أين ولد سيدنا عيسى عليه السلام

سيدنا عيسى عليه السلام

أرسل الله تعالى الكثير من الأنبياء إلى بني إسرائيل، وكان آخرهم عيسى ابن مريم بنت عمران رضي الله عنهما، وقد خلقه الله تعالى وصوّره في رحم والدته كما صور غيره من البشر لكن دون أب كما خلق سيدنا آدم بلا أب أو أم، ومريم من سلالة نبي الله داود عليه السلام، وهي من أشرف النساء وأتقاهم والتي كرمها الله بسورة في القرآن باسمها لتحكي قصتها، فقد حملت بعيسى وهي عذراء بقدرة الله وإرادته، وقد وصفها الله تعالى في القرآن الكريم بالصدّيقة، فقد نشأت على الطهر والعفاف وتربت على التقوى تؤدي واجباتها وتكثر من النوافل والطاعات،[١][٢] وفي هذا المقال سنتناول الحديث عن مكان ولادة سيدنا عيسى عليه السلام، وأبرز المحطات التي مرّت في حياته.


مكان ولادة سيدنا عيسى عليه السلام

ذكر الله تعالى في القرآن بالإشارة إلى مكان مولد عيسى عليه السلام في المكان القصي، ولم يُحدد المكان على وجه الدقة، إلا أن المؤرخين وعلماء الدين رأوا أن ذلك حدث في بيت لحم، وهي مدينةً فلسطينية تقع بالقرب من العاصمة القدس، ويؤمن المسيحيون كما المسلمون بأنها مسقط رأس النبي عيسى ومولده، ولهذا أقاموا فيها العديد من الكنائس ككنيسة المهد على يد الإمبراطور قسطنطين، ويوجد أسفلها كهف ومغارة يُقال أنها المكان الذي حصل فيها مخاض مريم البتول عليها السلام، وحتى اليوم فإن السكان والسياح يأتون إلى بيت لحم من كلّ حدب وصوب كونه مكان مقدس ويحمل طابعًا خاصًا لديهم.[٣]

إذ أمر الله تعالى مريم عليها السلام بالاحتجاب عن قومها والذهاب إلى مكان لا يوجد فيه بشر، وعندما ذهبت حيث أمرها الله، جاءها جبريل عليه السلام على هيئة بشر، فخافت وفزعت وتعوّذت بالله منه، ولكنه طمأنها وبشّرها بحملها بعيسى عليه السلام دون أن يمسها بشر، وأنّه أمرُ الله وله فيه حكمة تخفى على البشر، فاطمأنت لأمر الله وهدأت نفسها، وعندما بدأت تظهر عليها علامات ودلائل الحمل، ذهبت تجاه شرق بيت المقدس، فأتاها المخاض تحت جذع نخلة كبيرة، فولدت عيسى عليه السلام، فأمرها الله أن تهزّ جذع النخلة لتأكل وتشرب وتقرّ عينها.[٤]


موقف قوم مريم عليها السلام من ولادة عيسى

حملت مريم عليها السلام ابنها عيسى لقومها، فاستنكروا عليها ولادتها دون زواج وكالوا لها الشتائم والسباب، وذكّروها بأهلها ومحافظتهم على عاداتهم وعلى دينهم وأنهم لم يكونوا من البغاة أو الزّناة، فأشارت إلى سيدنا عيسى وهو في المهد، فحدثت المعجزة وتكلّم سيدنا عيسى وأخبرهم بأنّه رسول الله لبني إسرائيل، وأن الله أيّده بالرّسالات والمعجزات الدّالة على صدقه، وأنّ ربه أوصاه بالصّلاة وآداء الطّاعات والبر بوالدته مريم، قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}،[٥] وعندما كبر عيسى عليه السلام أرسله الله لقومه بني إسرائيل عندما ابتعدوا عن الصراط وكثرت فيهم الشّهوات والفتن، وأنزل الله مع عيسى الإنجيل هدى ونورًا، فدعا عيسى عليه السلام قومه لعبادة الله وحده وتركهم ما يعبدون من دونه.[٦]


قصة سيدنا عيسى عليه السلام

قراءة القرآن وآياته واجبة على كلّ المسلمين، فذلك يمكنهم من التعرف على سيرة الأنبياء والرسل والسلف الصالح، والافتخار بمسيرتهم وتحديهم للمصاعب والمتاعب في سبيل نشر الهداية، وسنبين فيما يأتي أبرز المحطات في حياة سيدنا عيسى عليه السلام:[٧]

  • عاش عيسى عليه السلام في كنف جده عمران، وكان تقيًا طيب القلب تبدو عليه علامات الحكمة والنبوة منذ حداثة سنه إلى أن تنزل عليه كتاب الإنجيل وهو في الثلاثين من عمره.
  • بدأ عيسى بدعوة قومه للهداية وللتحول عن معصية الله إلى طاعته، وقد حباه الله بالكثير من المعجزات حجةً عليهم، إذ كان يشفي الأعمى والأبرص، وكان يصنع من الطين شكلًا على هيئة الطير وينفخ فيه فيصير حيًا، وكان يحيي الموتى.
  • آمن فريق قليل من عيسى به وكان اسمهم الحواريون، وطلبوا منه أن ينزل عليهم مائدةً من السماء حتى يزدادوا إيمانًا ففعل ذلك.
  • راح اليهود يحرضون ملك الروم على عيسى ويخبرونه بوجود نبيٍّ جاء برسالة منافسة له، فخرج مع جنوده بحثًا عنه وسعيًا لإيذائه.
  • ظن الكفار أنهم صلبوا عيسى بن مريم، لكن الله رفعه إلى السموات العُلى وتوكل بإنزاله من جديد في وقت لاحق قبيل انتهاء الحياة على سطح الأرض.


معجزات سيدنا عيسى عليه السلام

أيّد الله تعالى عيسى -عليه السّلام- بالعديد من المعجزات؛ فقد ذُكر في كتاب الله الكريم قدرة عيسى على التكلم وهو طفل في المهد، وقدرته على صنع الطيور من الطين، فتعيش تلك الطيور وتصبح من ذوات الأرواح بقدرة الله -عز وجل-، كما أنه يمسحُ الإنسان الأكمه فيبرأُ مما به بإذن الله وإرادته، ويمسح الإنسان الأبرصَ فيزول كل ما أصابه، ونادي الأموات ويتحدث إليهم، وقد خاطب الله تعالى عيسى -عليه السلام- في كتابه بقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ}.[٨]


الأنبياء والرسل

تُعرَّف كلمة نبيّ في اللغة بأكثر من تعريف؛ إذ إنها تشتق من لفظ النبوة، كما أنها تحمل معنى الأرض المرتفعة التي يهتدي الناس بها بسبب شرفها وعلوها، وأُطلق لفظ النبي على الإنسان؛ لأنه يُنبّأ الأمور من الله -عز وجل- عن طريق الوحي، ويجتمع التعريفان ببعضهما من خلال القول بإن النبي هو صاحب الشرف والرفعة بين بني قومه، كما أنه الشخص الذي يُنبئه الله تعالى من خلال الوحي من أجل أن يُخبر قومه بخير أمورهم ويذكّرهم بها، ويساعد الأنبياء والرسل في تصويب الانحرافات عن شريعة الرسول الذي سبقهم في الدعوة، إذ إنه لا يأتي في شريعة أخرى للكفار، بل يأتي ليُصحح مسار القوم المرسل إليهم.

أما بالنسبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فهو مصطفى من الله تعالى، أرسله حتى يدعو إلى الدين الحق لعبادة الله وحده لا شريك له، وقال الله تعالى في كتابه الكريم: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}[٩]، فقد كانوا أنبياء الله ورسله نجوم الحقّ التي تهدي بني البشر من الكفر والشرك وظلمه، فقد أدّوا أمانتهم ونصحوا من حولهم خير نُصح، وضحّوا أكبر تضحية في سبيل الله -عز وجل- ورسالته، فعليهم سلام الله حتى يوم القيامة.[١٠]


المراجع

  1. سورة مريم، آية: 29-31.
  2. "نبي الله عيسى ابن مريم"، darulfatwa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-12. بتصرّف.
  3. "مولد عيسى ابن مريم عليه السلام"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-12. بتصرّف.
  4. "أين ولد عيسى بن مريم"، kololk، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
  5. سورة مريم، آية: 30-33.
  6. "قصة سيدنا عيسى عليه السلام -المسيح بن مريم"، qesah، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
  7. "ملخص قصة عيسى عليه السلام"، islamguiden، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-12. بتصرّف.
  8. سورة المائدة، آية: 110.
  9. سورة النحل، آية: 36.
  10. "تعريف الانبياء والرسل"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 20-3-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :