الحواس الخمس
الحواس الخمس هي أساس الشعور والإحساس، فهي التي تتلقى ما يُسمى بالإشارات الحسية من البيئة المحيطة، ونقلها للعقل البشري الذي يفسرها ويحللها ويوجه الاستجابة للجسم، وبالتالي فإن الحواس الخمس التي هي السمع، البصر، الشم، اللمس والتذوق ما هي إلا وسائل توصل العقل البشري بما يحيطه، وقد ذكر الله في كتابه العزيز هذه الحواس في أكثر من موضع، فلفظ السمع ورد في 12 موضعًا، وورد في بعض المواضع مقترنًا بلفظ البصر، يقول الحق سبحانه وتعالى : (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ)[الملك:23]، فالملاحظ تقديم السمع على البصر لما له أهمية في العملية الإداركية الحسية المتمثلة في عملية التعلم.
أما حاسة البصر فقد ورد ذكرها في 48 موضعًا في القرآن الكريم، وكانت تأتي بصيغة الجمع في بعض المواضع كون الإنسان له عينان يرى بهما، وفيما يتعلق باللمس فقد ذكر القرآن الكريم موضع الإحساس للإنسان وهو الجلد، وأنه في حال زال الجلد سيزول الإحساس بالقطع، يقول الله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ) [النساء:56]، إذ بينت الدراسات الطبية الأكثر حداثةً أن بشرة الإنسان بها مربعات عبارة عن خلايا حسية تتنوع وتتخصص في استقبال الأنواع المتعددة من الإحساسات، كالبرودة والسخونة والألم، أما حاسة التذوق التي يستقبلها "اللسان" الذي فيه عدد كبير من المستقبلات المتجمعة في حلمات تذوق تتشابه في خصائصها بالمستقبلات الجلدية، وأخيرًا فإن الأنف المستقبل الحسي للشم يميز الروائح عند مرور الهواء داخله، الأمر الذي يؤدي لحدوث تفاعل كيميائي يصل لدماغ الإنسان، فيحلل نوعية الروائح الطيبة أو الروائح المزعجة. [١]
حقائق علمية عن الحواس الخمس
يوجد في جسم الإنسان إبداع رباني لا مثيل له، يقول الله سبحانه وتعالى : (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [الذاريات:21]، وهو كلام الحق الذي أثبت العلم في كل يوم الإعجاز العلمي فيه، فما زال العلماء يكتشفون المزيد من الحقائق العلمية التي ذُكرت في قرآننا الكريم قبل حوالي الـ 1440 عامًا، وعند الحديث عن الحقيقة العلمية لكل حاسة من حواس الكائنات الحية سنجد حقائق مذهلة يقف الإنسان الذي أمره الله بالتفكير والتدبر أمامها مسلّمًا بقدرة خالقه، وفيما يأتي بعض الحقائق العلمية الخاصة لكل من الحواس الخمس، هي كالآتي : [٢]
- حاسة البصر: العين هي العضو الذي يرصد الضوء، ويوصله للشبكية التي هي أحد مكونات العين التي فيها مراكز استقبال منها ما يعطي معلومات عن كمية الضوء ومنها ما يعطي معلومات عن اللون، فهذه المعلومات ترسلها الشبكية للدماغ ليحللها، والنتيجة هي ما نراه من صور للأجسام التي أمامنا، وفي حقيقة علمية أخرى فإن العين لها القدرة على التحكم في كمية الضوء الذي ستوصله للشبكية، وهذا ما نراه في حال انتقال الإنسان من منطقة خافتة الإضاءة لمنطقة أخرى مضيئة جدًا والعكس صحيح، أما في عالم الحيوان فإن الله ميز بعض الكائنات الحية والحيوانات برؤية أشعة لا يمكن للإنسان أن يراها، كالأشعة فوق البنفسجية التي يراها النحل، والأشعة تحت الحمراء التي تراها الزواحف، كما أن الثديات لا تميز الألوان، وهذه الخاصية التي تتمتع بها الكائنات الحية ما هي إلا إبداع خلقي وضعه الله تعالى فيها كي تستطيع الافتراس والصيد، فالثعابين مثلًا لها القدرة على الصيد في الظلام من خلال الأشعة تحت الحمراء التي ترسلها الأجسام الدافئة للحيوانات.
- حاسة السمع : الأذن هي عضو الرصد للأصوات، والتي تتكون من الأذن الخارجية، الوسطى والداخلية؛ إذ تستقبل الأذن الذبذبات من خلال الطبلة، وتنقلها للأذن الداخلية التي تحولها لإشارات عصبية إلى الدماغ فيحللها، وبالتالي يفهمها الإنسان بناءً على المعلومات السابقة التي تخزنت في دماغه منذ طفولته، ولسلامة الجهاز الصوتي يجب عدم التعرض للأصوات شديدة القوة والحادة، وأخيرًا فإن حاسة السمع عند الحيوانات تختلف في قدراتها عن الإنسان، فبعض الحيوانات تلتقط الذبذبات فوق الصوتية، وقد استدل العلماء بذلك عند حدوث الزلازل التي تشعر الحيوانات بحدوثها قبل الإنسان.
- حاسة التذوق: اللسان هو العضو الحسي لحاسة التذوق بما فيه من مستقبلات معقدة على شكل حلمات، وقد اتفق العلماء على تقسيمها إلى أربع مذاقات وهي الحلو، المر، المالح واللاذع، فكل جزء من اللسان يميز نوعًا واحدًا من هذه الفئات، وحتى اليوم وبالرغم من التقدم العلمي لم يجزم العلماء بالطريقة العلمية الأكيدة في عملية التذوق، الأمر الذي ساهم في اختلافات البشر في تذوق المواد الداخلة في الطعام، وطور فن الطهي عند شعوب الأرض، أما عند الحيوان فحاسة التذوق لها خبايا علمية ما زال العلماء يكتشفونها حتى اليوم، فالذباب يفرز مادة على فمه يمكنه من خلالها تذوق الطعام كمثال على ذلك.
- حاسة الشم : الأنف هو العضو الحسي للشم، لا سيما الجزء العلوي منه الذي يحتوي على عدد كبير من المراكز الحسية، فعند دخول الهواء إليها بما يحمل من مواد طيارة تلتقطها هذه المراكز، وترسلها للدماغ فيحللها، وهي شبيهه بالآلية التي تحدث في التذوق، ولكن ثمة روائح أكثر صعوبة في تحليلها من الأطعمة، ومن الناحية العلمية يربط العلماء حاستي التذوق والشم ببعضهما، فتحليل بعض الأطعمة يعتمد بالأساس على المواد الكيميائية الطيارة التي يستقبلها الأنف، وعند الحيوانات فإن الحديث عن حاسة الشم يحتاج للعديد من المقالات، وخير مثال على ذلك استخدام أجهزة الشرطة للكلاب وقدرتها الكبيرة في تقصي أثر المجرمين عند شم أي رائحة تتعلق بهم.
- حاسة اللمس : بشرة الإنسان هي العضو الحسي لحاسة اللمس، إذ تنتشر مراكز الاستقبال على الجلد التي هي متفاوتة الحجم والعدد من منطقة لأخرى، فمثلًا الأصابع تمتلك أكثر مراكز الإحساس في الجسم، الأمر الذي يمكّن الكفيف من القراءة بطريقة بريل، وفي الحيوانات يرتبط اللمس بالتذوق فيها، فحشرة النمل تتناقل المعلومات وتتعرف على بعضها من خلال قرون الاستشعار.
المحافظة على الحواس الخمس
للمحافظة على سلامة الحواس الخمس من التعرض للضعف أو الفقدان، فالدراسات أثبتت بضعف قدرتها على الاستجابة مع التقدم في السن، وبالتالي لا بد من اتباع النصائح الآتية : [٣]
- انتهاج نمط حياة صحي يمكن للإنسان أن يعرفه من خلال الأخصائيين في هذا المجال.
- الاهتمام بنظام غذائي متوازن يخلو من المغالاة في تناول أنواع محددة من الأطعمة.
- النوم لعدد من الساعات المتواصلة الكافية لراحة الأعضاء الحسية، فقلة النوم تربك الإنسان وتقلل من قدرة حواسه على الاستجابة الكافية.
- الممارسة الدائمة للرياضة مما يساهم في تدفق الدم للأعضاء الحسية.
- اتباع سلوكيات من شأنها المحافظة على سلامة الأعضاء الحسية، كالضجيج والأصوات الحادة.
- الاهتمام بنظافة الأعضاء الحسية، وتنظيفها بالطرق العلمية السليمة، وخصوصًا الأذن.
- المراجعة الدورية للأطباء للتأكد من سلامة الأعضاء الحسية.
المراجع
- ↑ "الحواس الخمس في القرآن"، paldf، اطّلع عليه بتاريخ 20-7-2019. بتصرّف.
- ↑ Jean-Marie Bouchard (1-6-2002)، "علم الأحياء البشري"، lamap.bibalex، اطّلع عليه بتاريخ 20-7-2019. بتصرّف.
- ↑ انور نعمة (23-2-2017)، "الحواس الخمس... هكذا تحفظها من عاديات العمر"، alhayat، اطّلع عليه بتاريخ 20-7-2019. بتصرّف.