعريف بالقضايا العامة الحالية التي يمر بها المجتمع الذي يعيشون فيه.
  • ترسيخ أهميّة التّعاون الدّولي بين الثّقافات والمجتمعات المختلفة، وفهم أهميّة النّشاطات السياسيّة على المستوى الدّولي.
  • التّركيز على ضرورة الخدمات الحكوميّة والاجتماعيّة، والمساهمة في إنجازها وتقديمها للمجتمع، واستخدامها الاستخدام الأمثل.


ما تأثير التربية الوطنية على الأفراد والمجتمع؟

تأثير التربية الوطنية على الأفراد

فيما يلي مجموعة من الجوانب التي يظهر فيها أثر التربية الوطنية على الأفراد، وهي:[٣]

  • إكساب الأفراد المعرفة اللازمة فيما يخص حقوقهم الاجتماعية والمدنية والسياسية، وترسيخ قيم ومبادىء الديمقراطية في وعيهم.
  • تعزيز القيم الوطنية لديهم، وزيادة فاعليتهم كمواطنين صالحين.
  • تنمية الشعور بالانتماء للوطن والاعتزاز به، وبالتالي زيادة الشعور بالمسؤولية تجاه حمايته والدفاع عنه.
  • ترسيخ هيبة الدستور والقوانين التي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم، أو حتى علاقة المواطنين بالدولة.
  • تعزيز قيم المساواة الاجتماعية بين الأفرد بغض النظر عن اختلافهم في اللغة أو الدين أو الجنس.
  • تنمية مهـارات المشـاركة فـي الحيـاة السياسية والاجتماعيـة بفعاليّة إيجابيّة مـن خـلال التعاطي مع الأحداث المحيطة .
  • تطوير مهارات اتخاذ القرار لدى الأفراد، عن طريق تدريبهم على آليات حل المشاكل.
  • احترام المجتمع بأطيافه المختلفة، وتقبّل التعدد الثقافي كسمة للمجتمع نفسه، بغض النظر عن جوانب التعدد لغويًا كان أو دينيًا .
  • نشر ثقافة الحوار، وترسيخ مبادئ التسامح، وزيادة قدرة الأفراد على التفاعـل اجتماعيًّا مع بعضهم، من خلال علاقاتهم  فـي وسطهم التربوي والاجتماعي.
  • تمكين الأفراد من التكيّف وفقًا للمتغيرات، فيصبحون أكثر مرونة في التعاطي مع الشؤون المحلية والإقليمية أو حتى الدولية.
  • تنمية مدارك الأفراد البيئية والتراثية، فيصبحون أكثر إهتمامًا بالبيئة ويسعون للحفاظ عليها، تجسيدًا لدورهم كمواطنين صالحين، وفيما يخص التراث، فإن التربية الوطنية تزيد من معرفتهم بعناصر تراثهم نفسه، وبالتالي يُصبحون أكثر إلتزامًا في الحفاظ على الهوية الوطنية لأوطانهم.

تأثير التربية الوطنية على المجتمع

تؤثر التربية الوطنية بالطبع على عدة أبعاد تخص الأفراد أو المواطنين أنفسهم، وبما أنّ المجتمع بحصيلته هو مجموع الأفراد، فإنّ أثر التربية الوطنية على المجتمع لا يمكن فصله عن أثره على الأفراد، فهي بشكل أو بآخر تخلق قدرًا كبيرًا من التفاعل الاجتماعي بين الأفراد، وتلعب دورًا في تحديد كيفية التفاعل نفسه، فمعارفه وقدراته ومهاراته المختلفة التي تُشكّل أساس تفاعله في المجتمع هي بالأساس حصيلة التربية الوطنية التي نشأ عليها، فتكيّف الأفراد مع مفرداتهم البيئية يمكنهم من تحقيق مستويات أفضل بتواصلهم الإجتماعي فيما بينهم، وبالتالي يأخذون بالمجتمع نفسه لمستويات أفضل، الأمر الذي يعزز روح العمل الجماعي.[٣]


قد يُهِمُّكَ: سبل تحقيق مفهوم المواطنة

من الممكن تحقيق مفهوم المواطنة من خلال الالتفات إلى مقوماتها ومحاولة تطبيقها بين المواطنين لزيادة إحساسهم بالانتماء، وبالتالي ترسيخ مفهوم المواطنة لديهم، ومقومات المواطنة تكون:[٤]

  • المساواة والتعاون: وذلك من خلال تحقيقها بين المواطنين بفعاليّة، وضمان حصولهم على نفس الحقوق وقيامهم بنفس الواجبات، وتحقيق المساواة دون تمييز أحدهم عن الآخر تبعًا لاختلاف أصولهم العرقية، أو جنسهم، أو دينهم، أو أي انتماء فكري أو سياسي لديهم، أمّا التعاون فهو يبرز روح التشارك والترابط بين المواطنين أنفسهم ما يعزز مواطنتهم.
  • الولاء والانتماء: ومن خلالهما يتجلى احترام المواطن لسيادة القانون في وطنه، ويتّضح له بأنّ مصلحة الوطن تفوق أي مصالح أخرى، وتظهر ملامح الانتماء والولاء بالسلوكيات التي يمارسها المواطن سواء أكان مقيمًا أو مغتربًا.
  • المشاركة والمسؤولية: من خلال حماية دورهم في المشاركة السياسية سواء أكان ذلك من خلال الاحتجاجات والمظاهرات السلمية، أو الإضراب، أو أي وسيلة مناسبة ما لم تضر وما لم تتضمن العنف، كما تشمل المشاركة ضمان حقهم في الانتخاب أوالترشح للانتخابات، وإعطاءهم المساحة اللازمة لتشكيل الأحزاب التي تمثلهم كفئة مجتمعية، أمّا مسؤولية المواطن فتتمثّل ببعض المهام التي تقع على عاتقه، كقيامه بدوره، وتأديته لواجباته مثل الالتزام بدفع الضرائب، وأدائه للخدمة العسكرية في حال تطلب ذلك، واحترامه لحريات الآخرين وخصوصياتهم.


المراجع

  1. "التربية الوطنية ودورها في تعزيز قيم الولاء لدى طلبة الجامعات الأردنية"، طلبة نيوز، اطّلع عليه بتاريخ 10/1/2021. بتصرّف.
  2. "التربية الوطنية في مدارس المملكة العربية السعودية: دراسة تحليلية مقارنة في ضوء التوجهات التربوية الحديثة - د. راشد العبدالكريم"، مركز الخليج لسياسات التنمية، اطّلع عليه بتاريخ 10/1/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ابراهيم هياق، المواطنة وحقوق الإنسان في المنهاج الدراسي في ضوء الإصلاحيات التربوية الأخيرة في الجزائر، صفحة 104-106. بتصرّف.
  4. نورا عبه جي ، "مفهوم المواطنة "، الموسوعة السياسية، اطّلع عليه بتاريخ 18/1/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :