محتويات
تعريف السنة والعام لغة واصطلاحًا
إنَ الثراء اللغوي الحقيقي يكمن في الترادف بين الكلمات فيما بينها؛ فهناك الكثير من الكلمات التي تحمل نفس المعنى العام ولكن في مجملها تنطوي على اختلافات لغوية خفية يجهلها الكثير من الناس، ولكن بالبحث في معناها اللغوي يتضح أنها على الرغم من ترادفهما في المعنى إلا أنهما تنطويان على اختلافات لغوية عميقة المعنى لا تتضح إلا بالبحث والدراسة، والسنة لغةً: هي عام أو اثنا عشر شهرًا أو جدب وقحط وأرض مجدبة، وجمعها سنوات وسِنُون، أما اصطلاحا؛ فهي فترة من الزمن تمتد لاثني عشر شهرًا وهي ما يقارب الـ 365 يومًا، وهُناك السنة الميلادية والسنة القمرية، أما السنة الشمسية فهي الزمن اللازم لدوران الأرض حول الشمس دورة كاملة، وتقدر ب 365 يومًا و6 ساعات و9 دقائق و54 ثانية من الزمن الشمسي، أما العام في اللغة فيأتي بمعنى سنة أو أربعة فصول أو اثني عشر شهرًا، وجمعها أعوام، وفي الاصطلاح جاء عام بمعنى دوران الأرض دورة كاملة حول الشمس في فترة مقدارها 365 يومًا و5 ساعات و49 دقيقة و12 ثانية ابتداء من 1 كانون الثاني وانتهاء ب31 كانون الأول، والعام هو الحول يأتي على شتوة وصيفة، ومن الأمثلة عليه عام الحزن وهو العام العاشر من بعثة النبي عليه السلام وهو العام الذي توفي فيه أحب الناس إلى رسول الله.[١][٢]
ما الفرق بين سنة وعام؟
يتشابه كل من العام والسنة في المعنى فكلاهما يطلقان على الفترة الزمنية التي تستكمل فيها الأرض دورانها حول الشمس وهي تستغرق حوالي 365 يومًا، في تلك الفترة يكون العام أو السنة قد اكتمل ويبدأ عام جديد، وتمر بتلك الفترة فصول السنة الأربعة: الخريف والشتاء والربيع والصيف، فكلاهما يحملان نفس المدة الزمنية ونفس الوقت، ولكن هنالك بعض الفروق بينهما:[٣][٤]
- لو بدأت العد من نصف فصل الشتاء حتى النصف من الشتاء المقبل فإن هذه تعد سنة، على سبيل المثال فإن المدة الزمنية من يوم 1 رمضان سنة 2019م وحتى يوم 1 رمضان 2020م تسمى سنة، أما العام فإنه لا يكون إلا بشتاء وصيف كاملين، بحيث لا تكون البداية من وسط الصيف أو الشتاء بل من أولهما، وخلاصة ذلك أن السنة تبدأ من أي يوم أردت من أول الشتاء أو الصيف أو وسطهما، فكل عام سنة وليس كل سنة عام، ولا تسمى السنة عامًا ما لم تتألف من صيف وشتاء كاملين متواليين.
- إنّ العرب تستعمل كلمة العام إذا كان عام رخاء في العيش والحياة، كما تطلق في الزمن والمستقبل المجهول على سبيل التفاؤل ليكون أيضًا عام رخاء، وقد أطلقت العرب على عام الفيل عامًا وليس سنة لأن الله فرج فيه عن العرب كربهم وشدتهم التي أنزلها بهم أبرهة الحبشي، أما السنة فإن العرب كانوا يستعملونها في زمن القحط والجدب والشدة والمجاعة، بل وتوسعوا في ذلك حتى سموا القحط سنة، ومثال هذا الفرق موجود في القرآن الكريم في الكثير من المواضع.
أمثلة من القرآن على السنة والعام
إن من إعجاز وبلاغة القرآن الكريم أن كل حرف أو كلمة في القرآن وضعت في موضعها المناسب، لتعبر عن معنى يتناسب مع سياق الآية، فقد تظن عند قراءة القرآن أن كلمة سنة يمكنها أن تأتي مكان عام أو العكس، ولكن بلاغة وفصاحة القران أثبتت أن كلمة عام وكلمة سنة لكل واحدة منهما مواضع معينة لا تكون لغيرها، ومن أمثلة القرآن في السنة والعام:[٥]
- قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}،[٦] وهنا نجد أن الله اختار كلمة سنين بدل أعوام لأنها تدل على العذاب ومعناها هنا الجدوب والقحوط.
- قال تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ}،[٧] وكذلك هنا تدل على السنوات التي سوف تمر على قوم يوسف عليه السلام.
- قال تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً}،[٨] وهنا تدل على السنين التي قضاها أهل الكهف نائمين بعيدين عن العيش والاحتكاك بالناس، فالله أبعدهم عن قومهم بنومهم كل هذه السنوات.
- قال تعالى: {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى}،[٩] وفي هذه الآية دلالة على السنين التي مرت بسيّدنا موسى من البلاء.
- قال تعالى: {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ}،[١٠] ذكر الله في هذه الآية عامًا وليس سنة لأن العام فيه خير، فالناس هنا كانوا يفتنون ثم يتوبون في نفس العام ويذكرون الله.
مَعْلومَة
قال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}،[١١] وعلى غرار الفروقات بين السنة والعام التي ظهرت، ذكر لنا القرآن الكريم عدّة مفردات استُعملت كمرادفات لإيصال معانٍ مختلفة قد تغفل عنها، ومنها:[١٢]
- الخوف والخشية: من الألفاظ التي يظن كثير من الناس أنها من المترادفات ولا يكاد اللغوي يفرق بينهما هما الخشية والخوف، ولا بد لك أن تعرف أن بينهما فروقات عظيمة، فالخشية هي الخوف الشديد فهي أشد من الخوف، كما لا تكون الخشية إلا من عظمة المخشي منه، وإن كان الخاشي يجد نفسه قويًا، والخوف يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف منه أمرًا يسيرًا.
- الشح والبخل: الشح هو البخل الشديد، قال تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ}،[١٣] والشح هو الحرص على منع الخير ولو كان مع الغير، والبخل منع الحق فلا يؤدي البخيل حق غيره عليه.
- مَدَّ وَأَمَدَّ: قال الراغب أن أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب، قال تعالى: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}،[١٤] والمد في المكروه قال تعالى: {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً}،[١٥] فلفظ أمد ذكر في حق المؤمنين.
- العمل والفعل: العمل يدل على التريث والتمهل في الشيء، ويشتمل على القول والفعل معًا، قال تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}،[١٦] وذلك أن خلق الأنعام والثمار والزروع بامتداد، أما الفعل فإنها تدل على السرعة، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}،[١٧] وذلك أن الله حين يهلك أقوامًا فإنه يهلك في طرفة عين من غير بطء.
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى عام في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، almaany، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-24. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى سنة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، almaany، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-24. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين السنة والعام"، arabacademy، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-24. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين العام والسنة "، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-24. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين السَنَة والعَامْ في الإسلام"، al-maktaba، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-24. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 130.
- ↑ سورة يوسف، آية: 47.
- ↑ سورة الكهف، آية: 11.
- ↑ سورة طه، آية: 40.
- ↑ سورة التوبة، آية: 126.
- ↑ سورة هود، آية: 1.
- ↑ "الترادف في القرآن الكريم"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-24. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 128.
- ↑ سورة الطور، آية: 22.
- ↑ سورة مريم، آية: 79.
- ↑ سورة يس، آية: 71.
- ↑ سورة الفيل، آية: 1.