حديث الرسول عن عذاب القبر

حديث الرسول عن عذاب القبر
حديث الرسول عن عذاب القبر

عذاب القبر

تنقسم الحياة التي تعيشها إلى ثلاثة أقسام وهي؛ الحياة الدنيا والتي تكون نهايتها الموت والهلاك، وحياة البرزخ، وهي التي تكون بعد موت الإنسان ووجوده في قبره وتستمر إلى يوم القيامة، والحياة الآخرة وهي التي تكون بعد قيام الناس من قبورهم فيكون الإنسان إما في الجنة أو إلى النار، والحياة البرزخيّة إما أن تكون نعيمًا أو جحيمًا، والقبر في حياة البرزخ إما أن يكون روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وقد دلّت الكثير من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية على أن هنالك عذاب في القبر، فقال سبحانه وتعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[١]، وقد استدل العلماء في هذه الآية على وجود عذاب القبر، وأن الله تعالى قد ميّز بين عذاب القبر وعذاب الآخرة، فكل واحد منهما يختلف عن الآخر، وعذاب القبر قد يكون مستمرًا بحق بعض الناس مثل الكفار والمنافقين، وقد يكون مؤقتًا للعصاة والمخالفين لبعض شرائع الله تعالى، فالإنسان الكافر لن يكون له طريق للوصول إلى النعيم أبدًا سواءًا في القبر أو يوم القيامة، أما المسلمين العصاة فإنهم يُعذّبوا بقدر ذنوبهم ومعاصيهم ومن ثم يُدخلهم الله تعالى الجنة.[٢]


حديث الرسول عن عذاب القبر

وردت الكثير من الأحاديث النبويّة الصحيحة التي تتحدّث عن عذاب القبر، وسنورد لك بعضًا منها:[٣]

  • حديث أبو سعيد الخدري عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [بيْنَما النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ، علَى بَغْلَةٍ له وَنَحْنُ معهُ، إذْ حَادَتْ به فَكَادَتْ تُلْقِيهِ، وإذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ، أَوْ خَمْسَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ، قالَ: كَذَا كانَ يقولُ الجُرَيْرِيُّ، فَقالَ: مَن يَعْرِفُ أَصْحَابَ هذِه الأقْبُرِ؟ فَقالَ رَجُلٌ: أَنَا، قالَ: فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟ قالَ: مَاتُوا في الإشْرَاكِ، فَقالَ: إنَّ هذِه الأُمَّةَ تُبْتَلَى في قُبُورِهَا، فَلَوْلَا أَنْ لا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِن عَذَابِ القَبْرِ الذي أَسْمَعُ منه ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، فَقالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِ، فَقالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن عَذَابِ القَبْرِ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن عَذَابِ القَبْرِ، قالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ، ما ظَهَرَ منها وَما بَطَنَ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ منها وَما بَطَنَ، قالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ][٤].
  • في حديث آخر صحيح عن عذاب القبر، عن عبدالله بن عباس قال: [مرَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ بقبرينِ فقال: إنَّهما ليعذَّبانِ وما يعذَّبانِ في كبيرٍ، أمَّا أحدُهُما فَكانَ لا يستبرئُ من بولِهِ، وأمَّا الآخرُ فَكانَ يمشي بالنَّميمةِ، ثمَّ أخذَ جريدةً رطبةً فشقَّها نِصفينِ، ثمَّ غرزَ في كلِّ قبرٍ واحدةً، فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، لمَ صنعتَ هذا؟ فقال: لعلَّهُما أن يخفَّفَ عنْهما ما لم ييبِسا][٥].


كيفية النجاة من عذاب القبر

توجد عدة طرق تؤدي إلى نجاتك من عذاب القبر وجحيمه، وأهمها:[٦]

  • الاستقامة: فالاستقامة على طريق الحق والإكثار من الأعمال الصالحة بأنواعها من صلاة وصيام وزكاة وبرّ بالوالدين والابتعاد عن كلّ ما يُغضب الله تعالى ويُنزل سخطه وغضبه هي من أهم أسباب نجاتك من العذاب.
  • الشهادة في سبيل الله: فهي من أعظم أسباب النجاة من عذاب القبر، فجميع المسلمين قد يُفتنون في قبورهم إلا الشهيد؛ لأنه بذل نفسه رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى ونصرة دينه.
  • المداومة على قراءة سورة تبارك: فقراءة سورة الملك يوميًا والعمل بما جاء بها من أحكام تكون سببًا لنجاتك، وتأتي في القبر وتجادل ويوم القيامة وتدافع عنك ثم تدخلك الجنة، فعن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:[سورةٌ تشفعُ لقائلِها، وهي ثلاثونَ آيةً ألا وهي تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ][٧].
  • الموت بمرض البطن: أو المبطون؛ وهو الذي يموت نتيجة إصابته بداء في البطن، فقد بُشّر صاحبه بالشهادة، ولكن لم يحدد مرض معين بل جميع أمراض البطن على العموم، والسبب في اعتباره من الشهداء بسبب الشدّة والألم التي يلاقيها المسلم من مرضه، فالمرض كفارة لسيئاته ونجاة له من عذاب القبر.
  • الرباط على الحدود: فالرباط على الحدود من أشدّ وأصعب المهام، فيقوم المرابط بحماية عِرضه وأعراض المسلمين من أي أعداء أو أخطار خارجيّة، فالحدود هي من المواضع شديدة الحساسيّة والتي يكون الموت فيها أقرب للشخص، والمرابط له مثل فضل المقاتل في سبيل الله، لذلك يُنجّيه الله من فتنة القبر.
  • الاستعاذة بالله من فتنة القبر: فالمداومة على الدعاء والاستعاذة بالله من عذاب القبر هي من أهم أسباب نجاتك من عذاب القبر، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب القبر دبر كلّ صلاة مفروضة، وقد أمر الله تعالى عباده بالاستعاذة منه، ففي الحديث النبوي الشريف عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:[ إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ مِن أَرْبَعٍ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّال]ِ[٨].


قد يُهِمُّك

توجد العديد من الأعمال التي تنفع الميت في قبره وتخفف عنه من عذابه، ومن هذه الأعمال التي يمكنك أن تقدمها له؛ الدعاء والصدقة وآداء بعض الفرائض عنه، فأفضل ما قد يُهدَى إلى الميت هو الدعاء له بظهر الغيب، والترحّم عليه، وسؤال الله تعالى أن يخفف عنه من العذاب، وأن يتغمده برحمته ولطفه، وأن يعفو عن ذنوبه وزلاته، وأن يرفع من درجاته، أما الصدقة فهي تنفع الميت وتخفف عنه لدرجة كبيرة، ولا يُشترط أن تكون الصدقة بالمال فقط، بل بالطعام والملابس وحتى بالكلمة الطيّبة، والحج عن الميت، والذهاب للعمرة عنه، وقضاء الصيام عن الميت إذا كان عليه أيام لم يصمها بسبب مرض أو وصب، أما الصلاة فلا يجوز أن تُقضَى عن الميت، وقضاء ديون الميت إن كان عليه ديون ليلقى الله بقلب سليم، ولكن الأولى إن كان للميت مال قضاء ديونه من ماله الخاص، وإن لم يترك وراءه مال وجب على أهله وأولاده أن يسدوا عنه الديون، فالوفاء بالدّين هو من أعظم الصدقات والقربات إلى الله تعالى، وقراءة القرآن على الميت، وفي الحديث النبوي الشريف عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له][٩].[١٠]


المراجع

  1. سورة سورة غافر، آية: 46.
  2. "هل يستمر عذاب القبر إلى قيام الساعة"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2020. بتصرّف.
  3. الشيخ محمد طه شعبان، "أحاديث عن عذاب القبر ونعيمه"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2020. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم: 2867، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 2068، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  6. "أسباب النجاة من عذاب القبر"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2020. بتصرّف.
  7. رواه ابن الملقن، في البدر المنير، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3/561 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 588، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1631، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  10. "الأعمال المشروعة التي تنفع الميت"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :