أولاد هارون الرشيد

الخليفة هارون الرشيد

جلس الخليفة هارون الرشيد على عرش الخلافة بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وكان ذلك في عام 786م/170هـ، وقد تميزت هذه الفترة للدولة العباسية بتوسع منقطع النظير مقارنة بالدول الإسلامية التي سبقتها، إذ ضمت أراضيها مناطق وسط آسيا وصولًا للمحيط الأطلسي، مما يعني أنها كانت بحاجة إلى قائد يحافظ عليها ويمنع أي فتنة قد تحصل على أراضيها بسبب هذا التوسع الذي أصبح يضم أعراق ومناطق تحتاج للاندماج بالإسلام وشرائعه وحدوده، وبالفعل كان الخليفة هارون الرشيد قادرًا على هذه المهمة وأهلا لها، فقد عُرف عهده بعصر النهضة، وحققت الدولة الإسلامية آنذاك جملة من الإنجازات التي فاقت تصور الجميع تزامنًا مع فرض النظام وتحقيق العدالة في كافة المستويات، فقد وُصفت هذه الفترة بالرخاء والاستقرار والازدهار والتقدم الكبير في العلوم والعمارة التي اشتملت على بناء دور العلم والقصور والمساجد وحفر الأنهار ومجاري المياه، أما الخليفة هارون الرشيد كشخصية خليفة لهذه الدولة مترامية الأطراف فقد عُرف عنه التدين والتمسك بالصلاة، فكان شديد البكاء عندما يسمع الوعظ والإرشاد، وحسب المؤرخين كانت أغلب أيام حياته إما لقضاء الحج أو الغزو، فهو الخليفة العباسي الأول الذي كان على رأس الجيوش الغازية دون تعيين أحد لهذه المهمة سواه، أما عن حياته الشخصية والأسرية، فتزوج الخليفة هارون الرشيد بأكثر من سيدة، بالاضافة للجواري ملك اليمين، ولكن زوجته زبيدة بنت جعفر وهي ابنة عمه وهي أقرب زوجاته إليه، إذ كان لها مكانة خاصة عنده، وأنجب من زوجاته وملك يمنيه 10 ذكور و12 من الإناث. [١]


أولاد هارون الرشيد

كما أسلفنا أنجب الخليفة من زوجاته عددًا من الأبناء والبنات بلغوا 10 من الذكور و12 من الأناث، وهم محمد الأمين من زوجته زبيدة، وعبد الله المأمون من جارية تسمى مراجل، والقاسم ووالدته هي قصف، وأبو اسحاق محمد المعتصم بالله وأمه ماردة خاتون وهي تركية الأصل، وعلي أمه تدعي أمة العزيز، وصالح من جارية أسمها رثم، ومحمد أبو بعقوب، ومحمد أبو عيسى، ومحمد أبو العباس، ومحمد أبو علي، وابنته سكينة الأخت لابنه المعتصم، وابنته أروي وأم الحسن وحمدونة وفاطمة وأم سلمة وخديجة وأم القاسم وأم علي وأم الغالية، وريطة [١].


أولاده الأمين والمأمون

لعل أكثر أولاده شهرةً في التاريخ الإسلامي العباسي هم الأمين والمأمون، فبعد وفاة الخليفة هارون الرشيد تولى الأمين الخلافة في عام 809م، وكان عمره آنذاك لم يتجاوز 23 عامًا، مما أثار الفتنة مع أخيه المأمون لتوليه الخلافة، ومما زاد من اشتعال الفتنه وقوع التنافس بين الفضل بن ربيع الذي سيطر على الأمين، والوزير الفضل بن سهل الذي سيطر على المأمون، بالإضافة لاعتبارات عنصرية تمثلت في أن أحدهما من أم عربية والآخر من أم أعجمية فارسية، وحصول تحزبات لكل منهما نتيجة هذه المعطيات، فأثر الوزير الفضل بن الربيع على الأمين بإقصاء أخيه المأمون كليًا للعهد، ومنحها لابنه موسى، ومن ناحية أخرى عزز الوزير الفضل بن سهل الخلاف بينهما بسبب عزل المأمون عن ولاية العهد، محاولًا أيضًا أن يجعل للمأمون الاستقلال بولاية خراسان، وحسب المؤرخين فإن الأمين بفعله هذا قد نكث العهود والمواثيق التي أخدها عليه والده الخليفة هارون الرشيد، مما أثار غضب أهالي منطقة خراسان الوقوف بجانب المأمون ضد الأمين، فخرج جيشًا من خراسان مؤيدًا للمأمون، وكذلك جيشًا جهزه الأمين عتاده 80 ألف جنديًا، فحصلت معركة وُصفت بالعنيفة، وانتصر جيش المأمون بقيادة طاهر بن الحسين معلنين خلع الأمين ومبايعة المأمون، فأرسل الأمين بعد ذلك جيشًا فهُزم، وأرسل جيشًا ثالثًا فما لبثوا أن تفرقوا وانسحبوا قبل لقاء جيش المأمون، فساد الاضطراب في العاصمة بغداد حيث وجود الأمين، فانقلب عليه بعض أعوانه وأعلنوا خلعه من الخلافة، فحبسوه وأمه زبيدة، ولكن أنصاره خلّصوه من الحبس وأعادوه وأمه للقصر، ليتقدم جيش المأمون باتجاه بغداد ويستمر بحصارها لمدة 15 شهرًا، مما أدى لدمار كبير في أسوارها وأبنيتها نتيجة ضربها بالمنجنيق لمدة طويلة، بالإضافة إلى نقص كبير في الغذاء حتى أن الأمين باع من ثروته حتى ينفق على جيشه، ولكن ذلك لم يحول دون أن يسقط بيد جيش المأمون ليُقبض على الأمين ويُسجن ويُقتل في عام 813 م، ليتولى بعد ذلك زمام الأمور والخلافة المأمون.[٢]


أحمد ابن هارون الرشيد

نقلت الروايات بوجود أبناءٍ للخليفة هارون الرشيد وهو الأكبر يُسمى أحمد بن الرشيد، ويرجح بأنه ابن امرأة أحبها هارون الرشيد، ولكنه لم يكن معروفًا حتى توفي، فقد وُصف بالزهد والتعبد، فترك الملك وانشتغل بالطين، وكان لا يقبل أن يأكل إلا من عمل يده كما ذكره ابن كثير في كتابه البداية والنهاية، فلا يمتلك إلا أدواته الخاصة بعمله وهما المجرفة والقفة، فيعمل يوم السبت وينشغل بقية الأسبوع بالعبادة فقط، ولم يكن يذكر لأحد أنه ابن هارون الرشيد حتى أن ابيه لم يكن يعرف بوجوده في بغداد إلا عندما توفي، فقد أعطى أحمد بن الرشيد خاتمًا لأحد المقربين منه ليوصله للخليفة بعد موته، والذي كان الخليفة قد أعطاه لوالدته وأمرها بالذهاب إلى البصرة وبالعودة إذا استقر به الأمر، ولكنه لم يستطع العثور عليها وابنها أحمد بعد ذلك، فبعد وفاة والدته رجع لبغداد وعمل فيها بالطين، وحين وصل الخاتم للخليفة عرفه وسأل من أوصله أي صاحب الخاتم، فقال له أنه توفي وأوصاني بأن أسرد عليك هذه الرسالة، فكانت الرسالة هي نصائح لعدم الانصراف للدنيا وترك الآخرة، وغيرها من الوصايا التي تنجي الإنسان من عذاب الآخرة. [٣]


المراجع

  1. ^ أ ب "هارون الرشيد.. خليفة عصر النهضة"، albawabhnews، 14-9-2017، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2019. بتصرّف.
  2. "أبو عبد الله محمد الأمين العباسي"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2019. بتصرّف.
  3. "ابن هارون الرشيد المجهول!"، maqola، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :